رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

محمد عبدالجواد المستشار الإعلامى للرئيس أنور السادات:حرب أكتوبر أثبتت عبقرية الجيش المصرى

محمد عبدالجواد
محمد عبدالجواد

حوار - ممدوح دسوقى: - تصوير: طارق الحلبى

 

هزيمة 1967 كانت إهانة ومهانة للمصريين

«السادات» تولى الحكم فى فترة مظلمة من تاريخ مصر

الإسرائيليون فقدوا توازنهم فى اليومين الثالث والرابع للمعركة

جولدا مائير هرولت باكية إلى أمريكا لإنقاذ إسرائيل

«هيكل» كان ضد الحرب.. والرئيس قال له: «أنا الذى أحكم مصر»

 

قال محمد عبدالجواد، المستشار الإعلامى للرئيس السادات، فى هذا الحوار إن حرب أكتوبر هى اللحظة الفارقة فى تاريخ مصر، بين الانكسار والانتصار، وبين المهانة وبين العزة والكرامة، لأن الرئيس أنور السادات جاء خلفًا للرئيس جمال عبدالناصر، ومصر كانت فى شبه ظلام تام، حيث كانت سيناء محتلة، والجيش المصرى يعانى الهزيمة، ولكنه لم ينحز إلى عبدالناصر أو إلى عبدالحكيم عامر، بل انحاز للشعب المصرى الذى قال هنحارب.

وأكد «عبدالجواد» أن الجيش لم يحارب فى يونيه 67، وبطبيعة الحال كان يريد الثأر والانتقام واسترداد الكرامة المصرية، وكل إنسان فى مصر كان يشعر بالعار والانكسار، ولهذا قاد السادات خطة الخداع الاستراتيجى بنفسه وخدع العالم أجمع، وظهرت حرب أكتوبر معجزة فى عبقرية القرار وشجاعة وبسالة الضابط والجندى المصرى، وانهار الجيش الإسرائيلى تمامًا وفقد توازنه فى اليومين الثالث والرابع لحرب أكتوبر، وهرولت جولدا مائير باكية إلى الرئيس الأمريكى ريتشارد نيكسون، قائلة: انقدوا إسرائيل، وهنرى كيسنجر قال لها مقولته الشهيرة: «جولدا مائير، لقد خسرت الحرب وسوف نقوم بنجدتك وإسعافك»، وبالفعل فتحت مخازن سلاح الحلف الأطلنطى وأخليت تمامًا لمساندة الدولة الإسرائيلية.

وإلى نص الحوار:

< كيف="" كان="" المشهد="" العام="" فى="" مصر="" قبل="" حرب="">

- رغم أننى لست رجلًا عسكريًا أو خبيرًا استراتيجياً، حتى أتحدث عن حرب أكتوبر من الناحية الاستراتيجية الخططية أو التعبوية، أو التكتيكية القتالية، ولكننى أتذكر تلك الأيام المجيدة من منطلق الذكريات، بما أننى كنت قريبًا من دوائر صنع القرار فى تلك اللحظة الفارقة من تاريخ مصر، بين الانكسار والانتصار، وبين المهانة وبين العزة والكرامة، ولهذا أؤكد أن الرئيس السادات جاء رئيسًا للجمهورية خلفًا للرئيس عبدالناصر، ومصر كانت فى شبه ظلام تام، حيث كانت سيناء محتلة، والجيش المصرى يعانى الهزيمة، وكل إنسان فى مصر كان يشعر بالعار والانكسار، لأنه لم يحدث فى التاريخ المصرى كله أن حدثت به هزيمة كما حدث له فى يونيه 1967، التى كانت تمثل إهانة ومهانة لكل مصرى، خاصة أن البيانات والتصريحات الرسمية كانت تعلن عن وجود صواريخ وطائرات ودبابات، وأن جيشنا يتدرب وجاهز لدخول تل أبيب، ولكن جاءت المفاجأة بهزيمة قاسية فى ستة أيام.. والسادات كان رجلًا فى السلطة، ثم تولى المسئولية، فأصبح أكثر إنسان فى مصر يحمل الهم، بالإضافة إلى مسئولية إزالة آثار العدوان، واسترداد الأرض والعرض والكرامة المصرية التى أُريقت على رمال سيناء، مع وجود تحديات أخرى تتمثل فى نقص الموارد والتمويل والتموين، وانكسار الإنسان المصرى، وهذا ما جعل الرئيس السادات أن يتحمل المسئولية ويفعل المستحيل حتى تعود سيناء المحتلة إلى حضن الوطن.

