رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو جمعية تأسيسية لا تعبر عن المصريين

بوابة الوفد الإلكترونية

الدستور ما هو إلا عقد اجتماعي يتم بالتوافق بين جميع اطياف المجتمع حتي يعكس ما ارتأته الإرادة الشعبية أقوم لدعم مصالحها السياسية والاقتصادية والاجتماعية بعيداً عن الآراء والميول والعصبية والحزبية. كما أن القانون الدستوري كما يعرفه الفقه الدستوري هو القانون الأساسي الذى يبين شكل الدولة ونظام الحكم فيها وينظم السلطات العامة من حيث تكوينها واختصاصاتها وعلاقاتها بعضها ببعض، ويقرر حقوق الأفراد وحرياتهم ويضع الضمانات الأساسية لهذه الحقوق والحريات.

دعونا نتفق في البداية أنه لابد أن تُحترم كافة طوائف الشعب المصري الأقليه منهم قبل الأغلبية، والمؤسف أن هذا لم يتحقق في الواقع العملي، حيث أن نسبة الـ 23% الرافضين للتعديلات الدستورية والراغبين في جعل الدستور أولا كان من بين أسباب رفضهم هو عدم الابقاء علي نسبة الـ 50% عمال وفلاحين داخل البرلمان، وإذ أنه من المتوقع أنه قد تصل نسبة العمال والفلاحين في الجمعية التأسيسية إلي 40% فهذا يعني بمفهوم المخالفة عدم وضع أي اعتبار لنسبة الـ 23% سالفة البيان، وبالتالي وكأننا عزلنا هؤلاء عن المجتمع المصري.
وأضف الى ذلك ايضا أننا لا نثق شخصيا في أعضاء خالفوا الاعلان الدستوري في اولي جلسات المجلس عند حلف اليمين بمخالفة القسم الوارد نصه في هذا الاعلان، وبالتالي فهم في بداية عملهم النيابي انتهكوا الاعلان الدستوري وتصوروا أن هذا الاعلان لا وجود له. وكذلك فإن ما ورد في نص القسم هو أن يحترموا الدستور والقانون، ومخالفة القسم يمثل عدم احترام واضح لاحكام الاعلان الدستوري الذي أجري انتخابهم علي أساسه. ثم بعد بدء المجلس أعماله وجدنا نواباً يخالفون الدستور علي نحو يخل بالقسم الذي قاموا بأداءه، وهذا يخالف في الأساس أحكام الشريعة الاسلامية ويعد من قبيل الحنث باليمين.
وإذا كان القانون نص علي وجوب عدم تأسيس الأحزاب علي أساس ديني فلابد من فهم هذا النص وفقا للهدف منه وهو بالتأكيد ليس فقط عدم تأسيس الحزب علي أساس ديني بل عدم ربط الدين بالسياسة من الأساس، والقول بغير ذلك يفرغ النص من مضمونه، وبالتأكيد ما يحدث الأن يمثل نوع من الضحك علي الذقون فمثلا حزب الحرية والعدالة الكل يعلم أنه جماعة الاخوان المسلمين ولكن علي الورق هو حزب سياسي لا علاقة بالدين وكأن المجتمع المصري لا يعلم ذلك.
وحينما صدر قرار البرلمان بأن يكون تشكيل الجمعية التأسيسة بنسبة 50% من داخل البرلمان و 50% من خارجه، توقعنا أن ذلك سيؤثر بشكل كبير علي تمثيل كافة طوائف المجتمع في الجمعية وهذا ما حدث بالفعل حيث جاء حوالي 70% من الجمعية التأسيسية من التيار الإسلامي، ونحن هنا لسنا ضد التيار الإسلامي ولكن الدستور كما ذهبنا في البداية يتم بالتوافق بين جميع اطياف المجتمع وليست طائفة وحيدة حتي لو كانت لها الأغلبية. فالدستور بذلك شئنا أم أبينا سيكون معبرا عن افكار ومعتقدات هذا التيار فحسب اما باقي الشعب المصري فليذهب الي الجحيم.
ولابد أن نتفق جميعا في الاساس علي أن مصر دولة إسلامية ولا جدال في ذلك فأغلبية المجتمع المصري يدينون بدين الاسلام ولكن هناك مجموعة لا بأس بها من الاقباط تمثل علي أقل تقدير حوالي 10% من الشعب المصري ولابد من تمثيلهم في الجمعية التأسيسية بشكل يتناسب مع هذه النسبة، وكذلك فإن المرأة عنصر فعال في المجتمع ونعتقد أن نسبة تمثيلها في الجمعية لا تتناسب مع حجمها وقيمتها في المجتمع.
ويجب أن يعلم الجميع وأولهم أعضاء البرلمان أن مصر ليست بلد المسلمين فحسب ولكنها بلد الاسلام الذي يقوم علي العدل والمساواة ونشر روح التسامح، والقول بغير ذلك يعني أن غير المسلمين يجب أن

