رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

جرائم «هزت» المجتمع

بوابة الوفد الإلكترونية

تحقيق: أمانى زايد / إشراف: نادية صبحي

 

قتل وتعذيب وجحود الأبناء.. مشاهد قاسية زادت بشكل مثير مؤخراً.. أساليب قتل وحشية لم نكن نعتاد على سماعها.. آباء تجردوا من مشاعر الحنان والشفقة على أبنائهم وراحوا يزهقون أرواحهم ويسفكون دماءهم على أتفه سبب.. وأبناء انتزعت من قلوبهم الرحمة وتناسوا بر الوالدين.. وما بين هذا وذاك لم يعد يمر يوم إلا ونفاجأ بجريمة وحشية جديدة تهز القلوب, هذا الأمر لم نكن نعتاد عليه، لكن الواقع يؤكد أن هناك تحولاً خطيراً فى أخلاق المصريين التى كانت تتسم بالصبر والجدعنة والقدرة على التحمل.

تشير الإحصاءات الرسمية إلى أن 87% من الجرائم غير المبررة تأتى نتيجة تعاطى المواد المخدرة، لأن المخدرات تغير الحالة العقلية والمزاجية للمتعاطى، كما أثبتت دراسة مصرية حديثة أن تناول المخدرات يتسبب فى وقوع 79% من الجرائم بمصر, وأكدت الدراسة أن 86% من مرتكبى جرائم الاغتصاب كانوا يتعاطون مخدر الحشيش، وأن 58% من مرتكبى جرائم هتك العرض كانوا يتعاطون المخدرات, وتؤكد الإحصائيات أن حوالى 75% ممن أقبلوا على تناول تلك الحبوب المخدرة حاولوا الانتحار, كما أن هناك 25% من المدمنين يعانون من أمراض نفسية نتيجة لما شاهدوه من أوهام وخيالات تحت تأثير المخدر, وأوضحت نتائج الدراسة أيضاً أن 56.7% من مرتكبى الجرائم كانوا يتعاطون المخدرات قبل ارتكابهم الجريمة بساعات، وهذا يدل على العلاقة الوثيقة بين التعاطى ووقوع الجرائم.

كشف تقرير الأمن العام لعام 2017, عن ضبط مرتكبى 2824 جريمة جنائية، منها 1293 قضية قتل عمد و726 قضية سرقة بالإكراه, و197 قضية خطف و608 قضايا حريق عمد، بزيادة 6% عن عام 2015، كما تم ضبط مرتكبى 12527 جريمة سرقة، منها 4093 قضية سرقة مسكن و2409 جرائم سرقة متجر و2392 سيارة مبلغ بسرقتها و1478 قضية نشل و2155 قضية نصب، بزيادة 7% عن عام 2015، وأن 24% من مرتكبى جرائم السرقة بالإكراه كانوا يتعاطون مخدر الحشيش.

 

حوادث مروعة

مع طلوع شمس أول أيام عيد الأضحى استيقظ أهالى ميت سلسيل بالدقهلية على جريمة بشعة هزت مشاعر الكبار والصغار, عندما قام أب بإلقاء طفليه «ريان» 5 سنوات، و«محمد» 3 سنوات فى النيل للتخلص منهما, واختلفت الأقاويل حول سبب إلقاء الأب لأبنائه.. كما أنهى أب حياة ابنته الشابة بمنطقة دار السلام, بعد مشاجرة مع زوجته تدخلت فيها الابنة لفضها, فسدد لها الأب طعنة أودت بحياتها.

ولم تكن تلك الوقائع وحدها هى التى شغلت الرأى العام, بل سبقتها العديد من الحوادث المؤسفة والتى مزجت بين القسوة والعنف من الآباء تجاه الأبناء فقد وقعت قبلها ثلاث جرائم فى يوم واحد فى مناطق متفرقة, وكان الأبناء هم الضحايا.

ففى دمياط، ذبح سائق توك توك زوجته، ووضع السم فى الطعام لأبنائه الأربعة، فقتل اثنين وتم إنقاذ الاثنين الآخرين.. وفى البحيرة كانت الجريمة الثانية، حيث عذب جزار ابنه حتى الموت، لخروجه دون إذن، بعد أن قام بتوثيقه بالحبال واستمر فى الاعتداء عليه وضربه بالخرطوم حتى لفظ أنفاسه.. أما الجريمة الثالثة، فتجرد فيها أب من مشاعر الإنسانية وذبح طفله ليحرق قلب زوجته لرفضها العودة للعيش معه بعش الزوجية بالغربية، وجاء ذلك بعد استمرار الخلافات الزوجية بين الزوجين ورفض الأم العودة مرة أخرى للزوج.. وفى المريوطية تسبب إهمال أم فى موت أبنائها الثلاثة حرقاً, بعد أن أغلقت عليهم باب الشقة وتركتهم وحدهم, وقامت بالتخلص منهم بإلقائهم بلا رحمة فى أحد شوارع منطقة الهرم.

