عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مصر تحارب الفساد

بوابة الوفد الإلكترونية

كتبت: نادية مطاوع - إشراف : نادية صبحى

 

مصر تحارب الفساد.. هذا هو الظهير الأهم فى حرب الدولة للإرهاب.. وهو الركن الداعم لها فى مشوار التنمية.. فالطرق تتلاقى فى الثلاث قضايا الأخطر الآن فى مستقبل الوطن.

ولا يستطيع منصف أن يغفل الدور الذى تقوم به الأجهزة الرقابية للدولة لاستئصال جذور الفساد الذى توغل وامتدت جذوره فى الأعماق.. وبات الأخطبوط تمتد أذرعه لتطال كل شىء.. ولعل عشرات القضايا التى يتم ضبطها بواسطة الرقابة الإدارية وتحقق فيها النيابة الإدارية شاهداً على رغبة النظام الأكيدة فى اجتثاث الفساد من جذوره مهما امتدت ومهما كانت قوية ومنتشرة ومتشعبة.

الأمر الذى دفع بمشروع قانون جديد للنيابة الإدارية يضمن لها سلاحاً قوياً فى حربها على الفساد، فى الجهاز الإدارى للدولة والذى يعد منبعاً لصور قاسية للتعديات والمخالفات طالت أراضى الدولة.. ولم يسلم منها نهر النيل وسمحت بغاية من مخالفات البناء.. وشلالات من الرشاوى فى كل الأجهزة والمؤسسات والوزارات والأجهزة المحلية يتم ضبطها بشكل يومى.

والأرقام التى جاءت بالتقرير السنوى عن القضايا التى حققت فيها النيابة الإدارية تستحق التوقف، فقد بلغ عدد قضايا الفساد الإدارى بالمحافظات 205 و726 قضية فى عام 2016 فقط!!

فيما حققت النيابة الإدارية فى 85379 قضية فى العام الحالى، وما زالت الحرب مستمرة وبشاير انتظار الدولة على المفسدين تتجلى فى كل قضية يتم ضبطها لتؤكد أن التنمية والفساد لا يجتمعان أبداً!!

 

فساد المحليات وصل إلى الرقاب

 

«الفساد فى المحليات للركب» جملة شهيرة قالها الدكتور زكريا عزمى أحد رموز نظام مبارك فى التسعينات.

ورغم رحيل نظام مبارك وقيام ثورتين اعتقد الجميع أنهما قادرتان على القضاء على الفساد، إلا أن هذا لم يحدث واستمر الفساد حتى وصل إلى الرقاب، وزكمت رائحته الأنوف وأعمى ظلامه الأبصار، فمنذ سنوات طويلة والمصريون يعانون من فساد المحليات.

وفى الوقت الذى أعلن فيه الرئيس مراراً عن محاربة الفساد، نجده يستشرى وينتشر ويتوغل فى كل مكان بسبب المحليات التى تعد منبع الفساد فى مصر.

الخبراء أكدوا أنه مهما كانت الإنجازات التى تقوم بها الدولة فإن فساد المحليات لن يمنح المواطن فرصة للشعور بالإنجازات مهما كانت، ولذلك فإذا لم تنجح الحكومة فى محاربة فساد المحليات فلن يشعر المواطن بأى ثورة أو إنجاز.

وعرفت مصر المحليات فى عهد الاحتلال الفرنسى، حينما قسم نابليون بونابرت البلاد إلى 16 مديرية، ثم جاء محمد على ليعيد تقسيمها إلى 14 مديرية، وتم تقسيم كل مديرية إلى مراكز، وفى العصر الحديث أصبحت مصر مقسمة إلى 27 محافظة، تنقسم كل منها إلى مراكز تتبعها قرى ونجوع، حيث يوجد بها 184 مركزاً و214 مدينة و95 حياً و1411 وحدة محلية قروية، ويعمل بهذه الإدارات المحلية حوالى 3 ملايين و600 ألف موظف، معظمهم متهمون بالفساد والرشوة، حتى إن اللواء محمد زكى عابدين وزير التنمية المحلية سابقاً أكد أن الفساد أصبح ثقافة داخل الأجهزة المحلية، حتى تحول معظم موظفى الأحياء والوحدات المحلية فى القرى إلى مرتشين.

والأمر لا يقتصر فقط على الرشوة التى لا يمكن حصرها رغم أنها منتشرة فى كل مكان، ولكن هناك سبوبة الصناديق الخاصة التى يصل عددها فى المحليات إلى 6223 صندوقاً يصرف 85 % من إيراداتها على المكافآت واللجان الوهمية.

