رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

المرضى كعب داير على المستشفيات الحكومية

بوابة الوفد الإلكترونية

كتب : إسلام أبو خطوة

المرضى فى مصر يمتنعون.. حياة قاسية.. يحياها الباحثون عن العلاج بوجه عام، والمحتاجون إلى الأشعات والتحاليل بوجه خاص.

طابور الانتظار فى المستشفيات الحكومية يطول بلا نهاية، مأساة متجددة لا حد لها وربما يكون المريض قد فقد حياته قبل تشخيص علته على يد أجهزة الأشعة.

الهاربون بالنجاة عبر اللجوء إلى المراكز الخاصة يتكبدون ما لا طاقة لهم به ويدفعون ما لا يملكون ثمنًا للأشعات والتحاليل بحثًا عن التشخيص لبدء رحلة العلاج بعد فشل المستشفيات الحكومية عن تقديم خدماتها للمرضى الذين يعانون الويلات بين ضيق ذات اليد ومبالغات المراكز الخاصة.

وما بين قسوة المرض وويلات الألم وعجز المستشفيات الحكومية يعيش الباحثون عن النجاة رحلة مؤلمة فى غياهب ومتاهات مراكز الأشعة والتشخيص ودقة النتائج.. ولا عزاء للمصريين.

أزمات القطاع الصحى عرض مستمر آخرها اختفاء صبغات عدد من الأشعة لمرضى القلب والكلى والكبد، ليصبحوا بين الحياة والموت، فيعيش 15 مليون مصرى من مرضى الفيروس الكبدى «سى» مأساة يومية، بعد اختفاء صبغات أشعة «اللبيدول» و«البيروجرافين»، و«الهستواكريل»، التى تستخدم فى الأشعة الداخلية بالقسطرة مع العلاج الكيماوى لمرضى السرطان وفى جميع أنواع الأشعة المقطعية وفى أشعة الرنين المغناطيسى وعمليات الحقن الشريانى للكبد وحقن شرايين البروستاتا والأورام الليفية على الرحم، كما يعيش مرضى القلب حياة مريرة بعد اختفاء صبغة الفلورسين أو صبغة الإندوساينين الأخضر، وهى خاصة بتصوير قاع العين.

جاء ذلك مخالفًا لبيان وزارة الصحة حول وجود أزمة بشأن صبغات الأشعة، حيث قال الدكتور خالد مجاهد، المتحدث باسم الوزارة: إن ما يتردد عن نقص «صبغات الأشعات»، عار تمامًا من الصحة، مؤكداً أن المخزون الحالى يكفى لسد احتياجات المرضى وأن هناك كميات أخرى تعاقدت الوزارة على استيرادها.

وبحسب آخر الإحصائيات المعلنة وصل عدد المصابين بفيروس سى إلى 15 مليون مصرى، واحتلت مصر المرتبة الأولى فى قائمة مرضى الفيروس الكبدى «سى» على مستوى العالم العربى بنسبة تبلغ 14% من جملة المصريين، وفقًا لتقارير منظمة الصحة العالمية.

الصحة: مصر خالية من فيرس سى فى 2020!

 

حملة أطلقتها وزارة الصحة للقضاء على فيرس سى بحلول عام 2020، فى 17 محافظة، وذلك فى إطار مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسى لإعلان مصر خالية من فيرس «سى»، بالتعاون مع صندوق تحيا مصر ومشيخة الأزهر.

‏‎قال خالد مجاهد المتحدث الرسمى باسم الوزارة: إن الحملة سيتم العمل بها فى محافظات: القاهرة، الفيوم، بنى سويف، المنيا، سوهاج، الجيزة، قنا، الأقصر، أسوان، البحر الأحمر، الغربية، المنوفية، الشرقية، الدقهلية، أسيوط، بورسعيد، دمياط، مشيراً إلى استكمال باقى المحافظات تباعاً.

وأضاف مجاهد أن الحملة تقوم بالمسح الطبي من خلال عمل تحليل «Elisa وRapid Test» للكشف على الأجسام المضادة لـ «فيرس سى»، ومن يثبت إيجابيته يتم تحويله لعمل تحليل «PCR» للتأكد من إصابته بالفيروس من عدمه، ومن يثبت إصابته يتم صرف العلاج له فى نفس اليوم من تاريخ ظهور النتائج بالمجان.

أما عن الفئة العمرية فهى تستهدف من 19 إلى 59 عاماً، وهى الفئة التى أفادت نتائج تقارير البنك الدولى بأنها الأكثر عرضه للإصابة بالمرض، إذ بلغت حوالى 50 مليون مواطن، منوهاً بأن المستهدف من الحملة مسح وعلاج 15 مليون مواطن كل عام، وذلك على 3 أعوام.. وتابع أنه من خلال تلك الحملة سيتم الانتهاء من المستهدف خلال 3 سنوات لتصبح مصر خالية من «فيرس سى» بنهاية 2020.

أطباء: الدولار وراء اختفاء صبغات الأشعة

 

الدكتور هشام الخياط، أستاذ الكبد والجهاز الهضمى، أكد أن هناك نقصًا فعليًا فى صبغات الأشعة التى يتم استيرادها من الخارج ولا تصنع محلياً، مشيرًا إلى أنه بعد ارتفاع سعر الدولار أصبح الوضع حرجًا وأصبح السوق فى مأزق، واختفت ثلاثة أنواع من صبغات الأشعة، وهى: «اللبيدول» و«البيروجرافين»، و«الهستواكريل».

وأضاف «الخياط» أن المريض قد يتم تأجيل موعده لأخذ الجرعات لحين توافرها ما يؤدى لتأخر حالته، مطالبًا وزارة الصحة والمؤسسة العسكرية إلى قيامها باستيراد المادة لمنع احتكار الشركات المستوردة لها إلى أن يتم تصنيعها بالداخل.

من جانبه، قال الدكتور أحمد عبداللطيف، رئيس قسم أمراض الجهاز الهضمى والكبد بجامعة القاهرة الأسبق: إن الصبغات المختفية من السوق وداخل المستشفيات تستخدم فى إجراء الأشعة لكل مرضى الأورام خاصة من لديهم مشكلة فى الأوعية الدموية ولها استخدامات متعددة منها تصوير الأورام والشرايين والأوردة.

وأشار «عبداللطيف» إلى أن هذه الصبغات يستخدمها مرضى الزرع وفى الأشعة المقطعية والرنين المغناطيسى وأشعة التشخيص، كما تستخدم فى تصوير الأورام والشرايين والأوردة.

الدكتور إسلام شوقى، أستاذ أمراض القلب بجامعة الأزهر، قال: إن صبغة الفلورسين أو صبغة الإندوساينين الأخضر تمكن الطبيب من رؤية الأوعية الدموية بوضوح تام فى قاع العين وفى باقى أجزاء الجسم بشكل عام، مشيرًا إلى أنه يتم حقن صبغة الفلورسين والتى تكون مرئية فى الضوء الأزرق فى ذراع المريض عن طريق الوريد.

وأضاف بعد فترة من الحقن تؤخذ صور سريعة ومتتالية للشبكية حيث ستشعّ الصبغة داخل الأوعية الدموية وتظهرها بشكل واضح، مما يسهل عملية تشخيص الخلل، موضحًا أن تصوير العين باستخدام صبغة الفلورسين مفيدًا بصورة خاصة فى تشخيص اعتلال الشبكية نتيجة لداء السكرى وانحلال مركز النظر أو ما يُعرف بالبقعة الصفراء الناتج عن كبر السن، وانسداد الأوعية الدموية فى الشبكية وغيرها من الأمراض الأخرى.

صبغة اللبيدول بـ 1800 جنيه

حكايات مأساوية على أبواب معهد الأورام

 

مئات المواطنين يترددون يومياً على معهد الكبد القومى بوزارة الصحة، وغيرهم من أصحاب مرضى الكلى والقلب «كعب داير» على مراكز الأشعة الخارجية يصرفون مئات الجنيهات لإجراء التحاليل والأشعة لعدم توافرها فى المستشفيات.

«ح. ا»، مريض قلب، لقى مصرعه، ليكون آخر نماذج الإهمال الصحى، حيث ظل لمدة سنوات طويلة يبحث عن الشفاء داخل المستشفيات الحكومية، إلا أن الأمر انتهى بوفاته.

قصته تعود إلى إصابته بالقلب، حيث لجأ إلى التأمين الصحي، إلا أنه فوجئ بسوء الخدمات ونقص بعض الأدوية فضلاً عن تأخر مواعيد الكشف، مما زاد من تأخر حالته الصحية، كما واجهته أزمة عدم توافر «بلافكس» المضاد للتجلط، فكان من المفترض أن المريض يصرف له 60 قرصًا، ولكن في الحقيقة كانت تصرف له 56 فقط حال تواجدها.

عبدالعال هريدى، مريض بورم في الكبد، قال: إنه من محافظة قنا، وجاء للقاهرة قاصداً معهد الكبد القومي لإجراء عملية حقن كيماوي شرياني، ولكنه فوجئ بالطبيب يخبره بعدم توافر صبغة «اللبيدول» الخاص بالأشعة، ويطالبه بشرائها من الخارج على نفقته الخاصة.

«مش عارف هوه إحنا لاقيين ناكل علشان نجيب علاج بكذا ألف».. بحالة من الاستياء الشديد يكمل حديثه، قائلاً: إنه جاء من الصعيد أملاً في الحياة والشفاء، ولكن فوجئ بعدم توافر الإمكانيات، وقام بشراء صبغة «اللبيدول» بـ 1000 جنيه.

وأشار «هريدى» إلى أن تقاعس الحكومة عن توفير الخدمات لمرضي الكبد، جعلهم يشعرون بأنهم يقومون بشراء حياتهم بأموالهم الخاصة، برغم ما أوصى به الرئيس عبدالفتاح السيسى فى خطاباته بأهمية توفير حياة كريمة للمرضى وخدمة أفضل فى المستشفيات.

وتابع «هريدى» قائلاً: «عدد كبير من مرضي الكلى والكبد تابعون لمحافظات الصعيد، وذلك بسبب تلوث المياه، وبحكم الطبيعة الريفية بسبب تعرضهم للترع أثناء طفولتهم، ولهذا تجدهم عاجزين عن شراء العلاج من الخارج لعدم قدرتهم المالية».

وعن أسعار الصبغات قال أحمد صادق، مريض كبد: إن مادة «اللبيدول» كانت منذ 4 سنوات

بـ 100 جنيه، ويحتوى الأنبول على 10 سنتيمترات، أما الآن فتباع بـ 1800 جنيه ونادر وجودها فى الصيدليات.

وحول أنواع الصبغات، أشار «صادق» إلى أن «يوروجرافين» 20 مل، الأكثر استخداماً وتداولاً وسعرها كان بــ 16 جنيها ومختفية بالصيدليات، و«الترافيست» 50/300 مل وكان سعرها 85 جنيهاً للأمبول وارتفعت فى الزيادات الأخيرة لــ 112 جنيهًا، و«الترافيست» 50/370 مل وارتفع سعرها لــ 120 جنيهاً تسعيرة جبرية من 90 جنيهاً، و«ماجنافيست 20 مل» وسعرها 450 جنيه قبل التعويم، و«تليبركس» 50/300 مل.

«لما تكون أسعار العلاج كده نجيب منين نعالج نفسنا ولا نأكل عيالنا».. بحزن شديد يكمل «صادق» صاحب الأربعين عاماً حديثه، وقال: إن لديه 4 أبناء فى مراحل تعليمية مختلفة، أكبرهم في الثانوية العامة، ولا يستطيع شراء ما يطلب منه لإجراء الأشعة.

وأمام مدخل معهد الكبد جلس فتحى سالم، واضعاً يده على خديه، ويدخل فى نوبة نوم عميقة، بعد انتظاره ميعاد دخوله للكشف لساعات طويلة، حتى أن نادى عليه أحد العاملين فهرع على الفور للدخول، وبعد ساعتين خرج وعلى وجهه علامات الغضب، وقال: «مش عارف مستشفيات إيه دى بيخلونا نشترى كل حاجة على حسابنا».

وأشار المريض إلى أنه مثل غيره الكثير أصيب بصدمة كبيرة حينما علم أن تكاليف علاجه يتكلفها من نفقاته الخاصة، وليس على حساب المستشفى الحكومى.

رأفت منصور، مريض مصاب بورم فى الكبد، أحد أبناء محافظة قنا، من أسرة متوسطة الحال، يتردد على معهد الكبد القومى منذ سنوات لإجراء عمليات حقن كيماوى شريانى، وذلك على نفقة الدولة نظراً لارتفاع تكلفة العلاج إلى 5 آلاف جنيه.

وقال «منصور»: برغم أننى من المفترض أن يتم علاجى على نفقة الدولة إلا أننى أقوم بشراء حقن الصبغة من الخارج لعدم توافرها داخل المعهد، مشيراً إلى أنه يجرى الحقن داخل قسم الأشعة من خلال الأشعة التداخلية بـالقسطرة لحقن الصبغة مع العلاج الكيماوى، وأنتظر ساعات طويلة فى قائمة الانتظار، ويطلب منى قسم الأشعة شراء حقن الصبغة من الخارج، وفى الأغلب تكون صيدلية أمام المعهد تحرص على توفير الحقن بها بسعر يصل إلى 1000 جنيه للحقنة.

النتائج الخاطئة.. قصور فى الأداء وأرواح تصعد للسماء

 

مئات من مرضى القلب والكبد والكلى والسكر يترجلون يومياً على مداخل المستشفيات لإجراء التحاليل لينضموا لـ «طابور الانتظار» وقد تصل لشهور طويلة، مما تعود بالسلب على حالتهم الصحية بالتدهور، فيما يسعى آخرون للمعامل الخارجية ليكبدهم آلاف الجنيهات من نفقاتهم الخاصة.

«1500 جنيه أقل سعر لإجراء التحاليل فى المراكز الخارجية» حسبما قال ثابت زيان، مريض كبد، بخلاف مصاريف العلاج والسفر إذا كان المريض من خارج القاهرة والجيزة، مشيراً إلى أن قوائم انتظار المرضى أمام المستشفيات الحكومة لا تختلف كثيرًا عن المراكز الخاصة ولكن الفارق توافر الخدمات وصبغات الأشعة.

وأوضح «زيان» أن هناك أخطاء فادحة تحدث في إجراء التحاليل الخارجية منها تبادل الأسماء على كشوف الأشعة، وغيرها من الأطباء معدومي الخبرة يخبرون المرضي بتوصيف خاطئ لحالاتهم ويصرفون لهم علاج قد يكون خاطئ بعض الشىء.

«أعطال أجهزة الأشعة مش بس فى المستشفيات الحكومية لا كمان فى الخاصة».. بهذه الكلمات استهل أحمد فوزى، مريض سكر، حديثه، من أمام أحد مراكز الأشعة الخاصة، قائلاً: إنه تعرض من قبل للانتظار قرابة 5 ساعات أمام مكتب الطبيب لحين إصلاح جهاز الأشعة مما أدى لتأخر حالته وأجبره على المغاردة حتى لا يتعرض للإغماء.

وتابع: «مصاريف الأشعة اللى أجريتها حتى الآن 3000 جنيه»، مشيراً إلى أنه أجبر على اللجوء لمراكز الأشعة الخارجية بعد فشل المستشفيات في توفير الخدمة له، وقال: «هل ممكن الخدمة قليلة علشان بس أنا على نفقة الدولة؟».

وناشد «زيان» وزير الصحة بمتابعة حالة المستشفيات الحكومية، ومراكز التحاليل الخاصة، وذلك رفقة بحاله المرضي من الطبقات الفقيرة الذين لا يمتلكون سوى قوت يومهم.

 

اختفاء الكوادر

أستاذ بكلية الطب جامعة أسيوط - رفض ذكر اسمه - أكد أن عددا كبيرا من نتائج تحاليل مرضى السكر والقلب والكبد والكلى فى التأمين الصحى بالمستشفيات الحكومية قد تكون خاطئة بنسبة لا تقل عن 30%، ما يهدد المرضى بالموت المفاجئ وذلك لاعتمادهم على نتائج وهمية وعلى أساسها يتخذون العلاج الخاطئ.

وعن أسباب خروج النتائج خاطئة بهذه الشكل، قال الطبيب إنه يرجع إلى انعدام الخبرة والاستعانة بأشخاص ليسوا متخصصين، الأمر الذي يزيد من آلام المرضى العاجزين عن الكشف فى العيادات الخارجية المكلفة آلاف الجنيهات.

وأشار إلى أن تحاليل مرضى الكبد والسكر والكلى والقلب من المفترض أن تجرى شهرياً للتأكد من صحة الحالة وتحسنها، ولكن ما يحدث داخل المستشفيات يعجل من حياة المريض لانتظاره شهورا طويلة للدخول للكشف.

وتابع: «أقل تكلفة لتحليل سواء لمريض القلب أو الكبد أو السكر أو أى مرض مزمن ألف جنيه، فضلاً عن مصاريف العلاج قد يصل تكلفة المريض شهرياً 4 آلاف جنيه».