عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أطعمة «الإكسباير» تدمر صحة المصريين

بوابة الوفد الإلكترونية

رحمة محمود

دفع «غلاء الأسعار» العديد من المواطنين لشراء السلع الغذائية رخيصة الثمن، دون النظر إلى صلاحيتها ومدى ملاءمتها للصحة العامة.. السعر فقط هو «كلمة السر» ولا صوت يعلو فوق صوته، حتى لو كانت نتيجة تناولها الإصابة «بالتلبك المعوى»، فالوصفات الشعبية والمشروبات الساخنة قادرة على إزالة الألم والشفاء السريع.

ورغم أن الحكومة حاولت البحث عن حل لمشكلة تعدد الجهات المشرفة والمنوط بها الرقابة على الأغذية بعدما كانت موزعة على عدة وزارات منها الزراعة والتجارة والصحة والداخلية والتموين والإسكان، وذلك بصدور قرار وزير التجارة والصناعة رقم 374 بسنة 2007 بتشكيل لجنة لتسيير إنشاء الهيئة القومية لسلامة الغذاء، إلا أن هذا القرار لم يحد من انتشار الأغذية الفاسدة فى الأسواق المصرية.

وقد تم وضع مقترح لقانون إنشاء هيئة مستقلة للرقابة على سلامة الغذاء فى مصر لا تتأثر فى قراراتها بأى ضغوط خارجية سوى سلامة المستهلك وتهدف إلى الارتقاء بمعايير سلامة الغذاء إلى المستويات العالمية واستعادة ثقة المواطن المصرى فى سلامة غذائه.

قامت «الوفد» بجولة فى سوق المطرية والذى يعد من أبرز الأسواق الشعبية وتمارس فيه عمليات غش الأغذية، حيث تنتشر الأطعمة المنتهية الصلاحية بشكل علنى مثل «الفسيخ ولبن الاطفال والصلصة والحلوى والشيكولاتة وغيرها من السلع».

وهناك وجدنا منتجات منتهية الصلاحية والتى يطلق عليها البعض اسم «أطعمة الاكسباير»، يتسابق عليها المواطنون لشرائها لرخص ثمنها، واكتشفنا أنها منتهية الصلاحية بمجرد النظر إلى تاريخ انتهاء صلاحية المنتج، والتى كانت أغلبها منتهى الصلاحية منذ عام 2015، أى من المفترض أن يتم إلقاؤها فى النفايات بدلاً من حفظها فى بطون المصريين.

 العديد من التجار يتركون ضمائرهم فى المنزل، ويذهبون إلى محلاتهم أو «فرشتهم» ليبيعوا هذه المنتجات للجمهور بدم بارد على أنها سليمة، حيث يفترشون كل الأماكن لعرض سلعهم لكى لا تفوتهم فرصة جنى مكاسب طائلة خاصة أنهم يقومون بشراء المنتجات بسعر زهيد ويبيعونها بأضعاف ثمنها، مستغلين أن من يشترى هذه السلع من الطبقة الكادحة، وأغلبهم «لا يجيدون القراءة أو الكتابة» ما يسهل خداعهم وإغراءهم لثمنها الزهيد للغاية مقارنة بغيرها.

وعلى بعد خطوات قليلة من السوق، يفترش بائع فسيخ حيث تنبعث الرائحة الكريهة من أطعمته لدرجة تشعرك «بالتقيؤ والغثيان»، عندما رغبت فى شراء قطع من الفسيخ، فتسارع شخص يدعى «سامى محمد» من منطقة المطرية ليحذرنى من شرائها، مؤكدًا أنه تعرض قبل أيام إلى تسمم غذائى استمر لأكثر من يومين، وانتهى به المطاف إلى المستشفى حيث تم قام بعمل غسيل معدة.

وأشار «سامى» إلى أن هناك العديد من المواد الغذائية منتهية الصلاحية تباع بأسعار زهيدة، وأن المواطن البسيط والفقير لا يعرف مخاطر وضرر تلك الأطعمة على صحته وحياته.

وأكد أن هناك تجارًا متخصصين يقومون باستيراد البضائع (الاكسباير) المنتهية الصلاحية وبتوزيعها فى الأسواق المحلية وبيعها بأسعار رخيصة، لافتًا إلى أن بعض المنتجات لا يمكن قراءة المطبوع عليها بسبب عدم تمييز أرقام وتواريخ الإنتاج المدمجة مع بعضها البعض.

فى منتصف السوق تقريباً، يجلس مجموعة من الباعة وأمامهم «ترابيزة» عليها سلع غذائية مختلفة مثل لبن أطفال، وعلب صلصة، وفاصوليا مجمدة وغيرها، اقتربت منهم وادعيت شراء بعض من هذه المنتجات، وممدت يدى لأتفحص السلع، ففوجئت بأن علبة لبن الأطفال منتهية الصلاحية من عامين تقريبا وسعرها 5 جنيهات، أما علبة الصلصة فانتهت صلاحيتها منذ عام، وباقى السلع لا تختلف عنهما، من حيث تاريخ انتهاء الصلاحية، وهناك منتجات لا يوجد عليها تاريخ صلاحية بل مكتوب على العبوة «إذا كنت عايز تعرف تاريخ الصلاحية تذوق الأول».

ويقول محسن عبدالرحمن، صاحب أحد محال بيع المواد الغذائية: إن المنتجات «الاكسباير» من أبرز المشاكل التى تفقد ثقة الزبون ببضاعتنا وتعرضنا للخسارة، مشيرًا إلى أن «بعض التجار يستوردون البضائع من المنشأ دون طبع تاريخ الإنتاج من أجل تسهيل تمريرها من المنافذ الحدودية».

