عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

المصريون استوردوا سلعًا استفزازية بـ327 مليون دولار خلال 8 شهور

بوابة الوفد الإلكترونية

تحقيق - دعاء مهران  / إشراف : نادية صبحي

 

«عيش عيشة أهلك»، عبارة كانت منتشرة قبل  عشرات السنوات فى مصر، وكان يرددها الآباء لأبنائهم للحفاظ على أموال الأبناء من الاستخدام غير العادل، وبالتالى المحافظة على أموال الدولة واقتصادها.

ولكن اليوم اختفت هذه العبارة وضرب الإسراف أركان المجتمع، وأصبح الإنفاق والاستهلاك الترفى وإهدار الأموال والثروات سمة رئيسية للمصريين جميعاً، حتى الأسر الفقيرة سقطت فى بحر الإسراف من خلال عمليات البيع بالتقسيط، والتى تضاعف ثمن السلعة، وهى الآفة الجديدة التى تضاعف مخاطر ضعف الاقتصاد وتهدد استقرار الفرد والمجتمع.

ووصلنا لدرجة أن أقل زواج بين شاب وشابة يكاد يلامس 500 ألف جنيه التى أصبحت فى خبر كان، وأصبحنا نهوى السير فى كل طرق الإنفاق حتى ولو كان إنفاقًا سفهياً، ونتيجة لذلك تزايد استيراد السلع الاستفزازية يومًا تلو الآخر فى السنوات الأخيرة، وعزف كثير من المصريين عن شراء الصناعات المصرية، ويتباهى الجميع بالصناعات والسلع المستوردة، حتى ولو كانت «تافهة» وتعارض تقاليدنا مثل «البناطيل المقطعة» واستيراد القطط والكلاب الأجنبية، ثم إنفاق ملايين الدولارات لاستيراد أطعمتها من الخارج!

وبلغ حجم استيراد مصر من السلع 70٫8 مليار دولار فى الفترة من 3 نوفمبر 2016 حتى 14 ديسمبر 2017.

والسؤال: لماذا تحولنا إلى مستهلكين لكل ما هو أجنبى؟.. ولماذا تغلبت شهوة الاستيراد على الكثيرين؟

الأرقام الرسمية تقول: إن مصر استوردت خلال عام 2017 وارادات مثل  تبغ ورق دخان بقيمة 49٫7 مليون دولار، وصلصال صينى بقيمة 36٫1 مليون دولار، ولعب أطفال بـ46٫6 مليون دولار، وتبغ مفروم بـ123٫2 مليون دولار، وتفاح طازج بـ168٫3 مليون دولار، فيما بلغ حجم استيراد مصر للأغذية الجافة للحيوانات المنزلية مبلغ 86٫2 مليون دولار فى الفترة من يناير حتى يوليو 2017.

كما ارتفع استيراد مصر من السلع المعمرة العام الماضى، بإجمالى بلغت قيمته 2.5 مليار دولار، وتضمنت ثلاجات بقيمة 110.7 مليون دولار، غسالات بقيمة 47.6 مليون دولار، أشرطة وأقراص ممغنطة بأنواعها بقيمة 30 مليون دولار، تليفزيونات بقيمة 421.6 مليون دولار، سيارات ركوب بقيمة 1.1 مليار دولار، أثاث ومقاعد وحوامل فرش بقيمة 97.1 مليون دولار، أجهزة تليفون بقيمة 511.6 مليون دولار.

كما استوردت مصر نحو 12 سلعة «استفزازية» -وفقًا لتصنيف تلك السلع تحت هذا الوصف- خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2017، بقيمة تجاوزت 326.7 مليون دولار، بحسب الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.

وأرجع الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادى، ارتفاع نسب الاستيراد فى مصر، رغم الأزمة المالية فى الدولة والمجتمع وأغلب الأسر إلى انتشار سلوكيات خاطئة لدى كثير من المصريين، أدت إلى تزايد استيراد السلع، مطالبًا الحكومة بمواجهة تلك المشكلة برفع الجمارك على السلع الاستفزازية، مؤكدًا أن استيراد هذه السلع فى هذا التوقيت الحرج يمثل ضغطًا كبيرًا على الدولة، لأنه يستنزف من الاحتياطى النقدى.

