عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

.. وبدأ تجديد الخطاب الدينى

بوابة الوفد الإلكترونية

 

تحقيق - نشوة الشربينى /إشراف:نادية صبحي

 

الآن يمكن القول أن المؤسسات الدينية قطعت أول خطوة فى طريق تجديد الخطاب الدينى.. وأولى الخطوات اسمها «أكاديمية الدعاة».

الأكاديمية بدأتها وزارة الأوقاف بالتعاون مع الأزهر الشريف ومدة الدراسة فيها 6 شهور، والتحق بها حاليًا 500 إمام وداعية.

«تجديد الخطاب الدينى» مصطلح يتردد كثيرًا كلما طرأت مستجدات أو تطورات ذات خلفية دينية، حتى أنه لا تمر مناسبة دون الحديث عن هذا التجديد.

والتجديد المقصود يعنى نشر صحيح الإسلام، وتصحيح المفاهيم المغلوطة، وغرس القيم الصحيحة، ونشر الوعى والتنوير، ووضع رؤى وآليات للفكر الدعوى الحديث، والسماح بالاختلاف وفق رؤى الشرع، ومواجهة فكر التطرف والتكفير.

وما أكثر التصريحات التى دعا فيها الرئيس عبدالفتاح السيسى «الأزهر الشريف» و«دار الإفتاء» و«مجمع البحوث الإسلامية» و«الأوقاف»، لتجديد الخطاب الدينى على أسس وقواعد سليمة لتصحيح الخطاب وتغيير طريقة التفكير الدعوى ولتنقيته وتجديده وتطويره، ومن هنا جاءت مبادرة «أكاديمية الدعاة» الذى طرحها الأزهر وعلماؤه، كخطوة ضرورية، ونقطة البداية لاستكمال مشوار إعداد وتدريب الدعاة بالتعاون مع وزارة الأوقاف، وتصل مدة الدراسة فيها إلى 6 شهور، وبلغ عدد الملتحقين الجدد بالأكاديمية 500 إمام وداعية - حتى الآن - ويتولى التدريس بالأكاديمية عدد من كبار العلماء والمفكرين والمثقفين، ونخبة من أساتذة اللغة العربية واللغات والإعلام، والمعنيين ببناء الشخصية الوطنية، وخبراء النفس والاجتماع والتواصل الاجتماعى.

أولى المؤسسات الدينية التى استجابت بشكل عملى لتجديد الخطاب الدينى هى «دار الإفتاء» التى أعلنت عن خطة شاملة ومكثفة، وإجراءات عملية لنشر الثقافة الإفتائية الصحيحة التى تنتهج منهج الأزهر الشريف، واستخدام كافة وسائل التواصل الفعالة مع طالبى الفتوى والرأى الشرعى دون قيود.

ومع التوسع فى استخدام التقنيات الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعى، فإن «دار الإفتاء» قامت بإطلاق أول قناة على «موقع يوتيوب» على الهواء مباشرة، كما بدأت مشروعًا قوميًا يهدف إلى تصحيح صورة الإسلام بالخارج، عبر إرسال قوافل من علماء دار الإفتاء للقيام بجولات خارجية تطوق قارات العالم الخمس لنشر الفكر الصحيح، وتصحيح المفاهيم التى يستغلها المتطرفون وأعداء الإسلام فى تشويه صورة الإسلام والمسلمين لدى الغرب.

