عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«وعاشروهن بالمعروف».. انتفاضة ضد خراب البيوت

بوابة الوفد الإلكترونية

أعدت الملف: دعاء مهران -  إشراف نادية صبحى

 

الطلاق أبغض الحلال، ورغم ذلك تحول عند الكثيرين إلى أسهل الحلال.

آخر الإحصائيات الرسمية تشير إلى وجود حالة طلاق كل أربع دقائق، والكثير من الدراسات أكدت زيادة حجم الطلاق المبكر، والتى بلغت 19.5% من نسب المطلقين فى مصر، وتشير الدراسة ذاتها إلى أن الإنترنت كان أهم العوامل فى زيادة نسب الطلاق، وهو الأمر الذى دفع مشيخة الأزهر لشن حرب ضد الطلاق أو خراب البيوت.. مبادرة الأزهر تستهدف التوعية بأسباب الطلاق ومخاطره على الأسرة، خاصة بعد تزايد نسب الطلاق فى مصر خلال الآونة الأخيرة، وتحمل الحملة اسم «وعاشروهن بالمعروف».

تشتمل الحملة على مجموعة مقاطع الفيديو القصيرة، التى تتناول كل منها أحد أسباب الطلاق مع توعية الزوجين بكيفية التعامل معها، على أن يتم نشر تلك الفيديوهات عبر صفحات الأزهر الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعى المختلفة.

وتُعتبر حملة «وعاشروهن بالمعروف»، الخطوة الثانية للأزهر، بعد إطلاق وحدة «لمّ الشمل»، خلال أبريل الماضى؛ لتوعية المتزوجين ضد مخاطر الطلاق على بُنيان الأسرة المُسلمة.

وكان رئيس الجمهورية قد كلف وزارة التضامن الاجتماعى بإعداد برنامج تدريبى؛ للحد من ظاهرة الطلاق، ذلك البرنامج الذى يشترك فى مراجعة محتواه مشيخة الأزهر؛ لضمان اتفاقه مع الشروط والواجبات المنصوص عليها فى الشريعة الإسلامية. على جانب آخر هناك برنامج تدريبى أعدته دار الإفتاء للمقبلين على الزواج فى محاولة لإرساء قواعد التفاهم والسكن داخل الأسرة، والحد من ظاهرة الطلاق التى باتت خطراً حقيقياً يواجهه المجتمع المصرى.

«الوفد» تناقش وتحلل فى هذا الملف أبرز أسباب الطلاق فى المجتمع المصرى، وكيفية حلها.

 

وراء كل مطلقة حكاية

 

روت العديد من السيدات المطلقات بعضاً من حكايتهن لـ«الوفد»، مؤكدات الكثير من الروايات المأساوية التى تعرضن لها.

قالت سهير حسين، مطلقة، إن بداية المشاكل كانت مادية؛ بسبب الإيجار ومصروفات الأكل والشرب، والعلاج، مع بداية حملها، وكانت هناك ضغوطات كثيرة؛ نتيجة الظروف الاقتصادية، لافتة إلى أن طليقها لم يتحمل المسئولية، وطلب منها أن تطلب مساعدات مالية من أسرتها، وهو ما رفضته، قائلة له «نعيش على قد اللى فى جيبنا»، ولكنه رفض ذلك، وتعرف على فتاة أخرى، خلال العام الأول لهما من الزواج، والتى اشترطت طلاقها، لإتمام الزواج منه، وأكدت أنها باركت له الزواج وطلبت منه أن تبقى زوجة له على الورق، مفضلة عدم الانفصال؛ لكى تعيش الطفلة بين والديها، وهروباً من النظرة السيئة للمجتمع، خاصة أنها تسكن فى منطقة شعبية، وأنها سوف تعمل وتصرف هى على نفسها، وأن يقوم هو بالإنفاق على ابنته، ولكنه رفض ذلك، وتم الاتفاق على الطلاق نظير دفع مبلغ مالى شهرى لطفلته قيمته 250 جنيهاً، و200 إيجار، وأن تتم كتابة عقد بهذا الاتفاق لدى محامٍ وتوثيقه، ولكنه تم الطلاق، ثم تراجع عن كتابة الاتفاق وعدم توثيقه.

