عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

غش الدواء ..تجارة «أعوان إبليس»

بوابة الوفد الإلكترونية

تحقيق - رحمة محمود

أصبحت الادوية مجهولة الهوية والمغشوشة، تجد رواجاً كبيراً فى السوق المصرى، نظراً لنقص بعض الادوية من السوق أو انخداع بعض المواطنين بالحملات الترويجية التى تتم عبر مواقع التواصل الاجتماعى لبيع هذه المنتجات.

وأصبح الانترنت، ساحة كبيرة لبيع الأدوية مجهولة الهوية، وغير مطابقة للمواصفات الصحية، والتى عادةً تباع بضعف ثمنها الحقيقى.

ففى ظل ضعف الرقابة والتفتيش الصيدلى سواء على الصيدليات أو مخازن الأدوية أو فى المستشفيات الخاصة الكبرى والحكومية، أصبحت تجارة الأدوية المهربة شائعة وتجدها فى كل مكان، حيث بلغ حجم مبيعاتها ما يقارب 5 مليارات جنيه بنسبة 15% من حجم تجارة الدواء فى مصر والتى تقدر بنحو 33 مليار جنيه وفقا لبيانات وزارة الصحة.

حاولنا الحصول على أدوية عبر الإنترنت، وتحديداً أدوية لعلاج التصلب تم الإعلان عنها على موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك، والذى لم يتجاوز قائمة الأصدقاء به 50 صديقا، نشر الحساب صورة يقول فيها: للحصول على دواء لعلاج التصلب المتعدد، سواء «الكورتيزون» أو حقن «البيتا فيرون» والتى تنتجها شركة واحدة عالمية وهى شركة «باير سترنخ» المانية الجنسية ويصل سعرها حسب ما تم الاعلان عنه على الصفحة حوالى 7000 جنيه.

صاحب الجروب المجهول، عرف نفسه على أنه مندوب لإحدى الشركات المحلية، وعرض أنه سيتم توصيل المنتج للمنزل مقابل دفع خدمة للتوصيل 50 جنيها للعلبة الواحدة.

وعن خطورة هذه الادوية على صحة المريض، تقول الدكتورة مديحة أحمد، مديرة إدارة التفتيش الصيدلى بوزارة الصحة، إن الدواء الذى يتم تداوله عبر الإنترنت يعتبر مغشوشا، لأنه غير مسجل فى وزارة الصحة، مشيراً إلى أنه يتسبب فى امراض خطيرة قد تؤدى فى بعض الاحيان إلى موت المريض.

ويبلغ حجم الدواء المغشوش فى مصر حوالى 15% من حجم السوق الدواء المصرى اى ما يقدر بـ 5 مليارات جنيه (حسب ما صرح به د.على عبدالله مدير المركز المصرى للدراسات الدوائية والاحصاء ومكافحة الإدمان).

ولم تمنع التحذيرات المتكررة من قبل وزارة الصحة الحد من تداول وبيع الادوية المغشوشة فى الاسواق، وكان آخرها فى أبريل الماضى، حيث أصدرت الإدارة المركزية للشئون الصيدلية بوزارة الصحة والسكان بياناً تحذيرياً من وجود نحو 7 أدوية ومستحضرات تجميل مغشوشة بالأسواق، بينها أدوية لعلاج سرطان الثدى والبروستاتا، والتصلب المتعدد، وقطرات العين، وكريمات لتجميل البشر.

وحسب المتخصصين، فإن منظومة القوانين فى مصر المسئولة عن انتشار هذه الظاهرة، نظراً لعدم وجود عقوبة رادعة لمن يرتكب هذا الجرم، فعقوبة غش أو تهريب الأدوية لا تتجاوز العقوبة المالية التى تقدر بحوالى 10 جنيهات.

وقال د. محمد محمود المرشح السابق لمجلس النواب والرئيس السابق لنادى الصيادلة: إن الدواء المغشوش موجود فى كافة دول العالم، ومن الصعب كشفه أو معرفته حتى عن طريق الصيدلى، مشيراً إلى أن الادارة المركزية للصيدلة والصيادلة والتى تقوم بمتابعة الاسواق، والهيئة القومية للرقابة والبحوث الدوائية المسئولتان عن الرقابة على الأدوية فى مصر.

وأكد أن مصر ليست بحاجة إلى هيئة عليا للدواء، وهناك جهات وأشخاص لهم مصلحة فى انشائها لتحقيق مصالحهم الخاصة.

وعن كيفية معرفة الدواء المغشوش، أشار إلى وجود فرق بين الدواء البديل والمغشوش، فالأول المقصود به المثيل ويكون بنفس الماد الفعالة ولكن تقوم شركة أخرى بانتاجه، أما المغشوش نوعان، الأول يكون به خطأ فى الصناعة، والثانى، المهرب غير مسجل لدى وزارة الصحة، ويتم كشفه عن طريق تحليله.

