عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بلطجة على الطريق

بوابة الوفد الإلكترونية

تحقيق:حسام أبو المكارم - إسلام أبو خطوة - تصوير - أحمد حمدي - اشراف: نادية صبحى

 

زمان كانت قيادة السيارة «فن وذوق وأخلاق».. لكن ما يحدث فى شوارعنا الآن.. يؤكد أن قيادة السيارة أصبحت «بلطجة».. و«قلة ذوق».. و«انهيار أخلاق».. والنتيجة خناقات.. إهانات.. بل ودماء على الطرق السريعة.. والشوارع الداخلية.. وفى مواقف الميكروباصات و«التوك توك» أنت بحاجة إلى أعصاب من حديد فى صحبة السائق الذى ألقاك قدرك فى طريقه.

ولأن «المصريين» طيبون بطبعهم يؤثرون السلامة.. فكل يجرى على لقمة عيشه فهو ليس بحاجة للدخول فى معركة غير متكافئة مع سائق بدأ يومه بـ«اصطباحة» تعينه على إدارة الفوضى.. بكل أشكالها.. تجاوزات كثير من السائقين عبارة عن سلسلة «مرعبة» من الممارسات والسلوكيات الدخيلة على أخلاقنا تبدأ بـ«دهس قواعد السير» بعجلات سياراتهم و «تكاتكهم» وتعريض الركاب لخطر الإصابة والقتل.. مروراً بـ«الدهس» الفعلى لكل من يقف فى طريقه.. فكثير من سائقى الميكروباص تحديداً يدخلون فى سباقات مع كل المركبات التى تسير بجوارهم وتتخطاهم.. وهم أساتذة السير فى عكس الاتجاه، ويشترك معهم سائقو التكاتلك ملوك الطرق الجدد الذين يعتلون الكبارى والدائرى.. وكل ما هو محظور يصبح مباحاً فى عرفهم.

بلطجية السائقين لا تقف عند حد مخالفة قواعد السير بل تتعداها إلى سوء معاملة الزبائن والاشتباك الدائم معهم سواء بالألفاظ أو بالأيدى.. وأحياناً يتطور الأمر إلى استعمال «الأسلحة البيضاء» والطرد من السيارة فى عرض الطريق.. بلطجة السائقين تشمل أيضاً استغلال الركاب وتقسيم المسافات ومضاعفة الأجرة بشكل غير قانونى وغير إنسانى، إنها ألوان من الفوضى عجزت كافة القوانين واللوائح والمخالفات عن صدها.. والنتيجة مزيد من الفوضى والحوادث والضحايا، إضافة إلى «اعتلال المزاج العام» للمواطنين ضحايا «بلطجية الطريق»!

 

مواقف عشوائية ومعارك يومية.. والرقابة غائبة

 

معاركهم اليومية لم تنته بعد.. حتى يشعر البعض منهم أن يواجه مؤامرة كبرى تسعى للقضاء عليه وقتل أحلامه.

حياتهم عبارة عن طوابير وموقف عشوائى كبير، بدأت من رغيف الخبز، ومحطات البنزين، ومكاتب التموين، وشبابيك المصالح الحكومية، لإنهاء بعض الأوراق الرسمية، واستطاع التغلب على كل ذلك بالصبر والمواجهة لتحقيق التنمية ومساندة الدولة للنهوض بالاقتصاد.

عانى طويلاً.. لكنه لم يدرك أن الفوضى والإهمال وغياب الرقابة على مواقف الميكروباص ستجعله عُرضة للانصياع والرضوخ للسائقين، حتى أجبر على الوقوف فى طوابير تمتد لعشرات الأمتار؛ أملاً فى تحقيق الحلم، واستقلال سيارة تقله إلى مكان عمله أو منزله بعد أن يمتنع سائقو السيارات عن تحميل الركاب لمحاولة «تقسيم خطوط السير»، وزيادة الأجرة.

هذا هو حال غالبية المواطنين الذين يجدون أنفسهم محاطين بالعديد من المشكلات فى التأخير على العمل، ودفع ضعف الأجرة المحددة، ليجد نفسه محاطاً بحالة من الفوضى والعشوائية. داخل موقف عبدالمنعم رياض بمنطقة التحرير، وموقف المريوطية بالهرم، والسادس من أكتوبر، ومطالب بدفع فاتورة كل ذلك من خلال الوقوف فى تلك الطوابير وراء بعضهم دون أن يتخطى أحد دوره حتى يتمكن من استكمال حياته اليومية.

فى تمام الساعة العاشرة صباحاً داخل موقف عبدالمنعم رياض، طوابير الركاب المتجهة إلى مدينة السادس من أكتوبر تمتد لعشرات الأمتار، يضم الطابور جميع فئات المجتمع من عمال وموظفين وربات بيوت وشباب وطلاب جامعات وتلاميذ فى المدارس.. جميعهم يسعى على رزقه وأعماله، لكن العشوائية وغياب الرقابة وموت الضمير والبلطجة، كان لها رأى آخر وهو الامتناع عن نقلهم لتحقيق أهدافهم من خلال زيادة الأجرة أو عدم إكمال خط السيرة لنهايته وجميعهم لا حول له ولا قوة.. ينتظر الجميع أن يحنو السائق عليهم ويقوم بإيصالهم للأماكن التى يقصدونها دون احتكاك أو مشاحنات.

يقف الجميع دون أن يتخطى أحد دور الآخر، مستجيباً للنظام الذى وضعه بعض السائقين فى الموقف، للتسهيل على الأهالى فى عمليات الركوب دون تزاحم واحتكاك قد يؤدى إلى توقف وشل الحركة.

 سعيد أحمد (موظف)، يقف فى دوره بموقف عبدالمنعم رياض، يرى أن سبب انتشار الطوابير داخل المواقف غياب الدور المنوط لعناصر المرور فى الرقابة على السائقين، حتى تحولت الحياة إلى موقف عشوائى كبير، مشيراً إلى أن السائقين يمتنعون عن تحميل الركاب أثناء التكدس فى المواقف؛ حتى يتمكن من تقسيم خطوط السيارة، دون أى رقابة من جانب ضباط الإدارة العامة للمرور، لافتاً إلى أن الصبية يقودون السيارات دون رخصة قيادة، وهو ما يسبب العديد من المشكلات للمواطنين.

وأضاف قائلاً: «الموقف يسيطر عليه مجموعة من الخارجين عن القانون، ولا يضعون أحداً فى الاعتبار، ما جعل الموقف يمثل مصدر رعب لكل للركاب، وليس لعناصر المرور أو وجود داخل الموقف، ما جعل بعض الركاب تخضع للأجرة التى يفرضها السائقون أثناء استقلال السيارات».

وبوجه تطغى عليه ملامح الغضب يقول محمد خميس، (عامل)، إن الطابور الذى يقف فيه الركاب فى انتظار سيارة يدل على مدى الإهمال والخلل وعدم المراقبة من جانب المسئولين، فضلاً عن السائقين الذى يحصلون على الأجرة كاملة دون الالتزام بخط السير المحدد.

وتابع العامل: «أنا بركب مواصلتين فى خط سير واحد.. ولو ما نشتغلش أفضل، لأنى جاى رايح على المواصلات»، مطالباً بضرورة الاهتمام وتشديد الرقابة على سائقى الميكروباصات ومواجهة الأزمات التى يفتعلونها فى الشارع.

وفى المريوطية بالجيزة، تتكرر نفس المأساة والمعاناة، وهى الخضوع للوقوف فى طوابير المواصلات لتجنب الاحتكاك والتزاحم والحد من حالة الفوضى التى يتسبب فيها سائقو الميكروباصات، ولكن موقف المريوطية يختلف عن عبدالمنعم رياض كثيراً؛ حيث تتكرر الطوابير فى أوقات متفرقة من اليوم، ولا تقتصر فقط على ساعات الذروة وذهاب الموظفين إلى العمل أو إقبال الطلاب فى المراحل التعليمية المختلفة فالأمر يحدث بشكل مستمر.

يقول عماد مصطفى، أحد الركاب، إن الأسباب الحقيقية لطابور الركاب فى المواقف هى عدم استيعابه كم سيارات الأجرة مما يجعلها فى أحيان كثيرة بأعداد كبيرة وأخرى لا تجد سيارات، وهو ما يجعل مدة الانتظار تطول، مشيراً إلى أهمية تشديد الرقابة على السائقين الذين لا يخضعون للموقف، ويكتفى بتحميل الركاب من على الطرق والشوارع.

وشدد كمال دياب، أحد الركاب، على أهمية القضاء على المواقف العشوائية، وخضوع كافة السيارات الأجرة للموقف الرسمية حتى يتم القضاء على كافة الأزمات التى تواجه المواطنين، مطالباً بضرورة إنشاء نقط للمرور داخل المواقف للتفاعل مع المواطنين ومعرفة المشكلات والعمل على حلها من خلال فحص البلاغات التى تقدم ضد سائقى السيارات.

 

خبراء: 3 ملايين سيارة دون ترخيص

 

قال اللواء يسرى الروبى، خبير المرور الدولى والإنقاذ والتدخل السريع فى منطقة الشرق الأوسط، إن مشكلة المرور فى مصر متفاقمة منذ فترات طويلة، ولابد من وضع حلول نهائية لها بعد تزايد الحوادث فى الآونة الأخيرة، مشيرًا إلى أنه يوجد فى مصر أكثر من 3 ملايين سيارة دون تراخيص.

وأضاف الروبى أن مشكلة المرور تتوقف على الشخص ذاته من خلال تثقيفه وتعليمه وإيمانه بأن القانون يحافظ على حياته فى المقام الأول، لافتًا إلى أن مصر بعيدة كل البعد عن قوانين المرور الدولية.

وأشار الروبى إلى أن حل المشكلة يأتى من خلال توافر الإرادة واستشارة المتخصصين والأخذ بآرائهم والإصرار من قبل الجهات المسئولة على حل المشكلات التى تسيطر على الشوارع والمواقف فى مصر.

الدكتور عماد نبيل، استشارى النقل والمرور الدولى، يرى أن الحل الأمثل للسيطرة على الأزمات المروية فى مصر وعشوائية الميكروباصات يحتاج إلى توفير بديل حكومى لنقل الركاب من خلال مد شبكات مترو الأنفاق لبعض مناطق القاهرة وتوفير وسائل مواصلات جماعية قادرة على استيعاب الزيادة السكانية فى الشارع.

وأضاف أن الحد من دور «الميكروباص» فى نقل الركاب لا يمكن أن يتحقق دون توفير وسائل مواصلات أخرى خاضعة للدولة أو القطاع الخاص، أو خضوع عمل الميكروباص للشركات الخاصة أو الاستثمارية للحد من العشوائية التى تعيشها الشوارع، لافتًا إلى أن جميع سائقى الميكروباص لا يصلحون للقيادة، نظرًا لتناول السائقين المواد المخدرة ما يشكل خطورة على الأرواح، بالإضافة إلى أن البعض يقود السيارات دون رخصة قيادة.

وشدد خبير المرور على ضرورة إخضاع سائقى الميكروباصات لاختبارات حتى يكونوا مؤهلين لنقل المواطنين دون مشكلات ويخضعون بشكل دورى إلى التحليل لمعرفة ما إذا كان مدمنًا أم لا وبناء عليه يتم التصريح له بالقيادة من عدمه.

وأكد نبيل أن خضوع عمل الميكروباص للقطاع العام أو الخاص يحد من جميع المشكلات المرورية التى يعانى منها المواطن من خلال إنشاء مواقف خاصة لانتظار المواطنين تحقق الأهداف التى يريدها الركاب وهى القضاء على ظاهرة الطوابير والتزام السائقين بخطوط السير المحددة لهم.

وقال اللواء مجدى الشاهد الخبير المرورى، إن انتشار ظاهر الطوابير فى المواقف يؤكد عدم استيعاب المواقف للمركبات التى تنقل المواطنين، لافتًا إلى أن قانون المرور يشجع السائقين على ارتكاب المخالفات وتقسيم خطوط السير، من خلال التصالح فى المخالفات وعدم القدرة على إلغاء تراخيص السيارة.

وأكد «الشاهد» أن المواقف غير قادرة على استيعاب السيارات وهو ما جعل المواقف تزدحم بطوابير الركاب فى انتظار السيارات الأجرة، مؤكدًا أن السبب الحقيقى وراء العشوائية فى المواقف ووسائل المواصلات المصرية يرجع وبلطجة السائقين، هو غياب الدور الحقيقى للشرطة فى المواقف والشوارع للسيطرة على فوضى الميكروباص.

واستكمل الخبير المرورى، قائلًا: «ضعف التشريع المرورى والتصالح فى بعض المخالفات وإسقاط الغرامات يدعم البلطجة وتفشى فوضى المواصلات فى مصر»، مطالبًا بضرورة التنسيق بين المحافظات وعناصر المرور لضبط المواقف والحد من الظاهر السلبية التى تزيد من معاناة المواطنين فى وسائل النقل من خلال ارتفاع أسعار الانتقال فى الشارع.

وحول الحلول المقترحة للحد من البلطجة التى يمارسها السائقون، أشار إلى أن تحويل الغرامات والمخالفات على السائق بدلًا من السيارات يحد بشكل كبير من الأزمات المرورية التى يشهدها المجتمع، مشددًا على أهمية إصدار تذاكر تحمل أرقاماً لكل راكب فى المواقف للقضاء على الاحتكاكات والمشادات والطوابير التى تسيطر على بعض المواقف.

«الميكروباص إرهاب المواطن فى الشارع المصرى» هذه العبارة أطلقها اللواء سعيد طعيمة، عضو لجنة النقل بمجلس النواب، للتعبير عن العشوائية وعدم الالتزام من قبل سائقى الميكروباصات لخطوط السير وتعريفة الركوب التى حددتها الدولة لكل خط فى الشارع، مشيرًا إلى أنه لا يوجد تدخل من قبل المسئولين لتحديث السيارات الأجرة التى تنقل الركاب مما جعلها غير صالحة للاستخدام وتشكل خطورة على حياة المواطنين، بالإضافة إلى عدم استيعابها لأعداد الركاب التي تزيد يومًا بعد يوم ما أعطى فرصة أمام السائقين للتحكم فى المواطن وفرض أجر معين وتقسيم خطوط السير ومخالفة ما يتم تحديده له فى الشارع.

وأكد طعيمة أن يد الدولة المسيطرة على «الميكروباصات» ضعيفة جدًا ما عرض المواطن لخوض معارك يومية مع السائقين، مضيفًا أن السبب فى انتشار العشوائية فى المواقف ووسائل المواصلات والفوضى التى يتسبب فيها السائقون تعود على شركات النقل الجماعى التى تقوم بتأجير السيارات للسائقين ما جعلهم يتحكمون فى الركاب وتحديد خط سير خاص به بعيدًا عن المحدد له.

وشدد عضو لجنة النقل بمجلس النواب، على أهمية تطوير وسائل النقل فى مصر وتشديد الرقابة وإحكام السيطرة على الشارع المصرى للحد من بلطجة السائقين ما يخفف من معاناة المواطن المصرى، قائلًا: «هناك بعض السيارات والميكروباصات لم يتم تحديثها أو إضافة أعداد من الميكروباص إليها منذ تراخيصها عام 2000 ما أدى إلى وجود خلل واتساع الفجوة بين أعداد الركاب وحجم السيارات التى تنقل المواطنين».

ولفت طعيمة إلى أنه لا توجد فى مصر منظومة لوسائل المواصلات الداخلية، ولا توجد نقاط لعناصر المرور داخل المواقف للحد من العشوائية وفحص البلاغات المقدمة من الركاب حتى يتم القضاء على ظاهرة الطوابير التى اجتاحت بعض المواقف فى الفترة الأخيرة.

 

ثقافة «التوك توك» تغزو الشارع المصرى .. عنف وفهلوة وكلمات بذيئة

 

قال ýأكد الدكتور مرزوق العادلى، أستاذ الصحافة والإعلام بجامعة سوهاج، الخبير الإعلامى، إن وسائل الاعلام، سواء كانت تقليدية كالصحف أو التليفزيون أو الإذاعة، أو وسائل حديثة كالصحافة الإلكترونية ومواقع الأخبار والمعرفة المختلفة على شبكة الانترنت، وكذلك مواقع التواصل الاجتماعى ومنها «فيس بوك» و«تويتر» والتى تعد الآن إحدى وسائل نقل الأخبار والأكثر شهرة فى العالم، وكل هذه الوسائل لها تأثير كبير على تشكيل البناء الإدراكى والمعرفى للفرد أو المجتمع، ويساهم هذا البناء فى تشكيل رؤية الفرد والمجتمع تجاه قضايا مجتمعه والقدرة على تحليلها واستيعابها لاتخاذ السلوك المناسب حول هذه القضايا، فوسائل الإعلام، أيضاً، قادرة على تغيير سلوك وأنماط المجتمع.

ýوفيما يتعلق بأخلاقيات قائدى السيارات، أوضح «العادلى»، أن قانون المرور الجديد كان مأمولاً عند تطبيقه أن يحد من السلوكيات غير الأخلاقية لقائدى السيارات، ويوقف نزيف الدماء والأرواح الذى يشهده المجتمع المصرى بشكل يومى تقريباً، لكنَّه لم ينجح فى ذلك لغياب دور الإعلام فى التوعية ببنوده المختلفة وللتركيز أيضاً على الغرامات المالية وضعف الإجراءات الإدارية التى تصل إلى منع السائق من القيادة عند التجاوز الأخلاقى، وعلى الجانب الآخر نرى معظم وسائل الإعلام، وأهمها الفضائيات عبر الأفلام والمسلسلات تظهر سلوكيات منحرفة لقائدى السيارات على أنها بطولة وفهلوة ورجولة فيقتدى بها الكثير من السائقين، ما يحدث الكثير من الضرر الأخلاقى للمجتمع المصرى، يتمثل فى تدهور مستوى الذوق الثقافى العام؛ حيث نسمع من سائقى الأجرة تحديداً قاموساً من الألفاظ غير الراقية التى تعد انحداراً شديداً يفرض نفسه على المجتمع، وزيادة معدلات اللامبالاة والميل إلى انتهاك القوانين وتجاوز السرعات المحددة بل

واستخدام حركات غريبة بالسيارات والمركبات المختلفة يعاقب عليها القانون، لكن للأسف تحدث دون معاقبة مثل مواكب الأفراح التى تحدث فيها تجاوزات غير عادية كتعطيل الطريق العام دون النظر لمصالح الآخرين، وللأسف لا محاسبة وأحياناً يحدث ذلك أمام مرأى رجال المرور، وكذلك المساهمة فى الانهيار الأخلاقى العام من خلال المعاكسات والتحرشات بالفعل والقول من السائقين للمرأة والفتاة على السواء وأغلب هذه السلوكيات تأتى تقليداً لما يراه السائق فى وسائل الإعلام ومع الوقت يصبح سلوكاً طبيعياً لديه يؤمن به بل ويعلمه للبعض.

ýلذلك على وسائل الإعلام بشكل عام والتليفزيون بشكل خاص تحرى الدقة فى التوعية المرورية للسائقين بالقيم الأخلاقية التى يجب اتباعها عند قيادتهم للسيارات فى الطرق العامة، وعلى كُتاب السيناريو للأفلام والمسلسلات إظهار قائد السيارة بالشكل الأخلاقى المحترم ليكون قدوة لغيره من السائقين فى المجتمع.

ýوأشار «العادلى» إلى أنه من المؤسف للغاية غياب دور الإعلام والدولة فيما يتعلق بالتوك توك والموتوسيكل والتروسيكل، فأغلب هذه المركبات تسبب حوادث لا حصر لها من إزهاق للأرواح بكميات ضخمة ومن حوادث نصب وسرقة واغتصاب وتحرش جنسى ولفظى، وأضافك «لا أعلم كيف يسمحون لأطفال بقيادة هذه المركبات ومعظمها للأسف غير مرخص، وفى هذا الجانب هناك تقصير من الجهات المرورية وتقصير أكبر بكثير من وسائل الإعلام فى التوعية بخطورة قيادة هذه المركبات من قبل أفراد غير مؤهلين أخلاقياً وحتى عمرياً، وبالتالى تحدث عن طريقهم الكثير من التجاوزات الخطيرة التى تضر بالمجتمع والأفراد».

ýلذلك مصر فى أمس الحاجة لرجل مرور يطبق القانون على الكبير قبل الصغير ولإعلام واعٍ مدرك لكيفية التوعية بهذه القضية المهمة للمجتمع ولأفراده؛ حفاظاً على الأرواح والقيم والأخلاقيات العامة.

 

حوادث «السائقين».. سجل حافل بالجرائم

 

تتصاعد وتيرة حوادث الطرق يومًا، ما جعل مصر من أسوأ 10 دول فى العالم من حيث ارتفاع معدلات حوادث الطرق التى تؤدى إلى الوفاة طبقاً لتقرير منظمة الصحة العالمية.

وذكر تقرير منظمة الصحة العالمى أن عدد ضحايا الحوادث فى عام 2016 فى مصر بلغ 25 ألفاً و500 شخص بين قتيل ومصاب، بالإضافة إلى أكثر من 30 مليار جنيه خسائر مادية.

فى الرابع من ديسمبر 2017، شهدت منطقة جسر السويس حادثاً بشعاً بعد دهس سائق ميكروباص، طالبًا، إثر وقوف الضحية أمامه، عندما اعترض على محاولة السائق الهرب بعد احتكاك سيارتهما على الطريق، ولم يكتف السائق بعملية الدهس فقط وقام بسحل الشاب لأكثر من 10 أمتار، قبل أن يجبره الركاب على التوقف، ويسلموه لقسم شرطة الزيتون.

وفى شارع الأزهر قام سائق بدهس سائق أصحاب المحال، بعد صدم فتاة، ثم يصعد بالسيارة الرصيف ويدهس المواطنين الجالسين على الرصيف وحاول المارة اللحاق به إلا أنه فر هارباً.

وفى ليلة حزينة عاشتها محافظة البحيرة، بسبب رعونة سائق توك توك، لقى 7 تلاميذ مصرعهم غرقا إثر انقلاب التوك التوك الذى كانوا يستقلونه فى ترعة المحمودية بمركز دمنهور بالبحيرة، أثناء عودتهم من مدرستهم إلى منازلهم، بينما تم إنقاذ طفل واحد من الموت غرقاً، وانتشال جثامين الضحايا من بينهم 4 أشقاء لأسرتين.

وفى مارس 2017، تعرضت طفلة بالغة من العمر 4 سنوات، لواقعة هتك عرض على يد سائق «توك توك»، عقب اختطافها على يد مسجل خطر من أمام منزلها بقرية سيف الدين، فى دمياط، وعرفت الواقعة إعلاميا بـ«طفلة التوك توك»، وقضت محكمة جنايات دمياط بإحالة أوراق المتهم إلى المفتى.

وتعرضت إحدى الطالبات بمنطقة سيدى بشر بالإسكندرية، لتحرش لفظى من قبل سائقى أحد التكاتك مما تسبب فى حدوث مشاجرة بين أهالى المنطقة، كما لقى سائق توك توك مصرعه على يد مجهولين بطريق زاوية عبدالقادر بمنطقة نجع الحرابى، وتبين أن وراء الحادث 7 أشخاص استدرجوا المجنى عليه وقتلوه بهدف سرقة التوك توك.

وشهدت منطقة أبوقير خلال شهر أكتوبر الماضى وقوع اشتباكات عنيفة بالأسلحة البيضاء بين سائقى التكاتك مما أدى إلى حالة ذعر بين أهالى المنطقة وتقدموا ببلاغات سريعة لوقف تلك الاشتباكات.

أما محافظة الجيزة وتحديدًا فى منطقة البدرشين، أطلق 4 رجال النار على شاب لسرقة توك توك الذى يعمل علية ما أدى إلى مصرعه.

وفى يوم 9 نوفمبر2017، لقى طالب مصرعه بحادث عبور مشاة صدمه توك توك أثناء سيره بطريق الخدمات عند الكيلو 80 بدائرة مركز وادى النطرون.

 

القوانين الصارمة.. ضرورة حتمية لردع المخالفين

 

ýقالت نهلة عبدالسلام، خبيرة التنمية البشرية، إن القيادة فن ومهارة وأخلاق، ولكن مع زيادة انتشار حوادث الطرق أرجع البعض السبب لسوء هذه الطرق.. والبعض الآخر يرجع السبب للممارسات والسلوكيات الخاطئة واللاخلاقية من بعض السائقين كتناول البعض للمواد المخدرة والرعونة فى القيادة، والاستهتار بآداب الطريق والتلفظ بالألفاظ السيئة ومخالفة القوانين وعدم الحرص على حياته أو حياة وأرواح الآخرين.

ýوأضافت «عبدالسلام»: «لا ننسى أن هناك خللاً فى منظومة القيم والأخلاق بشكل عام فى المجتمع

ýوالتراجع الكبير فى هذه القيم يرجع لعدة أسباب منها غياب دور الأسرة فى التربية والبعد عن غرس القيم والمبادئ الصحيحة فى نفوس أبنائها والاكتفاء فقط برعاية الأبناء من حيث المأكل والملبس فقط وتركهم للانحرافات الفكرية والأخلاقية بجانب غياب دور المدرسة وأهمية التعليم بشكل عام، وغياب المعلم القدوة وأصبحت العلاقة بين المعلم والطالب ما هى إلا علاقة سطحية تجمعهم فقط الدروس الخصوصية».

ýوتابعت: لا ننسى أيضاً الأثر السيئ لبعض وسائل الإعلام والإسهام بشكل أو بآخر فى تدهور هذه القيم من خلال تصدير مشاهد العنف والبلطجة.

ýوعن الحلول قالت خبيرة التنمية البشرية، إن الحل يأتى من خلال تكاتف جميع الوسائل التربوية والتعليمية والإعلامية لنشر القيم الأخلاقية كالقيم الدينية من خلال توظيف هذه القيم فيما ينفع الناس فى الدنيا والآخرة ونشر أيضاً القيم الاجتماعية لتعميق صلة الأرحام ونشر المحبة والود بين جميع أفراد الأسرة ورجوع فكرة «العيلة».

ýولا ننسى القيم الثقافية من خلال زيادة الوعى الثقافى وتوظيفها فى بناء إنسان محافظ على ثوابت مجتمعه من عادات وتقاليد وقيم.

وقالت نهلة عبدالسلام: «لو رجعنا مرة أخرى للسائقين يجب أن تكون هناك قوانين صارمة على سلوكيات هؤلاء وليس على مخالفات المرور فقط؛ لأن السلوك هو من يمنع هذه المخالفات بجانب عمل اختبار نفسى وسلوكى وعدم الاقتصار على الكشف الطبى فقط. ويجب أيضاً أن يتم تجديد رخصة القيادة أو ربما إلغاؤها بشكل نهائى ليس فقط ما تحدده المخالفات المرورية والقانونية ولكن أيضاً للمخالفات السلوكية وعدم الالتزام بآداب الطريق ويأتى ذلك عن طريق التأهيل الأخلاقى لهؤلاء فى كيفية تعاملهم مع المواطنين سواء فى الطريق أو من معه أثناء القيادة».

 

قانون المرور الجديد.. ضرورة لوقف نزيف الدم

 

ýمع صباح كل يوم نقرأ فى عناوين الصحف ونشرات التليفزيون، عن حوادث الطرق، وضحاياها سواء كان السبب سوء حالة الطريق أو مخالفة قائد السيارة للقواعد المرورية.

وتشير آخر إحصائيات إلى أن عدداً كبيراً من الحوادث التى وقعت خلال الفترة الأخيرة، نجمت عن تعاطى السائقين للمواد المخدرة بنسبة 24%.

ýوشن صندوق مكافحة الإدمان والتعاطى تحت إشراف وزارة التضامن الاجتماعى، حملات مكثفة خضع لها السائقون وتم الكشف على 3429 سائقاً يقودون حافلات مدرسية و47557 سائقًا مهنيًا على الطرق السريعة والداخلية.

وأشارت النتائج إلى أن نسبة تعاطى المخدرات بين سائقى الحافلات المدرسية 2.7% بعدما كانت 12% عام 2014 وسائقى الطرق السريعة 12%.

ýالإشكالية ليست وليدة هذه الفترة ولكن تعود لعام 2014 عندما زادت حدة الحوادث على الطرق، وقرر مجلس الوزراء فى شهر نوفمبر من العام نفسه، تشكيل لجنة للكشف عن المخدرات بين سائقى الحافلات المدرسية، وتم ýإطلاق حملة توعوية لأولياء الأمور للإبلاغ عن أى حالات اشتباه تعاطى مخدرات بين سائقى المدارس، من خلال الاتصال بالخط الساخن بالصندوق 16023، وتم إحالة كل السائقين الذين ثبت تعاطيهم للمواد المخدرة إلى النيابة العامة.

كما تم اتخاذ الإجراءات القانونية ضد 5,2% من عمال المدارس ثبت تعاطيهم المخدرات وتحويلهم للنيابة الإدارية.

فطبقًا لقانون المرور الجديد، يلزم على جميع السائقين الخضوع لكشف تعاطى المواد المخدرة ومن يثبت تعاطيه لها لن يتم إعطاء الرخصة له نهائيا.

كما يجب توافر اللياقة الصحية وذلك من خلال الفحص فى مراكز معتمدة من الإدارة العامة للمرور للكشف عن متعاطى المواد المخدرة، للحد من حوادث الطرق والكشف عنهم بشكل دورى.

وساهمت الحملات المرورية فى الحد من الحوادث.. كما يجب أن يكون المتقدم لحمل رخصة قيادة حاصلاً على شهادة محو الأمية على الأقل مع اجتياز اختبار فنى فى القيادة وقواعد المرور وآدابه.

وشدد القانون على ضرورة اجتياز دورة تدريبية فى أساسيات القيادة الآمنة فى أحد مراكز تعليم القيادة المعتمدة من الإدارة العامة للمرور.

وطبقًا للقانون الجديد أيضاً يتم تحديد مدة نقاط الصلاحية من تطبيق نظام يمنح نقاطاً معينة لقائد السيارة تسحب منه مع كل مخالفة حتى تنتهى الرخصة ومدد سريانها والبيانات المثبتة بها، وعلامات تأمينها وكيفية تجديدها، وإصدار بدل فاقد أو تالف لها.