رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

4 انقلابات فى عالم «الكيف»

بوابة الوفد الإلكترونية

 تحقيق: مجدى سلامة - اشراف: نادية صبحى

 

 

الضربات الأمنية فى سيناء تجفف منابع التجارة فى القناة والدلتا

مخدرات الميكس تسحب البساط من التقليدية.. وإقبال كبير على «حقن الطلق»

3٫6 مليار جنيه قضايا غسيل أموال مرتبطة بالنشاط فى عام واحد

30% من تمويل الإرهابيين يعتمد على تجارة المخدرات

15 مليار دولار قيمة تجارة المخدرات فى مصر سنوياً

7 مليارات دولار قيمة تجارة الخمور والسجائر بين المصريين كل عام

ما بين 113 ألفاً و117 ألف مصرى يعملون فى تجارة المخدرات

60 ألف قضية مخدرات تم تقديمها للعدالة عام 2017

328 فداناً مزروعة بالبانجو و270 فدان خشخاش و950 كيلوجرام هيروين، و8 ملايين قرص كيبتاجون.. تم ضبطها العام الماضى

 

المخدرات.. دنيا الدخان الأزرق.. عالم الرعب والحزن والمرض والموت.

هذا العالم القاتل والمدمر، شهد مؤخراً 4 زلازل وتحولات خطيرة غيَّرت مساره.. أولها «الغسيل» الذى يتعلق بغسيل أموال المخدرات.. والثانى «الميكس»، والخاص بانتشار أنواع جديدة من المواد المخدرة.. والثالث الإرهابيون الذين دخلوا على خط الاتجار بالمخدرات.. والرابع والأخير البذور، وبدأ البعض فى احتراف تجارة بذور النباتات المخدرة للمرة الأولى منذ قرون بعيدة..

وكل زلزال من الأربعة ينطوى على أرقام غاية فى الإثارة..

أول الأرقام إثارة هو أن قضايا غسيل أموال المخدرات فى مصر خلال العام الماضى وحدها وصلت إلى 3٫6 مليار جنيه، وهذا المبلغ الضخم، ليس وحده الرقم المفزع فى دنيا المخدرات، فهناك أرقام مروعة أخرى كثيرة.. فقيم تجارة المخدرات فى مصر تصل إلى 15 مليار دولار سنوياً، وإذا أضفنا إليها إدمان الخمور وتعاطى السجائر، تصل إلى 22 مليار دولار.. وثمة رقم مفزع آخر إذ إن هناك ما بين 113 ألفاً و117 ألف مصرى يعملون فى المخدرات، وهذه الأرقام المفزعة على عهدة الجمعية المصرية الدولية لمكافحة الإدمان.

رقم ثالث يتعلق بعام 2017، ففى هذا العام وحده تم ضبط 60 ألف قضية مخدرات، متهم فيها أكثر من 60 ألف شخص.. وأيضاً تم ضبط 328 فدان بانجو، و270 فدان مزروعة بالخشخاش، و950 كيلو هيروين، و8 ملايين قرص كيبتاجون المخدر (أرقام رسمية لوزارة الداخلية).

أما الرقم الأكثر إثارة فيتعلق بعلاقة الإرهابيين بتجارة المخدرات.

آخر الدراسات العلمية وتحقيقات الجهات الأمنية دولية كشفت أن تجارة المخدرات تمثل حوالى 30% من تمويلات منظمات إرهابية شهيرة جداً، وهو ما اعترفت به بعض الجماعات الإرهابية، والتى قالت صراحة إنها تتاجر فى المخدرات لتمويل عملياتها!

وبحسب كتابات أغلب المؤرخين، فإن المصريين لم يعرفوا تعاطى المخدرات إلا منذ حوالى 750 عاماً.. صحيح أن بعض البرديات جاء فيها ذكر الأفيون، إلا أن استخداماته كانت تنحصر فى الطب والعلاج، أما تعاطى الأفيون والحشيش كمخدر فلم يعرف فى مصر إلا فى القرن الخامس عشر الميلادى، خلال حكم المماليك، ووقتها تمت إباحة زراعة وبيع وتعاطى الحشيش، وشاع بين عموم المصريين أنه يجلب السعادة لمن يتعاطونه!

