رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كواليس ليلة «تقرير المصير»

بوابة الوفد الإلكترونية

يتواصل الإلهام الثوري بميدان التحرير رغم عام من الفرقة بين «صانعي» الثورة، يتجدد الأمل رغم تأزم المشهد في إمكانية توحد «الثوار»، وينبعث من الأرض المتعلقة بدماء الشهداء

لهب يذيب الجليد بين التيارات السياسية المتباينة، تمهيداً لتوافق تنبثق منه خارطة إنقاذ الثورة، ويذهب ببرودة أجواء كواليس مليونية «تقرير المصير».
ارهاصات رأب الصدع بين قوي «الميدان» بدأت قبيل انتصاف ليل القاهرة، وتعسرت حتي الساعات الأولي من صباح الجمعة في أعقاب رفض مواقف «الإخوان»، وتطورت الأمور إلي تراشق بالألفاظ والهتافات بين منصة «الجماعة» وبعض شباب الثورة، وتواري الخلاف بين الفصيلين خلف هتاف خلاب ينذر بموجة ثورية أكثر تعقلاً «عايزين نرجع زي زمان.. إيد واحدة في الميدان» مصحوباً بلافتة حمراء تحمل عبارة «وفاءً للشهداء.. كلنا ضد الفلول».
مشهد البداية في كواليس ليلة «إنقاذ الثورة» يمكنك قراءته من أي مدخل عبرت إلي «الميدان»، تأخذك عيناك إلي 12 منصة للقوي الثورية موزعة علي أرجائه، من ناحية قصر النيل تستوقفك عن بعد صورة للمرشح الرئاسي المستبعد حازم صلاح أبوإسماعيل علي علم أصفر في أيدي بعض أنصاره أثناء إقامة منصته المقابلة لشارع محمد محمود، وعلي اليمين منصة حركة 6 إبريل ممهورة بلافتة تحمل مطالبها التي يتوافق عليها الميدان حسبما أفاد محمد علي البسطاوي نائب منسق الحركة بالغربية، وفي المنتصف المنصة الرئيسية لـ «حركة مستمرون» الكيان الجديد الذي يهدف إلي تجميع ائتلافات الثورة، وفي الحديقة المستديرة تظهر منصة «حركة عدالة وحرية» التي كادت أن تتسبب في مشاجرة دامية لولا تدخل العقلاء حفاظاً علي مسار «حماية الثورة»، بينما من ناحية مدخل طلعت حرب تبدو منصة «الإخوان المسلمين» المحصنة بساتر خشبي يكسوه «قماش» السرادقات، وأمامها يفترش اعضاء الجماعة مدخل «كنتاكي» مرددين الأناشيد «إخوانية المنشأ» في محاولة لامتصاص غضب المناقشات والهتافات المتصاعدة ضد مواقفهم من الثوار علي مدار عام كامل، وعن يمينها منصة «حزب المؤتمر العربي الناصري»، وأمامها علي بعد أمتار قليلة منصة متواضعة للثوار المستقلين.
بعيدا عن حرب المنصات التي استغرقت قرابة أربع ساعات، سيطرت الهتافات المعادية لـ «الإخوان المسلمين» علي الميدان، يقابلها علي الجانب الآخر «نظيرتها» الإخوانية ذات الصوت المرتفع الناتج عن الحشد المتوقع للهجوم، مع بداية تدشين منصة الجماعة خرج هتاف مدو لعدد من الثوار «هما اتنين ملهمش أمان، العسكر ويا الإخوان»، قابله علي الجانب الآخر هتاف «إيد واحدة»، في محاولة لاستعطاف الثوار المتواجدين بالميدان من كافة الفصائل الثورية.. تحول «شباب الجماعة» إلي أقلية «ميدانية»، لم تشفع لهم أغلبية برلمانية خصمت دون أن يشعر مكتب الارشاد من رصيد في الشارع الثوري، مبادرات التهدئة بين الجانبين لم تفلح في رأب الصدع، عقب تضامن قطاع كبير من شباب الميدان مع المهاجمين للإخوان، وفي صوت واحد هتف الجميع «بيع.. بيع.. بيع.. الثورة يا بديع»، في اشارة لموقف الجماعة أثناء الذكري الأولي للثورة، واصرارهم علي الاحتفال علي غير رغبة «الثوار».. رماد حرائق أحداث محمد محمود ومجلس الوزراء اشتعل في وجه شباب «الجماعة»، عقب حلقات نقاشية، اتسعت داخل الميدان كوسيلة إلي توافق يحفظ مسار المليونية، ويقطع الطريق علي قوي الثورة المضادة في تشتيت «الثوار».. حوصر الإخوان باتهامات التخلي عن ميدان التحرير في «أحداث محمد محمود» التي شهدت استشهاد أعداد كبيرة من شباب الثورة، فضلا عن فقء أعين المئات، في مقدمتهم الناشط أحمد حرارة - إحدي أيقونات الثورة، إلي جانب وصف «الثوار» وقتئذ بـ «البلطجة»، و«الثورة المضادة»، مصحوبا بـ «مخالفة» الميدان في أحداث مجلس الوزراء والتنسيق مع المجلس العسكري في تمهيد الطريق لـ «حكومة الجنزوري»، دون مراعاة الرفض الشعبي للرجل وحكومته.
