عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

متاحف منسيّة!

بوابة الوفد الإلكترونية

أعد الملف: حمدى أحمد - اشراف: نادية صبحى

 

«إيه آخر متحف زرته وإمتى؟» سؤال يجب عليك عزيزى القارئ أن تسأله لنفسك قبل أن تبدأ فى القراءة.. قد يجيب الكثيرون بأنهم زاروا متاحف عديدة وهم صغار أثناء فترة الدراسة والرحلات المدرسية، ولكن كثيراً من متاحفنا العريقة حالياً تشتكى من نسيانها وهجرها وضعف الإقبال عليها، رغم ما تحتويه من كنوز وجواهر لا تقدر بثمن ولا يوجد لها مثيل فى العالم.

تذاكر دخول أغلب المتاحف فى مصرنا الحبيبة تبدأ من جنيه ولا تتخطى 10 جنيهات، ورغم ذلك فإن الإقبال عليها ضعيف للغاية!

فى هذا الملف لا تعرض «الوفد» المتاحف والأماكن المشهورة التى يعرفها الجميع مثل المتحف المصرى ومنطقة الأهرامات، وإنما تعرض عدداً من المتاحف العريقة التى تحتوى على قطع أثرية نادرة لا توجد فى أى بلد غير مصر، لكنها سقطت من ذاكرة المصريين وهجروها وأصبحت تشتكى حالها، عدا زوارها ضمن الرحلات المدرسية، والعلماء والباحثين.

وتختلف تلك المتاحف ما بين العلمية والتاريخية والثقافية، وتزخر بقطع أثرية يصل عمر بعضها إلى 79 مليون سنة، والبعض الآخر يرجع تاريخه إلى عصر الأسرة العلوية فى مصر حتى الملك فاروق آخر الملوك المصريين.

 

موعد افتتاحه «فى علم الغيب»: «متحف الركائب الملكية» مغلق للترميم منذ 16 عاماً

 

وزارة الخارجية بجانبه، ومسجد السلطان أبو العلا ملاصق له، وأمامه أشهر منطقة لبيع الملابس بأسعار رخيصة «وكالة البلح»، وبالقرب منه كورنيش النيل.. إنه متحف المركبات الملكية أو «الركائب الملكية».

متحف يزخر بالقطع الأثرية لأهم المركبات الملكية لأسرة محمد على باشا، التى كانت تستخدم عند استقبال الملوك والسفراء والنبلاء، لكن المصريون محرومون من رؤية هذه التحف النادرة الآن.

16 عاماً من الإغلاق عاشها متحف الركائب الملكية بدعوى الترميم والصيانة، فمنذ 2002 والمتحف مغلق أمام الجمهور، وإلى الآن لا يعلم أحد موعد افتتاحه من جديد، مع استمرار توافد الموظفون على عملهم يومياً دون انقطاع.

«سقالات منصوبة وعمال يدخلون من هنا وهناك، يعملون داخل جدرانه على أمل الانتهاء من الترميم، سواء فى قاعات العرض أو حجرات الموظفين، وأخشاب وحديد ملقاة على الأرض»، هذا أبسط وصف لوضع المتحف حالياً.

فإذا كنت تسير على قدميك فى شارع 26 يوليو، وتشاهد عروض الملابس فى وكالة البلح، ستجد أمام عينيك على الجهة المقابلة المتحف من الخارج والسقالات منصوبة فى كل مكان يستخدمها العمال فى الترميم والصيانة، وإذا دخلت من باب المتحف ستجد نفسك محاطاً بأكوام من الحديد والأخشاب وأدوات الدهان والترميم ملقاة على أرض قاعات المتحف، فالمشهد واحد تقريباً لا يختلف كثيراً عن خارجه، وكذلك فى حجرات الموظفين الذين يأتون إلى عملهم كل يوم ويتمنون الانتهاء من أعمال الترميم حتى يستعيد المتحف رونقه وجماله ويفتتح للجمهور، حتى إن بعض الموظفين الموجودين حالياً تسلموا عملهم ولم يشاهدوه مفتوحاً للجمهور ولو مرة واحدة.

فناء المتحف يتميز بالاتساع، وهو أحد فناءين كان تعد فيه الركائب الملكية، أما واجهة المتحف فهى عبارة عن تشكيلات معمارية وكرانيش كبيرة بارتفاع 15 متراً عن سطح الأرض، كما يحتوى المتحف على حليات هندسية رأسية ونماذج لرؤوس الأحصنة يشرح فيها التشريح العضلى للحصان بالحجم الحقيقى للرأس وتحلى هذه الرؤوس بأوراق نباتية وزهور.