وعندما ظهرت الكوارث الصحية التى يسببها الحشيش لمن يتعاطونه، قرر المماليك حرق كل ما يتم ضبطه من مخدرات.. وانتهى الأمر عند الحرق!

ولما احتل العثمانيون مصر، اكتفوا بفرض ضريبة على تجار المخدرات، وهو ما يعنى أن التعاطى صار مباحاً، ولكن قادة الحملة الفرنسية قرروا عام 1800 تجريم تعاطى الحشيش بين المصريين، ولما رحل الفرنسيون عن مصر سقط القرار، وعاد تعاطى المخدرات مباحاً بين المصريين.

وبعد أن تولى محمد على باشا حكم مصر، ورأى أن تعاطى الحشيش يصيب العمال بالضعف والكسل واعتلال الصحة، قرر منع زراعته، ولكن البعض ظل يزرعونه خلسة، وسط حقول القمح، أو الذرة!!

والغريب أن عصر محمد على الذى تقرر فيه عدم زراعة الحشيش، شهد زراعة نوع جديد من المخدرات وهو الخشخاش الذى استقدم الأرمن بذوره، وزرعوه فى مصر، بغرض تصديره إلى بعض الدول لاستخدامه فى أغراض علمية وطبية!

وفى النصف الثانى من القرن التاسع عشر، ازداد إقبال العامة - خصوصاً الفقراء- على تعاطى الحشيش، وتوسع الفلاحون فى زراعته، وبدأت بعض الجاليات الأجنبية تهريب الحشيش اليونانى إلى مصر، عبر البحر المتوسط، وهو ما رد عليه الخديو إسماعيل بإصدار أمر عال يحرم استيراد الحشيش ويمنع زراعته، ويوجب على من يخالف أحكامه غرامة مالية لا تزيد على 200 قرش، ومصادرة المضبوطات.

والغريب أن الخديو إسماعيل فقد عرشه واحتل الإنجليز مصر بعد شهور قليلة من قراره الخاص بالحشيش!

ودخل المصريون القرن العشرين وهم يدخنون الحشيش والأفيون، بكل حرية، ثم عرفوا الكوكايين منذ عام 1916، بسبب الحرب العالمية الأولى، وانتقال الجيوش من بلد لآخر.

وفى عام 1925 أصدر مجلس الوزراء قانوناً يقضى بغرامة 300 جنيه والحبس من شهر إلى 3 أشهر لكل من يتاجر فى المخدرات، وبعد 4 سنوات من صدور القانون، تم تشكيل مكتب لمكافحة المخدرات فى القاهرة ليكون الأول من نوعه فى الشرق الأوسط، وفى الستينيات زادت جهود الدولة فى مطاردة تجار المخدرات، فقلت المخدرات المطروحة للبيع، وعندها لجأ المدمنون إلى تعاطى الأقراص المخدرة، التى لم تكن مدرجة على قوائم التجريم فى القانون المصرى.

وخلال السبعينيات، التى توسطها نصر أكتوبر قل انتشار الحشيش فى مصر، ثم عادت هوجة جديدة من الهيروين فى الثمانينيات وانتشر الهيروين، مرة ثانية فى مصر.

وعقب ثورة يناير 2011، زادت عمليات تهريب المخدرات بكل أنواعها.. ولا توجد دراسة دقيقة عن حجم تجارة المخدرات فى مصر حالياً، ولكن الجمعية المصرية الدولية لمكافحة الإدمان ترجح أن يكون حجم تجارة المخدرات والخمور والسجائر يعادل 22 مليار دولار سنوياً، منها 15 مليار دولار لتجارة المخدرات وحدها.. يحدث هذا كله رغم أن قانون مكافحة المخدرات يصل بعقوبة الاتجار فى المخدرات إلى الإعدام والغرامة التى تصل إلى 500 ألف جنيه.

