رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الأخطاء الطبية فى قبضة البرلمان

بوابة الوفد الإلكترونية

 

 

 

كتب - أمانى زايد / إشراف: نادية صبحي

 

خيط رفيع يفصل ما بين الخطأ الطبى ومضاعفات ما بعد المرض، فمع حدوث كل خطأ طبى يتجدد الجدل بين الأطباء والمرضى، وهذا ما حاولت نقابة الأطباء حسمه مؤخراً بإصدار قانون المسئولية الطبية الذى تم عرضه مؤخراً على مجلس النواب وتمت الموافقة المبدئية عليه ثم توقف فجأة، ليظل الأطباء يرفضون اتهامهم بالإهمال وتعرضهم للحبس كالمجرمين، بينما يرى المرضى أن الطبيب هو المسئول الأول عن الحالة المرضية وتدهورها، وما بين هذا وذاك يظل الجدل مشتعلاً لحين إصدار القانون وخروجه للنور.

حوادث الإهمال الطبى لن تتوقف فى المستشفيات، فقد شهدت محافظة الغربية حادثتين بشعتين خلال أسبوع واحد راح ضحيتهما فتاتان فى مقتبل العمر أثناء إجرائهما عملية ولادة قيصرية فى مستشفيات خاصة.

الحادثة الأولى راح ضحيتها فتاة تبلغ من العمر 29 عاماً والتى دخلت المستشفى لولادة طفلتها الأولي، لكن الإهمال جعلها تلفظ أنفاسها الأخيرة بعد عدة أيام من ولادتها تعرضت فيها للإهمال الطبى، حرر زوج الضحية محضراً اتهم فيه طبيبة النساء والتوليد بالمستشفى الخاص بالتسبب فى وفاة زوجته حيث إن الطبيبة قامت بإجراء عملية الولادة القيصرية لزوجته داخل المستشفى وظلت فى غرفة العمليات أكثر من 4 ساعات، وعقب خروجها من العملية أكدت نجاحها، ولم تمض ساعة إلا وفوجئوا بخروج دم من فم المريضة، وتوقف عضلة القلب، فتم إيداعها غرفة العناية المركزة وإنعاش القلب أكثر من مرة، ثم أدخلها الأطباء غرفة العمليات مرة أخرى وطلبوا من زوجها التوقيع على إقرار بموافقته على استئصال الرحم كونه السبب فى تدهور حالتها الصحية وحينها استغرفت العملية 5 ساعات، وبعدها أصيبت بفشل كلوى لإعطائها كميات كبيرة من محلول الملح وأجرى لها 5 جلسات غسيل، إلى جانب مشاكل فى الكبد ودخلت فى غيبوبة 8 أيام حتى توفيت تاركة طفلة عمرها 10 أيام.

حادثة أخرى تعرضت لها فتاة تبلغ من العمر 23 عاماً من المحلة أثناء إجراء عملية ولادة قيصرية، لتخرج جثة هامدة وتترك هى الأخرى رضيعها.

كما تعد الراقصة الراحلة غزل الأحدث فى قائمة الفنانين الذين راحوا ضحية خطأ طبى، حيث كانت تقوم بإجراء عملية جراحية داخل مركز طبى فى منطقة حدائق الأهرام، إلا أن عدم وجود خبرة طبية كافية كانت سبباً فى وفاتها.

بعد تكرار الأخطاء الطبية كان لابد من وجود قانون يحدد الخطأ الطبى، وبالفعل قامت النقابة بإعداد قانون المسئولية الطبية، والذى يحدد من المسئول عن الخطأ الطبي، وينص مشروع القانون على تشكيل لجنة المسئولية الطبية، وتتشكل هذه اللجنة من أطباء وأعضاء بمحكمة الاستئناف ونقابة المحامين ووزارة الصحة، وأعضاء من جمعيات المجتمع المدني، ليكون الهدف من تشكيل اللجنة هو الحيادية وتصدر قرارها خلال 30 يوماً، كما يتضمن مشروع القانون محاسبة عادلة للأطباء بوجود عدد كبير من الأطباء فى لجنة المسئولية الطبية التى يحال لها التقرير ليتم تصنيف الأمر إما خطأ طبى أو إهمال، أو مجرد مضاعفات واردة، كما ينص القانون أنه فى حال الخطأ الطبى يتم الحكم بالتعويض المدنى، وفى حالة الإهمال يحال الطبيب للمحاكمة الجنائية، أما فى حالة المضاعفات الواردة فلا توجد أى إدانة على الطبيب.

وطالبت نقابة الأطباء باستقلال هيئة تقرير المسئولية الطبية عن الوزارة، حيث إن وزارة الصحة هى أكبر مقدم للخدمة الصحية فى مصر، كما أن التبعية لوزارة الصحة كجهة تنفيذية تنفى صفة الاستقلال والحيادية عن اللجنة، وتقترح النقابة أن تتبع هيئة تقرير المسئولية الطبية مكتب النائب العام، وحتى الآن تتم محاسبة الأطباء وفقاً لقانون العقوبات، حيث تنص المادة 244 من قانون العقوبات على أنه من تسبب عن طريق الخطأ فى جرح شخص أو إيذائه، سواء كان ناتجاً عن إهمال أو عدم مراعاة للقوانين واللوائح، فإنه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تتجاوز مائتى جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، بينما تكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنة وغرامة لا تتجاوز 300 جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا نتج عن الإصابة عاهة مستديمة، أو إذا وقعت الجريمة نتيجة إخلال الجانى إخلالاً جسيماً بما تفرضه عليه أصول وظيفته.

