رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أسرار انهيار القومية للأسمنت

بوابة الوفد الإلكترونية

تقرير – حنان عثمان: اشراف: نادية صبحى

 

النهاية بدأت منذ 2013 وكلمة السر فى 411 فداناً تملكها فى حلوان

الإدارة السابقة طرحت فكرة المعاش المبكر بسبب التهام الأجور 40% من الإيرادات.. وتجاهل تقارير الجهاز المركزى أضاع الشركة

 

 لا يمكن لعاقل ومتابع لما يحدث فى الشركة القومية للأسمنت أن يصدق قرار أن غلق الشركة هو نهاية المطاف لآخر قلاع صناعة الأسمنت التابعة للدولة وانه هو الحل الوحيد لأزمتها. لابد أن فى الأمر سراً أو أسراراً يعلمها البعض وتخفى الجهات المسئولة الحقيقة الكاملة وإن اكتفت مرة بتصريح غامض ومرات أخرى بصمت مطبق.

«الوفد» تحاول البحث عن أول الخيوط فى السر وراء ما يحدث، خاصة بعد أن تطور الأمر إلى غلق الشركة وفتح باب المعاش المبكر واقتطاع حقوق العمال واعتصامهم رفضاً للقرارات وإثارة الأمر فى مجلس النواب .

 أولا: لم يفاجأ أحد بالحال التى وصلت إليها الشركة، إذ إن تاريخ الانهيار بدأ مبكراً منذ عام 2013 حيث تحولت القومية للأسمنت أحد أهم قلاع إنتاج الأسمنت فى مصر والشركة الوحيدة المنتجة للأسمنت التابعة للدولة من الربح إلى الخسارة ثم أدى سوء التخطيط لمشروعاتها واستثماراتها إلى تراكم الالتزامات على الشركة الأمر الذى تحول فى النهاية إلى سحب على المكشوف تجاوز 100 مليون جنيه.

 ومتابعة تفاصيل ما تعرضت له الشركة القومية للأسمنت يبدأ من تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات عن الشركة، والذى رصد عدة مشكلات دفعت التقرير إلى رصد أن خسارة العام 2014 بلغت نحو 138 مليوناً و398 ألف جنيه بنسبة 67% من رأس المال المصدر والمدفوع مما يستلزم عقد جمعية عامة غير عادية للنظر فى حل الشركة أو استمرارها تطبيقاً لأحكام المادة رقم 38 من القانون رقم 203 لسنة 1991 وكذا المادة رقم 40 من النظام الأساسى للشركة.

إحدى الملاحظات التى أوردها التقرير أيضاً كانت تتحدث عن ظهور رصيد رأس المال العامل بالسالب بنحو 309 مليوناً و158 ألف جنيه بزيادة بلغت نحو 86 مليوناً و330 ألف جنيه عن العام السابق مما يشير وفقاً للتقرير إلى عدم قدرة الشركة على الوفاء بالتزاماتها فى الأجل القصير، كما يتعين عليها الانتهاء من المشروعات القائمة لتحقيق أهداف الشركة من الإنتاج والمبيعات وبما يحافظ على استمراريتها، وكان رد الشركة على هذه الملاحظة أن ظهور رأس المال العامل بالسالب ناتج عن دخول الشركة فى مشروعات استثمارية كبيرة خلال الفترة حيث تم إدراج التسييل الخاص بمشروع التحسين البيئى ضمن الالتزامات المتداولة مما كان له الأثر على ظهور رأس المال بالسالب.

الغريب أن مشروع التحسين البيئى الذى اعتمدته الشركة يعد السبب الرئيسى لأزمتها الحالية كما يشير وضع الشركة، كما أن تقرير الجهاز المركزى أورد تلك الملاحظة بشكل مفصل، حيث ذكر أنه تم جرد المشروعات تحت التنفيذ فى 30-6-2014 بصورة إجمالية دون تحليل مفرداتها كما تضمن حساب المشروعات تحت التنفيذ نحو 674 مليوناً و625 ألف جنيه بخلاف نحو 12 مليوناً و930 ألف جنيه مدرج بحساب الإنفاق الاستثمارى، وذلك قيمة المسدد لحساب مشروع تحسين البيئى لمصنعى 3 و4 والمسند تنفيذ لشركة أرسكو وقد تبين تكرار إضافى أعمال إضافية لقيمة المشروع بالأمر المباشر بنحو 5 ملايين و200 ألف يورو و46 مليون جنيه مصرى هذا بخلاف ما تم إسناده من الشركة لشركة (ان . ال .اس) خارج نطاق التعاقد ولازمة لتحقيق أهداف مشروع بناء على طلب المورد دون توضيح أسباب عدم طرح تلك الأعمال ضمن المناقصة الأولى، حيث بلغت قيمتها نحو 80 مليون جنيه وهو ما يشير إلى وجود قصور فى دراسة الجدوى المعدة للمشروع بالإضافة إلى تأخير تنفيذ المشروع لتبدأ التجارب خلال النصف الثانى من شهر يونيو 2014.

وأكد الجهاز أنه يتعين تحديد المسئولية فى هذا الشأن، مع تحديد ما إذا كانت تلك الأعمال الإضافية المشار إليها تدخل ضمن مسئوليات اسيك القائمة بالإدارة الفنية لمصنعى 3 و4 حتى 30-6-2012 مع بحث أسباب التأخير وتطبيق الشروط الجزائية للتعاقد فى حالة تسببه فى التأخير.