فاتورة الفساد فى المحليات كبيرة دفعتها الدولة والمواطنون معاً، إذ وصلت نسبة المخالفات إلى 90 % من المبانى الموجودة فى مصر، والتى قدرتها وزارة الإسكان بـ 4.9 مليون وحدة، ويكفى أن نعرف أن مخالفات المبانى فى حى عين شمس وصلت نسبتها إلى 96% لنعلم حجم الكارثة التى تعيشها الإدارات المحلية، كذلك كشفت الأرقام أن هناك 450 ألف عقار تم إنشاؤها دون ترخيص بناء، وأن هناك مليون حالة تعدٍ على الأراضى الزراعية كان من نتيجتها فقدان مصر حوالى 120 ألف فدان من أخصب أراضيها، كما أن هناك مليون عقار آيلاً للسقوط تعيش فيه حوالى 5 ملايين أسرة يلاحقها الموت فى كل لحظة.

 الغريب أن الجميع يعلم حجم الفساد المستشرى فى الإدارات المحلية ومع ذلك لم يستطع أحد أن يقضى عليه، ويكفى أن نذكر أن الدكتور رضا عبدالسلام محافظ الشرقية السابق، أثناء زيارته لإحدى الوحدات المحلية بمحافظته وصف الإدارات الهندسية بأنها الشفرة الخفية لفساد المحليات، مطالباً موظفى هذه الإدارة بتصحيح الصورة السيئة والانطباع السيئ لدى المواطنين عن الإدارات الهندسية، وهو ما لم يحدث.

بل إن الدكتور أحمد زكى بدر وزير التنمية المحلية السابق أيضاً اعترف بوجود الفساد فى المحليات فى أحد البرامج التليفزيونية، وأرجع ذلك إلى غياب الضمير والرقابة.

وأشار إلى أن القضاء على الفساد مستحيل طالما وجد البشر، لكن العقاب يردع ويقلل المخالفين، ورغم الآلاف من قضايا الفساد المنظورة أمام المحاكم والتى أحالها المحافظون إلى القضاء، إلا أن ما خفى كان أعظم، وما زال الفساد منتشراً خصوصاً أن العقاب غالباً ما يكون خصماً إدارياً رغم فداحة الجريمة التى قد تصل إلى إهدار ملايين الجنيهات على الدولة.

وفى ظل غياب الرقابة تزداد المخالفات خاصة أن الرقابة الحكومية غائبة بفعل فاعل، وأيضاً الرقابة الشعبية غائبة بعد أن تم حل المجالس الشعبية المحلية عقب ثورة 25 يناير، والتى كانت تعد أحد أهم وسائل الرقابة على أداء الإدارات المحلية.

ومن هنا يطالب الدكتور عادل عامر أستاذ القانون العام ورئيس المركز المصرى للدراسات القانونية والاقتصادية بضرورة تفعيل الأجهزة الرقابية، مشيراً إلى أن فساد المحليات عبارة عن تراكمات عبر السنين وتحتاج إلى إرادة سياسية قادرة على محاربة الفساد، لذلك يجب أن تكون المجالس الشعبية قادرة على عزل القيادات الفاسدة من خلال آليات الرقابة المحلية، التى يجب أن ينص عليها القانون المزمع إقراره من مجلس الشعب خلال الدورة الحالية، كذلك لابد من مكافحة الفساد فى إنهاء الخدمات الحكومية، وذلك من خلال ميكنة الخدمات الحكومية للفصل بين مؤدى الخدمة وطالبها، مع ضرورة تفعيل الأجهزة الرقابية ليكون لديها القدرة على محاربة الفساد والقضاء عليه.

وكشفت الباحثة أسماء عزت المدرس المساعد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية فى ورقة بحثية قدمتها لندوة «الخبرات الدولية فى مكافحة الفساد على المستوى المحلى» التى نظمتها وحدة دعم سياسات اللامركزية بالكلية أن أحد أسباب انتشار الفساد فى المحليات يرجع إلى السلوكيات غير المنضبطة من الموظفين والمواطنين ورجال الأعمال والسياسيين، وغياب الإرادة السياسية للتعامل مع الفساد وضعف المجتمع المدنى، وعدم فاعلية وسائل الإعلام، بالإضافة إلى

بعض الأسباب المؤسسية التى تتمثل فى الافتقار للشفافية، وعدم إتاحة المعلومات للمواطنين، وضعف المساءلة والعقوبات المفروضة، بالإضافة إلى معدلات الأجور المنخفضة وظروف العمل السيئة، والتعيينات على غير أسس الجدارة والاستحقاق.

كل هذه الأسباب كانت سبباً فى انتشار الفساد فى المحليات بشكل كبير حتى أصبح عنواناً ، وأصبحت مواجهته أشبه بعلاج سرطان منتشر فى كل أجزاء الدولة، فشلت الحكومات السابقة فى مواجهته وأمام الحكومة الحالية مهمة مستحيلة للقضاء عليه، ولكنها ضرورة حتمية حتى يؤتى الإصلاح ثماره المرجوة.

