رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«الدبلوماسية الشعبية» ثروة مصر بالخارج

بوابة الوفد الإلكترونية

 

 

تحقيق ـ حمدى أحمد / إشراف: نادية صبحي

 

 

أزمة حادة اشتعلت داخل جدران البرلمان مؤخرا بسبب الرؤية التى تقدمت به نبيلة مكرم وزيرة الهجرة وشئون المصريين فى الخارج، لكى تكون نواة لمشروع قانون تنظيم الجاليات المصرية، وهى الرؤية التى أثارت مشادات كلامية عنيفة وهجوما حاد من جانب بعض أعضاء لجنة العلاقات الخارجية والوزيرة.

البداية كانت عند النائب هشام مجدى، الذى اعترض على لفظ مشروع قانون، وقال إن ما تم طرحه فى البرلمان ليس قانونا، وأضاف «إذا كان ذلك مشروع قانون، يبقى الوزيرة جاءت إلى البرلمان من الشباك وليس الباب، حيث كان يجب أن يُعرض ذلك المشروع على الحكومة أولا، لدراسته قبل إحالته للبرلمان.. وقال يؤسفنى انه لأول مرة أرى مشروع قانون به فصول، حيث إن المفترض أن يكون عبارة عن أهداف ونصوص ومواد مقترحة»، مختتما كلمته: «اعتبر نفسى محضرتش الاجتماع».

إلا أن النائب طارق رضوان، رئيس لجنة العلاقات الخارجية، وأوضح أن ما وصل إلى اللجنة عبارة عن رؤية وزارة الهجرة، بشأن مقترح مشروع قانون وليس مقترح قانون، وكذلك أبدت النائبة أنيسة حسونة، تحفظها على كلمة النائب هشام مجدى، قائلة: «أتحفظ على ما قيل أن الوزيرة دخلت من الشباك، فمن يفتح الباب أو الشباك فهو المجلس، وبالتالى فالخطأ يكون منا بالمجلس، وأعتبر ذلك عدم توفيق فى استخدام التعبير من النائب، وطالبت بحذف جملة الدخول من الشباك».

وردت الوزيرة نبيلة مكرم، بقولها «أطالب بحذف جملة الشباك والباب، وزى ما النائب طلب حذف كلمة مشروع قانون، أطالب بحذف جملة الشباك، فأنا عمرى ما دخلت من شباك، وأرفض تلك الجملة واعتبرها إهانة لى شخصيا».

وتعتبر الرؤية التى تقدمت بها الوزيرة للبرلمان، نواة لإصدار مشروع قانون تنظيم الجاليات المصرية فى الخارج، ومحاولة الاستفادة القصوى من هذه القوة البشرية الهائلة التى يقترب عددها من 10ملايين مصرى، ما بين أوروبا وأمريكا وآسيا.

ووفقا لآخر تعداد سكانى أجراه الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء عام 2017، فإن إجمالى عدد المصريين المقيمين فى الخارج حتى نهاية عام 2016، بلغ 9 ملايين و 470 ألفا و 674 مصريا، تستحوذ المنطقة العربية على النسبة الأكبر، حيث يتواجد بها 65% من إجمالى المصريين المقييمن بالخارج بنحو 6.2 مليون مصرى فيما يقيم فى الدول الأوروبية نحو 1.2 مليون مصرى، وهو ما يعادل 13.2% من إجمالى عدد المصريين فى الخارج، بينما يوجد فى دول الأمريكتين 1.6 مليون مصرى، أى ما يعادل 16.7% يليها الدول الأسيوية واستراليا بنسبة 3.7% ثم المنطقة الأفريقية بنسبة 0.5%.

وتتمثل رؤية وزيرة الهجرة فى تشكيل مجلس عام لرؤساء الجاليات المصرية فى الخارج، يتكون من رؤساء الجاليات المنتخبون، ويكون هذا المجلس هو الكيان المعتمد لدى الدولة المصرية والممثل للمصريين فى الخارج بصورة عامة.

ولهذا المجلس ممارسة عدد من الاختصاصات منها ترشيح أعضاء يختار منهم رئيس الجمهورية أعضاء لمجلس النواب ممثلين عن المصريين فى الخارج، وإبداء رأى استشارى مسبب فى المرشحين للتعيين من غير من رشحهم هذا المجلس، وإبداء الرأى الاستشارى فى مشروعات القوانين التى تصدرها الدولة المصرية وتمس مصالح المصريين فى الخارج أو تتعلق بشأن من شئونهم، والمساعدة فى الاستفادة من خبرة وكفاءة العلماء وذوى الخبرة من المصريين وخاصة فى مجالات التنمية والانتاج بالدولة المصرية بما يساهم فى مشاركتهم الفعالة فى الجهود العامة للارتقاء بالوطن الأم.