أما الأزهر الشريف، فقام بتطوير آلية العمل بالمركز الإعلامى بالأزهر ليواكب المتغيرات المتلاحقة والعمل المتواصل، وتحقيق التواصل المستمر مع المؤسسات الإعلامية داخليًا وخارجيًا، وأيضاً إطلاق مركز الأزهر للرصد والفتوى الإلكترونية (أون لاين) بلغات عدة، يقوم عليها علماء متخصصون بالأزهر الشريف، للإسهام فى القضاء على فوضى الفتاوى، وتصد المجترئين على فتاوى القتل والتكفير والتفجير واستباحة الدماء، وتطوير صحيفة صوت الأزهر من حيث الشكل والمضمون، للاهتمام بالشأن الإسلامى المحلى والعالمى، ومواجهة الأفكار المتطرفة، وكذلك بث عدد كبير من المقاطع الدعوية عبر الشبكة العنكوبتية لمجموعة من شباب علماء الأزهر الشريف تتناول قضايا دينية وفكرية وشبابية وحياتية وتوضيح حكم الشرع فيها، وفق المنهج الأزهرى الوسطى، بما يسهم فى تحصين الشباب ضد دعاوى التطرف والإرهاب، كما تم إطلاق عدة برامج تليفزيونية دينية واجتماعية للمرة الأولى خلال شهر رمضان لشباب دعاة الأزهر، يقدمون فيها محتوى اجتماعيًا ودينيًا بطريقة مبسطة، كما يشارك أساتذة وعلماء الأزهر فى قنوات تليفزيونية وإذاعية مختلفة حول العالم، إلى جانب إطلاق قناة الأزهر الشريف لمخاطبة العالم ودعمها بمجموعة من شباب علماء الأزهر لنشر الوسطية والسلام والمحبة والتسامح ومواجهة الفكر المتطرف، ويضاف إلى ذلك تطوير مدارس الأزهر الإسلامية ودمجها جميعًا فى معهد واحد مركزى فى القاهرة، ليستكمل الأزهر دوره التاريخى، الذى امتد لأكثر من ألف عام، من خلال تدريس مناهج العلوم الشرعية الرصينة، وفق المنهج الأزهرى المطور، لكى يصبح الطالب الأزهرى قادرًا على التجديد والفهم العميق لنصوص السنة والقرآن الكريم.

أما وزارة الأوقاف، فتولت توحيد الخطب فى المساجد، كما استعدت بخطة دعوية خلال العام الحالى تبدأ بتطوير منظومة التدريب والتأهيل، من خلال مراكز التدريب والمعسكرات، واستضافة الأئمة المتميزين فى الدورات العلمية، وتكثيف القوافل الدعوية، وفتح الباب للأزهريات من السيدات للعمل واعظات متطوعات، وتفعيل «المسجد الجامع» ليكون مركزًا لتنوير العقول ونشر الثقافة الإسلامية، وعقد ندوات علمية كبرى بمشاركة نخبة من كبار العلماء والدعاة.

ومؤخرًا قامت «الأوقاف» بالإعلان عن إنشاء «مركز لتدريب الدعاة» فى مطلع أكتوبر القادم، وهو ينقسم إلى قسمين، الأول تأهيلى: يقبل الشباب الراغبين فى الالتحاق بالعمل الدعوى أو الإفتاء، ممن تخرجوا من الكليات المتخصصة، وذلك بالتركيز على الجانب العملى، وكيفية التعامل مع المشكلات والقضايا المجتمعية، والتأكد من صلاحية الدارس فكريًا وعلميًا ونفسيًا وجسديًا من ممارسة العمل الدعوى، واشترط الأزهر أن يكون التقدم للوعظ أو الإمامة أو الإفتاء أو أى عمل دعوى بجميع المؤسسات الدينية مقصورًا على خريجى الأكاديمية، حتى لو كان من أوائل الكليات الشرعية ومدة الدراسة 6 أشهر.

أما القسم الثانى فهو تدريبى، وهذا يعنى عقد دورات تدريبية للعاملين فى مجالى الدعوة والإفتاء لرفع الكفاءة من خلال المعالجات الشرعية للمستجدات على الساحة الدعوية.

كما يضم المركز مبنى رئيسيًا ومبنيين ملحقين تم تجهيزهما على أى مستوى بقاعات محاضرات وتدريب كبرى مزودة بوسائل حديثة للترجمة، وبمعامل للغات الأجنبية والحاسب الآلى، وسكنًا للأساتذة والطلاب.