واستطرد قائلا: الدواء المغشوش موجود فى كافة دول العالم، ومن الصعب كشفه أو معرفته حتى طريق الصيدلى، ولكن الادارة المركزية هى الجهة المختصة عن متابعة الادوية الموجودة فى السوق، سواء فى الصيدليات عن طريق أخذ عينات عشوائية من المنتجات المعروضة، أو بمتابعة خطوط الانتاج فى المصانع، وأخذ العينات لتحليلها لمعرفة إذا كانت مطابقة للمواصفات أم لا.

وتابع: «عمليات التفتيش من قبل الجهات الرقابية على الأدوية، تتم بشكل عشوائى، عن طريق مفتشى الوزارة، ولا يتم معرفة الدواء المغشوش إلا فى حالة وجود بلاغ من قبل إحدى الشركات المصنعة على دواء معين وتحذير من خطورته على الصحة، وقتها تقوم الوزارة بتفتيش الصيدليات والتأكد من رقم تشغيل الموجود على الدواء لمعرفة مدى سلامته ومطابقته للمواصفات.

ولفت إلى ان الشركات الكبرى تلعب دوراً مهماً فى كشف النقاب عن الادوية المتعمد غشها، حيث تقوم بتبليغ الادارة المركزية بوجود دواء مقلد لدوائها الأصلى، والتى تكتشفه نتيجة اختلاف رقم التسجيل الموجود على العلبة، بعدها يتم سحب المنتج المغشوش من الصيدليات.

وعن عملية غش الدواء ومستحضرات التجميل، أوضح أن هناك نوعين من الغش، الأول: يكون عادةً سببه عيوب بالصناعة، أما الثانى: متعمد حيث لا يتم غش مادة فعالة فقط، بل تتم الاستعانة بمادة فعالة أخرى تغير من طعم وشكل الدواء.

 واستطرد قائلا: تم ضبط فى الفترة الأخيرة، عملية غش فى دواء يسمى برونشيكم عن طريق تغيير فى المادة الفعالة للدواء بأخرى، مشيراً إلى أن من يقوم بهذه العملية ورش غير مرخصة فى مناطق عشوائية، تقوم ببيع منتجاتها لشركات معروفة، لتحقيق مكاسب كبيرة، عن طريق استغلال اسم منتج آخر.

وبخصوص الأدوية الأكثر عرضة للغش من السهل التلاعب فى المواد الفعالة المكونة لها، أكد أنها تكون الأكثر شهرة والأعلى سعراً والتى عادةً يكون عليها سحب كبير، مثل أدوية مرض السرطان والمنشطات الجنسية وأدوية المسكنات مثل الترامادول، ومنتجات أخرى مثل الفلوموكس وهيومن جلوبين، حيث يتم تسويق هذه المنتجات المغشوشة، ثم تباع فى الاسواق والصيدليات.

وبشأن الأضرار التى من الممكن أن تقع على مريض جراء تناوله هذه الأدوية المغشوشة، كشف أن أخف ضرر يمكن أن تسببه هذه الأدوية هو عدم شفاء المريض من مرضه بسب عدم تعاطيه الدواء المشخص لعلاج حالته، واحياناً ممكن يصل الامر إلى الوفاة ومشاكل فى اعضاء حيوية مثل الكبد والكلى.

ورأى «محمود» أنه لا يمكن التحكم فى عمليات الغش فى الأدوية، فالدول الكبرى لا تستطيع السيطرة على عمليات الغش، وأعتقد أنه رغم حالات الغش المنتشرة فى مصر، إلا اننا نعتبر افضل كثيراً من بعض الدول، واغلبية الصيادلة يرفضون شراء الادوية غير المسجلة.

 ورغم ذلك، يمكن الحد من هذه الظاهرة عن طريق تفعيل الجهات الرقابية وإعطاء صلاحيات لها منها الهيئة القومية للرقابة والبحوث الدوائية والمسئولة عن مراقبة كل الأدوية فى السوق المصرية، والتأكد من

فاعلية وأمان تلك الأدوية من خلال تحليلها بأحدث الأجهزة الموجودة بالهيئة.

واختتم حديثه: الادارة المركزية للصيادلة والهيئة القومية للرقابة والبحوث الدوائية هما المختصتان بمتابعة والرقابة على الأسواق والـتأكد من مدى مطابقة الأدوية للمواصفات، مشيراً إلى أننا لسنا بحاجة إلى هيئة عليا للدواء.

واستكمالاً للحديث السابق، أكد د. على عبد الله مدير المركز المصرى للدراسات الدوائية، أن ظاهرة التجارة البينية العالمية للدواء المغشوش تجارة كبيرة جداً تصل إلى 10% من حجم السوق العالمى، وحققت دول شرق آسيا مثل الصين والهند النسبة الأعلى فى هذه التجارة.