< وكيف="" كان="" الموقف="" فى="" القوات="">

- القوات المسلحة هى جزء من الشعب المصرى الذى رفض الهزيمة وصمم على القتال وأعلنها مدوية عندما قال «هنحارب/ هنحارب»، ولهذا الجيش لم ينحز إلى عبدالناصر أو إلى عبدالحكيم عامر، بل انحاز للشعب المصرى، ثم إن الجيش لم يحارب فى يونيه 67، وبطبيعة الحال كان يريد الثأر والانتقام واسترداد الكرامة المصرية، مع العلم أنه لم يكن يوجد أحد فى المجلس العسكرى السابق قبل مجىء السادات للحكم كان يعتقد أنه سيحارب، ولهذا لم يكن يوجد من يوافق على الحرب!!.. حتى محمد حسنين هيكل كان ضد الحرب، ولم يوافق عليها، والكل قال: الحرب تحتاج قنبلة ذرية، بسبب ضعف القدرات العسكرية فى هذا التوقيت، فالطيران الإسرائيلى كان هو الأحدث وكذلك المدفعية وكل معدات إسرائيل العسكرية، ولولا عنصر المفاجأة والخداع الاستراتيجى، وتغيير القيادة العسكرية، وجدية التخطيط والتدريب، والتصميم على الثأر، ما كان انتصار أكتوبر الذى جاء ليزيل العار ويعيد كرامة الوطن العربى.

< وهل="" بالفعل="" قاد="" الرئيس="" السادات="" خطة="" الخداع="" الاستراتيجى="">

- نعم.. لأنه رغم كل هذه التحديات صمم الرئيس السادات على تحرير أرضه وعودة الكرامة للشعب المصرى والعربى، وبعد الانتهاء من تنفيذ خطة الخداع الاستراتيجى التى قادها السادات بنفسه وكان طرفًا فيها وخدعت العالم أجمع، وبعد ما تأكد أن الاستعداد القتالى للضباط والجنود أصبح على أعلى مستوى من الأداء والتنفيذ، أتخذ أخطر قرار فى تاريخ مصر وهو القرار بالحرب.

< وهل="" أدار="" السادات="" المعركة="" سياسيًا="" أم="">

- ما أعلمه أنه فى منتصف ليلة الرابع من أكتوبر، عقد الرئيس السادات اجتماعا وزاريًا مصغرًا مع الدكتور عبدالقادر حاتم رئيس مجلس الوزراء بالإنابة، واللواء ممدوح سالم وزير الداخلية، والدكتور عبدالعزيز حجازى وزير المالية، واللواء حافظ إسماعيل مستشار الأمن القومى، واللواء عبدالفتاح عبدالله وزير الدولة لشئون مجلس الوزراء، وسلم إليهم السلطة، حتى يتفرغ لإدارة المعركة والاتصالات الخارجية، وحتى يستطيع الاستفادة مما حققه من انتصار عسكرى، بمساندة الخارج له ولقراراته المستقبلية نحو استرداد باقى أرضه بالسلام، ودون مزيد من استنزاف مصر فى أولادها ومواردها المحدودة فى تلك الفترة.

< كيف="" ترى="" حرب="" أكتوبر="" فى="" الذكرى="" الخامسة="" والأربعين="">

- دون شك حرب أكتوبر كانت معجزة بكل المقاييس، وهذه المعجزة تمثلت فى عبقرية القرار من القائد السياسى، وفى شجاعة وبسالة الضابط والجندى المصرى اللذين ضربا أروع الأمثلة فى الشجاعة والفداء والتضحية، وفى القائد العسكرى الذى خطط ودرب، والمحصلة المقاتل المصرى هو الذى انتصر، وحصل على ثأره بعرقه ودمه وجروحه واستشهاده.

