رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«زوجى.. زوجك».. مبادرة تثير الجدل

بوابة الوفد الإلكترونية

تحقيق ــ نشوة الشربينى- اشراف: نادية صبحى

 

ترحيب رجالى.. رفض نسائى.. وخبراء: خطر على الأطفال

 

بعد أن تخطى عدد غير المتزوجات فى مصر 11 مليون امرأة صار السؤال الأكثر إلحاحاً هو: هل هناك حل للعنوسة التى تعكر صفو حياة 11 مليون أسرة؟

كثيرون تطوعوا للإجابة عن السؤال فتحدثوا عن تخفيض المهور وتقليل تكاليف الزواج، ومع ذلك ظلت الأزمة على حالها.

وعندها قررت سيدة مصرية أن تقدم حلاً جديداً لأزمة «العنوسة» وطرحت مبادرة «زوجى زوجك»، حدث هذا قبل 3 سنوات.. ووقتها قابل البعض هذه المبادرة بالسخرية والضحك، واكتفى آخرون بالصمت وانطلاقاً من اعتقاد أن هذه المبادرة ستجرفها الأيام إلى بحور النسيان بعد فترة وجيزة.

ولكن الذى حدث هو أن المبادرة ظلت باقية وأنصارها يتزايدون، وكانت المفاجأة أن أغلب مؤيديها من الرجال، فيما اعترضت عليها أغلب بنات حواء فى مصر.

أما رجال الدين فلم يجدوا فيها ما يخالف الشرع بشرط العدل بين الزوجات، في حين أن خبراء علم النفس حذروا من خطورتها على الأطفال، أما خبراء الاجتماع فأكدوا أن تشجيع الشباب على الزواج أولى من ترويج المتزوجين لزوجات جدد، وحذروا من أن تزويج الزوج ستزيد من معدلات الطلاق إلى معدلات فلكية بلغت 387 حالة طلاق كل يوم بمعدل طلاق كل 3 دقائق، مما أدى لوجود 9 ملايين طفل لأبوين مطلقين.

ورغم مشروعية «التعدد» فى الشريعة الإسلامية، إلا أن مشكلته تتلخص فى سوء استخدامه، حيث يرى البعض أن أغلب الزيجات تختفى وراءها رغبات خاصة ومصالح شخصية، ليبقى الجدل مستمراً حول قضية «التعدد» التى يصفها الكثيرون بأنها إحدى ضمانات الحماية والمكاسب للفتيات المعذبات والأرامل والمطلقات، بينما يراه آخرون آلية سهلة لإيجاد الشقاق الذى يؤدى إلى هدم وضياع آلاف الأسر.

انتصار أحمد «موظفة»، وأم لـ «3 أبناء»، قالت: أنا متزوجة منذ 20 عاماً، بعد قصة حب استمرت لثلاثة أعوام، وأرفض تماماً فكرة تعدد الزوجات، لأنها تشجع على «خراب البيوت»، وإهدار متعمد لحقوق الزوجة، باعتبارها الشريك الأساسى فى نجاح الحياة، وأيضاً ظلم للأبناء، والنص القرآنى حدد شروط الزواج التالى العدل والمساواة.. متابعة: «كيف أقبل تسكين امرأة أخرى فى حياة زوجى، لا يمكن أن أوافق على هذه المبادرات المعادية حقوق ومكتسبات المرأة».

ووافقتها الرأى السابق فاطمة محمود، «36 عاماً»، «ربة منزل»، وأم لـ«طفلين». وتروى «فاطمة» قصتها - حيث تزوجت منذ 6 أعوام، وأم لطفلين هما «محمد» عمره «4 أعوام» و«نرمين» عمرها «6 أشهر»، كانت تعمل فى شركة كبيرة، وحياتها معقولة، وقالت «فاطمة»: لن أتنازل عن حقوقى المشروعة، ومعنى إنى أوافق يتجوز علىّ يبقى هخسر زوجى، وندور فى دوامة لا تنتهى من اليأس والضياع، ويخرج الأبناء فى النهاية فاقدى الإحساس بالانتماء الأسرى وينتقل ذلك إلى المجتمع.

