رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

المراكز النفسية الخاصة ترفع شعار «المال أولاً»

بوابة الوفد الإلكترونية

تحقيق  رحمة محمود

الحياة مليئة بالمتاعب والأزمات، البعض يستطيع التغلب عليها، ومجابهتها، وآخرون لا يتحملونها، ويسقطون فى بئر الاضطرابات النفسية التى سرعان ما تدفع بهم نحو المراكز النفسية والمستشفيات الخاصة، أملاً فى العلاج المفقود فى بعض المستشفيات والمصحات النفسية.

ووفقاً للمسح القومى للصحة النفسية لعام 2018، فإن 25 % من المصريين يعانون الأعراض والاضطرابات النفسية، أى أن كل 1 من كل 4 أشخاص من المفحوصين لديه عرض أو اضطراب نفسي، وفى ظل هذا العدد الكبير من المرضى النفسيين الذين يحتاجون لرعاية خاصة، يأتى البحث عن المكان المناسب للعلاج، ليخرجوا من هذا النفق المظلم وبراثن الهموم إلى الحياة الطبيعية.

وفى السياق ذاته، أظهرت إحصائية لدراسات الأمانة العامة للصحة النفسية، أن 10 ملايين مريض يعانون اضطرابات نفسية، ويحتاجون إلى 16 ألف سرير ولا يوجد منها سوى 6650 سريرًا فقط، نظراً لأن المرض النفسى من أصعب أنواع الأمراض التى يتعرض لها الإنسان، فرحلة البحث عن مكان شاغر للعلاج ليست سهلة على الإطلاق، خاصة بعد التطورات التى شهدتها مؤخراً مستشفى العباسية بشأن المرضى النفسيين والتى طالب على إثرها النائب محمد فؤاد عضو مجلس النواب، بمثول وزير الصحة الدكتور أحمد عماد الدين أمام مجلس النواب لشرح الأمر برمته.

وفى نفس الإطار، قدم النائب حسنى حافظ طلب إحاطة بخصوص الانتهاكات التى وقعت بداخل مستشفى العباسية، والخاصة بنشر صور وفيديوهات المرضى، بدون ملابس أثناء الاستحمام.

وقال «حافظ» فى تصريح خاص لـ«الوفد» إنه تم اتخاذ الإجراءات المناسبة لعدم تكرار هذه الواقعة، فضلاً أن المشكلة حُلت، وقمنا بزيارة المستشفى والاستماع إلى الأطباء وأبرز المشاكل التى تعرقل مسيرة عملهم، وتوصلنا إلى محاسبة المتهمين فى واقعة تصوير المرضى ومعاقبتهم حتى لا تتكرر الواقعة، والمتابعة الدورية للمستشفيات النفسية لضمان تقديم الخدمة الجيدة للمرضى، ومعاملتهم بشكل جيد.

وأضاف «حافظ»: «حرصنا على تركيب كاميرات مراقبة للمستشفيات لرؤية ما يحث بداخلها، ومساعدة المواطنين في الحصول على الخدمة التى يتمنونها، فضلاً عن تأكيدنا تنظيم زيارات وجولات مفاجئة دون معرفة مديرى المستشفيات لمتابعة حالات المرضى، وسماع شكواهم والتأكد من جودة الخدمة الصحية المقدمة لهم.

وأكد أنه رغم التجاوزات التى تحدث في بعض المستشفيات، إلا أن بعض المقترحات التى قدموها استطاعوا من خلالها تحسين المنظومة النفسية بشكل كبير عما كانت من قبل، خاصة مع استحداث نظام رقابى داخل كل مستشفى من أخصائيين اجتماعيين، ليكونوا حلقة وصل بين المريض وأسرته والأطباء والممرضات، ويقومون بتوصيل كافة شكاوى المرضى، لحلها وعمل اللازم تجاهها.

قانون العلاج النفسى

رغم أن قانون العلاج النفسى رقم 71 لسنة 2009، يضمن حقوق المريض وتوفير الخدمات اللازمة له، ومعالجته، إلا أن الواقع لا يشهد تطبيق هذا القانون، فتتوقف معاناة المريض النفسى فى مصر، على حسب مستواه المادى إذ كان من طبقات الدنيا أم العليا، فعندئذ يتحدد نوعية الخدمة المقدمة له، ومستوى الاهتمام الصحى به.

وتنص المــادة (47) من قانون 71: يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة وبغرامة لا تزيد على خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من كان مكلفاً بحراسة أو تمريض أو علاج شخص مصاب بمرض نفسى وأساء معاملته أو أهمله بطريقة من شأنها أن تحدث له آلامًا أو أضراراً . وإذا ترتب على سوء المعاملة مرض أو إصابة أو إعاقه بجسم المريض تكون العقوبة الحبس مدة لا تجاوز ثلاث سنوات.

