رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

اللواء عبدالسلام المحجوب يخرج عن صمته ويتحدث لــ الوفد : المشير أحمد إسماعيل أذهل العالم فى حرب أكتوبر

اللواء «عبدالسلام
اللواء «عبدالسلام المحجوب

حوار: ممدوح الدسوقى

 

له بصمة كبيرة فى التدريب والتخطيط للمعركة.. وخبير بشكل الميدان القتالى ومتطلباته

علاقته مع «السادات» كانت قوية .. والثقة بينهما بلا حدود

القيادة السياسية أعدت المشير «أحمد اسماعيل» لمنصب وزير الحربية

تم اختياره ضمن أفضل 50 قائدًا عسكريًا دوليًا

 

عندما اتصلت باللواء «عبدالسلام المحجوب» وزير التنمية المحلية الأسبق، لاستئذانه فى تحديد موعد لإجراء هذا الحوار، قال لي: «يا بني، أنا بعتذر عن إجراء أية حوارات صحفية أو إعلامية منذ أن تركت العمل العام، ولن أسجل أية حوارات». قلت له: «سيادة اللواء أعرف هذا ولكن الحوار عن المشير أحمد إسماعيل».. فوافق قائلًا: إذا كان عن المشير أحمد إسماعيل فأنا أوافق وحدد لى الموعد والمكان، وبالفعل ذهبت إليه وبدأ الحوار الذى أكد فيه أن المشير أحمد إسماعيل كان قائدًا ميدانيًا على أعلى مستوى من الكفاءة والقدرة على التخطيط والتمويه والتنفيذ فى ميدان القتال، وأن الرئيس أنور السادات كان يَعده لمنصب وزير الحربية، حيث كانت علاقتهما قوية ومتينة وبينهما ثقة بلا حدود.

وأشار «المحجوب» إلى أن أحمد إسماعيل كان يضع نفسه مكان وزير الحربية الذى سيقود المعركة، ولهذا كان يجهز له المعلومات عن العدو، وهذا دليل على أن أحمد إسماعيل كان مخلصًا فى عمله ولديه قدرة غير طبيعية لإحقاق الحق ومساندة الآخرين.

مشيراً إلى أن أحمد إسماعيل كان له بصمة كبيرة فى التدريب والتخطيط والتجهيز لمعركة أكتوبر، حيث كان يعرف شكل الميدان القتالى ومتطلباته وماذا يدور فيه.

وأضاف: أن أحمد إسماعيل أدار حرب أكتوبر بكفاءة عالية أذهلت العالم، بما أهله أن يتم اختياره ضمن أفضل خمسين قائدًا عسكريًا على مستوى العالم.  وأضاف أن أحمد إسماعيل له بصمات واضحة فى القوات المسلحة لا ينكرها أحد، ولهذا كان يرفض تنفيذ أى خطة حربية لم يكن مشاركًا فيها ومخططًا لها، لأنه رجل عسكرى محترف ومنضبط.

● متى وكيف تعرفت على المشير أحمد إسماعيل؟

- لم أكن متواجدًا فى مصر، لأننى كنت مكلفًا بالقيام بمأمورية عمل فى الخارج، وعُدت إلى مصر، وبالفعل قابلنا الفريق أحمد إسماعيل ووجدناه رجلًا لطيفًا، وفى خلال دقائق أزال كل الحواجز والهيبة بيننا، حيث كنت فى رتبة صغيرة وهو المسئول الكبير، وأذكر إنه سألنى ماذا أفعل حاليًا؟ وظل يسأل فى تفصيلات كثيرة ويستفسر عن معلومات دقيقة جدًا وأنا أُجيبه، بل ظل ساعتين يستمع إلى ما أقوله، وفى النهاية قال لي: إن الجهد الرئيسى الذى أعمل عليه مهم جدًا، وأكمل لي: يا بنى أنت تعمل فى الخارج ونحن نحتاج إلى معلومات دقيقة عن العدو، وبدأ يتحدث ويطلب ما يريده، ونظر إلى رئيسى المباشر وقال له: هذا ما أحتاجه من رجالك فى الخارج ثم أنهى اللقاء، وبالفعل كان الجميع يعمل فى الاتجاه الذى يريده وهو جمع معلومات محددة عن العدو فى اتجاهات معينة، وكان واضحًا أنه يحتاجها.

ومعنى أن الفريق «أحمد إسماعيل» كرجل عسكرى فهذا يؤكد أنه كان قريبًا من القيادة السياسية ويعرف تفكيرها، وما هى خطتها وأهدافها، ولهذا كان يعمل ضمن أهداف سياسية محددة.

● وهل كانت توجد دلائل على هذا؟

- بكل تأكيد، لأن اهتماماته كانت اهتمامات رجل سيخوض حربًا، خاصة أنه كان يطلب معلومات بتفصيلات محددة فى اتجاهات معينة وبدقة شديدة، كان يضع نفسه مكان وزير الحربية الذى سيحارب فكان يُجهز له ما يحتاج من معلومات لتنفيذ مهمته القادمة، وهذا ما اتضح لى بعد ذلك، عندما كان يتم استدعائى لمقابلة الفريق أحمد إسماعيل لمناقشة واستفسار وتأكيد بعض الأمور التى تهمه وتشغله وهذا كان يتم معى ومع زملائي.