حاولت «الوفد» التحدث مع مسئولى المتحف ولكنهم رفضوا بسبب عدم السماح لهم بإدلاء أى تصريحات تخص المتحف فى الوقت الحالى، ولكن بعض العمال عبروا عن حزنهم الشديد من إغلاق المتحف طوال هذه المدة التى تجاوزت 16 عاماً ولا يعلمون موعد افتتاحه، قائلين «إحنا بنيجى الشغل كل يوم حتى وهو مقفول.. نفسنا نشوفه مفتوح للناس.. وفى مننا ناس اتعينت فى المتحف ومشفتهوش مفتوح ولو مرة واحدة».

تاريخ المتحف يعود إلى عهد الخديو إسماعيل، فهو أول من فكر فى بناء مبنى خاص بالمركبات الخديوية والخيول، وقد سماه وقتها باسم «مصلحة الركائب الخديوية»، واستمر هذا الاسم حتى عهد الملك فؤاد ثم تغير إلى إدارة الاسطبلات الملكية وهى إحدى الإدارات الثلاث التابعة لمصلحة الركائب الملكية.

يتكون المتحف من مبان عبارة عن حجرات للعربات واسطبلات الخيول وحجرات خاصة بإعداد أطقم الخيل وورش للقطار وسكن لمبيت سائقى العربات ومكاتب للعاملين وحجرات للإسعاف، كما يتضمن مجموعة من العربات الملكية من طرز مختلفة استخدمت عند استقبال الملك والسفراء والنبلاء.

ويحتوى المتحف على 78 عربة ملكية ذات قيمة تاريخية عالية، 22 نوعاً منها هدايا من دول أوروبية لحكام سابقين ابتداء من عصر الخديو إسماعيل وحتى عصر الملك فاروق، حيث تعد عربة الآلاى الكبرى الخصوص والتى أهداها نابليون الثالث والملكة أوجينى للخديو إسماعيل عند افتتاحه قناة السويس عام 1869 أهم مركبات المتحف، والتى استخدمها الخديو فى زفافه، فضلاً عن العربة الكوبية التى استخدمتها الملكة أثناء افتتاح البرلمان.

إضافة إلى عربة «الدوقة» والتى كانت مخصصة لاستقبال الملوك الأجانب عند زيارتهم لمصر، والعربات الخاصة بالرحلات مثل عربة «الشرابات» وعربة «أمينويوس» وعربة «السبت» المخصصة لنزهة الملك فى حديقة المنتزه بالإسكندرية.

محمد عبدالفتاح رئيس قطاع المتاحف السابق، قال إن مصلحة الركائب آنذاك، لم تكن تقتصر على مركبات الخيول بل كانت تحتوى على سيارات حديثة مثل الستروين والفورد وغيرهما من السيارات العسكرية.

وأضاف «عبدالفتاح» أن الركائب كانت تستخدم فى عهد الملك فؤاد لنقل سفراء وقناصل الدول الأجنبية، مشيراً إلى أن إطلاق اسم آلاى على عربة «آلاى» كونها عربة ذات ألوان مذهبة ويقوم القائمون عليها بالحركة بالكرابيج والعصوات والمشاعل وهى أشبه بلوحة كبيرة ملونة.

ويحتوى المتحف على 7 فتارين و20 دولاباً من الخشب والزجاج لحفظ أنواع الملابس الخاصة بالتشريفات والأطقم الجلدية المختلفة.

ومن المستلزمات الأخرى الموجودة بالمتحف، أدوات زينة خاصة بالخيل إضافة إلى تابلوهات ملونة بالزيت ومجموعة نادرة من رسومات هندسية تبين التركيبات الهيكلية، أما تابلوهات عرض الملابس فهى عبارة عن إطار كبير من الخشب يحوى داخله 8 نماذج آدمية من الجص بالحجم الطبيعى. ويشمل المتحف قاعة عرض مرئى وقاعة تمهيدية للتمهيد للزائر عن تاريخ المتحف وقاعة التشريفة الكبرى وبها عربتان كبار وقاعة المركبة بها المركبات الرسمية وعربات الأميرات والاسطبلات والمحمل.

الدور الثانى للمتحف يوجد به قاعة للملابس واكسسوارات وورش لأطفال التربية المتحفية، وهى لتعريف الطفل بالمتحف وتاريخه وما كان يحيط به من أحداث وقاعة الحصان.

 

زاره الملك مرتين فقط! .. «ركن فاروق».. استراحة تضم مقتنيات الأسرة العلوية

 

فى مكان هادئ بنهاية كورنيش النيل عند مدخل حلوان مدينة الباشاوات أيام الملكية، والاستمتاع باستنشاق الهواء الجميل والمنظر البديع، يقع متحف ركن فاروق أو استراحة فاروق الملكية، التى اختارها الملك السابق لتكون إحدى استراحاته الشتوية.

