رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

في "عنبر الموت".. الثعابين تطارد المرضى و"الشيح" يحل محل الفريق الطبي

الأسرة وعبوات مياه
الأسرة وعبوات مياه الكلى "مكهنة" خلف المستشفى

ويأتي الحاضر نتيجة الماضي حاملا فى طياته المستقبل المعبأ بالكوارث، هذا ما أنتجته أياديهم الملوثة بجثث الموتى الذين تسببوا في قتلهم، بعدما أهملوا مستشفى مهمًا وحيويًا كـ "مستشفى صدر العباسية"، وباعوا ضمائرهم عندما كهنوا الأسرة العلاجية المجهزة الجديدة وألقوا بالأجهزة الطبية وعبوات مياه مرضى الكلى، وضربوا بصحة المواطنين المساكين عرض الحائط.

كان يوم 6 مايو الماضي من أسوء الأيام التي مرت على مرضى مستشفى الصدر والعاملين فيه، بعدما نشب حريق قضى على العشرات من الأسرة والمستلزمات الطبية الأخرى بعنبر 9 أو كما يطلق عليه العاملين بالمستشفى "عنبر الموت"، هذا لأسباب عديدة، وعلى رأسها الإهمال الذي يلقاه من قبل الجميع. 

وباعتراف الدكتورة ناهد جمال، مدير مستشفى الصدر بالعباسية، قالت إن الحريق جرت السيطرة عليه في وقت قصير، ولم يستغرق أكثر من نصف ساعة، موضحة أن الحريق لم يندلع بمبنى المستشفى وكان خارج المبنى في أسرة مخزنة تحت سيطرة إدارة التموين الطبي.

هذا الحديث يوضح أن بالفعل كانت الأسرة مخزنة خارج المبنى ولم تكن في مكان آمن للحفاظ عليها أو في مخازن مخصصة لها، وهنا يفتح ملف جديد عن "كيف الحريق لم يندلع إلا لوقت قصير، وفي الحقيقة تآكل المبنى كاملًا وما يرقد بجواره من مستلزمات طبية؟".

ناهيك عن عبوات وجراكن مياه غسيل الكلى التي يحتاج المريض كل قطرة مياه فيها "ملقاة" خلف مباني المستشفى ومحاصرة بأمن من كل الجهات، ولكن المضحك في الأمر أن ليس الأمن فقط هو الموجود في المكان ولكننا نجد أيضا الكلاب الضالة ترعى به.

دخلت "الوفد" عالما جديدا لم تتخيل أنه موجود، بين أضلع مكان بسيط كمستشفى لعلاج المرضى وتخفيف الآلام، فعندما تدخل المكان من باب الكشوفات تجد مزروعا على جانبيه العديد من أفراد الأمن الإدراي المكلفين بتأمين المستشفى.

             

تحت الإنشاء

أما نحن فدخولنا كان أسهل مما نتوقع، فادفع كشف بـ 5 جنيهات وادخل.. الآن أنت في رحاب مستشفى صدر العباسية، وكانت المفاجئة التي تعتبر أول شيء لفت نظرنا، هو مبنى داخل المستشفى تحت الإنشاء، لكن لا يوجد به عمال تبني أو تهد.

وبسؤلنا عنه، أكد أحد عمال النظافة الموجودين في المستشفى، أن إنشاء هذا المبنى صعبًا للغاية، فإنه لم يكتمل حتى الآن منذ سنوات، وأصبح كارثة موجودة بالمشفى، نظرًا لاحتوائه على الكلاب والحيوانات الضالة، ناهيك عن الثعابين التي تظهر من وقت للآخر.

 

ذوبان الجدران

انتظر قليلًا فما خفي كان أعظم، فبالتوغل أكثر لأعماق المستشفى حتى تجدها قد اقتسمت الخصائص والكوارث، فما تراه عينك من التهالك والذوبان فى الجدران، يجعلك تكاد تهرب خارج المستشفى، فالمبانى المتهالكة والسلالم منتهية الصلاحية، والمخلفات الطبية تملأ الطرقات.

تصوير ذلك بشكل عام لم يكن مستحيلًا، نظرًا لعدم اهتمام أحد بأنك الآن في عنبر 9، أو كما ذكرنا سابقًا إنه عنبر الموت، وكلمات السر كلها تكمن بداخله، وعلى الرغم من ذلك إلا أنه لا يشغل بال أحد من أنت، فكل ما يهمهم ثمن تذكرة الدخول التي تصبح بعد دقائق تأشيرة طيرانك لعالم الألغاز.