وجاء رد الشركة على هذه الملاحظة ليشير إلى أن ما تمت إضافته للأعمال بعد التعاقد مع شركة أرسكو جاء بناء على طلب استشارى المشروع وهى جامعة بنها بأن هذه الزيادة سوف تعمل على تحسين أداء المصانع بعد التطوير وكذا زيادة الطاقة بمقدار 200 طن يومياً لكل فرن لذا فقد تمت الموافقة على هذه الزيادة لما تلاحظ من صحة وجهة نظر الاستشارى بعد مناقشته فى هذه التعديلات المطلوبة، وهى تمثل أعمال متكاملة مع العقد الأصلى ويصعب دخول شركة أخرى لتنفيذ تلك الأعمال، أما بالنسبة للأعمال المسندة لشركة (ان .ال.اس)، فهى تمثل الأعمال اللازمة لإزالة الاختناقات فى المراحل التى لم يشملها التطوير وتمت عن طريق مناقصة محدودة وتم إدراج قيمة الأعمال الأخيرة والبالغ قدرها 80 مليون جنيه ضمن مطالبات التحكيم مع شركة اسيك، ويرجع التأخير فى

تنفيذ المشروع لما ظهر من عيوب فى أعمدة الكولر التى يتطلب إصلاحها حوالى 3 أشهر علماً بأن تم تشكيل لجنة بالقرار رقم 242 لسنة 2014 لدراسة أسباب التأخير فى تنفيذ المشروع وتطبيق بنود الجزاءات طبقا للتعاقد.

أما الواقع فيؤكد أن الشركة بدأت مشروع التحسين البيئى فى شهر أكتوبر 2013 ولم يؤت ثماره وكان مقرراً أن يؤدى هذا المشروع إلى رفع الطاقة الإنتاجية من 4500 طن إلى 5200 طن، وهو ما لم يحدث بل تطور الوضع إلى أن الشركة أصبحت مدينة بنحو مليار جنيه فى هذا الوقت وتطور الأمر إلى تسجيل خسائر فى العام المالى الأخير 2016-2017 بنحو مليار جنيه. 

كما كانت المأساة الأكبر فى تحول الشركة التى كانت تنتج الكلينكر إلى شرائه للوفاء بالتزامات تعاقدية، الأمر الذى أدى إلى ارتفاع خسائر الشركة بصورة كبيرة وانخفاض المبيعات لأكثر 60%.

كما أدى إلى فقدان نسبة كبيرة من حصة الشركة فى السوق والتى تبلغ 8.7% من مجمل إنتاج مصر من الأسمنت، والتى تبلغ 60 مليون طن أسمنت.

يحدث هذا على الرغم من أنها الشركة الوحيدة التى تتبع الدولة وتنتج الأسمنت، وهناك شركات تشييد تابعة للدولة كان من الممكن أن يتم –عملا بالمصلحة المشتركة – توريد الأسمنت لها  فتضمن القومية للأسمنت التشغيل والإنتاج والتحصيل وتضمن شركات التشييد التسليم فى موعده وعدم وجود أى تلاعب، والسؤال لماذا تغافل المسئولون منذ 2013 عن حلول كتلك، ولماذا تم رفض اقتراح القابضة للتشييد فى 2014 بضم القومية للأسمنت إلى الشركات التابعة للقابضة للتشييد بدلا من ضم شركة عمر أفندى الخاصة بالتجارة الداخلية إلى القابضة للتشييد؟

هناك سر آخر فى انهيار الشركة وتوقفها الآن عن العمل يكمن فى ملكية الشركة لنحو 411 فداناً غير مستغلة فى حلوان، وكان قرار الجمعية العامة فى 2014 أن يتم التصرف فيها واستغلالها وتم مخاطبة الشركة القابضة للصناعات الكيماوية التى تتبعها القومية للأسمنت حتى يتم إنهاء الإجراءات، وتم عقد اجتماع مع القابضة الكيماوية والقابضة للتشييد والتعمير، والتى تتولى بموجب قرار وزارى التعامل على الأراضى غير المستغلة فى الشركات لإنشاء مشروعات على تلك الأرض، وكانت القومية للأسمنت قد تقدمت بعدة اقتراحات إما إنشاء مشروع سكنى فى الأرض أو تحويلها إلى منطقة صناعية للصناعات الصغيرة واستغلال قربها من عدة شركات، ويبدو أن هذا الأمر لاقى استحساناً عند المسئولين لتتطور الفكرة من مجرد استغلال المساحة 411 فداناً إلى الحديث الآن عن نقل القومية للأسمنت بكاملها إلى مكان آخر واستغلال الأرض التى أصبحت وسط المنطقة السكنية فى إقامة مشروعات سكنية على كاملها ووراء هذا الموضوع سر كبير سوف تكشف عنه الأيام القادمة.

السر الآخر فى قرار إيقاف القومية عن العمل وفتح باب المعاش المبكر للعاملين هو آخر دراسة تمت على عمالة الشركة فى 2015 حيث تشير إلى ارتفاع عدد العاملين بالشركة إلى 3000 عامل منهم 1600 عامل فوق 55 عاماً، كما أن الشركة فى حاجة إلى إحلال العمالة خاصة أن نوعية العمل صعبة ووقتها طرحت فكرة إمكانية فتح باب المعاش المبكر حتى تتمكن الشركة من تعيين عمالة جديدة، فضلاً عن ارتفاع الأجور، والتى أصبحت تلتهم نحو 40% من إيرادات الشركة فى ظل نقص الإيرادات.