البداية جاءت بعدما اشتراها الملك كقطعة أرض فضاء، وصلت مساحتها بعدما أضيف إليها من حدائق إلى 11600 متر مربع، وشيدت الاستراحة على مساحة 440 متراً منها، واستغرق بناؤها عاماً كاملاً فيما بين عامى 1941 و1942.

حرص «فاروق» على تزويد الاستراحة بكل ما هو ثمين وغالٍ، وأحاطها بحديقة خضراء بعد إنشائها ضمت نباتات نادرة، وتضم جانباً من مقتنيات الأسرة العلوية فى مصر وخاصة أسرة الملك فاروق، فضلاً عن لوحات رائعة لأشهر فنانى العالم ونسخ مقلدة من كرسى العرش المذهب وكرسى ولى العهد للملك «توت عنخ آمون».

ظلت الاستراحة على حالتها بعد قيام ثورة يوليو 1952، حتى ضمها عام 1976 إلى هيئة الآثار وإدراجها على قائمة المتاحف التاريخية، وتحويلها إلى متحف يضم مقتنيات ملكية من أثاث وتماثيل ومقتنيات فنية ولوحات ونماذج أثرية، كما ضُم إليها المقتنيات الخاصة باستراحة الملك فاروق بالهرم.

ورغم حرص فاروق على تأسيس الاستراحة وفق أحدث الطرز آنذاك، إلا أنه لم يقم فيها طويلاً ولم يأتها زائراً سوى مرتين فقط، رغم إعدادها بما يليق بالملوك والحكام.

إذا تدرجت عزيزى القارئ مجموعة من السلالم ودخلت من باب المتحف ستجد نفسك فى الطابق الأول والرئيسى، والذى يضم قاعتين للطعام وأخرى للتدخين أو «المدفأة» وشرفة تطل على النيل، بها لوحات رائعة لأشهر فنانى العالم، وتمثالى الفلاحة والجرة من الأنتيمون للفنان كوردية، يرجع تاريخهما إلى العام 1866، وعازفة الهارب ومجموعة تماثيل نادرة، ولوحات برونزية، ومن أهم تلك اللوحات لوحة أهداها أحد سكان حلوان للملك فاروق عند افتتاح الاستراحة عام 1942 والتى تضم آية الكرسى وتعد اللوحة التأسيسية للاستراحة.

وإذا اتجهت يساراً بعد دخولك من باب المتحف ستجد نفسك أمام غرفة الملكة ناريمان، وتضم سريرها وقد اكتسى بمفرش باللون «الروز» ومرآة، فضلاً عن صورة لها والملك فى حفل زفافهما، وسرير صغير لولى العهد الأمير أحمد فؤاد.

وفى وسط الطابق الأول، سوف تجد كرسى العرش المذهب وكرسى ولى العهد وهما نسخة مقلدة بإتقان لكرسى عرش الملك «توت عنخ آمون» الأصلى الموجودة فى المتحف المصرى.

ومن أثمن ما ضمه المتحف فى هذا الطابق، ساعة أهدتها الملكة «أوچينى» ملكة إنجلترا إلى الخديوى إسماعيل بمناسبة افتتاح قناة السويس، إلى أن وصلت للملك فاروق.

وعن طريق سلم رخامى يمكنك الانتقال إلى الطابق الثانى من المتحف، حيث يعتبر بمثابة مساحة واسعة، أو ما يطلق عليه «روف» كان يحتوى على غرفة الشمس «حمام الشمس» للاسترخاء وعمل المساج للملك إضافة إلى تراس شرقى وآخر غربى لتناول الشاى.

وقد تم إغلاق المتحف لأكثر من 5 سنوات منذ 2011 عقب حالة الانفلات الأمنى بعد ثورة 25 يناير، إلى أن أعيد افتتاحه فى 2 أغسطس 2016.

ولكن رغم الكنوز التى يزخر بها المتحف إلا أن الإقبال عليه ضعيف ويقتصر على رحلات الطلاب التى تنظمها المدارس، فى ظل انخفاض سعر تذكرته التى لا تتجاوز 5 جنيهات مع خصم للطلبة وكبار السن، حتى إن أحد عاملات المتحف قالت لـ«الوفد» أثناء حديثها معنا، «مفيش حد بييجى المتحف غير كل فين وفين.. ده أنا فرحت لما لاقيتك قدامى.. مفيش غير طلبة المدارس بس هما اللى بييجوا يزوروا المتحف للأسف».

