رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أمهات فى «حضن الرصيف»

بوابة الوفد الإلكترونية

 

تحقيق - نشوة الشربينى / إشراف: نادية صبحي

 

من شارع إلى حارة إلى زقاق ينتقلن، وفى كل منطقة نجدهم فجأة يظهرن أمامك، إنهم فتيات الشوارع.. مشردات مع أطفالهن.. بلا مأوى.. وجوههن شاحبة.. أجسادهن نحيلة.. يستر عوراتهن ملابس رثة.. يتسولن من المارة، والقليل منهن يعملن بائعات مناديل وحلوى وورود، أنهن باختصار «مجهولات النسب».

يتنفسن الألم، ولا يسأل عنهم أحد، ولا يهم أحدًا إن كانوا أحياء أم أمواتًا.. كأنهم غير موجودات، وتتلقف أغلبهن مافيا «الاتجار بالبشر»، لتفعل بهن ما تشاء، بلا رحمة أو شفقة بطفولتهن البريئة.. فحقوق الفتيات الصغيرات أو كما يطلقون عليهن «أمهات التشرد» تنتهك فى الشوارع والطرقات جهارًا نهارًا إلى حد يصعب تصوره، إما خطفًا أو استغلالًا جسديًا وانتقامًا، وكثيرات منهن أصبحن أمهات رغمًا عنهن فى سن الطفولة، بحوالى 9% من أطفال الشوارع «الإناث» متزوجات، و2.8% يبعن أبناءهن، و12.4% يتسولن بهم، حسبما تؤكد الإحصائيات الرسمية.

والسؤال: ما الجهة المسئولة عن فتيات الشوارع.. ولماذا تزايدت الجرائم الوحشية ضدهن؟.. ومتى ستتوقف؟.. وماذا عن قانون حماية الأمومة والطفولة عام 2010؟

ووفقًا لدراسة حديثة أعدتها الدكتورة عزة كريم، أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، تحت عنوان «أطفال وبنات الشوارع بين الاتجار وفقدان الهوية»، فإن هؤلاء الأطفال بلا هوية أو إثبات شخصية، ولهذا أصبحن معرضات لجرائم كثيرة فى مقدمتها بيع أبنائهن، والاتجار بأعضائهن، واستغلالهن دون الخوف من التعرض للمسئولية الجنائية، ولا سيما أنهن بلا هوية ولا عنوان وأماكنهن المفضلة هى الحدائق العامة وأسفل الكبارى العلوية وفى الأنفاق والشوارع المظلمة والخرابات والمنازل المهجورة والآيلة للسقوط بالمدن ومواقف الأوتوبيسات وسيارات النقل الجماعى والمحطات الرئيسية للقطارات.

وبحسب دراسة عالمية، تؤكد أن مصر تصدرت المركز الأول على مستوى الشرق الأوسط فى الاتجار فى الأعضاء البشرية، والثالث عالميًا بعد دولتى الهند والصين.

وطبقًا لدراسة وزارة التضامن فإن 83% من أطفال الشوارع ذكور و17% إناث، وعن المهن التى يعملون بها فأكدت الدراسة أن 21.7% من أطفال الشوارع متسولون، و25.2% بائعون، و20% يعملون بمهن مختلفة.

وعن أسباب خروج الفتيان والفتيات فى الشارع، قالت الدراسة: 38.7% منهم أطفال الشوارع وأن السبب هو سوء الحالة المالية للأسر، و21.4% فضلوا البقاء فى الشارع، فى حين يوجد 11.6% هاربون من أسرهم، و8.3% ليس لديهم سكن.

وأشارت الدراسة إلى أن 9% من أطفال الشوارع «الإناث» متزوجات، و2.8% منهن يبعن أبناءهن، و12.4 يتسولن بهم.

وأوضحت الدراسة أن 21.5% من أطفال الشوارع يرفضون العودة لأسرهم، و18.5% يرغبون فى توفير مسكن لهم، و5.8% ليس لهم أهل.