ومن حق هذا المجلس أن يتولى إعداد لائحة تنظيمية لانتخاب رئيسه ونوابه وما يرى من تشكيل لجان فى غضون ثلاثة شهور من تاريخ أول اجتماع له، ويشترط فيمن له حق التصويت أن يكون مصريا مهاجرا شرعيا دائما أو مؤقتا، أو قام بتصحيح أوضاعه القانونية لدى دولة المهجر، ولا يقل سنه وقت الانتخاب عن 18 عاما، وبشرط سبق الإقامة سنة على الأقل قبل فتح باب الترشح، وأن يكون الانتخاب بجواز السفر المصرى أو أى وثيقة أخرى تفيد اقامته بدولة المهجر.

ويشترط فى المرشح لانتخابات المجلس أن يكون مصريا يحمل مؤهلا عاليا أو متوسطا من داخل مصر أو خارجها، وأن يكون أدى الخدمة العسكرية أو أعفى منها قانونا، وتقديم ما يفيد أنه غير مطلوب جنائيا.

ويكون تمثيل كل جالية برئيس ونائب وثلاثة أعضاء على الأقل من بينهم امرأة وشاب لا يقل عمره عن 25 سنة وقت الترشح ولا يزيد عن 40 سنة، على أن يزداد عدد الأعضاء حسب التمثيل النسبى المحدد من السفارة أو القنصلية المصرية المختصة، على أن يكون تمثيل الجالية بدولة المهجر بمجلس واحد عدا بعض الدول التى يصدر بها قرار من وزير الخارجية بتمثيل الجالية بأكثر من مجلس عن ذات الدولة مثل أمريكا وكندا واستراليا لأسباب بعد المسافة أو أسباب أخرى يقدرها وزير الخارجية بالتنسيق مع وزير الهجرة.

ويتم تحديد مدة المجلس المنتخب عن الجالية بـ4 سنوات ولا يجوز لرئيس المجلس أو أعضائه الترشح لدورة تالية لهذه المدة.

وقالت نبيلة مكرم، وزيرة الهجرة وشئون المصريين فى الخارج، إن مشروع قانون تنظيم الجاليات المنتظر سيحظر عمل الجاليات أو ارتباطهم بالسياسة بأى شكل من الأشكال، لافتة إلى أن بعضها يصرح بأشياء تضر الدولة، متابعة «دا اللى جابنا ورا، وأنا مش هسمح بيه بأى شكل من الأشكال.

وأوضحت «مكرم»، أن نموذج تنظيم الجاليات ليس له علاقة بالقوانين المختلفة فى الدول، لأن كل دولة لها قوانين تختلف عن الأخرى، ومشروع قانون الجاليات ينظم تأسيس أو تنظيم الجاليات والأندية المصرية بالخارج وأنشطتها.

وأشارت إلى أن الوزارة ستنظم جلسات للحوار المجتمعى مع المصريين فى الخارج، حول مشروع القانون لأنه من الضرورى أن تستمع الوزارة لمختلف وجهات النظر، خاصة وأنه يخصهم بشكل كبير.

هجوم برلمانى

وأبدى النائب شريف فخرى، عضو مجلس النواب عن المصريين عددا من الملاحظات على رؤية الوزيرة مؤكدًا أنها تضمنت بعض النقاط المخالفة للدستور وللقوانين السارية مثل اشتراط اختيار النواب الممثلين للمصريين بالخارج بناء على ترشيح هذه المجالس والتى يجوز لها الاعتراض على من يتم اختياره من غيرهم بمذكرة مسببة. وهو إجراء غير معتاد يتنافى مع الدستور والقوانين والإجراءات والقواعد السارية.

وأضاف «فخرى» تكليف وزارة الهجرة وزارة الخارجية وسفراء مصر بالخارج ببعض المهام المتعلقة بإدارة العملية الانتخابية لهذه المجالس حتى إعلان النتائج دون استطلاع رأى وزارة الخارجية فى الاضطلاع بهذه المهام، وتضمين الرؤية بعض البنود التعسفية، التى لا تتماشى مع طبيعة الجاليات المصرية بالخارج وقد تحرم أقطاب تلك الجاليات من الترشيح لهذه المجالس، كما تحرم شريحة من الشباب من فئة 18 إلى 25 عاما من المشاركة الإيجابية فى مجالس الجاليات المصرية بالخارج.

كما افتقرت الرؤية المقدمة للعناصر الأساسية لتنظيم أحوال الجاليات مثل

الرؤية والمهمة والهدف والنظام الأساسى ومرجعية اللجان و أسلوب العمل والمهام والمسئوليات لضمان عدم الانحراف بهذه المجالس عن أهدافها المرسومة لها لخدمة المصريين بالخارج بمختلف طوائفهم ومستوياتهم.

وأضاف النائب شريف فخرى «اعتماد هذه المجالس فقط دون غيرها من الكيانات المشروعة قانونا والمؤسسة بالخارج منذ عشرات السنوات قد يفتح الباب لمنازعات لا طائل من ورائها قد تضر فى النهاية بمصالح المصريين بالخارج».

وطالب فخرى، بإعادة دراسة مشروع القانون فى ضوء ما تقدم وإجراء ما يلزم من تعديلات وإضافات للتعامل الفعال مع كل كيانات المصريين بالخارج.