ويتركز معظم العمل فى المتحف حاليا على القسم التعليمى المخصص لطلبة المدارس، حيث يتم اصطحابهم فى جولة داخل قاعات المتحف المختلفة ليتعرفوا خلالها على تاريخ المتحف والقطع الأثرية وحياة الملك فاروق، وتنظيم ورش فنية داخل القسم لكتابة أسمائهم باللغة الهيروغليفية داخل الخرطوش الملكى، وطباعة بعض الأشكال من الطبيعة المحيطة للمتحف كالأزهار والفراشات.

 

 

يحتل المركز الرابع عالمياً .. «المتحف الجيولوجى».. 50 ألف حفرية من ملايين السنين

 

كغيره من المتاحف المنسية، يستقر المتحف الجيولوجى المصرى، الذى تجاوز عمره المائة عام فى منطقة أثر النبى بكورنيش المعادى.

كنوز لا تقدر بثمن تؤرخ لطبيعة مصر الجيولوجية على مدار التاريخ موجودة فى المتحف، الذى تم نقله من ميدان التحرير عام 1981 بسبب إنشاء مترو الأنفاق إلى مكان مؤقت بكورنيش النيل.

117 عاماً هى عمر هذا المتحف العريق، حيث يرجع تاريخ إنشائه إلى عام 1901، عقب إنشاء الهيئة العامة للمساحة الجيولوجية المصرية عام 1896 والتى أمر بإنشائها الخديو إسماعيل، وتم افتتاحه للجمهور عام 1904.

وتعود أهمية المتحف إلى أنه يحتل المركز الرابع على مستوى العالم من حيث مقتنياته، والمركز الأول على مستوى الوطن العربى ومنطقة الشرق الأوسط، فهو يضم أكثر من 50 ألف قطعة من الحفريات والصخور والمعادن والأحجار الكريمة وشبه الكريمة، التى تقدر سنواتها بالملايين، فضلاً عن كتاب «اكتشاف منابع النيل»، والذى يعود تاريخه إلى عام 1790، وكتاب وصف مصر.

تشارلزوليم أندروز، كان أول أمين للمتحف عام 1904، ثم تبعه هنرى أوريون فى 1906، بينما كان الدكتور حسن صادق، أول أمين مصرى للمتحف، وكان مكانه فى حديقة الأشغال العامة أمام مبنى الجامعة الأمريكية حالياً.

فى عام 1982 تم هدم المتحف بسبب أعمال المرحلة الأولى لمترو الأنفاق، ونقل إلى مكانه الحالى بصفة مؤقتة لحين توفير مكان مناسب حتى الآن.

إذا دخلت المتحف ستجده عبارة عن صالة عرض مفتوحة يُعرض فيها أنواع الصخور المختلفة على سطح القشرة الأرضية وبعض المعادن المميزة، بحسب حجاج محمد لطف الله، مدير عام المتحف الجيولوجى السابق.

وتتكون صالة العرض المتحفى من ثلاثة أقسام، الأول يعرض حفريات لافقارية، وهى توضح بداية الحياة على الأرض مقسمة طبقاً للعصور الجيولوجية بمصر، أما الجزء الثانى من المتحف فيضم الحفريات الفقارية، أشهرها حيوان الأرسنوثرين ويبلغ عمره 35 مليون سنة وتم اكتشافه بالفيوم، ويوجد أيضاً حيوان الـ«بالتيد» وتم اكتشافه فى الواحات البحرية، ويبلغ عمره 97 مليون عام، ويبلغ وزنه 84 طن فيما يبلغ طوله 34 متراً.

أما الصالة الثالثة والأخيرة فتضم الصخور والمعادن الموجودة على القشرة الأرضية، وأبرزها أحجار المرمر والجرانيت والديوريت المنحوت منه تماثيل الملك خفرع المنحوت منها المسلات الفرعونية والحجر الإمبراطورى المنحوت منه أعمدة الكنائس بروما، والذى لا يوجد فى أى دولة بالعالم إلا مصر وسويسرا، وأبرز النيازك التى سقطت على الكرة الأرضية مثل نيزك بمدينة إسنا بقنا ونيزك النخلايت بمدينة أبو حمص بالبحيرة، ونيزك جبل كامل بالواحات البحرية.

كما يضم المتحف المواد الخام التى يستخرج منها بودرة التلك التى يصنع منها بودرة الأطفال وبعض مساحيق التجميل الخاصة بالسيدات وحجر الجبس الشفاف الذى يستخرج منه مواد البناء، فضلاً عن عدد من المواد الرصاصية تعرف باسم الـ«ناجيا» كان يستخرج منها كحل العين، وبعض المواد الملونة التى كانت تعد منها ملكات الفراعنة أدوات تجميل الوجه، إضافة إلى صخور الذهب الموجودة بمنجم السكرى، وأقدم خريطة لمنجم الذهب أعدها ورسمها القدماء المصريون، ولكن النسخة الأصلية منها موجودة بمتحف ترونتو بإيطاليا.