وقال: يجب على الحكومة أن تقوم بالعديد من الخطوات لتوعية المواطنين للحد من تزايد استخدام السلع الاستيرادية، لافتًا إلى أن هناك سلوكيات جديدة أصبحت موجودة بين المصريين، ومنها تزايد الاهتمام بالسلع المستوردة، والاهتمام بالتقليد الذى رفع تكاليف الزواج بشكل جنونى، موضحًا أن الزواج قديمًا كان سهلًا وميسوراً، بينما نجد اليوم أن هناك أشياء يتم شراؤها للعروسين لا يمكن أن يستخدمها سوى بعد 20 عامًا أو أكثر.

وأكد أن الإعلام مقصر بشكل ضخم فى عدم توعية المواطنين للحد من التقليد والإسراف فى السلع الاستيرادية.

وقال عاطف الأشمونى، سكرتير عام الغرفة التجارية: إن تقرير الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، باستيراد مصر سلعاً استفزازية بقيمة تجاوزت 326.7 مليون دولار يمثل كارثة فى ظل الواقع الاقتصادى الصعب الذى تمر به الدولة، مطالبًا برفع القيمة الجمركية لهذه السلع للحد من الاستيراد حتى ولو وصل الأمر إلى منع دخولها إلى مصر.

 

مصريون يكشفون أسباب زيادة معدلات الاستيراد

أكد عدد من المواطنين أن «التقليد الأعمى»، من أهم أسباب ارتفاع نسب الاستيراد فى مصر، دون النظر إلى ما إذا كان الشىء المقلد صحيحا أو خطأ. وقال عمر يسرى، موظف: للأسف بقينا نستورد كل حاجة، وكلمة الاستيراد أصبحت جزءا أساسيا فى حياتنا نتيجة لعدم وجود صناعات قوية فى مصر، تستطيع سد حاجة المواطنين من متطلبات الحياة، مطالبا الحكومة بالاهتمام بالصناعة لكونها العنصر الأساسى للقضاء على ظاهرة الاستيراد، لافتا فى ذات الوقت إلى أن الكثير من الشباب يرفضون العمل فى الصناعات.

وقال للأسف أيضا بقينا نستسهل الاستيراد.

وأضاف: هناك الكثير من العادات الجديدة حلت مكان العادات والتقاليد الأصيلة للمصريين، كانت حائط صد تحمى المجتمع من السلوكيات الخاطئة، لافتا إلى أن شهر رمضان تحول من شهر عبادة إلى شهر أكل، وأصبحنا نستورد فى هذا الشهر أضعاف ما نستورده فى العديد من شهور السنة، مضيفا أن العودة للدين والعمل الجاد هما الحل للحد من الاستيراد.

وأوضح أن هناك ظاهرة جديدة عند المصريين، وهى حب الامتلاك وتقليد الغير و«المنظرة» وهو ما يدفع الكثير من محدودى الدخل لاقتناء سلع باهظة الثمن، عن طريق شرائها بالتقسيط، مؤكدا أننا تحولنا لشعب يموت فى المنظرة، ونعشق التخزين خوفا

من بكرة، مؤكدا أن الحكومة والشعب كليهما لا يريد مساعدة الآخر، وقال: الحكومة لا تريد الاتجاه إلى الصناعة وفى المقابل الكثير من الشباب لا يريد العمل الشاق مثل الصناعات ويفضلون العمل المكتبى.

وفى ذات الاتجاه قال الدكتور عادل يوسف: المصريون أصبح عندهم عادة جديدة، وهى عادة تقليد بعضهم لبعض. فإذا وجد الجار جاره المقتدر وميسور الحال يشترى أشياء وسلعا باهظة الثمن سوف تجده يستلف ليشترى نفس السلع مثله رغم أنه غير مقتدر، موضحا أن كل ذلك دفعنا إلى أن نستورد فوق طاقتنا، وبقينا نستورد القطط والكلاب ثم الأكل الخاص بها.

