عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

3 قرارات وزارية تغتال الرقعة الخضراء

بوابة الوفد الإلكترونية

تحقيق: نادية مطاوع - اشراف: نادية صبحى

 

رغم أن الحفاظ على مقدرات الدولة هو أحد مهام الحكومة فى كل زمان ومكان، إلا أن الحكومات المتعاقبة كانت دائماً أحد أهم أسباب تدمير الرقعة الزراعية فى مصر، فقراراتها وأعمالها كانت دائماً عكس ما تعلنه، ومن ثم ضاعت الأرض الزراعية بين تصرفات المواطنين الذين فقدوا حبهم وتقديسهم للأرض التى تطعمهم، وبين قرارات حكومية ساهمت بشكل كبير فى إهدار ملايين الأفدنة من أخصب الأراضى الزراعية التى لا يمكن تعويضها.

الغريب أنه رغم الهجمة الشرسة التى تعرضت لها الأرض الزراعية بعد ثورة يناير 2011 والتعديات عليها والتى وصلت إلى 1.9 مليون حالة تعدٍ، وإعلان حكومة المهندس إبراهيم محلب تغليظ العقوبة على جريمة التعدى على الأراضى الزراعية واعتبارها جريمة مخلة بالشرف، إلا أن قرارات حكومية أصدرها وزراء الزراعة فيما بعد كانت سبباً فى المزيد من التعديات، بالإضافة التى القوانين التى يناقشها البرلمان والخاصة بالتصالح فى مخالفات البناء وهو ما سيزيد الطين بلة، لتصبح الأرض الزراعية بلا حماية بعد أن فشلت الحكومة فى حمايتها.

منذ سنوات طويلة تتعرض الأراضى الزراعية فى مصر لجريمة اغتصاب ممنهجة، حيث يقوم المواطنون بالتعدى عليها ثم تقوم الحكومة بالتصالح معهم بعد توسط أعضاء مجلس الشعب، ليدفع المواطنون جميعاً ثمن هذه الصفقة من طعامهم الذى شح وارتفعت أسعاره، وبعد ثورة يناير زادت التعديات على الأراضى الزراعية حتى جاءت حكومة المهندس إبراهيم محلب لتغلظ العقوبات على المتعدين على هذه الأراضى التى لا يمكن تعويضها، وتعلن الحرب على التعديات التى التهمت أكثر من نصف مليون فدان خلال سنوات ما بعد الثورة، إلا أن ما حدث بعد ذلك كان مفاجأة حيث صدرت عدة قرارات وزارية وقوانين حالية يناقشها البرلمان أكدت أن الأرض الزراعية ما زالت فى خطر.

فقبل تولى الدكتور عزالدين أبوستيت مسئولية وزارة الزراعة صدرت عدة قرارات وزارية لابد من إعادة النظر فيها حيث إنها تفتح الأبواب لمزيد من التعديات على الأراضى الزراعية، منها القرار الذى أصدره الدكتور عبدالمنعم البنا وزير الزراعة السابق والذى يحمل رقم 460 لسنة 2018 ويتضمن استثناء 3 مشروعات بالقطاع الزراعى من مخالفات البناء على الأراضى الزراعية.

وهى إقامة مشروع إنتاج البيو جاز كمصدر للطاقة من المخلفات الزراعية والحيوانية، وذلك على ضوء الاشتراطات والمساحات الواردة من معهد بحوث الهندسة الزراعية التابع لمركز البحوث الزراعية، محدداً به المساحة طبقاً للطاقة الإنتاجية وموافقة جهاز شئون البيئة والصحة الوقائية بالمحافظة، ولجنة أو إدارة الاستثمار، والمحافظ، مع تعهد مقدم الطلب بإعادة الأرض لحالتها الزراعية فى حال توقف المشروع، لافتاً إلى أنه لا يجوز تعديله لنشاط آخر على أن يجدد الترخيص كل ثلاث سنوات, وإنشاء مجففات الذرة الشامية التى تقيمها الشركات بشرط عدم إقامة أكثر من مشروع واحد بدائرة المحافظة، على ألا تزيد المساحة على 12600م2، وأن يكون المشروع على طريق عام رئيسى، على أن يجدد الترخيص كل ثلاث سنوات، وفى حال توقف المشروع لمدة عامين يتم إلغاء الترخيص وتعود الأرض لحالتها الزراعية ولا يجوز تغيير النشاط إلى نشاط آخر.

كما استثنى القرار إقامة وحدات إنتاج الطاقة الجديدة والمتجددة من الطاقة الشمسية أو الرياح إذا كانت بغرض خدمة المشروعات المرخص بها لخدمة الإنتاج الزراعى والحيوانى من مكونات المشروع ذاته، ورغم أن القرار اشترط إعادة الأرض إلى حالتها الزراعية فى حال توقف المشروع إلا أن يد الفساد ستكون أقوى وأطول دائماً من القرارات الحكومية.

