رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكومة تسيير الأعمال...إلى أين؟


وسط مطالب شعبية لإسقاط حكومة الحزب الوطني الديمقراطي، وإنشاء ائتلاف وطني يقوم بتسييرالأعمال خلال المرحلة الانتقالية، أجرى الفريق أحمد شفيق تعديلات وزارية لاحتواء الغضب الشعبي، حققت قدرا من التنوع في الانتماءات الحزبية والفكرية للقائمين في التمثيل بالحكومة. وتضمن التعديل ضم شخصية مستقلة تتمتع بمصداقية لدى الرأي العام في منصب نائب رئيس الحكومة، إلى جانب عدد قليل من أحزاب أخرى.
غير أن النظرة المتأنية للتعديل الوزاري تشير إلى أنه لا يعدو أن يكون في حقيقة الأمر سوى نوع من الالتفاف على إرادة الشعب، وفي الوقت ذاته التأكيد على عدم وجود رغبة حقيقية في التغيير. وتتضح مؤشرات هذا الالتفاف في الإصرار على بقاء رموز النظام القديم والتي تترأس العديد من الكيانات الوزارية السيادية وأعنى بذلك وزارات الإنتاج الحربي، والخارجية، والمالية، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والداخلية، ذلك أنه رغم أن وزير المالية يعتبر مستجدا على الوزارة إلا أنه عضو في أمانة سياسات الحزب الوطني الديمقراطي. ورغم استغلال وزير الإنتاج الحربي للمال العام في حملته الانتخابية لبرلمان عام 2010، ورغم ما يثار حوله من شبهات إلا أنه باقٍ في حكومة يفترض منها السعي للإصلاح والتغيير وليس العودة لما كان
هذا بخلاف التعديل غير المنطقي في وزارة الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات حيث جاء التعديل بشخصية تحيط بها العديد من علامات الاستفهام فهي متخصصة في علم الإحصاء وليس الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات وليس لها علاقة لا من قريب ولا من بعيد بما يتعلق بمجالات واهتمامات الوزارة. هذا إلى جانب أن هذه الشخصية تدين بالولاء للنظام السابق فهي عضو المجلس الأعلى لسياسات الحزب الوطني الديمقراطي، كما أنها ساعدت على تضليل الرأي العام لاسيما فيما يتعلق بأن 97% من مواطني مصر يشعرون بسعادة، كما أنها الشخصية التي اعتبرت أن ولادة فريدة جمال مبارك أهم حدث تاريخي في مصر ولم تشر إلى حادث العبارة أو التزوير أو الفقر أوالبطالة، والتي نشرت مؤخراً عن تجربة انتخاب الموظفين لمديريهم في مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار وكونها تجربة فريدة سيتم تطبيقها دون تنفيذ ذلك.
يطرح كل هذا المجال للتساؤل حول ما إذا كان لهذه الشخصية نجاحات لكي يتم مكافأتها بوزارة الإتصالات؟ هل استطاعت دعم القرار في الحكومة السابقة للعمل على تحقيق مطالب المواطنين؟ هل هذه الشخصية في المكان المناسب الذي يتماشى مع خبرتها العلمية والمهنية؟ هل هذا المسار والتوجه الذي قامت به حكومة تسيير الأعمال برئاسة الفريق أحمد شفيق وقيامه بهذا التعديل الوزاري بالأخص يُعد مؤشراً على مصداقيته في التغيير ورغبته في إرساء وبناء الثقة السياسية بين المواطن المصري وحكومته؟ أم أنه يشير إلى استمرار توغل النظام السابق في وزارات سيادية لإحكام السيطرة عليها وإخفاء فساد الحكومة السابقة والتي تتمركز في وزارة الإتصالات؟
وفي هذا السياق، يمكن كذلك تفسير أيضا إبقاء الحكومة على وزير العدل رغم الإدراك التام لفقدانه المصداقية لدى الرأي العام المصري، وعدم تمتعه بأي قبول داخل وزارته، ورغم تعيينه من قبل الرئيس المخلوع، وعلى الرغم من قيام قضاة مصر بمسيرات سلمية واحتجاجات

للمطالبة بإحداث تغيير وزاري في هذه الوزارة إلا أن الحكومة لا تبالي. فكيف لحكومة يراد بها النزول لرغبة الشعب بتجاهل إرادته؟.
وفي إطار وزارة الصحة، فقد انتبهت الحكومة لإحداث تغيير وزاري فيها، إلا أنها لم تأت بجديد فغيرت عضو لجنة الصحة والسكان بالمجلس الأعلى لسياسات الحزب الوطني ، بآخر ينتمي لنفس اللجنة في ذات الحزب، حتى ليبدو الأمر وكأنه تطبيق فعلي للمثل القائل"كأنك يا أبو زيد ما غزيت"!!.
وعلى صعيد يتعلق بالتنوع الفكري ومطالب الشعب بتشكيل حكومة تكنوقراط، فإن التعديل الوزاري لم يهتم بذلك، بل نجده فقط كرس وطبق سياسات ومواقف النظام السابق، حيث نلاحظ استمرار الفجوة العارمة بين التصريحات اللفظية والسياسات الفعلية، وهنا أتساءل عن ما تم فيما يتعلق بطلبات التوظيف التي تقدم بها آلاف المواطنين، هل تم دراستها والعمل على توظيف هؤلاء؟ أم تم إدراجها لحين ميسرة؟ أم ماذا؟؟... لماذا تتبع حكومة تسيير الأعمال سياسات سنعمل؟ وتتجاهل سياسات عملنا؟ أين الشفافية أين إتاحة المعلوماتية؟ ما هي معايير التعديلات الوزارية التي تمت؟ ما هي إستراتيجية حكومة تسيير الأعمال خلال المرحلة الانتقالية؟ أين هي مسودة خطط تسيير حركة العمل في الدولة؟ أين الجداول الزمنية لتنفيذ هذا؟ لماذا لا تراعي الحكومة الحالية حق المواطن في معرفة هذه المعلومات؟
وانطلاقاً مما سبق، ولكي يستشعر المواطن واقعية التغيير لابد أن تتم إقالة هذه الحكومة، والتخلي عن سياسات النظام السابق في التلون والتجميل فقد سأم منها الشعب ويستطيع كشفها بكل سهولة، وضرورة أن تظهر وجوه جديدة تتمتع بمصداقية حقيقية لدى الرأي العام في كافة الكيانات الوزارية، مع ضرورة الحرص على تنوعها الفكري والأيديولوجي دون احتكار لحزب على الكيانات الوزارية السيادية، كما فعلت الحكومة الحالية حيث ألقت بالوزارات الخدمية على كاهل الكوادر الوزارية التي استقطبتها من الأحزاب الأخرى، ولم تقم بذلك فيما يتعلق بالوزارات السيادية، بل حصرت سياسات التنوع على الوزارات الخدمية التي تعاني من ضعف الإمكانيات وقلة الصلاحيات مقارنةً بمجموعة الوزارات السيادية والاقتصادية.
* باحثة ماجستير في العلوم السياسية