ورغم ما يتمتع به المتحف من مكانة وأهمية عالمية، إلا أنه يواجه صعوبات عديدة تبدأ من التجاهل الحكومى لأهمية ما به من مقتنيات، وعدم تخصيص مكان مناسب لها، بحسب مدير المتحف السابق، الذى أكد أنه منذ عام 1982 ويعانى المتحف أزمة البحث عن مكان.

وأشار إلى أنه خاطب العديد من المسئولين بمحافظة القاهرة لتخصيص قطعة أرض له، إلا أن كل المحاولات باءت بالفشل، فضلاً عن تجاهل الحكومة له بعدم وضعه ضمن خريطة المتاحف السياحية المهمة بالقاهرة، لافتاً إلى أن عدد زوار المتحف طوال العام لا يزيد على 5000 زائر، وعادة ما يكونون من طلاب الجامعة والمدارس، رغم أن تذكرة الدخول جنيهان فقط.

 

أقدم المحطات فى العالم .. «سكك حديد مصر».. سجل تاريخى لـ160 عاماً

 

«مقتنيات أصلية نادرة، أول قطار دخل مصر عام 1855، مركب فرعونى لمنقرع منذ حوالى 2000 سنة قبل الميلاد، النص الأصلى لعقد إنشاء أول خط حديدى بين العاصمة المصرية والإسكندرية، وقطار الخديو سعيد الذى أهدته إياه فرنسا فى عام 1862»، كل هذه الكنوز موجودة بداخله.. إنه متحف سكك حديد مصر السجل التاريخى لثانى أقدم سكك حديد فى العالم.

91 عاماً، هى عمر هذا المتحف القابع فى محطة مصر برمسيس، والذى يجسد الطراز التاريخى والمعمارى الفريد من نوعه لتلك المؤسسة الحضارية التى تعد ثانى أقدم محطات السكك الحديدية فى العالم بعد بريطانيا، وأول سكك حديدية فى أفريقيا والشرق الأوسط، حيث أنشئت فى عهد الخديو سعيد عام 1854.

1933 كان هو العام الذى شهد افتتاح المتحف للزوار، حيث تم البدء فى تشييده فى عهد الملك فؤاد الأول، فى 26 أكتوبر1932، ليحكى قصة القطارات ويكون نواة لمتحف علمى فنى بمصر بمناسبة انعقاد المؤتمر الدولى للسكك الحديدية آنذاك، وليكون المتحف تحفة فنية خالدة بجانب اعتباره أحد المعاهد الفنية التى تشجع على البحوث والدراسات الخاصة بوسائل النقل فى العصر الحديث والعصور ‏الماضية.

‏ويعد متحف سكك حديد مصر هو الأول فى الوطن العربى والثانى على مستوى العالم بعد المتحف البريطانى، حيث يشمل مقتنيات نادرة للسكك الحديدية من بداية تشغيل القطارات بمصر حتى الآن.

يضم بين جدرانه ما يقرب من 700 نموذج ومعروض، ومجموعة من الوثائق والخرائط والبيانات الإحصائية وجميعها تبين تطور النقل والسكك الحديدية.

ويتكون المتحف من طابقين، الأول يضم وسائل النقل المختلفة قبل القطار البخارى ومراحل تطورها، فيما يضم الدور الثانى نماذج القطارات منذ دخولها مصر ومراحل

تطورها وآليات تشغيلها.

كما يضم المتحف مكتبة موسعة تشمل ما يقرب من 500 مجلد وكتاب وثائقى عن الحركة التاريخية والفنية للنقل والسكة الحديد، بجانب تخصيص طابق كامل للحركة، حيث يمكن لزواره معرفة كيف ‏‏استطاع المصريون القدماء استخدام علم الحركة فى البناء والتشييد.‏

ويحتوى المتحف على مقتنيات أصلية نادرة تعد توثيقاً لتاريخ عمليات النقل فى مصر، والتحولات العمرانية الشاملة التى شهدتها أقدم ثانى سكة حديد فى العالم، فهو يحتوى على أول قطار دخل مصر عام 1855، ومركب فرعونى لمنقرع منذ حوالى 2000 سنة قبل الميلاد، ويشمل ‏أكثر من 700 نموذج من القطارات والأجهزة والمعدات التى تعتبر قطعاً فنية تثير الإعجاب.‏

كما يحتوى المتحف على النص الأصلى للعقد الذى وقَّعه عباس الأول خديو مصر عام 1851 مع روبرت ستيفنسون نجل مخترع القاطرة البخارية بقيمة 56 ألف جنيه إنجليزى لإنشاء خط حديدى بين العاصمة المصرية القاهرة والإسكندرية بطول 209 كلم.