واستعت موجة رفض تواجد الإخوان المسلمين بالميدان، في أعقاب وصف عدد من الثوار لهم بأنهم «تجار الدين» جراء تراجعهم عن مواقفهم الرافض لخوض سباق الرئاسة، إزاء النفور الثوري من شباب الجماعة وتهافت تبريراتهم المصنوعة في قالب متكرر والاصرار علي تقديم اعتذار للثورة كشرط للتوافق، ولجأوا إلي العزف علي وتر «عايزين نرجع زي زمان، إيد واحدة في الميدان»، و«بنشتم بعض لصالح مين»، و«يسقط حكم العسكر».
غريب أمر جماعة الإخوان التي رفعت شعار «الاحتفال بالذكري الأولي لثورة يناير»، وفرضت طلبا للدكتور صفوت حجازي آنذاك برفع اللافتة حفاظا علي وحدة الميدان، 3 أشهر فقط من يناير إلي ابريل، حولت اللافتة إلي «معا لإنقاذ الثورة»، لم يبرح شباب الإخوان الانتشار وسط المتظاهرين، ينصتون ويتوددون، ويدعمون مطالب الميدان، بدعوي الإنقاذ التي رفضت إبان شلالات الدم التي جرت في محيط الميدان ذاته.
الثابت في الميدان هو متحف فني يحمل لوحات تخلد صور الشهداء، وتؤرخ للعنف الدموي الذي دأبت قوات الأمن المركزي، والشرطة العسكرية علي استعماله لفض الاعتصامات، المتحف الذي أعدته «لجان الدفاع عن الثورة» وسط الحديقة المستديرة، تصدرته صور الشهداء «الشيخ عماد عفت، ود. علاء عبدالهادي، ومصطفي السيد»، ويتضمن المعرض توثيقا عبر قصاصات الصحف لعدد من الفعاليات الثورية، والأحداث المتعاقبة أبرزها «حادث بورسعيد» الذي راح ضحيته 73 من جماهير الألتراس».
والمتغير اللافت هو استبدال الباعة الجائلين صور الشهداء بـ «استيكرات» للمرشح الرئاسي حازم صلاح أبوإسماعيل، و«بوسترات» متراصة للبيع أمام منصة أنصاره، تلك المنصة التي بمجرد الاقتراب منها للسؤال عن المطالب، جاء صوت من أعلي لأحد أنصار «أبوإسماعيل» قائلا: «الشيخ منع التصريحات»، ليتوقف الحوار بيني وبين - محمود الغمراوي - أحد أعضاء الحملة عند مطلبين وراء النزول للميدان هما إلغاء المادة 28 الخاصة بتحصين لجنة

الانتخابات الرئاسية، واجراء الانتخابات في موعدها التزاماً بالجدول الزمني لتسليم السلطة».
أمام منصة غير محددة الجهة المسئولة عن إقامتها، تجمع بعض الشباب وبينهم «ملتحون»، سألت - تتبع مين المنصة دي يا شباب؟، الإجابة -  لأ محدش عارف - ولا أقولك - هكذا رد أحد الجالسين - اسأل الشيخ جمال اللي واقف هناك ده.