وتنص المــادة (30) على أنه لا يجوز إجراء العلاج الكهربائى اللازم لحالة المريض النفسى إلا تحت تأثير مخدر عام وباسط للعضلات، ويتعين الحصول على موافقته على ذلك كتابة بناء على إرادة حرة مستنيرة وبعد إحاطته علمًا بطبيعة هذا العلاج والغرض منه، والآثار الجانبية التى قد تنجم عنه، والبدائل العلاجية له، فإذا رفض المريض الخاضع لإجراءات الدخول والعلاج الإلزامى هذا النوع من العلاج وكان لازمًا لحالته فرض عليه بعد إجراء تقييم طبى مستقل. وتنص المادة (31) على أنه يحق للطبيب النفسى المسئول أن يصرح بإعطاء المرضى الخاضعين لقرارات الدخول والعلاج الإلزامى اجازات علاجية بالشروط والإجراءات التى تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون، ويستمر المريض فى تلك الحالة خاضعاً لقرارات الدخول والعلاج الإلزامى. وفى حالة تخلف المريض الحاصل على اجازة علاجية عن الحضور إلى المنشأة فى نهاية المدة المحددة لإجازته تبلغ الشرطة عنه لإعادته مرة أخرى.

فالمواطن البسيط فى ظل المنظومة الصحية المتردية وخاصة فى المجال النفسى، أمامه خياران إما اللجوء للمستشفيات الحكومية التى تعانى نقص الإمكانيات وانخفاض فى مستوى الخدمة، أو يقع فريسة فى بئر المراكز النفسية غير المرخصة والتى تسمى «مراكز بئر السلم» والتى ترفع شعار الفلوس قبل كل شيء، دون الاهتمام بصحة أو رعاية المريض.

وحسبما أكد متخصصون فى المنظومة الصحية، فإن المراكز الطبية الخاصة فى مصر ضعيفة للغاية، مشيرين إلى أن عدد المستشفيات المرخصة حوالى 60 تخضع لإشراف المجلس القومى للصحة النفسية، بينما هناك مئات المراكز النفسية غير الحاصلة على ترخيص ولا مؤهلة لتقديم الرعاية الطبية اللازمة للمريض.

ومن جانبه، أشار د. مصطفى حسين المدير السابق لمستشفى العباسية، إلى أن أسعار العلاج فى المستشفيات الخاصة مرتفعة للغاية، وتصل إلى 5 الآف جنية شهرياً، بينما المراكز النفسية المتوسطة ومنخفضة الخدمة تصل تكلفة العلاج فيها إلى 500 شهرياً.

وأكد أن أسعار العلاج فى الطب النفسى ليست مرتفعة، بل كباقى الأدوية الأخرى، ولكن العلاج النفسى يحتاج لمدة أطول للعلاج عن غيره من الأمراض الأخرى، فضلاً عن المتابعة الدورية للمريض، مشيراً إلى أن بعض المرضى يلجأون للمراكز النفسية الخاصة ظناً منهم أنها أفضل من الحكومية، ولكن بالعكس المستشفيات الحكومية تقدم خدمة جيدة فى ظل الامكانات الموجودة.

ونوه بوجود عدد كبير من مراكز العلاج النفسى غير مرخصة، ولا تعمل بشكل رسمى، ولا توجد إحصائيات رسمية بعددها، ولكن يتردد عليها مئات من المرضى النفسيين بحثاً عن العلاج، فى حين أنها لا تضم أى فريق علاجى سواء أطباء أو تمريضًا، وتحدث بها كوارث من وفيات للمرضى.

ظاهرة مصرية

ومن جانبه، كشف الدكتور جمال فرويز استشارى الطب النفسى والمخ والأعصاب والإدمان، أن مصر بها 6 ملايين مريض نفسى ومليون مريض فصام،

نتيجة تعاطى المخدرات، خاصة نبات الحشيش.

وأشار إلى أنه بعد وصول انتشار المرض النفسى فى مصر إلى نسبة 25 %، أصبح ظاهرة لابد من البحث لها عن علاج فورى، لانتهاء هذه المشكلة المزمنة.

وأضاف أن العلاج النفسى تكلفته مرتفعة جداً، ويعد الأعلى بعد أدوية القلب حسب تصنيف منظمة الصحة النفسية، مؤكداً أن هناك العديد من الأسباب التى تدفع الفرد نحو العلاج النفسى منها الضغوط الحياتية والحالة الاقتصادية تزيد من حالات الاكتئاب.

واشار إلى أنه بحلول عام 2020 سيزداد نسبة انتشار مرض الاكتئاب إلى أعلى نسبة على مستوى العالم، فضلاً عن ارتفاع تكلفته، ما يجعل المريض فى بعض الاحيان غير قادر على شراء ما يحتاجه من الأدوية، مما يؤثر سلباً على صحته وعلى نشاطه الذهنى.