 

حيوانات ومرضى

عادة لا يكون الزائر أثناء سيره بممرات وطرقات المستشفى وحيدًا، فهناك عدد ضخم من القطط تملأ المكان، وتتحرك فيه بحرية تامة، والمرضى اعتادوا على وجود القطط حولهم ومن كل اتجاه، لكن يبدو أن المسئولين أنفسهم قرروا بقاء هذه القطط لتسلية المرضى بعد انتهاء مواعيد الزيارة المحددة.

ولكن صادم هذا المنظر عندما تجد الحيوانات الضالة تعلو أسرة المرضى لتطردهم وتحتل مكانهم، فالقطط الموجودة على الأسرة العلاجية المتهالكة توحي لك أنه حتى هي لا تريد مداواة آلامك، فاليوم تكالب عليك العالم ليبكيك.

 

باعة جائلون

 أما الباعة الجائلون فحدث ولا حرج فهم يعرفون المرضى جيدًا ويمرون عليهم أكثر من مرور الأطباء المعالجين أنفسهم، فلامانع من وجود بائع لبعض الأدوات المنزلية إذا لزم الأمر، أو بعض الملابس، أو المأكولات التي شارفت على انتهاء الصلاحية، بالإضافة إلى تلك التي تمرض الصدر ولا تعالجه.

 

أسألوا عن الثعابين

سألنا بعض المرضى هل المعتاد وجود الباعة الجائلين هنا، وصدمنا عندما قالوا "دول أكتر من الهم على القلب"، "انتوا بتسألوا على البياعين طب أسألوا عن الثعابين".

مشهد كارثي اعتاد سكان المستشفى وجوده بينهم، فأصبحت الثعابين أحد زائري المرضى في عنبر الموت، لذلك فقد يخاف بعض الأطباء الوجود فيه، خشيةً من ظهور له ثعبان في طريق العودة، لكن المرضى فلاخوف عليهم، فهم في كل الحوال أموات.

قال أحد الزائرين، إن مريضه الموجود بالمستشفى ظهر له ثعبان منذ فترة، وباستغاثته بمديرة المستشفى قالت لهم "أعملكم إيه متقتلوه"، ألا يوجد فيكم قلب رحيم يرأف بحال هؤلاء الضعاف؟!

وكعادة الشعب المصري لم ولن يتخلى عن حياته بهذه السهولة، فعكف المعظم على تعليق "الشيح" على نوافذ العنبر المطل على الحديقة الفانية التي يأتي من خلالها هذا السم القاتل، اعتقادًا منهم أنها تطرد الثعابين.

 

انقطاع متكرر

العناية المركزة وما أدراك هذا المكان المخيف، الذي إذا خرجت منه فأنت ناجي لا محال، فانقطاع الكهرباء المتكرر فيه، نتيجة مشاكل فى شبكة المستشفى الداخلية، يجعل مرضاه في أزمة حقيقية، فالأجهزة التي تعتبر بمثابة الحياة لهم توقفت.

وقال حسين أبو جاد عضو مجلس النواب، إنه تلقى استغاثة من نجل أحد المرضى بمستشفى الصدر بالعباسية، بسبب انقطاع التيار الكهربائى عن العناية المركزة لمدة ساعة ونصف، موضحًا أن الأطباء يعالجون المرضى يدويًا، وهو ما لا يصح فى العناية المركزة.

وفى سياق متصل، أشار الدكتور أيمن حمزة المتحدث باسم وزارة الكهرباء، إلى أن المشكلة فى شبكة المستشفى الداخلية، موضحًا أن صيانة الشبكة الداخلية من سلطة المستشفى وليس وزارة الكهرباء.

 

العالم الخلفي

"أما آن لمسلسل الكوارث هذا أن ينتهي".. لن ينتهي

إلا بمرورك على آخر طرقة الدور الأرضي، فباتجاهك ناحية الشمال قليلًا، اقتربنا من بوابة متهالكة تفصل المستشفى تمامًا عما حولها، هنا يكمن سر الموت بعينه، هذا المشهد لن تراه إلا عندما تدخل وكرا لعصابة حقيقية وهو الباب الخلفي لمستشفى صدر العباسية.

فالأسرة المحروقة والمبني الذي إذا استندت عليه قليلًا سقط جانبًا والعبوات الضخمة للأدوية التي تمنع من المرضى وتلقى خارجًا، كل هذا لا شيء بجانب الأسرة الجديدة المكهنة والملقاة عبر هذا البوابة، أي بعيدًا عن أي أمان أو حفاظ عليها.