هذا القرار لم يكن الأول بل سبقه قرار من الدكتور عصام فايد وزير الزراعة الأسبق إبان تولية مسئولية الوزارة ويحمل رقم 919 لسنة 2016 بالحالات التى يجوز لها إقامة مبان على الأراضى الزراعية فى الوادى والدلتا والأراضى الجديدة والمستصلحة، وهى: من يمتلك حيازة زراعية مساحتها 5 أفدنة على الأقل فيجوز له بناء مسكن خاص أو ما يخدم الأرض الزراعية، أو فى حالة إقامة المشروعات التى تخدم الإنتاج الحيوانى والداجنى والزراعى بالأراضى الجديدة، أما الحالة الثالثة فهى إقامة أسواق للماشية بشرط ألا تقل المساحة عن 5

أفدنة وأن تكون على طريق عام، والرابعة هى الترخيص لمن يريد إقامة محطات تموين للآلات الزراعية من بنزين وسولار بشرط ألا تقل المساحة عن 1000 متر، وأن تكون على طريق عام وألا تقل المسافة بينها وبين أقرب محطة عن 20 كيلومتراً.

كما أصدر «فايد» القرار رقم 615 لسنة 2016 بتعديل القرار الوزارى رقم 1836 لسنة 2011 والخاص بالحالات المستثناة من إنشاء مبان ومنشآت على الأراضى الزراعية، ومنها الأرض التى تقيم عليها الحكومة المشروعات ذات النفع العام، بشرط موافقة وزير الزراعة، أو المشروعات العامة مثل محطات المياه والكهرباء أو صوامع القمح، واعتبر القرار أيضاً السلاسل التجارية التى تقيمها الحكومة ضمن المشروعات المستثناة، وكذلك المشروعات التابعة للجمعيات الخيرية، كما تضمن القرار استثناء محطات تقوية المحمول فى حدود مساحة 150 متراً للمحطة الواحدة، وكذلك مشروعات تموين الآلات الزراعية ومستودعات الأنابيب.

وكل هذه القرارات التى اعتبرها محمد فرج رئيس اتحاد الفلاحين كارثة ستضيع ما تبقى من أراض فى الدلتا والوجه البحرى، مشيراً إلى أن السماح بإنشاء مشروعات فوق الأراضى الزراعية يعد إهداراً للأراضى الزراعية الجيدة التى لا يمكن تعويضها، مشيراً إلى أن هذه القرارات يمكن العمل به فى الأراضى الجديدة أما الأراضى القديمة فيجب منع البناء عليها بكافة الأشكال، خاصة أن هذه الأراضى تآكلت مساحات كبيرة منها خلال الفترة الماضية بسبب التعديات عليها، وأوضح أن الأمر ليس مقصوراً على فقدان الأرض الزراعية ولكن البناء يؤدى إلى تدمير شبكة الصرف المغطى فى الأراضى الزراعية، وهذه تكلفة أخرى لا تعوضها الغرامات التى يتم تحصيلها من المخالفين.

الأمر لا يتوقف على القرارات الوزارية السابق ذكرها بل إن هناك قانونين يتم إعدادهما فى البرلمان حالياً سيكون لهما أثر بالغ فى المزيد من التعديات على الأرض الزراعية أولها قانون التصالح فى مخالفات البناء، والذى أكد النائب خالد عبدالعزيز وكيل لجنة الإسكان أنه سيكون مؤقتاً لمدة 8 أشهر يتم خلالها حصر كل المبانى المخالفة ووضع شروط للتصالح عليها، إلا أن مجرد الحديث عن هذا القانون زاد من التعديات على الأراضى الزراعية بزعم التصالح فيما بعد.

أما القانون الثانى فهو مقدم من النائب عمر عبدالعزيز ووقع عليه 60 نائباً بتعديل قانون الزراعة رقم 116 لسنة 1983، لاعتبار المنشآت التعليمية والرياضية الخاصة ودور العبادة والمنشآت الصحية فى حكم المشروعات ذات النفع العام التى تقيمها الحكومة، وذلك بعد موافقة الوزير المختص فى ضوء احتياجات كل محافظة على حدة، وهو ما يعنى السماح بانشاء المدارس الخاصة والأندية ودور العبادة على الأراضى الزراعية.

هذا القانون ناقشته لجنة الزراعة بالبرلمان وما زال فى انتظار العرض على اللجنة العامة، فمتى تجد الأرض الزراعية من ينقذها؟