وفى الدقهلية عذبت أم طفلها وحرقته بعد أن شاهدها فى أحضان خطيب ابنتها, فقامت بتعذيب الطفل خوفاً من افتضاح أمرها.

الفقر برىء

أكد خبراء علم النفس والاجتماع أن حالة الانفلات التى يعانى منها المجتمع تشير إلى أن هناك خطأ ما يحدث فى الآونة الأخيرة, وأجمعوا على أن الفقر والأوضاع الاقتصادية السيئة لم تكن الدافع وراء ارتكاب الجرائم, فهناك كثير من الفقراء فى المجتمع

لكنهم لم يقوموا بسفك دماء صغارهم, وحذروا من انتشار المخدرات التى تغيّب العقل وتدفع المتعاطى لارتكاب أى جريمة بلا وعى.

ومن جانبه، يرى الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسى, أن الشخصية المصرية تتسم بالهدوء والحب والتسامح وليست شخصية دموية, لكننا تعرضنا منذ عام 1967 إلى كبوات أثرت على شخصية المصريين, وعندما بدأ السفر إلى دول الخليج عاد المصريون بثقافات مختلفة, وظهرت العديد من الأفكار فى المجتمع لم تكن موجودة, فحدث نوع من المسخ الثقافى والازدواجية الدينية.

ويقول: من هنا بدأت العلاقات الأسرية تشهد حالة من الاضطراب نتيجة لغياب الثقافة, كما حدث تفكك أسرى وبدأ الابن فى الاستقلال والبحث عن مسكن بعيد عن مسكن الأهل بعد أن كانت الأسرة تتجمع فى منزل الأجداد, هذا فضلاً عن ظهور المخدرات وغياب التوعية والنصائح الأسرية, ومن ناحية أخرى ظهر الانحطاط فى كثير مما تبثه وسائل الإعلام ولم تعد هناك مشاهد محترمة.

ويحذر الدكتور «فرويز» من خطورة المرحلة القادمة، مؤكداً أن هناك منحنى خطيراً يندفع المجتمع تجاهه نتيجة البعد عن الدين.

ويقول: الأجيال القادمة ستعانى كثيراً بسبب غياب الثقافة وانتشار الأفكار المغلوطة, لذا على الدولة أن تسعى بشتى الطرق لنشر الثقافة فى المجتمع من جديد, والسيطرة على وسائل الإعلام.

ومن ناحية أخرى، يرى الدكتور سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع السياسى بالجامعة الأمريكية, أن ما يحدث الآن لا يعد ظاهرة، فالزيادة السكانية فى تزايد مستمر, والمجتمع يعانى حالة انفلات أخلاقى ويحتاج لمزيد من الانضباط فلم يعد هناك اهتمام بالأمن المجتمعى, فما يحدث يؤكد «إن فيه حاجة غلط», ويرجع ما يحدث من جرائم إلى فشل وضعف فى شخصية الجانى, فالقاتل يسعى دائماً لممارسة العنف على من هم أضعف منه كالأطفال والسيدات حتى يشعر بقوته.

ويقول: مع الأسف الظواهر الخاطئة منتشرة فى المجتمع ولا توجد سياسات تعالجها, كما أن الإعلام أصبح فاقداً للمسئولية الاجتماعية وغياب الأخلاق أصبح سائداً بين الناس, فنحن نحتاج لعودة الأمن المجتمعى وقوانين رادعة وتحقيق مبدأ العدالة الناجزة حتى يعود الانضباط للمجتمع.

أما الشيخ أحمد كريمة أستاذ الشريعة والفقه المقارن بجامعة الأزهر، فيقول: إن الجريمة بدأت من عمر الإنسان على الأرض, وحيثما توجد المجتمعات البشرية توجد الجريمة, لكن ما يحدث فى المجتمع الآن يرجع نتيجة لغياب الوازع الدينى والاستهانة بالجزاء فى الآخرة, وهذا يزيد من معدلات الجرائم, فضلاً عن التفكك الأسرى وتراجع صلة الأرحام, كما أن الأزمات التى يتعرض لها البعض قد تؤثر على أخلاقيات الناس, فالمسئولية هنا مسئولية مجتمع بأكمله ونحن نحتاج لتقوية الوازع الدينى والتقرب إلى الله.