فعلى الرغم من احتجاز المرضى بطرقات والشرفات المستشفى وجلوسهم على أرضياتها الملوثة دون وقاية من الجراثيم والعدوى، إلا أن الأسرة الجديدة ليس لديها وقت لتضيعه مع المرضى الأموات، فإنها تحصل على حمام شمس بالعالم الخفي للمشفى؛ حتى تقي نفسها الأمراض.

وهنا يكمن السؤال الأقوى، لصالح من كل هذا؟، من المستفيد من الأموال المخصصة لبناء المبنى السابق ذكره ولم يبنَ إلى الآن؟، ومن المستفيد من تكهين هذه الأسرة الجديدة التي لا زالت موضوعة في "كرتونتها" وملقاة في الخلاء ومسلط عليها أشعة الشمس من كل جانب؟، ومن الذي سيضحك في النهاية عندما يموت المريض وييتم أو يرمل أو يترك وراءه فاقدًا له؟

 

ميزانية لاتكفي

على صعيد آخر، قال الدكتور محمد حسن خليل، منسق لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة، إن ميزانية وزارة الصحة لا تتخطى 1,5 مليار من الناتج القومى ما أدى إلى عدم توفير رعاية صحية سليمة للمواطنين.

وأكد خليل- فى تصريح لـ"الوفد"، أن الميزاينة التى تحصل عليها وزارة الصحة أقل مما نص عليه الدستور المصرى ما جعلها لاتكفى لرعاية المرضى رعاية آدمية، وعدم تمكن المستشفيات من أعمال الصيانة وسراء أسرة لتقديم الخدمة الصحية.

وأضاف منسق اللجنة، أن منظومة الصحة لديها عجز فى توفير الأطباء بنسبة 30%، بما يمثل توفير 1,4طبيب لكل ألف مواطن، مشيرًا إلى أن الحديث عن سوء التوزيع للأطباء غير صحيح، قائلًا: "لدينا عجز فى أطقم الأطباء والتمريض تصل إلى 55% من التمريض ما يعوق تحقيق آمال المواطنين فى الحصول على خدمة صحية تحافظ على حياته".

وأشار خليل، إلى أن وزارة الصحة توفر من 6 إلى 7 أطباء لكل ألف مواطن ما يؤكد عدم حماية المواطن وعلاجة من الأمراض التى يتعرض لها، موضحًا أن مصر دولة منتجة للعناصر البشرية.

 

خدمة آدمية

وأكد مصدر بوزارة الصحة، رفض ذكر اسمه، أن توفير الرعاية الصحية السليمة يحتاج زيادة ميزانية الصحة من 60 مليار جنيه إلى 600 مليار حتى تتمكن المستشفيات من حماية المواطنين من الأمراض وتقديم العلاج اللازم.

وقال المصدر، إن الوزارة الصحة لا توفر المستلزمات الطبية داخل المستشفيات ما أدى إلى انهيار المنظومة الصحية فى مصر، مؤكدًا أن مشروع فيروس سى هو الوحيد الذى أدى دورة بكافأة فى المنظومة الصحية.

وتحدث قائلًا: "نسبة كبيرة من المرضي يضطرون للجوء للعلاج في المستشفيات الخاصة ليس للوجاهة وإنما بسبب تدني مستوى الخدمة في نظيرتها الحكومية على أمل إيجاد خدمة آدمية ولكن أحيانا يصطدم المريض بعكس ما يتمناه".

وأوضح أن المستشفيات الخاصة لها لوائحها الخاصة ولا أحد يستطيع إملاء اي قرار عليها ولا يوجد قواعد أو قوانين تحكم الأسعار.

وشدد المصدر، على ضرورة تكثيف الرقابة والتفتيش على الدواء وهذا الجناح المسئول عنه الإدارة المركزية لشئون الصيدلة والمنوط بها التفتيش على الصيدليات العامة لأن الدواء أيضا يحتاج الي رقابة شديدة، قائلًا:"بسبب غياب الرقابة أكثر من 20% من الأدوية المطروحة بالأسواق مغشوشة أو مهربة".

 

الكلاب تعسكر في المستشفى بدلا من الأطباء

 

المستشفى آيل للسقوط     

 

 

صحفيو "الوفد" أثناء تخفيهم داخل المستشفى

 

 

جحور الثعابين والحدائق التي تحويها

 

الأجهزة والأسرة الجديدة مكهنة خارج المستشفى

 

أدوية الغسيل الكلي "مرمية"

 

الصرف الصحي يهدد المستشفى بالإنهيار

 

الأسره المحروقة منذ مايو الماضي