إلا أن وثائق المتحف توضح أيضاً أن محمد على باشا فكر فى إنشاء السكة الحديدية عام 1843، كما يوثق أن عام 1854 شهد تسيير أول قاطرة على الخط الحديدى بين الإسكندرية وكفر الدوار.

ومن بين مقتنيات المتحف النادرة قطار الخديو سعيد الذى أهدته إياه فرنسا فى عام 1862 وما زالت قاطرته سليمة، وقطار الخديوى الذى صنع فى خمسينيات القرن الـ19 ويتكون من 6 عربات صنعت فى دول مختلفة ويبدأ بالقاطرة ثم عربة الحراسة تليها عربة الأميرات ثم عربة الخديو التى تحتوى على مقصورة لتحية الجماهير ثم عربة العائلة المالكة وأخيراً عربة الوزراء.

ويشمل المتحف على عدة أقسام فنية منها، الخرائط، الجسور، الوثائق النادرة، قسم لمجموعة من أجهزة الإشارات القديمة والحديثة توضح كيف كانت القاطرات توجه قديماً بواسطة يد الإنسان، وقسم الهدايا التذكارية.

بجانب قسم المحطات والكبارى وبه مجموعة من نماذج للمحطات القديمة والحديثة وبعض أنواع ‏ ‏كبارى السكك الحديدية يبين دقة بنائها وتطورها وتاريخها،‏ فضلاً عن قسم خاص بماكينة الطبع التى كانت تستخدم فى طبع‏ ‏التذاكر ومواعيد القطارات.

ولمشاهدة هذه الكنوز الرائعة وزيارة المتحف لن تتكلف عزيزى القارئ سوى 5 جنيهات هى ثمن تذكرة دخول المتحف، وبجنيه واحد للطلبة، أما الأجانب بـ50 جنيهاً، والتصوير الفوتوغرافى بـ10 جنيهات.

ورغم هذه التحف التى يمتلئ بها المتحف، إلا أنه يعانى ضعف الإقبال من جانب الجمهور، حتى إن أحد موظفى المتحف قال لمحرر «الوفد»، بمجرد دخولى المتحف والسؤال عن ثمن التذكرة ساخراً «إنت فينك من الصبح.. إحنا مستنينك من بدرى» فى إشارة منه إلى ضعف الإقبال بشكل كبير على المتحف.

 

استبعدوا «الظروف الاقتصادية» ..خبراء: غياب «التسويق».. أبرز أسباب تدنى الإقبال على المتاحف

 

كشف سامح الزهار، الباحث فى الآثار والتاريخ الإسلامى، أسباب عزوف المصريين عن زيارة المتاحف التاريخية والمواقع الأثرية.

وأوضح «الزهار»، أن هذه الأسباب بعيدة عن الظروف الاقتصادية الصعبة التى تمر بها البلاد حالياً، لأن أغلى متحف فى مصر سعر تذكرته لا تتجاوز 10 جنيهات، وغالباً ما يكون هناك خصم 50% للطلبة وكبار السن.

وأشار الباحث فى الآثار والتاريخ الإسلامى، إلى أن المنظومة المتحفية الحالية من الأسباب الرئيسية فى عزوف المواطنين عن زيارة المتاحف، لأنها تفتقد وجود مسئولين عن التسويق فى كل الوزارات يعملون بشكل احترافى يستطيعوا من خلاله الترويج للكنوز والجواهر التى تمتلئ بها متاحفنا.

ولفت إلى أن هناك عدداً كبيراً من المتاحف لا يعلم عنها كثير من المواطنين شيئاً، مثل بيت الكريتدلية، والنسيج المصرى، والسكة الحديد، وغيرها من المتاحف، نتيجة عدم التسويق الاحترافى لتلك المتاحف من جانب الجهات المسئولة عنها، سواء وزارة الآثار أو الثقافة أو النقل أو الاتصالات وغيرها.

ولذلك لا بد أن يكون داخل كل وزارة تمتلك متاحف، جهة تسويقية، وهذا أصبح ممكناً الآن ولن يكلف الدولة ملايين الجنيهات كما كان فى السابق، حيث إنه بكتابة منشور واحد على مواقع التواصل الاجتماعى بتكلفة بسيطة نستطيع من خلاله الوصول إلى ملايين الأشخاص الذين سيشاهدون الإعلان ويبدأوا التفكير فى زيارة المتحف، دون تحميل موازنة الدولة ملايين الجنيهات فى حملات الترويج بالتليفزيون والصحافة والطرق.