● إذن قرار تعيينه وزيرًا للحربية لم يكن مفاجأة؟

- قرار تعيين الفريق أول أحمد إسماعيل وزيرًا للحربية لم يكن مفاجأة بالنسبة لاختياره كقائد عسكري، لأن انطباعى عنه أنه كان شديد الحرص على أن يعرف قدرات الجهاز بالكامل حتى يستطيع توظيفها بشكل جيد وللاستفادة منها، وبالتالى قابل الجميع ومر على وحدات الجهاز بالكامل، وهذا يؤكد أنه رجل عندما يتولى مهمة كان يتعايش مع المكان الذى فيه.

● هل التقيت معه بعدما أصبح وزيرًا للحربية؟

- أذكر لقاءً لى مع الفريق أول أحمد إسماعيل قبل حرب أكتوبر بحوالى 15 يومًا فى استراحة الرئيس «السادات» بالقناطر، حيث كنت أعمل فى بيروت، واستدعيت لمأمورية ما من رئاسة الجمهورية، وكان معى «أبو إياد» أحد القيادات الفلسطينية، لمقابلة رئيس الجمهورية، وعندما دخلنا إلى الاستراحة وجدنا الفريق أول أحمد إسماعيل فى صالون الاستراحة فسلم علينا لأنه كان يعرف «أبو إياد» وكان يتقابل مع هذه القيادات، ثم دخل أحمد إسماعيل أولا إلى الرئيس، ثم دخلت أنا و«أبو إياد» بعده بفترة ما، وقابلنا الرئيس «السادات».

● هل يمكن أن نعرف ما الذى دار فى هذا اللقاء؟

- الرئيس «السادات» وجه مجموعة من الأسئلة لـ«أبو إياد» قائلًا: تقابلنا كثيرًا يا «أبو إياد»، وأنتم حاليًا عاملين إيه مع إسرائيل؟.. ورجالتكم عاملين إيه؟.. ولما ندخل الحرب ماذا ستفعلون؟.. وهل ستساعدون أم ستتفرجون؟.. فقال «أبو إياد»: لا يا ريس سنقوم بعمليات قوية ولن نصمت.

فقال الرئيس: طيب أنا قابلتك حتى أقول لك شدوا حيلكوا لأننا يمكن أن نقوم بالحرب بعد يوم أو شهر أو شهرين أو ثلاثة أشهر، المهم أن تكونوا جاهزين، وأيضًا سنتابع معكم وأولادنا الذين يعملون معكم سيتابعون معكم ويخبروننا بما يحدث، ويوم ما تبدأ الحرب سنقول لكم قبلها حتى تستعدوا.

● وهل قال الفريق أول أحمد إسماعيل شيئًا أثناء اللقاء؟

- الفريق أول أحمد إسماعيل تحدث عن المقاومة الفلسطينية بأن روحهم المعنوية مرتفعة، وأنهم يقومون بأعمال جيدة وسيقدمون جهودهم عندما تقوم المعركة، وقال كلامًا جيدًا عنهم للرئيس «السادات» فى وجود «أبو إياد» وانتهت المقابلة وخرجت مع «أبو إياد» وظل الفريق أول أحمد إسماعيل مع الرئيس، وبعد الخروج قيل لى الرئيس يطلب لقاءك مرة أخرى لأنه يريد إخبارك بشيء ما، فتركت «أبو إياد» فى صالون الاستراحة، ودخلت للرئيس وما زال معه الفريق أول أحمد إسماعيل، فسألنى الرئيس عن بعض الأمور ثم قال لى كونوا جاهزين لأننا يمكن أن ندخل حربًا وسوف يقولون لكم حينها.

ثم قال الفريق أول أحمد إسماعيل دول أولادنا وهم جاهزون طوال الوقت، فأصبح الانطباع لدىّ أن المناخ أصبح جاهزًا لحدوث شيء.

● وما هو انطباعك عن إنسانية المشير أحمد إسماعيل؟

- كنت أعمل فى المملكة الأردنية، وحينها أرسلت خبرًا فى منتهى الخطورة إلى القاهرة، أؤكد فيه بأن جلالة الملك «حسين» الذى أحترمه جدًا لأنه كان من

أذكى الحكام العرب، سيعلن عن قيام المملكة المتحدة، فوصلت برقية من القاهرة تطلب منى تأكيد الخبر، فأكدته مرة أخرى، فوصلت لى برقية ثانية بالتأكيد على الخبر، فأكدته مرة ثالثة، فسألونى هل معى وثائق؟.. فقلت: لا.. لأننى كنت أبحث عن وثيقة ولم أستطع أن أجدها، ولأن الوقت لم يسعفني، فتم إعلان المملكة المتحدة، وكانت أحد الحلول لحل القضية الفلسطينية، بأن تصبح المملكة المتحدة جزءين الأردن وفلسطين مع بعضهما كمملكة متحدة، فى شكل فيدرالى أو كونفيدرالى أيًا كان، والأردن حينها سيكون مسئولًا عن الضفة الغربية، ولكن عندما أرسلوا برقية واثنتين وثلاثًا إلىّ.. إذن القاهرة هنا تشكك فى صحة الخبر الذى أرسلته، وهذا يؤثر فىّ كمهنى، ولكن المشير أحمد إسماعيل قدر هذا وهو وزير الحربية، حيث كان مسافرًا إلى دولة ما، ولكنه سافر إليها عن طريق بيروت، وبالطبع الكل قابله فى بيروت وأقاموا له مأدبة غداء فى أحد المطاعم الشهيرة فى لبنان، وأثناء تناول طعام الغداء فى وجود الملحق العسكرى المصرى وزملائه، قال لي: يا «محمد» فاكر خبر المملكة المتحدة؟.

فقلت: نعم يا فندم.

وقال المشير: نسيوا يقولوا لك إن الخبر صحيح، لأنه نشر بعد ذلك.

● وماذا كان يقصد بهذا معك؟

- كان المشير أحمد إسماعيل رحمه الله، يقصد أنه إذا كان علق فى ذهنى شيء أو أصابنى شيء فى نفسى من التشكيك فى مهنيتى وقدرتى على تشغيل رجالى ومصادري، لأن خبرًا بهذا الحجم والثقل، كان لا بد وأن أكون واثقًا منه، لأنه كان من الممكن أن يتخذ بسببه قرار، والمشير قدر هذا وظل هذا الموقف فى ذهنه حتى يتقابل معى ويزيل من نفسى أى غُصة فجاء إلى بيروت لمجرد أن يمحو هذا الأمر، لأنه لم يكن لديه شيء آخر فى بيروت، ولكنه كان يريد إحقاق الحق لأصحابه وهذه قدرة غير طبيعية، وقليل من الرجال الذين يتمتعون بهذه الصفة.

● إذًا كيف ترى هذا القائد العسكرى الذى قاد معركة النصر؟

- كابن من أبناء المؤسسة العسكرية أقول: إن المشير أحمد إسماعيل وباقى الصف من زملائه الذين كانوا معه، الذين خططوا وأداروا ونفذوا وتابعوا وانتصروا، هم أبناء هذه المؤسسة الوطنية العريقة، وأحمد إسماعيل كان له بصمة كبيرة جدًا فى التخطيط والإعداد والتدريب والتجهيز لمعركة أكتوبر، لأنه طوال خدمته وهو قائد ميدانى على أعلى مستوى من الكفاءة والقدرة على التخطيط والتمويه والإعداد والتدريب والتنفيذ فى ميدان القتال، وهذا ما جعلنى أقول إن القيادة السياسة كان لها رؤية ثاقبة. لأن أحمد إسماعيل الذى عرفته كان يجب أن يعرف التفصيلات ويتدخل فيها ويتأكد منها ويتابعها، فما بالنا بخطة الحرب الاستراتيجية للدولة بعد هزيمة قاسية، فبكل تأكيد لابد وأن يكون له دخل فى الخطة وفى إعدادها وفى تنفيذها، فهذا هو أحمد إسماعيل الذى يرفض أن تأتى له خطة حربية لم يكن مشاركًا فيها أو مخططًا لها، ويوافق أن ينفذها فقد كانت شخصيته العسكرية ترفض هذا، وكان له بصمات واضحة فى القوات المسلحة لا يمكن أن ينكرها أحد، فقد كان الأول على زملائه فى جميع الفرق التى حصل عليها، واختير من ضمن أفضل خمسين قائدًا عسكريًا على مستوى العالم، ويكفى أنه بما كان لدى القوات المصرية من أسلحة، تتفوق عليها الأسلحة الأمريكية التى كانت لدى العدو الإسرائيلي، ولكنه أدار المعركة بكفاءة عالية وتفوق عليها بالسلاح الروسى والعالم يعرف أن العقيدة العسكرية الروسية، هى عقيدة دفاعية، والأسلحة تصمم على هذه العقيدة ولكنها استخدمت فى الدفاع والهجوم بقدرة أذهلت العالم.

● وإلى أى مدى استفاد من العام الذى ترأس فيه جهازا مهما؟

- بالطبع أحمد إسماعيل كقائد عسكرى كان يهمه أن يعرف أمورًا كثيرة عن العدو، خاصة نقاط ضعفه وأماكن قوته، ليتعامل معها كقائد عسكري، وكان يطلب المعلومات عن العدو، حتى يضع خطته المناسبة وينجح فى تنفيذها، أفاده فى هذا كثيرًا، حيث كان يضع نفسه مكان وزير الحربية الذى سيحارب، وهذا دليل على أنه كان رجلًا وطنيًا ومخلصًا وأمينًا فى عمله. 

● وكيف كانت علاقته بالرئيس السادات؟

- كانت علاقة المشير أحمد إسماعيل بالرئيس «السادات» علاقة قوية ومتينة، وكان توجد ثقة بينهما بلا حدود، ولهذا كان يحضر مقابلات عديدة مع الرئيس «السادات» وكانت مفيدة له فى إدارته المعركة.