وأضاف: وصل التقليد لدرجة أن بعض الشباب يبعمل شعره ديل حصان مثلما يفعل بعض الشباب فى الغرب، وأوضح أن أيام الملك فاروق، كانت القاهرة أنظف من باريس، وكان الملك لا يجمع منهم ضرائب لنظافة الشوارع، وعن أسباب التغير القوى الذى حدث ما بين الوقت الحالى وقديما، قال: الكثيرون أصبحوا يفضلون مصالحهم الشخصية عن مصلحة المجتمع، فضلا عن انعدام الضمير  عند الكثيرين.

وقالت منال عصمت، ربة منزل: ارتفاع معدلات الاستيراد نتيجة طبيعية لزيادة عدد المصريين الذى وصل إلى 104 ملايين مواطن إضافة إلى انخفاض الإنتاج، كما أن كثيرا من المصريين كسالى ولا يريدون العمل.

 

 

خبيرة اجتماع: السينما التركية والهندية غيرت عادات المصريين

 

أرجعت الدكتورة سامية الساعاتى، أستاذ علم الاجتماع بكلية البنات بجامعة عين شمس انتشار الإنفاق غير المبرر واستخدام السلع الاستفزازية وتزايد استيرادها إلى تغير عادات وتقاليد المصريين، لافتة إلى أن الأبناء كانوا يستمدون عاداتهم وتقاليدهم من الآباء والأجداد ومن الجامع والكنيسة، وكان الأبناء يحافظون على تلك القيم وكانت الدنيا مغلقة بينما اليوم نجد أن الأبناء يستمدون عاداتهم وتقاليدهم من العديد من الوسائل أهمها «السوشيال ميديا» بداية من «الفيس بوك»، و«تويتر» إضافة إلى المسلسلات التركية  والهندية التى تغزو البيوت المصرية منذ سنوات وبدأ الأبناء يقلدون كل هذه الأشياء من عادات وتقاليد.

وأكدت أن من أهم أسباب انفلات العادات والتقاليد فى المجتمع المصرى انهيار السينما والمسلسلات المصرية، التى تحولت إلى مسلسلات تدعو إلى انهيار القيم والعادات والتقاليد وتدعو إلى الإنفاق والتبذير، قائلة: نأمل أن يصلح «محمد صلاح» ما أفسده «محمد رمضان» عبر أفلامه ومسلسلاته.

وأكدت أن انهيار القيم المصرية كان أول الطريق لتقليد كل ما هو أجنبى والتباهى بالأشياء التى ليست من تراثنا، مؤكداً أنه قديماً كان الإنفاق محدوداً بينما نجد اليوم «السفه» أصبح ثمة الكثيرين من المصريين.

وأكدت أن الكثير من الشباب فى الوقت الحالى، يعيش صراعاً يضعهم فى دوامة الضياع ما بين إرضاء معتقداتهم وأفكارهم وما بين إرضاء المجتمع الذى خرجوا من صلبه ما يؤثر بشكل مباشر على الحالة النفسية والاجتماعية لشبابنا لأن كل معتقداتهم وأفكارهم  قد قوبلت بالرفض المجتمعى مطالبة أن يتفهم المجتمع هذه الأفكار ويناقشها ويتقبل الصحيح منها بدلاً من رفضها ومقاومتها لأن هذا سيؤدى لنتيجة غير مرضية.

وأوضحت أنه يجب على الدولة متمثلة فى العديد من الجهات والمؤسسات عقد دورات توعية عبر العديد من الوسائل للحد من معتقدات الشباب الجديدة، التى تم اكتسابها عبر وسائل عديدة، كما يجب على الدولة إعادة دورها الرقابى فى كل ما يذاع عبر شاشات التليفزيون والراديو، كما يجب أن تحاول الجهات المسئولة إحكام قبضتها عبر ما يتم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، و«تويتر».