أمل محمود، «37 سنة»، قالت: «زوج أختى تزوج عليها، بعد زواج استمر 11 عاماً، وأولادها الثلاثة فى مراحل تعليمية مختلفة، ثم طلقها غيابياً، ولم يعطها حقوقها أو يسأل عنها، وتنصل تماماً من مسئوليته تجاه الأبناء.. فذهبت للعمل فى مصنع، لكى تتكسب لقمة العيش الشريفة.. فما ذنبها؟

هبة محمود، طالبة فى الفرقة الثالثة بكلية العلوم جامعة القاهرة، تقول: الشاب – الآن – أصبح يبحث عن فتاة عاملة، لكى تساعده لاحقاً فى تأمين نفقات الأسرة، كما أن ارتفاع تكاليف الزواج، فى ظل الظروف الاقتصادية المتردية، يدفع نسبة كبيرة من الشباب للعزوف عن الزواج والارتباط، أو التفكير فى الهجرة إلى الخارج.. أما الحديث عن «التعدد» فهو أمر مرفوض لكل امرأة غيورة على بيتها وأسرتها، ويجعل كيانها «هشاً»، ويؤدى إلى التفكك والضياع، وأضافت أن «رجعية التعدد» هنا ترتبط بفكر الجماعات المتأسلمة، بوجوب زواج الرجل بأكثر من امرأة من منطلق شرعى فقط.

 

علماء دين: الإسلام أباحها بشروط

 

الشيخ على أبوالحسن، الداعية الإسلامى، رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الشريف سابقاً، قال: نرحب بالمبادرة إذا ما تمت بشروط الشريعة الإسلامية، التى أباحت «التعدد» فى حالة الضرورة، وفقاً لضوابط واضحة لحماية الحقوق لأبعد الحدود.

وأوضح أن الإسلام لم يقر التعدد استجابة لشهوة الرجل، بل دعاه إلى تكوين أسرة تقوم على الاحترام المتبادل بين الزوجين، وتوفير العدل والمودة والرحمة، وهذا تفسير الآية الكريمة: «وإن خفتم ألا تقسطوا فى اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا».

وأشار إلى أن «تعدد الزوجات» يلزم الزوج بتدبير نفقات أسرية جديدة وأعباء إرضاء زوجة جديدة وتلبية احتياجاتها وأعباء الإنفاق على أبناء جدد وتربيتهم، كما لا يجوز للزوج أن يضر بغير وجه حق، أو يلحق بزوجته الأولى الأذى والضرر ظلماً وعدواناً.

من جانبه، يرى الدكتور محمد عبدالعاطى عباس، عميد كلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر: أن كل النصوص الشرعية تتجه إلى أن «التعدد» آخر طرق العلاج للمشكلات المجتمعية والإنسانية والاقتصادية التى لا علاج لها لكى تستقيم الأمور، وما يجيزه الشرع لا تمنعه النساء، لأن الشريعة لها حكم بالغ الأهمية.. فالمجتمع يعانى من نقص نسبة الرجال عموماً عن عدد النساء، خاصة بعد أوقات الحروب، ومن ناحية أخرى عدم رغبة الكثير من الرجال فى تحمل مسئوليات أسرية والتحرر منها.

وأشار إلى أهمية ألا يجهل الزوجان حقوق وواجبات بعضهما البعض، للمحافظة على كيان الأسرة من التفكك، وحرصاً على وحدة المجتمع وتماسكه.

 

استشارى طب نفسى: يؤثر سلبياً

على الأطفال

 

الدكتور وليد هندى، استشارى الطب النفسى: يرى أن «التعدد» يترتب عليه العديد من المشكلات النفسية والاجتماعية والاقتصادية، مما يتسبب فى إلحاق الأذى النفسى والجسدى الكبير على «الزوجة الأولى» و«الصغار»، مستشهداً بالآية الكريمة: «فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة» وتعنى: العدل بين الزوجات.. وإذا لم يتحقق فامرأة واحدة تكفى، أما لغة المشاعر فلا تعرف الحياد، بل تجذب حواس الإنسان، وتستهوى النفوس، وتعمل على راحتها النفسية دون إزعاجها.

وأضاف استشارى الطب النفسى أن أولى مراحل التعلق فى الحياة عند الطفل تبدأ من سن «3 – 6 سنوات»، وهى فترة تعلق الطفل بوالده، لكونه يلاحقه ويلاعبه، ويطلب منه أن يحمله، ويبكى إذا تركه، أما المرحلة العمرية من «6 – 8 سنوات» فهى تجعل الطفل شديد التعلق بوالده، وهذا أمر طبيعى، إلى درجة الالتصاق والدعم النفسى للطفل أو ما يعرف بـ«التوحد النفسى»، وينطلق الطفل من خلاله لاكتشاف الأشياء والتمييز بين الأشخاص ومراقبة والده وتكرير سلوكه، ويظهر سلوك الطفل من خلال المحاكاة والتقليد الدائم له، وبالتالى يجب احتضان الوالدين أبناءهما باعتباره علاجاً عاطفياً ونفسياً فعالاً.

وأشار إلى أن الأطفال يتأثرون نفسياً نتيجة الخلافات الأسرية أو انفصال الوالدين، حيث يضعف نطاق الإشراف التربوى، ويخلق جيلاً أقل تماسكاً بالمعايير الأخلاقية، وينعكس ذلك على سلوكهم، ويكونون أكثر عرضة للانحراف والجنوح والتدخين والإدمان، وهو ما يخلق أطفالاً غير أسوياء فى المستقبل، ويجعلهم من المتأخرين دراسياً أو المتسربين من التعليم - كما تؤكد الأبحاث العلمية، وكذلك يعانى الطفل من الاضطرابات النفسية منها العزلة والتبول اللاإرادى وعيوب النطق والكلام، وأيضاً تتولد إليه مشاعر الغيرة والكراهية من أبناء الزوجة الثانية، وقد تتجسد تلك المشاعر السلبية فى أشكال الغضب والمنازعات المستمرة والعنف المتبادل.

وأوضح أن الزوجة الأولى هى الشريكة الأساسية التى تحملت صعوبات الحياة من البداية، فعندما يحدث الانفصال نجدها تتألم نفسياً بعد الصدمة مباشرة، وتصبح دائمة التوتر والعصبية، وتصاب الاكتئاب، ويظهر فى الأغلب بصورة جسدية، مثل أمراض الضغط والسكر، بالإضافة إلى معاناتها من مشكلات عدم التكيف مع المرحلة الجديدة، وفى بعض الحالات تصاب باضطرابات نفسية تسمى «تشوه صورة الجسم» وهو ما يجعلها تميل إلى العزلة والانفرادية، وقد يدفعها إلى الانتحار أحياناً، وقد يتولد لديها أيضاً نوع من سلوك العنف المضاد تجاه الزوج نفسه.. فنراها تدبر له المكائد، وتخلق له المشكلات والمتاعب، وقد تلاحقه قانونياً وقضائياً لتصبح وبالاً يطول الجميع.

وينصح - استشارى الطب النفسى - الأبوين المنفصلين أو المطلقين بضرورة بتوفير الوقت المناسب والكافى للأطفال لكى يحصلوا على الرعاية الكاملة، وتفسير الأشياء بطريقة يمكن للطفل فهمها، وتخفيف التوتر، واستخدام الحكمة فى المواقف الضرورية، خاصة فيما يتعلق بالأمور الشرعية حتى تستقيم الحياة.

 

أستاذ اجتماع سياسى: تحريض على خراب البيوت

 

قال الدكتور محمد سمير عبدالفتاح، أستاذ علم الاجتماع السياسى: إن تعدد الزوجات فى المطلق «عبث وهراء»، لأن الأصل فى الحياة إعمار الأرض وليس بالتعدد، معرباً عن رفضه هذه المبادرات شكلاً ومضموناً، لما تكون سبباً فى تفكك الأسرة المصرية وتشريد الأطفال وقطع الأرحام.

وأشار إلى أن حل العنوسة لا يكون بتعدد الزوجات، وإنما بتشجيع الشباب على الزواج، وتحسين الظروف الاقتصادية التى تمثل العامل الأساسى فى إقبال الشباب على الزواج.

وأوضح – أستاذ علم الاجتماع - أنه لا توجد لدينا ثقافة تعدد الزوجات، كما أن هناك نسبة كبيرة من الرجال لا يستطيعون تحمل نفقات الزواج لعدم قدرتهم على الإعالة، مضيفاً أن هناك حالات محددة يلجأ فيها الرجل للزواج مثل مرض زوجته أو عدم قدرتها على الإنجاب.