 

انقلاب «الميكس»

قال هشام عباس، رئيس الجمعية المصرية الدولية لمكافحة الإدمان، إن أشكالاً جديدة فى عالم الإدمان ظهرت، فى مقدمتها أدوية علاج الصرع، كما أدمن آخرون الحقن بحقن الطلق التى تعطى للحوامل أثناء الولادة، وظهرت أنواع جديدة «ميكس» تضم خليطاً من مادتين مختلفتين، منها خليط لبوس الأطفال مع «المعسل»، وهو المادة الأساسية فى تدخين الشيشة.

وهذا الخليط أدمنه البعض، وأدمن البعض، أيضاً، «الأستروكس» وهو خليط من نبات المرمرية أو الزعتر أو البردقوش، الذى يتم رشه بسائل حقن الأتروبين، التى يستخدمها المريض قبل العمليات لتجفيف إفرازات الفم والحلق، وانتشر أيضاً الفودو وهو الحشيش الصناعى، والذى تم إدراجه على الجدول الأول للمخدرات منذ عام 2014، وأصبحت حيازته والاتجار فيه أو جلبه جناية تصل عقوبتها للإعدام والغرامة من 100 ألف إلى 500 ألف جنيه.

وهناك أيضاً السبايس، وهو لا يختلف عن الإستروكس كثيراً، ويقبل صغار السن على تناول السبايس والفودو والإستروكس، خصوصاً أنها لا يظهر فى التحاليل الطبية.

وأشارت دراسات الجمعية المصرية الدولية لمكافحة الإدمان إلى أن تعويم الجنيه

أحدث تأثيرات كارثية فى دنيا الإدمان، فشراء المخدرات من الخارج يتم بالدولار، وهو ما تسبب فى مضاعفة أسعارها لثلاث مرات، ما جعلها فوق طاقة عدد غير قليل من المدمنين.

ومن أجل مواجهة هذا الأمر، تمت إضافة كميات أكبر من المواد الكيميائية على المواد المخدرة، وبالتالى فكيلو الهيروين، تم خلطة بـ5 كيلوجرامات من المواد الكيماوية، وهو نفس ما تكرر فى المخدرات الأخرى، وهذه الإضافات زادت تركيز السموم فى المواد المخدرة، وهو ما جعل سرعة تدميرها للصحة أسرع بكثير مما كانت فى الماضى، فبعد أن كان المدمن تتدمر صحته بالكامل خلال 3 سنوات من إدمانه صارت عملية التدمير هذه تتم فى أقل من 18 شهراً فقط.

وقال هشام عباس، إن أكثر المحافظات استهلاكاً للمخدرات حاليا هى المحافظات الساحلية والقاهرة الكبرى ثم الفيوم والمنوفية، أما تجارة حبوب المزروعات المخدرة فظهرت فى بعض محافظات الصعيد.

وأضاف: التعاطى فى الصيف أكثر من الشتاء، والعلاج فى الصيف أصعب من الشتاء.

 

غسيل أموال

حتى سنوات قليلة مرت، كان تجار المخدرات يكتفون ببناء قصور يقيمون فيها، ويحتفظون داخلها بالأموال السائلة التى يجمعونها من حصيلة تجارتهم الحرام، وكان بعضهم يشترى سيارة لزوم الأبهة وتسهيل عمليات بيع المخدرات، وكان قلة قليلة يشترون بجزء من أموالهم سبائك ذهبية، لزوجاتهم، أما الآن فلم يعد تجار المخدرات يكتفون بهذا، فكثير منهم احترف عمليات غسيل أمواله من المخدرات، من خلال ضخها فى أعمال مشروعة، وعمليات الغسيل تتم عبر 6 طرق مختلفة، تشمل بناء عقارات، وإيداع أموال فى البنوك، وإنشاء شركة وهمية، وشراء أراضٍ زراعية، والمشاركة فى مشاريع مقاهٍ والمطاعم، وإقامة منشآت سياحية.