 

«مبادرة الأزهر» لتحصين الشباب ومحاربة الفكر المتطرف

 

الدكتور محمد السيد الوردانى، المنسق الإعلامى لمجمع البحوث الإسلامية، التابع للأزهر الشريف، قال لـ «الوفد»: إن أكاديمية الدعاة هو مقترح أطلقه الأزهر الشريف – باعتباره انطلاقة حقيقية نحو تجديد الخطاب الدينى - بهدف تأهيل وتدريب الملتحقين الجدد قبل ممارستهم للعمل الدعوى، سواء فى الأزهر أو الأوقاف أو الإفتاء، وبالفعل تم الاتصال والتنسيق مع وزارة الأوقاف وعلمائها، بما يخدم مسار الخطاب الدعوى، على أن يكون الإشراف مشتركًا بينهما، وأن يكون مقرها جامعة الأزهر، إلا أن الأوقاف سارعت بالإعلان عن موعد تدشين أكاديمية التدريب فى شهر أكتوبر القادم بشكل منفرد، دون العودة إلى الأزهر أو حتى استشارته باعتباره صاحب الكلمة الأولى، فيما يتعلق بالنواحى الإسلامية والدعوية، نافيًا فكرة وجود خلاف بينهما حول هذا الأمر.

مشيرًا إلى أن الأزهر الشريف سيظل مصدرًا للعلم والثقافة، ومنارة لنشر الدين الإسلامى المعتدل الوسطى، وقبلة كل من يريد دراسة الدين الإسلامى وجميع العلوم الإنسانية والاجتماعية والعلمية فى كل أنحاء العالم.

 

 

إبراهيم عبدالراضى: تطوير الأزهر بداية الإصلاح

 

الدكتور إبراهيم محمود عبدالراضى، الإمام والخطيب بوزارة الأوقاف، فيرى أن التجديد يقصد به إحياء جوهر الدين

والعودة به إلى منابعه الأولى معرفة وفهمًا وسلوكًا، بحيث يتجلى أثره فى الواقع الحياتى ولصالح البشرية، فيكون منظمًا لشئونهم، ومصححًا لسلوكياتهم، فى إطار الثوابت والمقاصد الشرعية، مشيرًا إلى ضرورة التوسع فى المدارس العلمية، والاستفادة بجهود أئمة الأوقاف فى نشر الفكر الوسطى والمعتدل بأسلوب عصرى يتماشى مع روح العصر ومستجدات الحياة، حتى يمكن إخراج جيل قادر على حمل الرسالة فى مجال الدعوة لمواجهة التطرف والتشدد.

 

على أبوالحسن: التجديد صمام أمان من التطرف والفتن

 

الشيخ على أبوالحسن، الداعية الإسلامى، رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف، أوضح أن أمر تجديد الخطاب الدينى منوط بالأزهر الشريف، بالتنسيق مع الأوقاف، فى إطار الاجتهاد الجماعى لعلماء الأمة، لما للتجديد من ضوابطه وأسس علمية يستلزم للداعية القيام بها، من أهمها التخصص، وامتلاك أدوات التجديد من الفهم السليم للنصوص الشرعية ومقاصدها، وترجمة صحيح الدين، والتحذير من القراءات المنحرفة التكفيرية والتفسيق أو التبديد بدافع سياسى أو شخصى، ومواجهة الأفكار المغلوطة، واستيعاب اللغة العربية وقواعدها، والتعرف على كيفية التعامل مع الأدلة الشرعية، واحترام العلماء الأجلاء، والالتزام بأدب الحوار مع الحرص على المناقشة بموضوعية، حتى يتمكن الداعية أو الإمام أن يتواصل مع العامة بأسلوب سليم وبقدر عقولهم، وفق رؤية وسطية تتفق مع ثقافة البشر والعصر الذى يعيشون به.