وأكدت أنه بدأ يماطلها بعد وقوع الطلاق، فى دفع المبلغ المتفق عليه، رافضاً طوال أربعة أشهر الدفع، مبرراً ذلك بأنه ليس لديه ذلك المبلغ البسيط، لافتة إلى أنها كانت فى ذلك الوقت لا تعمل، ومن ثم بدأت تعتمد على أهلها فى البداية، ثم بدأت فى البحث عن عمل، لافتة إلى أنها ليس لديها مؤهل عالٍ، كما أن الكثير من الأماكن تطلب سيدات متفرغات، وحسنات المظهر، ولديها العديد من الكورسات، بينما الأعمال المتاحة تقتصر على العمل فى سنترال أو محل ومكتب، ويتم التعامل معها على أنها «لحم رخيص» لكونها مطلقة، ما دفعها للذهاب إلى المجلس القومى للمرأة، الذى قام برفع دعوى نفقة لها مجاناً، وحكم لها بعد مماطلة، بنفقة مائة جنيه، ولكون النفقة بسيطة فقامت برفع دعوى استئناف، لافتة إلى أن الاستئناف تم رفضه، نتيجة تقديم الزوج شهادة تفيد بأنه عاطل، على الرغم من كونه يعمل محاسباً، ما دفع المحامى قائلاً لها، يا مدام اثبتى مكان عمله؛ لعدم قدرته على إثبات مكان عمله.

وفى النهاية، قررت البحث عن عمل، إلى أن وجدت عملاً كمشرفة باص فى المدرسة، ولكن المرتب كان ضعيفاً، ما جعلها تبحث عن عمل إضافى، ووجدت عملاً فى شركة مبيعات، وبدأت تبيع كروت الشحن، بالإضافة إلى كتابتها بعض الأوراق على الكمبيوتر، وكتابة رسائل ماجستير.

وأكدت أن النفقة التى حددتها الحكومة بمائة جنيه، بدأت استلامها بعد عام كامل، ولكنها كانت اعتمدت على عملها، مؤكدة أن طوال هذه المدة كان يسأل على فترات عن ابنته، مضيفة أنه كان فى بعض الأوقات كان يريد أن يأخذ بنته، ولكن البنت كانت تنهار بكاءً؛ نتيجة عدم معرفتها به جيداً، ما دفع الطفلة للبكاء، لعدم تواجدها وسط والدها ووالدتها، مثل باقى زملائها.

وأوضحت أن من أبرز المشكلات التى تتعرض لها، نظرة المجتمع، وطمع الكثير فيها، كما أن عدم وجود عمل لها بسهولة، ودوامة البحث عن النفقة، والتى بدأتها بمائة جنيه، ووصلت إلى 400 جنيه بعد تسعة سنوات، مضيفة أن دروس ابنتها تبلغ قيمتها 300 جنيه شهرياً، رغم أن المدرسين يراعون أن والدتها مطلقة، متسائلة الـ400 جنيه هل تكفى تعليم أو لبس، مع العلم أن لديها «أخ وأخت» من والدها، فى مدارس خاصة.

وأكدت أن أسرتها خيرتها فى البداية، أن تترك بنتها لزوجها وتتزوج، أو تستقل بها، مؤكدة أن زوجة الأب لن تكون بحنان الأم، مضيفة أنها عانت كثيراً خلال التسع سنوات التى عاشتها منذ طلاقها، لافتة إلى أن ابنتها فى بعض الأحيان تطالبها بأن تحضر لها أباً بدلاً من الأب الذى تركها، لعدم فهمها بالحياة.

وقالت المهندسة آمال: إن الطلاق شىء مكتوب وبيد الله، والمطلقة ليست سيئة، ولكن تم الطلاق لعدم التوافق، ولكن المجتمع المصرى، مجتمع ذكورى ينظر للمرأة نظرة دونية، وكأن لديها شيئاً خطأ، بينما إذا قام الرجل بطلاق زوجته، تكون النظرة لديه نظرة عادية.

وأوضحت أن سبب طلاقها هو إصابتها بسرطان الثدى، رغم أنها ليس لها أى ذنب، مؤكدة أن زوجها قال لها «أنتِ أصبحتِ عبئاً، وأودعنى عند أهلى».

وقالت  إحدى المطلقات، إن طلاقها جاء دون أى أسباب، لافتة إلى أن زواجها لم يستمر سوى ثمانية شهور، مؤكدة أنها سافرت بصحبة زوجها من القاهرة إلى الإسكندرية، لزيارة أختها المريضة، ثم فوجئت بطلاقها غيابياً، عندما اتصل بها المأذون، مؤكدة أنها لم تتسلم أى شىء من حقوقها، منذ ثلاث سنوات من طلاقها، مؤكدة أن ظلت سنة ونصف السنة لكى تحصل على أوراق تثبت قيمة راتبه، وبعد ثلاث سنوات حكم لها بنفقة بقيمة 200 جنيه، ثم استأنف لكى يخفض قيمة النفقة، فقام القاضى برفعها إلى 300 جنيه، مؤكدة أن طليقها قدم أربعة مفردات مرتب، مشيرة إلى أن المرتب دائماً قيمته معروفة.

 

أبناء الطلاق.. أمراض مزمنة وإدمان واكتئاب مستمر

 

 

حالة من المعاناة يعيشها الكثير من أبناء الزوجين المنفصلين، نتيجة لظروف ليس لهم دخل بها، فالكثير من الآباء والأمهات المطلقين لا يشعرون بمدى المعاناة التى تواجه أبناءهم بعد الطلاق، فالكثير منهم لا يفكر سوى فى الانفصال، وأنه الحل الأمثل لكل مشكلاتهم الزوجية، دون مراعاة لمشاعر الأطفال النفسية، والتى سوف تبدأ مع الطلاق.

وكشفت دراسة حديثة أن انفصال الزوجين يجعل أبناءهم أكثر عرضة للكثير من المعاناة النفسية، كما أنها تعرضهم للإدمان، خاصة إذا كان عمر الأطفال أقل من 11 عامًا، وهو ما يعرضهم للإصابة بالأمراض الخطيرة، منها السرطان والقلب، وغيرهما.

وكان الباحثون من جامعة لندن، قد قاموا بإجراء كشف حالة على 11 ألف طفل من مواليد 2000 و2001، ممن انفصل آباؤهم، وجدوا أن من بين كل 4 أطفال كان هناك طفل أدمن المخدرات أو مدمن للسجائر، حسبما ذكر موقع «ديلى ميل» البريطانى.

وأكد الباحثون، فى تقريرهم، أن الأطفال الذين عانوا من غياب آبائهم عرضة للتدخين والإدمان بمقدار 3 أضعاف قبل أن يصلوا إلى سن المراهقة، وهو ما يؤثر على صحتهم بالسلب، ويعرضهم لزيادة احتمالية إصابتهم بالأمراض المزمنة، مثل السرطان والقلب والأوعية الدموية.

وقال معدو الدراسة: «نتائجنا تشير إلى أن غياب الوالدين يرتبط بزيادة مخاطر التدخين والإدمان قبل سن المراهقة، لذلك ينصح بمراقبة الأهل لأطفالهم دائمًا، وفى حالة الانفصال لابد أن يستمر شعور الطفل بوجود والديه فى حياته، ما يجعلهم يقتربون من الحياة الطبيعية».

كما أظهرت دراسة أخرى، أن أطفال الآباء والأمهات المطلقين أكثر عرضة للطلاق بعد الزواج بالمقارنة مع أولئك الذين نشأوا ضمن أسر مترابطة، كما وجدت الدراسة الجديدة أن هذا الأمر قد لا ينطبق على الأطفال المتبنين.

وتوضح البحوث أن العوامل الوراثية هى التفسير الأساسى للاتجاه السائد نحو الطلاق، ويمكن أن يكون للنتائج الجديدة آثار إيجابية على النصائح التى يقدمها مستشار شئون الزواج والطلاق.

قال الدكتور جمال فرويز، استشارى الطب النفسى، إن الكثير من أبناء المطلقين يواجهون العديد من الأزمات نتيجة للمشكلات التى يسببها طلاق الأبوين لهم، موضحاً أن أهم تلك المشكلات، الشعور بالوحدة، والشعور بالنقصان والحرمان، وأنه أقل من أقرانه، كما أن طلاق الآباء دائماً ما يشعر الأبناء بالخوف والوحدة، كما تجعلهم ضعفاء فى التحصيل الدراسى.

وأوضح «فرويز» أن الطلاق يؤثر سلبيًا على شخصية الطفل، مما يجعله شخصية ضعيفة مهتزة، لا تستطيع مواجهة المستقبل، كما يؤدى الطلاق فى الكثير من الأحيان إلى الاضطراب النفسى، وعدم الإرادة فى التواصل مع الآخر، بالإضافة إلى حالات الاكتئاب التى تزامنه على مدار حياته.

وطالب «فرويز» الآباء المنفصلين بأن يعاملون أبناءهم بصورة حسنة، وعدم تشويه صورة الطرف الآخر، بحيث ينشأ الطفل يحترم الطرفين، كما طالبهم بأن يجلسوا مع أطفالهم، ويوضحوا سبب الطلاق، وأنها ظروف ليس لهم دخل بها، وليس معنى الانفصال بأن أحدهم سيئ، كما يجب إخراج الطفل خارج حساباتهم للحفاظ على مستقبله وسلوكه فى المجتمع ولكى ينشأ طفلاً سوياً.

 

صاحبة مبادرة تأهيل المطلقات: حفلات الطلاق بدعة

 

 

أطلقت نجلاء عياد مبادرة «بداية جديدة» لتأهيل السيدات المطلقات وأبنائهن، ودعم المرأة المعيلة، موضحة أن هناك 4,5 مليون مطلقة فى مصر، وأنها فى البداية قامت بدعم وتأهيل نفسها، بكيفية مواجهة المجتمع بعد الطلاق دون كسوف، وكيفية إجبار المجتمع على احترامها كسيدة مطلقة، ولا ينظر إليها بنظرة تنقص منها، موضحة أن أول شىء قامت بتحويل حالتها الاجتماعية على صفحة الفيس الخاصة بها من متزوجة إلى «مطلقة»، مما أحدث ضجة كبرى بين أصدقائها، مؤكدة تعرضها لهجوم شرس نتيجة لإعلانها أنها مطلقة عبر وسائل التواصل الاجتماعى، مما دفعها لإطلاق المبادرة ومن ثم انضم إليها الكثير من صديقاتها المطلقات من مرسى مطروح إلى أسوان، وصل عددها لأكثر من 3500 مطلقة، بالإضافة إلى مائة وخمسين متطوعاً، موضحة أن المبادرة فى انتشار وتزايد مستمر.

وأكدت أن لديها فريق محامين متطوعين داخل المبادرة، واستشاريين نفسيين، وشباب يقومون بإعطاء دروس تقوية لأبناء المرأة المعيلة، مضيفة أن من أهم أهداف المبادرة مساعدة الأطفال على النشأة السليمة غير المعقدة، وليس لديه إحساس الغيرة من ذويه من الأسر المترابطة، وكيفية مساعدته لفهم أن ما حدث لا يقلل من شأنه وأن والديه يحبانهم، مؤكدة أنها دائماً تحث الأمهات لعدم زرع الكراهية داخل أبنائهم اتجاه الآباء.

وأضحت أن من ضمن أهداف المبادرة، إطلاق حضانة جديدة فى المنزلة، لأبناء المرأة المعيلة بأجر رمزى جداً، وسوف يتم توفير لكل طفل بها «دفتر توفير» من خلال تبرعات رجال الأعمال، أو من أمه أو والده، ويكون الدفتر باسم الطفل ولا يستطيع أن يصرف منه سوى عند البلوغ فقط.

وأطلقت يوم 28 مارس الماضى، فى دار المشاة، تحت مسمى يوم المرأة المعيلة، وتم تكريم الأمهات المعيلات، موضحة أن هناك انضماماً كبيراً من السيدات المعيلات للمبادرة، كما انضم للمبادرة محاربات السرطان المطلقات، وكل من تعول زوجها لمرضه، وتقوم المبادرة بتوفير فرص عمل لتلك السيدات من خلال رجال الأعمال والشركات.

وأكدت أنها تعرضت لهجوم شرس من الرجال، نتيجة دفاعها عن المرأة المطلقة، كما تنصح الكثير من السيدات المطلقات بعدم الهروب من لقب مطلقة إلى زيجة سريعة من الممكن أن تكون فاشلة أكثر من تجربتها الأولى، مؤكدة أنها تطالب المطلقات بعدم الزواج إلا من رجل تعلم جيداً أنه مناسب لها.

وأوضحت أن لديها العديد من المشتركات من خارج مصر، موضحة أنها سوف تمثل مصر بمبادرتها فى برنامج الملكة، فى مسابقة خارج مصر.

وأشارت إلى أن المبادرة، قامت بحل بعض المشكلات البسيطة بين المطلقين، مؤكدة أنها استطاعت عودة ثلاثة أزواج لزوجاتهم.

ورأت نجلاء عياد، أن أسباب الطلاق فى مصر ترجع لعدم معرفة الكثير من الأزواج معنى مسئولية الزواج، موضحة أن الزوج يرى فى زوجته السيدة التى سوف تطبخ وتمسح له وتعيشه فى صورة سى السيد، بينما ترى الزوجة فى زوجها الفتى الذى يصحبها على حصان أبيض، كل يوم فسح وخروج، ومن ثم يصدمهما الواقع، كما أن الزواج السريع يؤدى إلى عدم التفاهم بين الزوجين. وقالت إن هناك الكثير من الزيجات تتم فى وقت قصير، ومن ثم ينتج عنها طلاق بعد فترة قصيرة، مطالبة الدولة بعقد دورات تأهيل نفسى للزوجين قبل الزواج، وتكون تلك الدورات شيئاً إلزامياً على الطرفين.

وأوضحت أن وسائل التواصل الاجتماعى تعد من أوائل الأسباب فى عمليات الطلاق لأنها تؤدى إلى الطلاق الصامت فى البيوت، وإلى الخيانة بين الزوجين، ثم يأتى فى المقام الثانى الأسباب الاقتصادية، وعدم تحمل الظروف الاقتصادية الصعبة، فلوس مدارس وأكل وشرب، ومن ثم تبدأ المشكلات، ويأتى الضرب والعنف فى المرحلة الثالثة، بالإضافة إلى تدخل العائلة فى حياة الزوجين.

وأكدت أن هناك مقولة تتردد فى المجتمع المصرى، وهى أن أكثر المطلقات من النساء العاملات والقادرات مادياً، لافتة إلى أن تلك المقولة غير صحيحة، مؤكدة أن النسبة الأكبر من المطلقات من السيدات البسيطات وغير العاملات.

وأوضحت أن هناك الكثير من حالات الطلاق، التى يقوم الزوج فيها بتطليق زوجته بعد مرور عشرين عاماً من الزواج، لكى يتزوج بفتاة صغيرة.

وأشارت إلى أن الكثير من الشباب يقوم بالطلاق بعد عام أو عامين، للرجوع إلى الحب الأول أو يدخل فى تجربة جديدة.

وأكدت أن من أسباب الطلاق تمسك البنت بأهلها أكثر من الزوج، بحيث تحكى جميع تفاصيل بيتها لوالدتها، وعدم سماع كلمة الزوج، كما أن الكثير من حالات الطلاق تحدث أيضاً بسبب إرادة الزوجة بأن تكون هى صاحبة السلطة فى المنزل.

ورأت أن أهم مشكلات المرأة المطلقة أن أكثر من 82% من المطلقات «دايخين» على محاكم الأسرة للحصول على النفقات، لافتة إلى كثرة قضايا النفقة التى تعرض على محاكم الأسرة، ثم مشكلات الرؤية، وهناك آباء يخطفون أبناءهم، كما أن القانون لم يجرم خطف الآباء لأبنائهم أثناء الرؤية، ومشكلات الاستضافة، قائلة إنها لا ترى أنه لا استضافة بالإجبار، ويجب أن تكون الاستضافة بالتراضى، فضلاً عن وجود مشكلات اقتصادية بعد الطلاق، لوجود الكثير من المطلقات التى كانت تكرس حياتها للمنزل وللزوج.

وأكدت أن من أهم المشكلات التى تواجه المرأة بعد الطلاق، هو المسكن، قائلة إن الكثير من الأزواج يكون لديهم مسكن بالإيجار، ومن ثم يمتنع الزوج عن دفع الإيجار بعد الطلاق، وهناك مشكلة أخرى وهى توفير مصروفات نفقات المعيشة اليومية لها ولأولادها إن كان هناك أطفال، وفى أغلب الأوقات يتهرب الزوج من هذه النفقة كنوع من أنواع تأديب الزوجة التى طلقت لأى سبب من الأسباب، فيكون العقاب هو الاحتياج والذل.

كما أنه من المشكلات الكبيرة التى تواجه المطلقة، نظرة المجتمع لها على أنها أصبحت فريسة لأصحاب النفوس المريضة الضعيفة والذئب البشرى الذى ينقض عليها فور علمه بأنها مطلقة.

وأوضحت أن الكثير من المطلقات يشعرن بأنهن أصبحن حملاً ثقيلاً جداً على أسرهن سواء فى التعامل اليومى أو على مستوى التعامل بشكل عام وهناك أسر تمنع المطلقة من الخروج

أو تقوم بالتضييق عليها للحد من نظرة المجتمع لها، والتى تعتبر المطلقة منبوذة من المجتمع بشكل كبير، وهناك من يمنع ابنته أو زوجته بالاختلاط بالمطلقة، وهناك زوجات يرفضن مصاحبة المطلقة خوفاً على حياتهن الزوجية.

كما أن هناك الكثير من الشباب يطلب الزواج من المطلقات لتوفير ثمن الشبكة والفرح، وكأن المطلقة ليس لها حقوق، كما أن هناك البعض من المطلقات يتزوجن عرفيا، للاحتياج المادى، وخوفاً من انتزاع الأب لأبنائه، ونقل الحضانة له، مضيفة أن الزوج يتزوج فى النور، ويعيش حياته بشكل طبيعى.