وتابع: «للأسف الوزارات حالياً حتى لما بيستخدموا وسائل التواصل الاجتماعى فى الترويج، فإنه يتم بشكل عشوائى وبتصوير كاميرات موبايلات غير احترافية، ما يؤدى إلى خروج الصور بشكل سيئ وينعكس بالسلب على المتلقى، وينتهى الأمر بقرار المواطنين عدم زيارة المتاحف، وبالتالى عدم تحقيق الهدف المطلوب».

ولفت الزهار، إلى قرار تنفذه المتاحف المصرية ويعتبر عامل طرد للزوار وليس جذباً، وهو منع التصوير داخل المتاحف، مشيراً إلى أن هذا القرار سيئ جداً لأنه يطالب المواطن بالحصول على تصاريح من جهات متعددة تجعله يكره التفكير مرة أخرى فى زيارة أى متحف.

وتابع: «بمناسبة هذا القرار، منذ فترة قريبة أعلن المتحف المصرى عن السماح للمواطنين بالتصوير لمدة أسبوع دون الحصول على تصاريح، وكانت النتيجة زيارة 30 مصوراً للمتحف والتقطوا 3 آلاف صورة للآثار الموجودة فى المتحف ونشروها على الفيس بوك، وبعد نشر الصور اكتشفنا أن حجم الإقبال على المتحف كان أكبر من المعتاد بشكل غير عادى، وهذا ما يفسر لنا ضرورة إلغاء قرار منع التصوير داخل المتاحف، ولكن المسئولين للأسف أعلنوا بعدها منع التصوير مجدداً بحجة الإضرار بالسياحة وهذا غير صحيح إطلاقاً».

ومن بين أسباب عزوف المصريين عن زيارة المتاحف أيضاً، قال الزهار، إن معظم المتاحف المصرية لا تحتوى على أماكن ترفيهية يستطيع الزائر الاستمتاع بوقته فيها، فلا يوجد مطاعم أو كافيهات، قائلاً: «الزائر للمتحف بيعتبر اليوم ده فسحة وعلشان كده لازم يستمتع بيه.. مش رايح علشان يتفرج على الآثار والمعروضات بس».

وأكد الباحث فى الآثار والتاريخ الإسلامى، أن المنظومة المتحفية فى مصر متهالكة، إضافة إلى غياب دور الإعلام فى الدعاية للمتاحف وخاصة برامج التوك شو، التى من الممكن أن تخرج من مدينة الإنتاج الإعلامى فى حلقة واحدة شهرياً وتذيعها من داخل أحد المتاحف مثلاً للترويج له، ولكن ذلك لا يحدث للأسف.

وأشار إلى أن دور المواطن نفسه غائب، وأصبحت زيارة الأماكن الثقافية والأثرية ليست ضمن اهتماماته، حيث إن الأب لابد أن يصطحب أولاده فى الإجازات لزيارة المتاحف وتعريفهم بقيمتها.

الدكتور عزت قادوس، رئيس قسم الآثار السابق بكلية الآداب سابقاً، قال إن عزوف المصريين عن زيارة المتاحف أصبح ظاهرة على مستوى الجمهورية، وأصبح هناك عدم اهتمام بالحضارة والتراث.

وأضاف قادوس: «فيه ناس كتير جداً دلوقتى ما تعرفش إن مصر فيها متحف للبريد أو السكة الحديد أو المتحف الزراعى وغيرها من المتاحف وده للأسف ناتج عن غياب التوعية بمثل هذه الكنوز».

وأكد رئيس قسم الآثار السابق، ضرورة الاهتمام بالتوعية بهذه المتاحف داخل المدارس أولاً ثم الدعاية لها فى الإذاعة والتليفزيون وكل وسائل الإعلام لتعريف الناس بها وأهميتها وقيمتها بالنسبة لهم.

 

عدد زواره لا يتعدى 5 أفراد يومياً .. «البريد المصرى».. 132 عاماً من تاريخ «البوستة»

 

فى مكان رائع بوسط المدينة بميدان العتبة، أمامه المسرح القومى، وبالقرب منه ميدان الأوبرا، وبجانبه شارع عبدالعزيز أشهر أماكن بيع الإلكترونيات فى مصر.. إنه متحف البريد المصرى الذى يحكى تاريخ البوستة المصرية.

هدوء تام يخيم على المتحف، مكان رغم عراقته وأهميته فإنه يكاد يخلو من البشر سوى الموظفين ورجال الأمن، يشكو حاله من ضعف الإقبال عليه ومشاهدة كنوزه وتحفه النادرة.