كما تشير دراسة أخرى، إلى وجود 171 دور رعاية اجتماعية مخصصة للفتيات المشردات فى جميع محافظات مصر.

 

أسماء عبدالعظيم: إعادة التأهيل والاندماج ضرورة اجتماعية

الدكتورة أسماء عبدالعظيم، أستاذة التنمية البشرية والصحة النفسية والعلاقات الأسرية، ترى أن حماية مجهولات النسب يجب أن تبدأ، بوضع خطة جديدة ومتكاملة لإنقاذ بنات الشوارع، وتأمين احتياجاتهن، لأنهم بحاجة إلى رعاية عاجلة ومنصفة، من خلال التربية أخلاقيًا ودينيًا وعلميًا، وإعطاءهن حق التعبير عن النفس، إلى جانب الاعتناء بالتغذية والصحة النفسية والجسدية، بخلاف برامج إعادة التأهيل، وتوعيتهم بحقوقهم وواجباتهم والفرص وعوامل الخطر الموجودة فى حياتهم، ومساعدتهم على الكلام والخروج من الحالة السلبية واستعادة ثقتهم بنفسهم من خلال تقليل حالة الشعور بالذنب واحتقار الذات والنفور من الآخرين، واتخاذ إجراءات وقائية لمنع تكرار الاعتداءات الجنسية عليهم، وبرامج التعليم الخاصة بالأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة، وزرع الحب والثقة فى النفس، باعتباره مطلبًا أساسيًا وضرورة ملحة، يعطى الانطلاق والتجديد، ويحقق الاستقرار النفسى والتوافق الاجتماعى، الذى يعوضهم الحرمان من الرعاية الأبوية ويشعرهم بأنهم مكرمون لذاتهم، ومواجهة التحديات المستقبلية.

وأوضحت – أستاذة التنمية البشرية – أن أطفال وفتيات الشوارع يمكن تقسيمهم إلى فئتين: «الأطفال فى الشارع» وهم يحتفظون ببعض الروابط مع أسرهم، وهذه الفئة تعمل طوال اليوم فى الشوارع والميادين وتعود إلى أسرتها، ولا يكون هناك مجال لترابط الطفلة بأسرتها أو تربيتها ورعايتها، أما الفئة الثانية هى «أطفال الشارع» الذين يعتمدون على أنفسهم اعتمادًا كليًا، كما أنهم أقل استقرارًا فى عملهم، ولا يمتلكون فى الأصل شهادة ميلاد، ويجب التغلب على هذه المشكلة عن طريق حملة توعية واسعة النطاق.

وأضافت – أستاذة التنمية البشرية – أن تلك الفئات المهمشة، تتراوح أعمارهم بين 7 – 14 سنة، ومستوى تعليمهم متدن للغاية، ونسبة الأمية «مرتفعة»، والقليل منهم ينتمون لأسر ذات مستوى اقتصادى وتعليمى متدن، وأسرهم كبيرة العدد وتعيش فى منازل ضيقة يتراوح عدد غرفها ما بين «1 – 2 غرفة».

 

محمد عبدالفتاح: يتعرضن لأسوأ الجرائم

الدكتور محمد سمير عبدالفتاح، أستاذ

علم الاجتماع السياسى، عميد معهد إعداد القادة بحلوان، يقول: إنه لا يخفى على أحد ما تعانيه فتيات وأمهات الشوارع من أسوأ الجرائم ضد الإنسانية، التى تتمثل فى الاغتصاب والعنف والتعذيب والتجارة بأعضائهن، بواسطة من فقدوا الضمير والأخلاق وكافة القيم الأصيلة، لكى يتربحوا على حساب ثمار بشرية ضعيفة، وهو ما يتنافى مع حقوق الطفولة والقيم الإنسانية فى المجتمع، لذا نطالب بتفعيل قانون حماية الطفولة، وتطبيق العقوبات الجنائية على كل من يلقى أو يستغل تلك الفئات المهمشة، فى سبيل تحقيق مكاسب شخصية، لأنهم بحاجة إلى رعاية عاجلة ومنصفة، باعتباره مطلب أساسى وضرورة ملحة، بما يحقق الاستقرار الاجتماعى.