وأكدت أن حفلات الطلاق فى كثير من الأوقات تكون بسبب عامل نفسى، بسبب معاناتها فى الزواج، وترى أن احتفالها بالطلاق يوم عيد لها أو أنها ترى أنها ولدت من جديد، موضحة أنها تستعجب منهن، ولكن لا تشعر بأن الحفلة هى فرحتها بعد معاناة من زواج فاشل، ونفت أن يكون الفنانات هم من أدخلوا حفلات الطلاق فى مصر، مشيرة إلى أن حفلات الطلاق تقليد للمجتمعات الغربية.

 

و تحطم «ضل راجل ولا ضل حيطة»

 

لم تعد مقولة «ضل راجل ولا ضل حيطة» سائدة بين النساء، بل ظهرت مقولة «اكسرى وراه زير»؛ حيث لم يعد خبر الطلاق يرتبط بالحزن والشعور بالضياع؛ حيث نسبة غير قليلة من النساء تتعامل معه باعتباره حدثاً يستحق المباركة والاحتفال، وبدأ يأخذ أبعاداً أكثر من حيث تفاصيل الاحتفال وطقوسه بداية من نوعية الملابس، مروراً بشكل «التورتة» و«الزينة»، احتفالاً وابتهاجاً بهذا الحدث التى تعتبره أنه يوم عظيم؛ نتيجة تخلصها من زيجة فاشلة.

سها عرابى، إحدى السيدات التى احتفلت بطلاقها، قالت لـ«الوفد»: إنها أقدمت على تلك الحفلة بعد الكثير من المعاناة التى مرت بها خلال فترة زواجها والتى لم تدم سوى أربعة أعوام، قبل أن تدخل فى دوامة الأزمات والخلافات التى كان على أثرها إهانات وخداع من طليقها.

وأكدت أن صديقاتها أقمن لها حفلة، بعدما تخلصت من حياتها البائسة التى كانت تعيشها مع طليقها، رغم معرفتها به من قبل كزميل دراستها الإعدادية والثانوية، ولكن المعرفة الحقيقية كانت بعد الزواج، بعدما بدأ فى معاملة سيئة لها.

وأوضحت أن بعد الأسبوع الأول من الزواج، ظهرت مشكلات أخرى مع ضرتها وأولاده منها، ما تسبب فى مشكلات عديدة، فبعد أن وافقت على رجوع زوجته الأول، ولكن الزوج لم يعدل بينهما، وانحاز كل الانحياز لزوجته الأولى، كما أنه ظهر عديم الشخصية أمامها.

وأوضحت أن منذ انفصالها لم يقدم أى نفقة لابنها، كما أنه لم يقم بالسؤال عليه، رغم أن حالة زوجها مادياً ميسورة جداً، مؤكداً أنها تعمل على فترتين فى اليوم لكى تسد متطلبات الحياة لها ولابنها.

وأكدت أنها اضطرت لرفع قضية الخلع بعدما رفض زوجها أن يطلقها، مؤكدة أن الخلع قانوناً يحرم السيدة من نفقة المتعة ومؤخر الصداق المتفق عليه، ولكن «القايمة» ترد لها، والأحكام التى أخذتها عليه، مؤكداً أنها حصلت على أربعة أحكام لم تستطع تنفيذ أى حكم منها، مناشدة وزير الداخلية وإدارة تنفيذ الإحكام، سرعة تنفيذ الأحكام التى حصلت عليها، من نفقة لها ولابنها، كما أن هناك سيدات أخريات لديها أحكام ولكن لم تنفذ بعد.

وأوضحت أنها لاقت هجوماً شرساً من الرجال عقب نشرها لصورة احتفالها بطلاقها عبر «فيس بوك»، قائلة للرجال قبل ما تضعوا أنفسكم فى تلك الموقف، هل هناك من يرمى ابنه دون السؤال عليه، هل سوف تقبل على رجولتك أن تأكل أموال زوجتك.

 

الانفصال «باب السعادة».. مفهوم جديد يكشف حجم الكارثة

 

 

كان دائماً يقال الطلاق بداية الشقاء، ولكن اليوم أصبحت مقولة الطلاق باب السعادة، بعد غياب القدرة على تحمل المسئولية بين الطرفين، حتى يسير مركب الحياة، وأصبحت الأنانية هى السائدة بين الزوج، لا أحد يفكر فى الآخر، والكل بات مشغولاً بنفسه، دون النظر لغيره، هذا ما كشفته نسب الطلاق التى وصلت إليها مصر؛ حيث تشير الإحصائيات الرسمية، إلى أن هناك حالة طلاق كل أربع دقائق فى جميع المحافظات.

قالت عبلة الهوارى، عضو اللجنة التشريعية فى البرلمان المصرى، إن البرلمان عقد اجتماعات مع منظمات المرأة، والمجلس القومى لدراسة تلك الظاهرة، مؤكدة أن هناك مقترحاً بمشروع قانون الأحوال الشخصية يشمل 5 أبواب تضم 224 مادة من بينها مواد تقنن عملية الطلاق وتحدّ من أسبابها، لافتة إلى أن «مشروع قانون الأسرة الجديدة مهم للغاية؛ كونه يعالج العوار والثغرات التى توجد فى قانون الأحوال الشخصية الحالى، ويضع أسساً للعلاقة بين الزوج والزوجة لتوضيح الحقوق والواجبات كاملة، إلى جانب معالجته عدة نقاط تخص مراحل ما بعد الطلاق».

وقال الدكتورة إنشاد عزالدين، أستاذ الاجتماع بكلية آداب بجامعة المنوفية، إن زيادة نسب الطلاق فى الأسر، نتيجة زيادة نسبة تعليم المرأة، وشعورها دائماً أنها قادرة على أن تعيش دون الرجل، مؤكدة أن الكثير من السيدات أصبحن ينظرن للزواج على أنه رفاهية، وهذا ما تسبب فى نسبة زيادة الطلاق والعنوسة أيضاً، كما أن الدراما أصبحت تبث الكثير من السلوكيات الخاطئة تجاه كل ما يتعلق بتمكين المرأة، أو مفهوم التحرر وغيرهما، إلى جانب البعد الاقتصادى، ومعاناة الأسر من الفقر، وغياب ثقافة الزواج، ومفهوم الأسرة، وانتشار الإدمان فى المجتمع، لافتة إلى أن «عدداً من المهتمين طرحوا على صانع القرار المصرى الكثير من الدراسات التى تعالج الطلاق المبكر وزيادة نسبته، لكنها قُوبلت بتهميش كبير وعدم اهتمام».

وقال الدكتور محمود عبدالخالق دراز، الأستاذ بجامعة الأزهر والداعية الإسلامى، إن الدين الإسلامى شرع كامل متكامل، لا يحتاج لزيادة لا تغيير أو تبديل، قائلاً إن الله وضع ضوابط للزواج وحدوده، وبين كيفية الاختيار، موضحاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال «تخير صاحبة الدين»، مشيراً إلى أن الكثير تغير اختيارهم عن توضيح النبى، وأصبحنا نختار على أسس جديدة، المهر والشبكة والمغالاة التى حدثت، ولا ننظر للزوجين هل هم مناسبان لبعضهما بعضاً، أم لا.

وأكد أن الاختيار أصبح على المظهر الاجتماعى والمادى، ولا ننظر للقيم ولا الأخلاق، كما أصبح هناك عدم رضا عند الكثيرين من الأشخاص، وأصبح الزواج يبنى على الأسس الواهية، مما تكون النتيجة الطبيعية له الفشل، موضحاً أن عدم اتباع الكثير من الأزواج منهج النبى، أدى لكثير من حالات الطلاق المبكر والسريع، بالإضافة إلى زواج أصحاب السن الصغيرة، بالمحايلة على القانون، مشيراً إلى أن الزوجة فى الأساس طفلة، فكيف لها أن تربى طفلة.

 

العولمة والثورة التكنولوجية والتغيرات الاجتماعية.. ثالوث أفسد الحياة الزوجية

 

كشفت دراسة حديثة أعدها البرنامج الدائم لبحوث الأحوال الشخصية بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية أن الطلاق المبكر هو الذى يتم منذ الأيام الأولى للزواج حتى نهاية السنوات الخمس بين زوجين شابين تتراوح أعمارهما بين العشرين والخامسة والثلاثين عامًا، موضحة أن 19.5% ممن طلقن مبكرًا استمرت المدة الزمنية لزواجهن أقل من عام، و7.3% استمرت مدة زواجهن أقل من عامين، و44% استمرت مدة زواجهن من سنتين إلى أقل من أربع سنوات، و24.4% استمر زواجهن 5 سنوات، و4.8% تم طلاقهن بعد 8 سنوات.

واهتمت الدراسة بالتعرف على نوع الطلاق وقد تلاحظ محدودية حالات الخلع قياسًا بحالات الطلاق التى تمت على يد مأذون أو بحكم محكمة «تطليق».