 بينما تعد مصر من أقل الدول فى غش الدواء، وقد يكون ذلك بسبب رخص سعر الدواء المصرى أو قد يكون وازعا دينيا (شرب الخمر وشرب الحشيش ) أى أنه قد يستحرم غش الدواء بينما يحلل تهريبه للداخل.

 وأشار إلى أن النسبة المضبوطة من الأدوية المغشوشة أقل بكثير مما عليه فى واقع الأمر، ولا نملك فى مصر وسائل فعالة تمنع الغش من المصدر وعلاج هذه الظاهرة.

 واستطرد قائلا: لا يوجد إحصاء معلن بحجم الدواء المغشوش المضبوط لاختلاف الجهات المسئولة. فوزارتا الصحة والداخلية وحرس الحدود والمنافذ الحدودية وأمن الموانئ مشتركون فى محاربة هذه الظاهرة ومنعها وضبط ما يمكن ضبطه.

وأوضح أن أغلب ما يأتى من دواء مغشوش مهرب من الخارج خاصة الهند والصين.. وأغلب ما يتم ضبطه من مصانع صغيرة فى محافظات الدلتا.

وأغلب ما يتم تداوله من دواء مغشوش، أدوية التخسيس ويتم ترويجه من خلال محطات فضائية أو مواقع الانترنت خاصة بين السيدات، وأدوية المنشطات الجنسية خاصة بين الرجال، والأخطر هى أدوية علاج السرطان نظرا لارتفاع سعرها، وأدوية القلب غالية الثمن وقد اشتهر غش دواء الـplavix والخاص بمرضى القلب والجلطات.

وكشف أن التحدى الأكبر هو الانتقال من غش الدواء غالى الثمن إلى غش أدوية رخيصة الثمن ومحلية ولكن ذات معدل بيع عال، والأكثر خطورة غش أدوية اطفال وحقن مضادات حيوية.

ورأى أن هناك تقصيرا من قبل الجهات الرقابية، نظراً لعدم وجود سيطرة على ماكينات تصنيع الأدوية التى تكهن من المصانع ثم تباع وقد يتلقفها الغشاشون، والتفتيش الصيدلى ليس لدية إمكانيات كبيرة لمتابعة غش الدواء من خلال الرقابة على التصنيع أو سوق التوزيع.

وعن كيفية السيطرة على هذه الظاهرة، لفت إلى أن جهاز الرقابة على الإعلام عليه دور كبير فى منع الإعلان عن الأدوية غير المرخصة والمغشوش، مشيراً إلى أن صمت المرضى حيال تناولهم أدوية مشوشة يضعف حصر تلك الأضرار ومصادر هذه الأدوية.

وأرجع السبب وراء ظاهرة الغش فى الدواء ومستحضرات التجميل، إلى نقص الأدوية وعدم الحصول عليها بطرق شرعية من أهم أسباب غش الدواء أو تهريبه، فضلاً عن وجود أسباب اقتصادية وراء غش وتهريب الدواء، حيث تمثل تجارة مربحة جدا، تدر دخلاً كبيراً على اصحابها.

ونفى «عبد الله» وجود حصر بعدد المرضى الذين تأثروا بعد تناولهم الدواء المغشوش، مستعيناً بالمثل الشعبى «إكرام الميت دفنه»، مؤكداً أن البحث عن أسباب الموت بهدلة، لذلك فإن الاحصائيات بأسباب الموت بسبب غش الدواء ضعيفة سواء حكوميا أو غير حكومى، إلا أن حالات الوفاة بسبب غش دواء الألبيومين البشرى human albumin، أخذت حيزا من الاهتمام الإعلامى والرصد.

وأشار إلى أنه فى الفترة الأخيرة اشتكت إحدى المواطنات بعد تناول دواء للتخسيس من ارتفاع فى ضغط الدم وزيادة ضربات القلب والأرق، وبعد دراسة الأسباب تبين ان هذا الدواء مغشوش بنوع من الأدوية الممنوع تداولها محليا تسمى الأمفيتامينات، وهى أدوية يساء استخدامها ولها آثار جانبية خطيرة.

وأشار إلى الطرق التى يمكن اتباعها لمنع أو للحد من هذه الظاهرة، والتى يمكن إيجازها فى الآتى:

أولاً: سرعة تطبيق نظام تتبع الأدوية، أى عمل كود دولى ثلاثى على كل علبة دواء منذ صناعته وخروجه من المصنع وحتى استخدامه، تطوير وزيادة قدرة التفتيش الصيدلى، على المواطن ألا يشترى دواءه إلا من الصيدلية.

وإحكام السيطرة ومنع مصانع تحت بير السلم، وتجفيف منابع التهريب.

وكذلك بيع ماكينات مصانع الأدوية فى مزادات لا يكون إلا تحت مراقبة الدولة، وعلى جهاز مراقبة الإعلام، منع الإعلان عن أى منتج صيدلى إلا إذا كان مرخصا له بذلك من وزارة الصحة.