ومن جانبه قال الدكتور خالد سمير، أمين صندوق نقابة الأطباء سابقاً: من الضرورى التفرقة بين الإهمال والمضاعفات المرضية، والخطأ الطبي، كما أن هناك جرائم مثل تجارة الأعضاء وعمليات الإجهاض دون وجود أسباب مرضية، والإهمال الطبى ويعنى ممارسة المهنة وعمل الطبيب فى تخصص غير تخصصه، وهناك إهمال آخر وهو عدم اتخاذ الإجراءات التى كان يجب أن تتخذ لعلاج الحالة أو أن

يترك المريض دون إسعافه، وتلك تعد حالات إهمال تصل العقوبة فيها للسجن، والمشكلة لدينا تكمن فى الأخطاء والمضاعفات وهم يمثلوا 95٪ من المسئولية الطبية وهنا يجب التفرقة بين كل منها على حدة، ففى مصر تمثل الأخطاء البشرية نحو 20٪ أما المضاعفات والتى قد تحدث بعد أى جراحة فتتراوح نسبتها من 65 و70٪، والطبيب يجب ألا يحاسب على المضاعفات، لكن فى مصر تتم معاملة الطبيب كالمجرم إذا فشل فى إنقاذ المريض، بل ويتهم بالقتل، فنحن لدينا أكثر من 30 حكماً بالسجن على الأطباء فى العام الماضي، فضلا عن 150 آخرين دفعوا تعويضات لمئات المرضي، خاصة بعد ظهور محاميى التعويضات الذين يستغلون الفرصة ويقومون بالاتفاق مع أهل المريض بموجب عقد بينهم على رفع قضية تعويض ويتم اقتسام المبلغ فيما بينهم بعد الحصول على تعويض من الطبيب، الذى أصبح يحاسب فى 3 جهات فى وقت واحد أولاها النيابة العامة ووزارة الصحة والنيابة الإدارية ونقابة الأطباء.

ويرى أن المسئولين فى مصر يدعون أن كل شيء تمام، وأن المستلزمات متوافرة، وأن المريض من حقه الحصول على خدمة مجانية ممتازة فى المستشفيات وعندما يتوجه المرضى للمستشفيات ويجدونها عكس ذلك، يقومون بالاعتداء على الأطباء، أما قانون المسئولية الطبية فيؤكد الدكتور خالد سمير أنه يحاول أن يجعل هناك تأميناً شاملاً على الأطباء ضد مخاطر المسئولية الطبية، ويكون هذا التأمين هو وسيلة التعويض فى الأخطاء البشرية غير المقصودة.

مضيفاً: كما نطالب فى القانون بوجود لجان طبية وقانونية وهى التى تحدد وجود شبهة إهمال من عدمه لأن القضاء غير مختص بالأمور الفنية، كما أن الطب الشرعى ليس لديه الدراية الكافية بالعمل الإكلينيكى، كما ينظم القانون هذه الإجراءات خلال وقت محدد، ونطالب بإلغاء الحبس الاحتياطى إلا بعد التأكد من الاتهام، كما يحمى القانون حق المريض، حيث طالب بالبت فى شكوى المريض خلال 6 أشهر ويحصل على تعويض ملائم إذا ثبت وجود خطأ طبي، كما هو متبع فى الكثير من الدول المتقدمة، وفى حالة وجود شبهة إهمال يتم إعداد تقرير وتقديمه للنيابة العامة.

وأضاف أن القانون تمت الموافقة عليه من حيث المبدأ ثم بدأت المناقشات واقترحوا إسناد مشروع القانون إلى وزارة العدل رغم أن المفروض أن البرلمان بعد المناقشة يرسل مشروع القانون لمجلس الدولة لوضع ملاحظاته، لكن ما حدث هو أن وزارة العدل أبدت تحفظات كثيرة على بعض مواد القانون، ثم توقفت المناقشات ليظل مشروع القانون محلك سر.

من جانبه يرى الدكتور محمد حسن خليل، رئيس لجنة الحق فى الصحة، أن هناك فرقاً بين الأخطاء الطبية العادية التى تعتبر جنحة وأخطاء الإهمال الطبى الجسيم التى تعامل كجناية، ويؤكد أن نقص بعض التخصصات يعتبر مشكلة عالمية لا تحدث فى مصر فقط ومنها مشكلة نقص أطباء التخدير.

ويوضح «خليل» أن قانون المساءلة الطبية يعتبر حقاً للطبيب والمريض أيضاً، ونأمل أن يتم تطبيقه حتى يحصل المريض على حقه ويعاقب الطبيب إذا أخطأ، فالقانون هو الذى سيحدد حجم الضرر وكيفية التعامل معه.