واتضح أن 7.3% من حالات الطلاق المبكر بين الشباب تمت خلعاً، وأن أغلبية الحالات تمت طلاقًا على يد مأذون بنسبة 80.5%، أما الباقى ونسبتهم 12.2 فتم طلاقهم بحكم محكمة «تطليق».

 وقالت الدراسة إن التغيرات الاجتماعية التى حدثت فى المجتمع كان لها تأثير كبير على الطلاق المبكر، حيث سيطرت حالة من الانهيار القيمى على سلوكيات المجتمع، بالإضافة إلى أن التحولات الاقتصادية التى طرأت على المجتمع أثرت على الأسرة المصرية وبنائها كازدياد هجرة المصريين إلى الدول البترولية وعدم تناسب مستويات الدخل مع الأسعار وتفاقم مشكلة البطالة وشيوع الفساد وانتشار القيم المادية وتغير نسق القيم واستبدال القيم الإنتاجية بالاستهلاكية وغيرها، وهو ما أثر بشكل عميق على استقرار الأسرة وارتفاع حدة الضغوط التى يتعرض لها الأزواج حتى الانتهاء سريعًا إلى مرحلة الطلاق.

وكان لانتشار العولمة والثورة التكنولوجية بآلياتها العديدة كالفضائيات والإنترنت وأجهزة المحمول دور ضخم فى تعرض الأسرة فى المجتمع المصرى لتأثيرات على منظومة القيم الاجتماعية وإفراز توجهات سلوكية جديدة يرتبط بعضها بالعديد من القضايا المرتبطة بكيان الأسرة مثل مدى الالتزام بعادات وتقاليد الأسرة واتجاه الأزواج والزوجات نحو قيم المنفعة الشخصية كدوافع أساسية لسلوك أفراد المجتمع مما يؤدى فى النهاية إلى اندفاع الأزواج لاتخاذ قرار هدم الأسرة سريعًا دون اعتبارات لاستقرار النظام العائلى وثباته.

وانتقلت الدراسة بعد ذلك إلى الوسائل التكنولوجية الحديثة والطلاق المبكر بين الشباب.

فكان للتليفزيون نصيب فى المساهمة فى الطلاق المبكر بين الشباب فقالت إحدى الزوجات: إن الزوج يمكث أمام التليفزيون وقتاً طويلً حتى وصل به الحال إلى تحدثه بلغة أفلام الكرتون، وقالت: الزوجة رغم تحملها طوال ثلاث سنوات لسوء معاملة الزوج، ولكنها فقدت حتى لغة الحوار مع الزوج وتسرب لها الإحساس بالملل نتيجة جلوس الزوج لساعات طويلة أمام التليفزيون.

وكشفت الدراسة أن التليفون المحمول «الموبايل» هو أحد الأسباب المهمة وراء طلاق الشباب حيث خلق العديد من المشكلات التى تمس حياتهم الاجتماعية منها الغيرة لدى الزوجين فى فتح منافذ للخيانة العاطفية وأصبح وسيلة ذا حدين كما يوفر للفرد فرصة الاطمئنان على الطرف الآخر فى أى وقت وأى مكان فهو وسيلة للتعرف على الكثير من أسرار الشخص من خلال الاطلاع على رسائل الموبايل.

أما الإنترنت فكان له تأثيره الأكبر على سرعة انتهاء العلاقات الزوجية بالطلاق مبكرًا، حيث وجدت الدراسة أن بعض الأزواج أو الزوجات الذين طلقوا مبكرًا أدمنوا الجلوس لساعات طويلة أمام الإنترنت ويصل إلى الإدمان مما كان له تأثيره سلبيًا على علاقته بالطرف الآخر، وقد وجد بعض الأزواج الإنترنت وسيلة  للهروب من المشكلات الزوجية وفرصة لإقامة علاقات اجتماعية عبر مواقع التواصل الاجتماعى وغرف الدردشة دون قيود أو معايير ومع التمتع بقدر كبير من الحرية.

الدراسة رأت أنه للحد من تأثير وسائل التكنولوجيا على الطلاق المبكر لابد من إقامة حوار مجتمعى مفتوح عن المشكلات الأسرية وتشجيع الطرف المخطئ على المساعدة فى الإقلاع عن هذا الخطأ، واللجوء إلى العلاج الأسرى الذى قد يكون ضروريًا بالفعل فى بعض الحالات.

هذا فضلاً عن الدور الوقائى الذى ينبغى أن تقوم به وسائل الإعلام والمؤسسات الدينية والتربوية من خلال نشر الوعى بخطورة وسائل التكنولوجيا الحديثة على العلاقات الاجتماعية بصفة عامة، ولاسيما العلاقات الزوجية.