يرحلوا أو يهجروا من مصر ويبحثوا عن بلد اخر يجدوا فيها من يحترم وجودهم ويكون عادلا في التعامل معهم. 
كما أنه من زاوية أخري هناك تضارب واضح للمصالح في قيام مجلس الشعب بانتخاب نصف أعضاء الجمعية التأسيسية من أعضاءه، ويقصد بتضارب المصالح بشكل عام قيام شخص أو مؤسسة حكومية أو غير حكومية باستغلال وضعهم الوظيفي بشكل يمكنهم من تحقيق مصالح شخصة لهم أو للمؤسسة التي يعملون بها.
ويتحقق هذا التضارب في الحالة المعروضة فعلي سبيل المثال قد يكون من مصلحة هؤلاء الأعضاء إقرار النظام البرلماني كنظام للحكم في مصر أو إقرار نظام برلماني رئاسي ولكن بصلاحيات وسلطات واسعة للبرلمان، ولذلك وجود هذا الكم من أعضاء البرلمان في الجمعية فيه تعارض وتضارب واضح بين المصلحة العامة للبلاد والمصلحة الخاصة لهذه الفئة، فكان يلزم أن يمثل البرلمان ولكن بنسبة عادية كتلك التي تمثل بها السلطة القضائية أو التنفيذية، حتي لا تكون هناك هيمنة لفصيل أو تيار معين علي الجمعية، فالدستور في النهاية اسمه الدستور المصري وليس الدستور الاخواني، أو الدستور الليبرالي.
وقد أثار استغرابنا قيام البرلمان بانتخاب عدد من الأعضاء الاحتياطيين، فعلي أي أساس دستوري أو قانوني تم هذا الانتخاب؟ فهذا يعد استباقا للأحداث من غير أساس دستوري أو قانوني. كما أن هناك فرضية قد تحدث وهي أن عدد الأقباط الممثل في جمعية المائة ستة أشخاص وفي الاحتياطي شخص واحد فلو اعتذر هؤلاء الستة فما الوضع آنذاك؟ سنكون أمام فرضين إما أن يمثل الأقباط بشخص واحد إذا وافق العضو الاحتياطي، وإما ألا يمثل الأقباط تماما إذا اعتذر العضو الاحتياطي هو الأخر، نحن بالفعل نصنع الأزمة بانفسنا لاننا في الاساس نضع قواعد قانونية فضافضة تثير اللبس، وحتي إذا وضعناها والتزمنا بها ابتكرنا تطبيقات تخرج عن معناها. 
وفي الختام ليس لدينا ما نقوله سوي أننا كنا نتمني أن نشعر بتحقق الأهداف التي قامت من أجلها الثورة علي أرض الواقع، كنا نريد أن نكون علي الدرب سائرون نحو دولة القانون، وكانت البداية هو الجمعية التأسيسية التي كان يجب أن تكون معبرة عن طموحات وأمال الشعب المصري، ولكن تبددت كل هذه الأمنيات مع قراءتنا لتشكيل هذه الجمعية التي تعني شئ واحد وهو أننا سائرون وللأسف نحو جمعية تأسيسية لا تعبر عن المصريين!!!
                                                
المستشار/ علي مختار الخبير في القانون الدولي
[email protected]
المستشار الدكتور/  محمد صلاح أبورجب خبير في القانون الجنائي الدولي
[email protected]