وأضاف - أستاذ علم الاجتماع السياسى - أن فتيات الشارع يحتاجن إلى برامج وأساليب تعليم مختلفة تتماشى مع ظروفهن الخاصة واحتياجاتهن، بما يساعدهن على المشاركة والابتكار والإبداع، وتؤهلهن للاندماج تدريجياً فى حياة المجتمع، كما يتعرضن إلى الكثير من المخاطر الصحية خلال حياتهن اليومية، حيث أنهن يفتقدن الحماية، وبالتالى يجب حماية صحتهن من أى أخطار، والحق فى الترفيه وبناء العلاقات الاجتماعية، على خلفية دعم القيم الوطنية والأخلاقية المصرية، كما ينبغى على المراكز والمؤسسات الأهلية خلق التنافس الإيجابى بينهن وتحملهن للمسئولية.

 

أحمد مصيلحى: التكاتف هو الحل

أحمد مصيلحى، رئيس شبكة الدفاع عن أطفال مصر، يوضح أن لكل طفل كامل الحق فى المشاركة فى جميع الأمور الحياتية، ولا يصح النظر لطفل الشارع على أنه عضو سلبى فى المجتمع، لذا يجب الاهتمام الكافى من جانب الدولة ومؤسساتها، والمتمثلة فى وزارة التضامن الاجتماعى، لأنها المسئول الأول عنهم.. فحينما يقبض على طفل منهم، يتم إرساله إلى مؤسسات الرعاية الاجتماعية، التى بدورها تؤدى دورًا مهمًا فى تربية هذا النشء، الذى فقد منذ نعومة أظافره الأب والأم فى أغلب الأحيان، والقدوة والمعلم لكى يتركوا فيهم بذور الأخلاق السوية، ويكون تحت بصر وبصيرة الدولة، حتى لا نأسف على الجرائم المتزايدة التى يتعرضون لها، وبالتالى يجب توافر كافة الوسائل والآليات التى تعين تلك المؤسسات فى تنمية ورعاية الطفولة المبكرة، وكفالتهم اجتماعيًا وصحيًا ونفسيًا وعلميًا، حتى يخرجوا أشخاصًا أصحاء فى المجتمع.

 

شريف الوردانى: مؤسسات آمنة للفتيات.. وتفعيل لجان حماية الطفولة بالمحافظات

النائب شريف الوردانى، أمين سر لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، قال: إن ظاهرة فتيات الشوارع تشكل عبء كبيرًا على الدولة، لأنها قنبلة موقوتة، خاصة وأنه لا يوجد حصر دقيق لأعدادهن ويفتقرن لأى أوراق ثبوتية، كما أن حياتهن غير آمنة ومعرضات للخطر، وبالتالى يجب وضع رؤية واضحة وموحدة لتنمية ورعاية الطفولة المبكرة، بدءًا من تحديد أدوار كافة الأطراف المعنية من جهات حكومية، ومجالس قومية متخصصة، ومؤسسات المجتمع المدنى، وتفعيل دور لجان الحماية بالمحافظات المختلفة، باعتبارها العصا السحرية لحل مشاكل الطفولة المشردة، وتفعيل قانون الطفل، الذى يحد من انتهاكات الطفولة.

وأوضح – أمين لجنة حقوق الإنسان - على ضرورة اهتمام المؤسسات الإعلامية بقضايا الطفولة لما لها مردود وطنى واجتماعى، من أجل تصحيح الأوضاع فى اتجاه مصلحة الفتيات المشردات، ومنع الانتهاكات التى يتعرضن لها.