ويضيف أثناء انشغاله بترتيب بضاعته المستوردة على رفوف محله: «من حق التجار أن يروجوا لبضاعتهم الفاسدة فى الأسواق، وسط غياب الدور الرقابى الحكومى ومحاسبة من يتلاعب بحياة الآخرين.

وأكد أن انقطاع التيار الكهربائى وسوء التخزين وتكدس البضائع فى المخازن لفترات زمنية طويلة، من الأسباب التى ساهمت بانتشار المواد المنتهية الصلاحية.

وحول كيفية الحد من إغراق السوق بهذا النوع من السلع والبضائع، أوصى بضرورة تفعيل الدور الرقابى على عملية الاستيراد عند المنافذ الحدودية فضلاً عن توعية المواطن بضرورة قراءة تاريخ صلاحية المنتج الذى يرغب فى شرائه وتفعيل قانون حماية المستهلك.

قبل مغادرة السوق، لاحظت وجود سيدة جوارها شخصين، أمامها مجموعة من «الجرادل» تحتوى على كميات كبيرة من الشيكولاتة التى أذابتها الشمس وجعلتها سائلة كالماء، الكيلو بعشرين جنيه، أول كلمة تفوهت بها البائعة عندما وجدتنى انظر بشدة للشكولاتة، وأكدت أنها

من الممكن أن تحسب الكيلو بـ 15 جنيهاً إذا قمت بشراء كميات كبيرة».

عقوبة الفاسدين: 7 سنوات سجناً و20 ألف جنيه غرامة

 

تعدد وكثرة الجهات الرقابية المشرفة على الأسواق والمكلفة بمواجهة ظاهرة الغش الغذائى تسببت فى ضعف السيطرة والرقابة وفقاً لعصام رمضان، طبيب بيطرى ومفتش على سلامة الأغذية، مشيراً إلى أن تعدد التشريعات الصادرة لمواجهة ظاهرة الغش الغذائى والتى يرجع عدد كبير منها إلى أربعينيات وخمسينيات القرن الماضى، وآخر هذه القوانين هو قانون محاربة الغش والتدليس المعدل رقم 281 لسنة 1994، والذى يشمل معاقبة بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه، ولا تجاوز عشرين ألف جنيه، أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة.

وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز سبع سنوات وبغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تجاوز أربعين ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة، إذا كانت المواد التى تستعمل فى الغش ضارة بصحة الإنسان، ويجوز للمحكمة أن تقضى بغلق المنشأة المخالفة لمدة لا تزيد على خمس سنوات فى حالة العودة، كما يجوز لها أن تحكم بإلغاء رخصتها نهائيا، إذا كانت العقوبة السابقة غير كافية، وذلك دون الإخلال بحقوق العمال قبل المنشاة ولكن جميع العقوبات السابقة لن يكون لها جدوى دون تضافر جهود الجهات المعنية لتحقيق مصلحة المستهلك.

وفى تصريح سابق لها، قالت الدكتورة علياء هاشم، أستاذ سلامة الغذاء بالمعهد القومى للتغذية: «إن معدلات انتشار البكتيريا والفيروسات تكون أعلى فى فصل الصيف، لذلك لا بد من الحذر الشديد عند التعامل مع الأطعمة خاصة أن الأمراض المرتبطة بالأغذية الفاسدة تكثر فى هذا التوقيت».

وتابعت: «من الأفضل ألا يتناول المستهلك طعاما خارج المنزل إلا فى أضيق الحدود، لأننى أولاً وأخيراً أفتقد آليات التمييز إن كان هذا الطعام المقدم فى الخارج سيكون صحياً أم لا.

الأمراض المزمنة تهاجم 30 مليون مصرى

 

تستمد مافيا الأغذية المنتهية الصلاحية قوتها من غياب الدور الرقابى والتشريعى للدولة والفساد الإدارى والمالى المستشرى فى البلاد، وقدر عدد الأشخاص المصابين بأمراض ناجمة من هذه المنتجات بحوالى 600 مليون شخص فى العالم ثلثهم تقريبًا من الأطفال الصغار بحسب ما جاء فى تقرير لمنظمة الصحة العالمية.

ووفقاً لآخر إحصائيات منظمة الصحة العالمية، فإن 30 مليون مصرى مصابون بالأمراض المزمنة والخطرة وفى مقدمتها السكر والقلب وفيروس الكبد الوبائى والكلى من جراء تلوث الماء والغذاء والبيئة والذى جعل مصر من أكثر دول العالم إصابة بهذه الأمراض، كما تذكر الاحصائيات أن 47 % من وفيات المصريين بسبب أمراض القلب وتصلب الشرايين.

ومن جانبه، أكد الدكتور حسين منصور رئيس وحدة سلامة الغذاء بوزارة الصناعة، أن حجم الاستثمار فى الصناعات الغذائية يتجاوز الـ250 مليار جنيه، مشيراً إلى أن 90% من الغذاء غير مراقب.. وأن هناك 80% من الأغذية مجهولة المصدر.

وأشار «منصور» إلى أن الغذاء الفاسد كبد اقتصاد الدولة خسائر تقدر بحوالى 19% من موازنتها، من أجل علاج الأمراض الناتجة عن هذه الأطعمة، لافتاً إلى أن مصر يتم تقييمها كأسوأ الدول فى مجال سلامة الأغذية.