متحف يحكى تاريخ البوستة المصرية منذ إنشائه عام 1886 وحتى الآن، ويحوى أهم الطوابع التى صدرت عن هيئة البريد طوال تاريخها، وتطور الكتابة والرسالة منذ العصر الفرعونى.

ترجع فكرة إنشائه إلى عصر الملك فؤاد الأول، حيث تم افتتاحه أثناء اجتماع مؤتمر البريد العالمى العاشر بالقاهرة فى 1934، ثم تم تجديده مرة أخرى فى عهد الرئيس السابق حسنى مبارك وافتتاحه فى فبراير عام 1989.

بمجرد أن تطأ قدمك باب المتحف وتنظر يمينك ويسارك تجد صور رؤساء هيئة البريد ومؤسسى اتحاد البريد العام، فى بناء على شكل قبة مثل المساجد، وفى منتصف الدور الأرضى من المبنى سلم يقودك إلى الدور الأول والرئيسى والذى يحوى أقسام المتحف العشرة التى يمكنك زيارتها بجنيهين فقط ثمن تذكرة الدخول.

وتبدأ أقسام المتحف بالقسم التاريخى، الذى يحكى تطور الكتابة والرسالة فى عصور مختلفة، مثل لوحة نارمر ومحارب من العصر الفرعونى والرومانى والقبطى، وورق بردى وتماثيل للكاتب أيام الفراعنة وخطابات قديمة من عصور مختلفة.

ثم قسم المؤتمرات، ويعرض صوراً لمؤسس اتحاد البريد العام وصور أعضاء المؤتمرات البريد الدولى منذ 1874 حتى 1924، والاتفاقيات التى أُبرمت فى كل مؤتمر، كما يوجد قسم أدوات البريد، الذى يشمل مجموعات متنوعة من السنج والموازين والحقائب البريدية ومحافظ الطوابع والحوالات وضواغط الرصاص والأختام القديمة والحديثة وصناديق خطابات ميكانيكية وعادية.

أما قسم الملابس، فيشمل أنواعاً مختلفة من الملابس لكبار الموظفين ورؤساء الأقسام والموزعين وشارات مختلفة قماشية ونحاسية وعلامات للطوافة، فضلاً عن قسم المبانى، الذى يضم نماذج مصغرة لبعض المبانى البريدية كمصلحة البريد بالقاهرة ومكتب بريد بورسعيد وبورفؤاد ونموذج لمكتب بريد قروى ونموذج مصغر لقلم توزيع لمراقبة بريد القاهرة.

وكذلك قسم الخرائط والإحصاء، الذى يحتوى على خرائط ورسومات بيانية وإحصائية تظهر تطور أعمال المصلحة من مراسلات مسجلة وعادية وحوالات داخلية وخارجية وطرود، إضافة إلى قسم النقل، ويشمل نماذج لوسائل نقل البريد قديمة وحديثة من عربات خشب وحديد وموتوسيكلات وسكة حديد وبواخر لنقل البريد.

كما يحتوى المتحف على قسم الطوابع، سواء المصرية والأجنبية وإكليشهات وقوالب وألواح لصنع طوابع، وكذلك مجموعة من نماذج خطوات العمل فى صنع طوابع البريد بمصلحة المساحة، ويضم تصنيفاً فريداً لمجموعات الطوابع لكل من البريد الأوروبى والبريد الأفريقى والبريد الأسيوى والبريد الأمريكى والبريد الأسترالى.

وأخيراً، قسم البريد الجوى، الذى يضم نماذج مختلفة من الحمام الزاجل ونماذج لبعض الطائرات مهداة من شركة الطرق الجوية الإمبراطورية وشركة خطوط الطيران الهولندية، ونموذج لأول خطاب ورد إلى الإسكندرية من لندن فى 17 أغسطس عام 1929، وأول خطاب بالبريد الجوى أرسل إلى مدينة كراتشى من البريد المصرى بالخط الجوى بين القطر المصرى والهند، بجانب القسم الأجنبى، الذى يشمل مجموعة صور لمبانى ومتاحف بعض الإدارات البريدية الأجنبية، وبعض الأدوات المستخدمة بتلك الإدارات.

وتحدثت «الوفد» مع بعض العاملين فى المتحف حول أوضاع المتحف وآخر التطورات وعدد الزوار، إلا أنهم قالوا إن عدد الزوار فى اليوم الواحد لا يتخطى الـ5 أفراد وهناك بعض الأيام التى تخلو من الزيارات أساساً رغم أن ثمن التذكرة جنيهات فقط، مؤكدين فى الوقت نفسه أهمية المتحف وتأمينه بشكل كامل من خلال كاميرات المراقبة.