نجـاد .. الخروج من الزاويـة
أثار خبر زيارة وفد إعلامي مصري لإيران إستغراب الأوساط الشعبية الإماراتية بصفة عامة والأوساط الصحفية والإعلامية بصفة خاصة ، فهذه الزيارة تأتي بعد بضعة أيام فقط من زيارة الرئيس الإيراني أحمدى نجاد الإستفزازية لجزيرة "أبو موسى" المحتلة وما تبعها من تطاول على العرب من نجاد نفسه وبقية أفراد حاشيته ، والتى إستكملت بالإعلان عن تنظيم رحلات سياحية إلى الجزر الثلاث المحتلة منذ أواخر عام 1971 ، وهما "طنب الكبري" و "طنب الصغرى" إضافة إلى "أبو موسى".
منذ عام تقريبا" وبعض وسائل الإعلام في مصر تتحدث عن مخططات إستقطاب إيرانية لبعض الجماعات ، ورصدها لمبالغ مالية كبيرة لإنجاح تلك المخططات ، مثلها مثل المنظمات والأجهزة الغربية التى نثرت مئات الملايين من الدولارات على منظمات وجمعيات المجتمع المدني ، ونبهت أطراف كثيرة إلى الخطورة الكامنة خلف الأجندة الإيرانية ، فهى لا تبحث عن ساسة وأحزاب ونشطاء يؤيدونها ويسوقون لسياساتها ، بل تتعدى كل ذلك إلى المساس بالعقيدة ، وإحداث شرخ في ما إستقر عليه أهلها من إنتماء مذهبي في قلب الأمة وحصنها الحصين ، ويسجل التاريخ الحديث واللاحق لسقوط الدولة العثمانية المهام الكبرى الذي وقعت على كاهل مصر وعلمائها لمواجهة أى مد طائفي لإضعاف أهل السنة والجماعة ، وقد تمثل ذلك في الأزهر الشريف الذي تصدى بكل حزم للتغلغل الممنهج لنظام "آيات الله" خلال العقود الثلاثة الأخيرة ، مرات عبر حوارات التقارب ، ومرات أخرى عبر رعاية بعض المواقع التاريخية والأضرحة والصرف عليها ، ولكن إيران لم تمل ولم تكل ، فهي صاحبة رسالة تريد أن توصلها لتجد موطئ قدم ، وتريد أن توسع دائرة نفوذها ، فتصنع الأتباع ، سواء بإحياء بعض الطوائف شبه الميتة ، أو بخلق طوابير خامسة ، وقد كشفت عشرات من خلاياها المتحركة والنائمة في مصر وتونس والمغرب واليمن ودول أفريقية عديدة ، وكذلك بين صفوف المسلمين في أوروبا وأميركا وأستراليا ، وربما هي اليوم الجهة الأكثر سعادة بالحالة التى تعيشها مصر ، وأقصد حالة الإنتشاء بالحرية التى تكاد تدوس على الثوابت ، ومعها حالة التغيير الشامل الذي تعيشه "المحروسة" في إداراتها العليا وأجهزتها الأمنية ، فقد إنفتحت ثغرات تمكن البعض من النفاذ عبرها ، وعلى رأسهم الإيرانيون ، الذين قرروا تكثيف حملة الترويج والتسويق لمشاريعهم ، والتى نرى أنها تتكلل اليوم بزيارة لوفد إعلامي كبير يمثل أكثر من 25 مؤسسة إعلامية مصرية ، ومتى؟ في نفس الوقت الذي تدين فيه كل الدول العربية ووسائل إعلامها إيران لتجاوزاتها غير المبررة بحق أراض هي محل نزاع مع دولة الإمارات ، ويقوم أحمدى نجاد
نحن لا نخاف على مصر ، وقد قلتها قبل إسبوعين عندما كنت في القاهرة "مصر تبقى هي كما عهدناها ، هي الكبيرة ، وهي الحاضنة للحق العربي والإسلامي ، وهي قادرة على إستيعاب كل المحن ، وتبقى دوما" شامخة ، ويذوب كل شر في جنبات فضائل أهلها وقوتهم وبأسهم" ، وأقولها صريحة لزملاء المهنة الذين ذهبوا إلى طهران في هذا التوقيت " لقد أخطاتم ، وما كنا ننتظر منكم أن تقبلوا بأن يستغلكم نظام "نجاد" ليروج لنفسه بعد أن حشرته أطماعه في زاوية ضيقة ، وهو مستعد لأن يفعل أى شيء ليخرج من أزماته الداخلية ، وليس شق الصف العربي بعيد عن تفكيره"، وقد يقول أحدكم بأن هذة الزيارة قد تم الترتيب لها قبل زيارته لجزيرة "أبو موسى" المحتلة ، ونقول لكم "وإن يكن ذلك ، فقد كان الإعتذار عن الزيارة شيئا" كبيرا"" .. ليـتكم أقدمتم عليه.
----------
رئيس جمعية الصحفيين بالإمارات