 

والمعروف أن المصريين فى الخارج يمثلهم 8 أعضاء بمجلس النواب تم اختيارهم بعد تمثيل 3 نواب للمصريين بالخارج فى القوائم التى تضم 45 عضوا، ونائبا واحدا فقط فى القوائم التى تضم 15 عضوا فى الانتخابات البرلمانية الأخيرة.

4 طرق للاستفادة

وقال السفير أحمد القويسنى، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن رؤية وزارة الهجرة لتنظيم الجاليات المصرية فى الخارج من خلال المجلس العام المقترح تعتبر تصورا قديما، ولا يعد جديدا نوعا ما.

وأضاف «القويسنى»، أن الهدف من إنشاء هذا المجلس وتقديم الرؤية نبيل جدا، وكأننا استيقظنا فجأة على حقيقة أن هناك ما يقرب من 10 ملايين مصرى يعيشون فى الخارج، مشيرا إلى أن الدولة غائبة تماما عن تقديم أى رعاية أو تنظيم لهؤلاء المصريين، إلا فى حدها الأدنى.

وأوضح مساعد وزير الخارجية الأسبق، أنه رغم عدم الاهتمام الحكومى بالمصريين فى الخارج إلا أنهم يعتبروا أحد المصادر الرئيسية لدعم الاقتصاد المصرى والتدفقات الدولارية من الخارج، حيث بلغ حجم تحويلات المصريين العاملين فى الخارج العام الماضى 26 مليار دولار، دون جهد من الدولة، كما أنهم يعتبروا مخزن للخبرات ووسيلة لنقل التكنولوجيا وبيت خبرة مصرى موجود فى الخارج لا يستفاد منه أو يشارك فى القرار المصرى.

وتساءل «كيف نترك قوة هائلة مؤثرة علينا بهذا الشكل؟»، مشيرا إلى أنه لابد من الاستفادة من ملايين المصريين فى الخارج فى حملات الدعاية السياحية لمصر، ومناصرة وتأييد ما تقوم به الدولة فى الداخل، كما أنهم لابد أن يكونوا شريك فى عملية التنمية بمصر، وتنظيم رحلات شهرية للشباب لكى يستشعروا عمق مصر الثقافى والحضارى والتعرف على حضارة أجدادهم والتواصل مع وطنهم، بدلا من انعزالهم فى الخارج.

وتابع «لماذا لا يزور الطلاب المصريين فى الجامعات الأوروبية والأمريكية، وعددهم ليس بالقليل، مصر بشكل متكرر للتعرف على بلدهم والارتباط بها»، لافتا إلى أن الحقيقة الغائبة عن الكثيرين فى الوقت الحالى، أنه خلال العشر سنوات المقبلة قد نجد وزراء ومسئولين كبار فى الدول الخارجية مصريين الأصل ونحن لا نعمل عنهم شيئا.

وطالب «القويسنى»، أن يتضمن مشروع القانون المنتظر لتنظيم الجاليات المصرية، حل للمشاكل التى تواجههم فى الخارج وتتواجد فيما بينهم، مثل التنافس والتنابز وحمل بعض القيم السلبية والتى تمنعهم من إقامة مؤسسات وتجمعات على أسس ديمقراطية رشيدة، ما تجعلهم يتشاجروا دائما على المناصب والوظائف، قائلا «المفروض نجمعهم فى كيان واحد».

خطوة جيدة

وعلى الجانب الآخر أكد السفير جمال بيومى، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن رؤية وزارة الهجرة جيدة، وتعتبر أحد خطوط الاتصال الجديدة بين مصر فى الداخل والخارج، ونحتاج إلى مزيد من الخطوات الأخرى فى الفترة المقبلة.

وأضاف «بيومى»، أن المصرى فى الخارج كان يشعر دائما بأنه ليس على صلة قوية ببلده ووطنه، ولكن مؤخرا بدأت الدولة فى اتخاذ بعض الخطوات فى هذا الإطار من خلال تعيين أعضاء بمجلس النواب عن المصريين فى الخارج، والآن تحاول وضع مشروع قانون لتنظيم الجاليات المصرية، وهذا دليل على أن الدولة فى الداخل تستمع إلى مواطنيها فى الخارج وأن مصالحه تؤخذ فى الاعتبار.

وأوضح مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن الدولة تستفيد من المصريين فى الخارج بشكل كبير، وخاصة على المستويين الاقتصادى والسياسى، فعلى المستوى الاقتصادى تتعدى تحويلات العاملين 20 مليار دولار سنويا، وهو رقم كبير نحن فى أشد الحاجة إليه فى ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة الحالية.

ورغم ذلك إلا أن الدولة عليها اتخاذ بعض الخطوات الأخرى للاستفادة من هذه الجاليات بشكل أكبر، من خلال تشجيع المصريين فى الخارج على الاستثمار ببلدهم بجانب استثماراتهم الخارجية، بوضع جزء من أموالهم فى مشروعات وطنية بالداخل، ونقل التكنولوجيا والخبرة فى مجالاتهم إلى مصر، وإصدار التعليمات للسفارات المصرية بسرعة التعامل والتعاون مع مشاكل المواطنين التى يتعرضوا لها، فضلا عن تشجيعهم على زيارة مصر باستمرار وقضاء اجازاتهم بها.