 

مخالفات البناء حائرة.. بين التصالح والسجن

 

وسط حديث الدولة عن ضرورة منع التعديات على الأراضى الزراعية باعتبارها أهم التحديات التى تواجهها فى المرحلة الحالية، فوجئنا جميعاً بعدة مشروعات بقوانين مقدمة من أعضاء البرلمان للتصالح فى مخالفات البناء على الأراضى الزراعية، تحت زعم أن هذا الإجراء سيعود بمليارات الجنيهات على خزانة الدولة التى تعانى عجزاً مزمناً.

لكن الخبراء أكدوا أن هذا القرار فى حالة صدوره سيكون كارثة أخرى ستزيد الطين بلة وتقنن وضع هذه المخالفات.

نواب البرلمان بين نارين.. فهم مطالبون بتقديم خدمات لأبناء دوائرهم، وفى الوقت نفسه عليهم القيام بدورهم التشريعى ومراقبة الحكومة، إلا أن الدور الأول غالباً ما يسيطر عليهم، فقد فوجئنا بأكثر من نائب يتبنون فكرة مشروع قانون لتقنين مخالفات البناء، والسبب الضغط الذى يتعرضون له من أبناء دوائرهم، حيث تقدم النائب أيمن عبدالله بمشروع قانون للتصالح فى مخالفات البناء على الأرض الزراعية، مشيراً إلى أن التصالح قد يعود على الدولة بنحو 2.5 مليار جنيه، وأضاف النائب فى مشروعه أن التصالح لن يتم فى المخالفات الحديثة لمنع المزيد من التعديات على الأراضى الزراعية، وغنما سيتم التصالح مع المخالفات التى وقت قبل فترة معينة يحددها القانون.

 كما أكد هشام الحصرى وكيل لجنة الزراعة بمجلس النواب أنه تم تقديم مشروعين بقانون بخصوص التصالح فى مخالفات البناء التى تمت على الأراضى الزراعية عقب ثورة 25 يناير، والتى أصبح من المستحيل إزالتها، بهدف تحقيق الاستقرار، مشيراً إلى أن هناك مشكلة فى كردونات القرى التى لم تتم إعادة النظر فيها منذ سنوات طويلة، ولابد من إعادة النظر فيها بما يتناسب مع الزيادة السكانية بها، مشيراً إلى أن مشروع القانون يتضمن تغليظ العقوبة على البناء على الأراضى الزراعية والتى قد تصل لمصادرة الأرض والمبنى.

من ناحية أخرى انتهت وزارة الزراعة  من مشروع جديد لتعديل قانون الزراعة لتغليظ عقوبات التعدى على الأراضى الزراعية لتصبح جناية بدلًا من جنحة، وغرامة تصل إلى 500 ألف جنيه والحبس 5 سنوات؛ تمهيداً لعرضه على مجلس الوزراء خلال أيام، وإحالته لمجلس النواب لإقراره، كما يمنح القانون الحق لوزير الزراعة أو من ينوب عنه فى إصدار قرار الإزالة، إذ يقتصر دور الوزارة فى القانون الحالى على تحرير محضر بالمخالفة فقط وإرسالها إلى الإدارة المحلية لإصدار قرار الإزالة، مما يمكن صاحب التعدى من استكمال تعدياته، وإدخال المرافق له، وبالتالى  تصعب الإزالة .

كما يتضمن مشروع القانون معاقبة موظف المحليات الذى يقوم بإدخال المرافق للمبنى المقام على الأراضى الزراعية بغرامة تصل إلى 20 ألف جنيه، والحبس 5 سنوات والفصل من وظيفته.

الخبراء أكدوا أن التصالح فى التعديات على الأراضى الزراعية سيزيد من حالات الاعتداء عليها، بينما مشروع القانون المقدم من الوزارة أفضل، حيث أشار الدكتور محمد عصام أستاذ التربة بكلية الزراعة جامعة القاهرة إلى أن صدور مثل هذه القوانين سيؤدى إلى مزيد من التعديات، فلا يمكن أن يكون المال مقابل التعدى على الرقعة الزراعية، فهذه الأراضى لا تقدر بثمن، حيث إنه من الصعب تعويضها، فحتى الأراضى التى يتم استصلاحها تختلف فى إنتاجيتها ونوعية المحاصيل التى تزرع فيها عن الأراضى القديمة، وبالتالى فهذه الأراضى ثروة قومية يجب الحفاظ عليها، مشيراً إلى ضرورة وجود رقابة على عمل المحليات، ومحاسبة المحافظين المقصرين فى أداء عملهم، والقيام بتصوير جوى للقرى بصفة مستمرة للتأكد من تنفيذ أحكام الازالة وإعادة زراعة الأراضى التى تم البناء عليها، وأضاف أن مشروع القانون الذى تعده وزارة الزراعة لتشديد العقوبة على المعتدين على الأراضى الزراعية لابد وأن يتم إقراره حتى يمكننا حماية هذه الأراضى التى تعتبر حقاً للأجيال القادمة يجب أن نحافظ عليها ونزيده من أجلهم.