 

أشرف الأزهرى: خطوة صائبة.. والتطرف والإرهاب أكبر الأزمات

 

الشيخ أشرف سعد الأزهرى، أحد علماء الأزهر الشريف أكد أن القصد من إنشاء أكاديمية لإعداد الأئمة والدعاة بطريقة علمية هو ترسيخ العقيدة الثابتة، وإدراك فقه العصر، وتطوير وتوحيد الخطاب الدعوى، وحماية وتحصين المجتمع من الأفكار الهدامة والمتشددة، ودفع عجلة التقدم.. وقال: بالتأكيد هى خطوة صائبة فى التطور، والتحديث، والقضاء على الارتجالية.

وأشار إلى ضرورة أن تكون المحاضرات الدينية التى تلقى فى المركز علمية فى الفقه والشريعة والقضايا المجتمعية، بما يسمح بالتنشيط الذهنى للإمام أو الداعية، حتى يستدعى ما تلقاه من علم متوافق مع منهج الأزهر، وأن يكون دافعًا للداعية فى أداء مهتمه الدعوية.

مشددًا على أهمية توافر شروط محددة فى الداعية أو الخطيب الذى يتصدر مشهد الدعوة، وهى أولًا أن يكون قدوة ونموذجًا ناجحًا يمثل واجهة الدين وصاحب رسالة، وثانيًا: الشعور بالمسئولية واحترام الآخرين والتصدى للفكر المتطرف، وثالثًا: التعايش مع التطورات ومستجدات العصر والاعتدال والاجتهاد الذاتى.

 

السيد شلبى: مطلوب خطاب مستنير

 

ومن جانبه، أشاد الشيخ السيد رشدى شلبى، أحد علماء الأزهر الشريف بمبادرة الأزهر.. مضيفًا أنها بادرة حقيقية نحو تجديد الفكر الدينى، وهو أمر أوجبه الإسلام، يتطلب تضافر الجهود بين «الأزهر» و«الأوقاف» وعلمائهما، لوضع الأسس العلمية والضوابط الشرعية التى يتم على أساسها تجديد الفكر الدعوى، وتحصين الطالب الأزهرى – من خلال أكاديمية تدريب وتأهيل طلاب الأزهرى - وبمعاونة المفكرين والمثقفين، وأساتذة اللغة العربية واللغات والسياسة والإعلام والتنمية البشرية، والمعنيين ببناء الشخصية الوطنية، وخبراء النفس والاجتماع والتواصل الاجتماعى، لكى يكون الطالب فاهمًا وحافظًا لكتاب الله، ومتمكنًا من اللغة العربية، وإحدى اللغات الأجنبية، وقبول التعامل مع الآخر، وتقبل وجهات النظر المختلفة، وقادرًا على استخدام الوسائل الحديثة، وملتزمًا بكتاب الله تعالى، بعيدًا عن الغلو والتطرف، حتى يمكن تخريج فقهاء متفقهين بالدين لتأكيد الصلة بين الدين والحياة.

منوهًا إلى أن الأزهر الشريف من منطلق دوره العلمى وعبر تاريخه يعمل على ذلك، من خلال الدعوة إلى إعداد وتأهيل الداعية والإمام للتأكيد على أهمية الوسطية والاعتدال، بما يخدم صالح الوطن، وينبذ قوى التطرف ودعاة الفرقة.

وأشار إلى أن تجديد الخطاب الدينى، لا يعنى التجرد عن أصول الدين وثوابته، أو الخروج عن مبادئه وأخلاقياته، أو الإساءة للرموز الدينية، بل استنباط ما يتفق مع متطلبات العصر، وتغليب المصلحة العليا للأمة، تحقيقًا لمقاصد الشريعة ومسايرة لحركة الحياة، وهنا يأتى عمل المجتهدين من علماء الأمة، كما للتجديد أصل فى كتاب الله، فالخطاب الدينى تغير من النداء (يا أيها الناس) فى العهد المكى إلى (يا أيها الذين آمنوا) فى العهد المدنى، وكذلك فى السنة النبوية الشريفة فى أحاديث كثيرة منها قول النبى (صلى الله عليه وسلم): «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها».