رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«الغزل والنسيج».. من القمة إلى القاع!

المشكلات تحاصر صناعة
المشكلات تحاصر صناعة الغزل والنسيج

الأزمات تلاحق الشركة منذ ثمانينات القرن الماضى دون حلول جذرية

 

تعتبر صناعة الغزل والنسيج واحدة من أهم الصناعات الوطنية التى قامت عليها النهضة الصناعية المصرية، ولكنها تعانى من مشكلات عديدة منذ ثمانينات القرن الماضى، ما أدى إلى تدهورها، وبعد أن كانت هذه الصناعة تستوعب ما يقرب من مليون و200 ألف عامل، انخفض هذا الرقم للنصف تقريبا، وأصبحت استثماراتها المقدرة بـ50 مليار جنيه فى مهب الريح، وراحت الغزول والملابس المستوردة تضرب صناعتنا الوطنية فى مقتل، وزادت مشكلة القطن المصرى الذى فقد عرشه من مشاكل الصناعة الأقدم فى مصر، حتى وجه الرئيس السيسى بإنشاء كيانات متكاملة لصناعة الغزل والنسيج تبدأ من زراعة القطن وتنتهى بتصنيعه، مع ضرورة الاستمرار فى مشروعات التطوير وإعادة الهيكلة للشركات الوطنية وعلى رأسها شركات غزل المحلة وغزل شبين، التى تحتاج إلى ما بين 5 إلى 6 مليارات جنيه، وأصبح الجميع ينتظر عودة الروح لهذه الصناعة العريقة التى يمكنها المساهمة فى حل مشكلة البطالة، بالإضافة إلى دورها فى إنقاذ الاقتصاد المصرى من عثرته.

 وصناعة الغزل والنسيج واحدة من أهم الصناعات التى عرفها المصريون منذ عهد الفراعنة، وتطورت هذه الصناعة أكثر وتحولت من صناعة يدوية إلى صناعة آلية فى عصر النهضة الصناعية المصرية الأولى فى عهد محمد على باشا، حيث تم إنشاء عدد كبير من المصانع.

 إلا أن الانطلاقة الحقيقية لها كانت فى بداية القرن العشرين على يد الاقتصادى الكبير طلعت حرب باشا، الذى أنشأ بنك مصر وما تبعه من شركات تحمل اسم مصر، منها شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى وغيرها من شركات الغزل والنسيج، وبعد قيام ثورة يوليو 1952 واهتمام الدولة بالصناعات بشكل عام أصبح لصناعة الغزل والنسيج أهمية خاصة حتى اجتذبت الكثير من الأيدى العاملة، وأصبحت هناك قلاع لصناعة الغزل والنسيج فى المحلة الكبرى وكفر الدوار وشبين الكوم وشبرا الخيمة وغيرها.

 ومع اتجاه الدولة لتطبيق سياسة الانفتاح الاقتصادى فى السبعينات صدر القانون رقم 13 لسنة 1974 المعروف بقانون الاستثمار العربى والأجنبى والمناطق الحرة، والذى سمح بدخول القطاع الخاص لأول مرة فى مجال صناعة الغزل والنسيج وأصبحت من أكثر الصناعات الجاذبة للأيدى العاملة، ولكن مشكلة ضعف الأجور كانت هى المشكلة الغالبة فى هذا الوقت والتى كانت تؤرق العاملين فى هذا المجال، ومع ذلك ظلت هذه الصناعة مستقرة حتى صدور القانون رقم 203 لسنة 1991 المعروف بقانون قطاع الأعمال العام، الذى يعد أول مسمار تم دقه فى نعش هذه الصناعة العريقة، حيث مهد هذا القانون لخصخصة الشركات التى كانت تعانى من نزيف الخسائر منذ الثمانينات، وتمهيداً لبيع الشركات فتحت الحكومة الباب أمام العاملين للخروج للمعاش المبكر، فخرج 161 ألفاً من العاملين فى القطاع الحكومى، ووصل مسلسل التدمير إلى ذروته بعد أن توقفت الدولة عن ضخ أى استثمارات جديدة فى شركات قطاع الأعمال العام، وبالتالى توقفت عمليات التطوير والصيانة وتجديد الماكينات، وتم تكهين مصانع بالكامل، وسعت الحكومة للتخلص من هذا الميراث الذى كان الفشل فى إدارته هو السبب فيما آل إليه حاله من انهيار حتى وصلت خسائره إلى 33 مليار جنيه، إلا إنها لم تفلح فى التخلص من الشركات المثقلة بالديون، حتى إنها لم تبع سوى شركتين من مجموع 34 شركة كانت تمتلكها، واستمر نزيف الخسائر، حتى أصبحت استثماراتها المقدرة بـ50 مليار جنيه مهددة بالضياع.

وأرجعت دراسة لجمعية صناع الغزل والنسيج بالمحلة الكبرى مشاكل صناعة الغزل والنسيج المصرى إلى الإهمال الشديد فى إحلال وتجديد الآلات والمعدات، بالإضافة إلى عدم وجود إدارة علمية تطبق مبدأ الثواب والعقاب، وتضخم حجم العمالة، كل هذه الأسباب أدت إلى رفع سعر التكلفة وضربت الصناعة الوطنية فى الصميم، وترتب على ذلك تراكم المديونات على الشركات، واختلال الهيكل التمويلى لشركات

صناعة النسيج والملابس الجاهزة الحكومية، والتى لجأت للاقتراض من البنوك لتمويل عمليات الإحلال والتجديد بفائدة وصلت إلى ٢٠٪ فى بعض الفترات ما أدى فى النهاية إلى انهيار كثير منها، بالإضافة إلى المشاكل المالية الطاحنة وندرة السيولة وتهالك الآلات والمعدات وعدم تطويرها.

بالإضافة إلى مشكلة التهريب التى كانت سبباً فى تكبد الشركات المصرية خسائر فادحة على مدار الأعوام الماضية، وبعد تحرير سعر الصرف زادت المشكلات نتيجة لارتفاع أسعار الغزول المستوردة وعدم توافرها وهو ما أدى إلى توقف العديد من المصانع عن العمل.

ورغم كل التصريحات الحكومية حول حل مشكلات صناعة الغزل والنسيج وقلاعها الوطنية فإن هذا لم يحدث، حتى جاءت توجيهات الرئيس السيسى لحكومته مؤخراً تحمل بارقة أمل لإنقاذ هذه الصناعة من عثرتها، حيث أكدت الحكومة ضرورة إنقاذ هذا القطاع الذى تقدر مساهمته بـ 2.4 % من إجمالى الناتج الصناعى، ويعمل به حوالى 25% من إجمالى العمالة المحلية، وتبلغ صادراته حوالى 7 مليارات جنيه.

وأعلنت وزارة الصناعة عن تبنى مبادرة وطنية بعنوان «القطن من البذرة إلى الكسوة» بالتعاون مع الاتحاد الأوروبى، وتم البدء فى إجراءات إنشاء 4 مدن نسجية وتخصيص مليون متر مربع بمدينة بدر لصناعة الغزل والنسيج و750 ألف متر مربع فى المحلة وكفر الدوار، فضلًا عن العمل على تأهيل العمالة المدربة من خلال تطوير المناهج التعليمية والمعدات الخاصة بمدارس الكفاية الإنتاجية، وبحث بناء مجمعات غزل ونسيج بالاشتراك مع القطاع الخاص، والسماح باستيراد القطن قصير التيلة لتلبية الطلب المحلى.

 ويرى المهندس عبدالفتاح إبراهيم، رئيس النقابة العامة لعمال الغزل والنسيج، أن هناك 4 محاور رئيسية لإصلاح هذه الصناعة، لا بد أن تسعى الحكومة فيها جميعاً بالتزامن، وهى التوسع فى زراعة القطن متوسط وقصير التيلة حيث إنهما يمثلان 98% من استهلاك المصانع فى مصر.

ثانياً إعادة هيكلة الماكينات والآلات الموجودة فى شركات قطاع الأعمال العام.

ثالثا: رفع الرسوم الجمركية على الواردات من الغزول والأقمشة، ومنع التهريب لحماية المنتج المصرى، مضيفاً أن: التهريب قد قل كثيراً عما قبل، ولكن لا بد من توفير كافة وسائل الحماية للمنتج المحلى.

ورابعًا وأخيرًا إعادة هيكلة العمالة الفنية فى شركات قطاع الأعمال العام والتى من المفترض أن تكون 85% للعمالة الفنية و15% للخدمات، حيث إن معظم الشركات تعانى من اختلال هذه النسب لتصل إلى 50% أو 60% للخدمات فى بعض الشركات وهو ما يؤدى إلى نقص العمالة الفنية التى تدير الآلات، وهو أمر لا بد من معالجته حتى تعود الروح لصناعة الغزل والنسيج.