< وكيف="" ترى="" الرئيس="" السادات="" صاحب="" القرار="" التاريخى="" لحرب="">

- الرئيس السادات كان يعرف ما يدور على الساحتين الدولية والإقليمية، ويعرف جيدًا مدى إمكانيات الدولة التى يرأسها، ويعرف قدرة وعزيمة القوات المسلحة وإصرارها على خوض معركة الكرامة والشرف، لأنه كان سياسيًا عبقريًا، وأصدر قرارات ونفذ مشروعات كبرى ونجح، والسادات لم يفشل فى أى أمر كان يريد تحقيقه، لأنه كان يخطط له ويتكتم عليه، ويفاجئ به العالم كله، دون جعجعة أمام الميكروفونات والشاشات، وكل ما فعله كان من وحى خياله أو بطريقة الصدمات الكهربائية التى اشتهرت بها سياساته، ويكفيه قرار الحرب الذى قال عنه معظم العسكريين فى العالم إنه قرار تاريخى ومعجزة وفى منتهى الصعوبة ولكن السادات أقدم عليه ونجح فى 1973.

< هل="" تتركز="" عبقرية="" القرار="" بأن="" الرئيس="" السادات="" لم="" يخش="" من="" نجاح="" خطة="">

- حقيقة الأمر أن الرئيس السادات كان يضع فى حساباته، كل الأمور والتوقعات، ولهذا لم يخطُ خطوة واحدة إلا بعد أن كان يتأكد من نتائجها جيداً، وبالفعل بذل كل ما فى جهده وانتصر الجيش هذا الانتصار الباهر.

< إذاً..="" الجيش="" المصرى="" كان="" عند="" حسن="" ظنه="" وقدم="">

بطولية أكثر من رائعة؟

- بكل تأكيد نجح الجيش المصرى نجاحًا لم يكن له مثيل فى اجتياز المانع المائى الضخم، واقتحام خط بارليف، وفى اليومين الثالث والرابع انهار الجيش الإسرائيلى تمامًا وفقد توازنه كما قال الرئيس السادات، ما جعل جولدا مائير تطلب من هنرى كيسنجر وزير الخارجية الأمريكى النجدة، وقال لها مقولته الشهيرة: جولدا مائير، لقد خسرتِ الحرب وسوف نقوم بنجدتك وإسعافك.

< وهل="" الرئيس="" السادات="" لم="" يضع="" فى="" حسبانه="" المساعدة="" الأمريكية="">

- بالطبع الرئيس السادات كان يعلم أنه يحارب دولة إسرائيل ربيبة الولايات المتحدة الأمريكية، وفى عالم الحروب كل شىء متاح، ولهذا كان عليه أن يقود عمليات الخداع بكل أنواعه، فى الداخل والخارج، وقد قام السادات طوال الأسبوع الذى سبق الحرب بالإعلان عن ثلاث عمليات تعبئة للجيش وظل الجنود يتحركون فى اتجاه قناة السويس ثم ينسحبون لإيهام إسرائيل بأن المصريين يتدربون فى مشروعهم الذى اعتادوا عليه كل عام، وأنهم لم يتخذوا قرار الحرب بعد، ومن المعروف فى عالم العسكرية أن الحروب تبدأ إما مع بداية أول ضوء فى النهار، أو مع بدايات الغروب إلا أن حرب أكتوبر بدأت فى عز النهار، وهو ما نتج عنه مفاجأة قوية للعدو الصهيونى، وجعل رئيسة الوزراء جولدا مائير تهرول باكية إلى الرئيس الأمريكى ريتشارد نيكسون قائلة: انقذوا إسرائيل، وبالفعل بدأت أمريكا فى مساندة إسرائيل فى اليوم الثالث لحرب أكتوبر بإمدادها بالجسر الجوى الذى يحمل الأسلحة والمعدات حتى تعوضها عن الخسائر التى فقدتها فى المعركة، لدرجة أن مخازن سلاح الحلف الأطلنطى قد أخليت تمامًا لمساندة الدولة الإسرائيلية.