إلي حيث يقف الشيخ جمال صابر مدير حملة «لازم حازم»، حسبما عرف نفسه - كررت السؤال عن تبعية المنصة، فرد بابتسامة - دي منصة المصريين - دون توضيح الائتلاف أو الكيان المسئول، واستطرد «جئنا إلي هذا الميدان مع كل المصريين لنقول كلمة واحدة .. الشعب يريد إسقاط النظام.. وإلغاء المادة 28، وإسقاط حكم العسكر» هذه مطالبنا ولن نتنازل عنها، لحين تحقيقها وفقا لما أعلنته الحملة - قال الاعتصام مؤجل، والقرار لم يأت بعد، نافيا وجود انشقاق في الصف السلفي علي خلفية تصريحات نادر بكار المتحدث باسم حزب النور تجاه المرشح المستبعد حازم أبوإسماعيل.
الموقف مختلف بين الشيخ حازم، والصحابي الجليل عثمان بن عفان، هكذا بدأ صابر في نسف تبريرات «بكار» التي طالبت «أبوإسماعيل» بالتحلي بموقف «سيدنا عثمان» عندما صبر علي الظلم حقنا لدماء المسلمين، لافتا إلي أن حالة سيدنا عثمان كانت الدولة قائمة ويحكمها رئيس إسلامي، بينما الدولة الآن لا يحكمها سوي العسكر.
وأردف قائلا «ما يريده الشيخ حازم الآن هو إبراء ساحة الإسلاميين من الكذب المفتري عليهم، ولو صمت سيقول الجميع: الإسلاميون كاذبون»، وفيما يخص إعلان «البيعة» لـ «أبوإسماعيل» دون النظر إلي قرار «اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة»، قال صابر «من حق أنصار الشيخ حازم حرية التأييد»، وما نطلبه هو تنفيذ القانون.
ومن منصة «المصريين» كما عرفها «مدير حملة لازم حازم»، إلي المنصة الرئيسية بالميدان، حيث حركة «مستمرون» قال منتصر النوبي القيادي بالحركة - إن أهدافها هي ذاتها أهداف الميدان يتقدمها «إلغاء المادة 28»، لافتا إلي أن الاعتصام بالميدان ليس هدفا، وانما تحقيق المطالب هو الهدف.
الإخوان لم يريدوا تفهم حقيقة الميدان من ناحية أنه ليس ملكا لأحد، وعليهم أن يعترفوا بخطأ اتهام «الثوار» بالعمالة، هكذا عبر - النوبي - عن موقفه من مشاركة الإخوان، واستطر قائلا: «لما هو الميدان سيئ بالشكل ده، رجعتوا تاني ليه».
إمكانية لم الشمل تحت مظلة حركة «مستمرون»، وارد حسبما أفاد - النوبي - لافتا إلي اتصالات تجري بين قيادات من جامعة الإخوان المسلمين، وبين الحركة التي يدعمها د. صفوت حجازي رئيس مجلس أمناء الثورة.
المشهد الأخير في الميدان هو الاختراق من قبل جهاز الشرطة، وهو عرض مستمر في كافة المليونيات المتعاقبة منذ تنحي الرئيس المخلوع، قرابة الثانية من صباح أمس الجمعة تمكنت اللجان الشعبية المسئولة عن تأمين الميدان من إلقاء القبض علي «أمين شرطة» يدعي أحمد طه الحسيني محمد أحمد، يحمل بطاقة رقم قومي مزورة، علي حد قولهم - برقم 28202020100611، وبحوزته شهادة محو أمية، دون تحديد نوع العمل علي ظهر البطاقة.
بحسب تصريحات أحد أفراد اللجان الشعبية، أنكر «أمين الشرطة» وظيفته، وادعي أنه جاء للانضمام للميدان في مليونية «إنقاذ الثورة» أثناء تكرار الاستعلام عن عمله، بادر بالاشتباك بالأيدي مستندا علي بعض القريبين منه من البلطجية المقنعين، غير أن شباب الميدان أحكموا القبض عليه، وخضع للتحقيق تمهيدا لتسليمه إلي رؤسائه، وفقا لاتفاق الثوار.
الأكثر غرابة، هو تمكن اللجنة الشعبية لحملة دعم - حازم أبوإسماعيل - من ضبط شاب بالميدان في وضع مخل داخل إحدي الخيام، وبعد التعنيف الشديد لـ «الشاب والفتاة»، قرر أنصار حازم الإفراج عن الفتاة، وتوافقوا علي تسليم الشاب لقسم الشرطة.