والمؤكد أن عمليات غسيل أموال تجارة المخدرات تتم على نطاق واسع وبأموال ضخمة جداً، بدليل أنه فى الشهور الأخيرة وحدها تم ضبط 6 تشكيلات عصابية تتاجر فى المخدرات، والمفاجأة أن ثرواتهم تجاوزت 3 مليارات جنيه!

العصابة الأولى كانت فى مدينة نبروه، التابعة لمحافظة الدقهلية، وقامت بغسل 200 مليون جنيه من تجارة الترامادول فى عدة مشروعات.

عصابة أخرى كانت فى محافظة كفر الشيخ قامت بغسيل أموال قرابة 40 مليون جنيه من متحصلات نشاطهم غير المشروع فى الاتجار بالمواد المخدرة.. وعصابة ثالثة جنوب سيناء، تضم اثنين من العاطلين وزوجتيهما، بلغت ثروتهم 50 مليون جنيه.

وقبل أيام أعلن اللواء زكريا الغمرى، مساعد وزير الداخلية لمكافحة الإرهاب، أن قضايا غسيل أموال تجارة المخدرات، بلغت قيمتها 3.5 مليار جنيه خلال العام الماضى، ودعا إلى تخصيص 50% من هذه الأموال لدعم صندوق مكافحة وعلاج الإدمان، الذى يقوم بدور كبير فى مكافحة تعاطى المخدرات..

ودعا أيضاً إلى تعديل قانون مزاولة مهنة الصيدلة الذى لم يعدل منذ سنوات، خصوصاً أن الغرامة المقررة فى القانون الحالى تتراوح بين 2 و10 جنيهات!

 

الإرهابيون على الخط

يبقى أخطر الزلازل فى عالم المخدرات هو دخول الجماعات الإرهابية على خط تجارة المخدرات، وهو ما يؤكده صبرة القاسمى، مؤسس الجبهة الوسطية لمواجهة التطرف، مشيراً إلى أن تنظيم القاعدة ومن بعده جماعة داعش الإرهابية تاجروا فى المخدرات لتمويل العمليات الإرهابية.

ويقول: «بعض عناصر بيت المقدس فى سيناء تاجروا فى المخدرات واحترفوا تهريب الأفارقة إلى إسرائيل للحصول على الأموال»

ويضيف: «بعد الضربات الأمنية القوية التى وجهتها الأجهزة الأمنية لمصادر تمويل الإرهابيين لن يجد الإرهابيون أمامهم سوى الاتجار فى المخدرات لتمويل عملياتهم الإرهابية».

والحقيقة أن الجماعات الإرهابية اعترفت ببيع المخدرات، هو ما اعترف به عضو تنظيم القاعدة أيمن العولقى فى مقال نشره على الموقع الرسمى لتنظيم القاعدة على شبكة الإنترنت فقال: «هناك 44 طريقة لدعم الجهاد. وتأتى على رأس هذه الوسائل 10 استراتيجيات ركزت على المال، ومن أجل المال فقد سلكت هذه الجماعات كل الطرق للحصول عليه.. وللجماعات الإرهابية نصيب الأسد من تجارة المخدرات».

ومؤخراً رصدت أجهزة الأمن الأفغانية وجود نحو مليار دولار حققتها بقايا حركة «طالبان» من بيع الأفيون الأفغانى.

نفس هذا المعنى أكدته «إدارة مكافحة المخدرات» الأمريكية، التى أكدت فى بياناتها الرسمية، أن 19 منظمة، من بين 43 منظمة تم تصنيفها كمنظمات إرهابية، ترتبط فعلياً بتجارة المخدرات العالمية، كما أن 60% من هذه المنظمات ترتبط بصناعة المخدرات أيضاً بخلاف التجارة فيها، وأغلب هذه التنظيمات تمثل تجارة المخدرات حوالى 30% من تمويلاتها.

وقبل أيام وبناء على تحقيقات موسعة قرر المدعى العام الفرنسى إحالة شبكة من 15 شخصاً لبنانياً إلى المحكمة الجنائية، بتهمة الاتجار فى المخدرات وغسيل الأموال لصالح حزب الله اللبنانى!