< ولماذا="" جاء="" هنرى="" كسينجر="" إلى="" القاهرة="" لمقابلة="" الرئيس="">

- اضطر هنرى كسينجر إلى المجىء للقاهرة بعد أن تأكد أن القوات المصرية حاصرت القوات الإسرائيلية فى الثغرة، وأنه سيتم القضاء عليها، وقال لـ«السادات» لن نسمح بهزيمة السلاح الأمريكى مرة أخرى من خلال السلاح الروسى.. فماذا تريد سيادة الرئيس؟

وحينها تأكد السادات أن أمريكا زرعت إسرائيل فى الشرق الأوسط لمصالحها الشخصية وإنها اعتبرت حرب 1973 حربًا شخصية بينها وبين الاتحاد السوفيتى، ولهذا استجاب السادات لكيسنجر وبدأت محادثاتهم الشهيرة.

< لكن="" بعض="" الناصريين="" قالوا="" إن="" كسينجر="" استفاد="" من="" السادات="" خلال="" هذه="">

- هذا غير صحيح بالمرة، ولكن الناصريين يكرهون السادات بطبيعة الحال، لأنه انتصر عليهم فى معركة مراكز القوى، وفضحهم وعراهم فى مايو 1971، وهم أدرى بأنفسهم عن هذا الكره، والحقيقة الثابتة أن السادات قال له: أريد أرضى.

فرد كيسنجر: سنسحبهم لك.

وكان الرئيس السادات علم أن هنرى كسينجر قال للإسرائيليين: لقد خسرتم الحرب، ولكننا سنساعدكم بتحريك القوات وانسحابها، ولكن بشرط الانسحاب الكامل من سيناء، إذا السادات هو الذى استفاد من كسينجر، لأنه حارب وانتصر ومحا عار الهزيمة، واسترد أرضه كاملة فى مقابل عودة بضعة آلاف من الإسرائيليين إلى أهاليهم.

< لكن="" هذه="" الاتصالات="" كانت="" السبب="" الرئيسى="" فى="" القطيعة="" بين="" الرئيس="" السادات="" وبين="">

- نعم.. لأنه بدأت بعد ذلك اتصالات الجانب الأمريكى بـ«السادات»، وجاء هنرى كسينجر إلى مصر وبدأت المحادثات السرية بينه وبين السادات فى أسوان، للتفاوض حول انسحاب القوات الإسرائيلية من الثغرة، فى سبيل استعادة مصر سيناء المحتلة، وانسحاب إسرائيل منها، وبمساعدة ورعاية أمريكية، دون إراقة مزيد من دماء الجنود المصريين، ولم يُطلع السادات الكاتب محمد حسنين هيكل على ما دار بينه وبين وزير الخارجية الأمريكى، ما أثار حفيظة رئيس تحرير الأهرام وقتها، حيث كان اعتاد أن يحضر اللقاءات المهمة التى كان يحضرها الرئيس عبدالناصر، ولكن قال له السادات: «هيكل.. أنا الذى أحكم مصر.. وأنت لست شريكًا فى الحكم»، ومن هذه اللحظة استمر هيكل فى هجومه على السادات وعلى سياساته وانساق خلفه الناصريون.

< وماذا="" عن="" الموقف="" العربى="" مما="" فعله="" السادات="" بعد="" نصر="">

- من خلال اقترابى من الرئيس السادات أؤكد أن أيام أكتوبر وما قبلها كانت هى أسعد أيامه، حيث كان واثقا من النصر على الرغم من كل التحديات والظواهر التى كانت تلوح بأن النصر ليس مطروحا فى ذلك الوقت، وكان السادات منذ انتهاء حرب 1973 على يقين بأنه سيحارب إسرائيل مرة أخرى، ولكن انقلبت حالته النفسية على النقيض حينما طاف على الدول العربية طالبا مساعداتها لأن مخزون السلاح الاستراتيجى قد نفد، ولأن إسرائيل أعادت تسليح نفسها من جديد وباستطاعتها اقتناص النصر بعد مرارة الهزيمة، إلا أن العرب خذلوه فسعى جاهدًا نحو السلام لاسترداد كامل أراضيه.