وأكد «فرويز» ضرورة الاهتمام بالمستشفيات والمراكز النفسية ورفع كفاءتها والحرص على زيادة ميزانية الصحة النفسية فى مصر على مستوى المحافظات لأنها قليلة جدا، ما يجعل المرضى يلجأون إلى العلاج الخاص العالى التكلفة ظناً أنه الأفضل.

ولفت إلى أهمية دور الإعلام فى توعية المواطنين بخطورة المرض النفسية، وعدم تعرضهم للضغوط بشكل مستمر، مشيراً إلى أن مرض الاكتئاب مثل باقى الأمراض نتيجة تغير بكمياء المخ والعلاج فى بداية الاكتئاب اقل تكلفة ومجهود قبل تفاقم المرض.

عوامل وراثية

من جانبه قال الدكتور يسرى عبدالمحسن، أستاذ الطب النفسى بجامعة القاهرة، إن جميع الأطباء النفسيين ليس لديهم الحق فى التصريح عن عدد المصابين بالأمراض النفسية، لأنه لا يوجد إحصائية على مستوى العالم بشكل دقيق عن اعدادهم الحقيقة.

وأضاف أن هناك العديد من العوامل التى تلعب دوراً فى الإصابة بالمرض النفسى عموماً، منها عوامل الوراثية والتى فى تتسبب فى حدوث حالات الفصام، اضطرابات بالمزاج، وهناك عوامل خارجية ثؤثر على نفسيته مثل الضغوط النفسية والتوتر والقلق.

وأشار إلى أن التوتر يصيب الإنسان بسبب ضغوط العمل أو المشاكل العاطفية أو المالية أو أى مشاكل فى الحياة اليومية، مؤكداً أن هناك أشخاصًا من كثرة القلق والتوتر تتم إصابتهم بحالات نفسية وتسمى أمراضاً سيكوباتية ولكن تزول فور إزالة المسبب لذلك ويعود الشخص إلى طبيعته مرة أخرى.

وفسر دكتور «يسرى» حالات الخوف لدى المرضى النفسيين والتى عادةً ما تكون من الأماكن المظلمة أو المرتفعة أو الأماكن المغلقة، مشيراً إلى أن أسبابها تكون بسب تجنب المريض للمواجهة وقلة الحوار مع الآخرين والعصبية الزائدة والانعزالية وغيرها من الأعراض التى تشير إلى وجود تغيير فى حياة المريض.

تراخيص المراكز النفسية

وعن تراخيص المراكز النفسية، قال سامح حجاج نائب مدير مستشفى العباسية للصحة النفسية فى تصريح سابق له: «إن شروط ترخيص أى مستشفى خاص تتضمن وجود طبيب نفسى بها حاصل على شهادة تخصصية ماجستير أو دبلومة».

وأكد أن العديد من الأطباء غير المتخصصين فى مجال الطب النفسى، يستغلون حاجة المرضى، ويحصلون على ترخيص لفتح مركزاً للعلاج النفسى بعد استعانته بأحد الأطباء النفسيين والذى يستغل اسمه للحصول على الترخيص مقابل مبلغ شهرى يصل لحوالى 5 آلاف جنيه شهريا، مشيراً إلى أنه فى بعض الأحيان يقوم طبيب بفتح أكثر من مركز نفسى فى نفس الوقت، خاصةً أن بعض الاطباء يتعامل مع الطب النفسى علي أنه تجارة مربحة.

وأضاف أن بعض المراكز الخاصة غير مؤهلة لاستقبال المرضى، ورعايتهم، فضلاً على أنها تقدم العلاج للمريض مقابل أموال طائلة، مؤكداً أن أسعار العلاج النفسى فى المراكز الخاصة متفاوتة ويحتاج المريض لفترة علاج تتراوح من شهرين إلى 3 شهور.

وفى السياق ذاته، قال عادل مدنى رئيس قسم الطب النفسى، إن العلاج فى المراكز غير المرخصة تصل تكلفته إلى 50 جنيهًا يوميًا دون تقديم علاج فعال للمريض، فضلاً أنها أماكن عادةً تكون غير آدمية.

وأكد «مدنى» ضرورة إجراء التفتيش الدورى على جميع المنشآت سواء من خلال إدارة العلاج الحر أو المجلس القومى للصحة النفسية أو نقابة الأطباء، مشيراً إلى أن معظم المراكز غير المرخصة تركز على المدمنين أكثر من المرضى النفسيين نظراً لأنه يمكن السيطرة على المدمن بحبسه بينما المريض النفسى فى الأغلب يتم رفضه لعدم القدرة على التعامل معه.