عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نعوش «الميكروباص» في شوارع القاهرة

بوابة الوفد الإلكترونية

70 ألف سيارة جديدة بالخدمة في العاصمة سنوياً

1٫6 مليون مركبة تدخل القاهرة يوميًا من 16 منفذاً

الميكروباص.. عالم خاص بين المنفعة والخطر الداهم، غزا القاهرة الكبرى، وامتد إلى المحافظات محدثًا تكدسًا مروريًا ومفرزاً سلوكيات تندرج تحت البلطجة والتجاوزات الأخلاقية.

نحن لا ننكر دور الميكروباص فى نقل المواطنين والموظفين والطلاب إلى أعمالهم.. ولكن الأمر تحول إلى كابوس.. والسبب ببساطة أنه تحول إلى رحلة عذاب يومى يعيشها ركابه لدرجة أن الرحلة داخل الميكروباصات أصعب من العمل نفسه!!

تفاقمت الأزمة بعد فشل تطوير قطاع النقل الجماعى المدعم من الحكومة لفض اشتباكات التكدس والحرب اليومية من الأهالى فى رحلة البحث عن مقعد داخل وسيلة نقل آدمية!!

لم تتوقف الكارثة عند هذا الحد بل ازدحمت الشوارع بسيارات الميكروباص التى تدخل الخدمة كل يوم حتى بات السير فى شوارع القاهرة الكبرى على طريقة السلحفاة.. والنتيجة طبعاً خسائر مادية كبيرة قدرها البنك الدولى فيما يخص الزحام المرورى بالقاهرة الكبرى عام 2014 بمبلغ 50 مليار جنيه.

مخاطر الميكروباص تمتد بين التجاوزات الأخلاقية والسرعة المجنونة على الطريق الدائرى والطرق المفتوحة.. ناهيك عن الميكروباصات التى تسير بدون لوحات معدنية ومخالفة تماماً للمواصفات القياسية.

باختصار.. إمبراطورية الميكروباص خنقت القاهرة الكبرى والعديد من محافظات مصر بعد فشل النقل الجماعى عن القيام بدوره.. وتحولت بعض سيارات الميكروباص إلى نعوش متحركة داخلها مفقود إلا من رحم ربى.

الاختناق المرورى أهم أزمات القاهرة فى خلال الـ40 عامًا الأخيرة، وبدأت الأزمة مع نهاية السبعينات وبداية الثمانينات، حيث ظهر الميكروباص فى مصر بهدف تخفيف الضغط عن أتوبيس هيئة النقل العام بعد استنزافه منذ الأربعينات، ونظرًا لزيادة عدد السكان، الذى وصل مع منتصف الثمانينات إلى نحو 49 مليون نسمة طبقًا لإحصاء عام 1986.

ولكن التخطيط المعتمد حاليًا فى شوارع العاصمة مخصص لاستيعاب سبعة ملايين نسمة على أكثر تقدير، إلا أن العدد الحالى وحسب الإحصاءات المتوفرة فاق الـ20 مليونًا، وتؤكد الدراسات أنه من الصعب جدًا إعادة تخطيط الشوارع وإضافة "كبارى"، وبالتالى يكمن الحل فى الاهتمام بوسائل النقل العام الجماعى من أتوبيس ومترو، ومن جانبه قدر البنك الدولى خسائر الزحام المرورى بالقاهرة الكبرى عام 2014 بمبلغ 50 مليار جنيه.

ورصدت «الوفد» مدى الزحام المرورى فى بعض مناطق القاهرة الكبرى والذى يساهم فى تعطيل المواطنين ومدى معاناتهم فى الذهاب إلى أعمالهم خاصة فى ساعات الذروة والتى تبدأ من الساعة 8 حتى الحادية عشر صباحًا.

قال مصطفى شديد، 35 سنة، موظف: إنه يستقل كل يوم الميكروباص خط الدائرى – الاوتوستراد، الذى يفتقد لجميع وسائل الأمان بداخله ويخترق الشوارع تحت أعين المرور، موضحًا أنه مضطر لركوبه ليصل إلى عمله صباحًا بعد معاناة كبيرة فى الطوابير والمشاحنات للحصول على كرسى، وأضاف «شديد» أن المعاناة مع سائقى الميكروباص مستمرة حيث إنه لا يعير للزبائن أى اهتمام واحترام يقوم ببث الأغانى الشعبية أو يجرح مسامع الركاب بألفاظ نابية تصدر منه تجاه زملائه على سبيل المزاح، وعندما يلمح الزحام فى المحطة النهائية من بعيد يقرر إفراغ حمولته فى أى مكان والارتداد.

وقال نصر عماد، 47 سنة، عامل، والذى بدا عليه التعب والإرهاق فى انتظار ميكروباص خط عبد المنعم رياض - السيدة عائشة، ورحلة ركوب الميكروباص بالنسبة لى هى رحلة عذاب ولكن هو المتاح وطالب بوجود سيارات جديدة فى ذلك الخط تصلح للاستخدام الآدمى حتى لو أدى ذلك إلى زيادة الأجرة، قائلاً: «هدفع زيادة بس العربية تكون مريحة وكويسة بدل البهدلة».

وأكد مصطفى ناصر، طالب بكلية التجارة، 21 عامًا، أن المشكلة تقتصر على قلة وصلاحية بعض سيارات الميكروباص المتهالكة التى تحولت إلى «خردة» خاصة فى خط الجيزة – فيصل ونظرًا لزيادة السكان، مضيفًا: الكل تقريبًا يتحرك ويذهب لمصالحه وعمله فى وقت واحد، وقال: أذهب للجامعة من كفر طهرمس إلى الجيزة ثم المترو خلال ساعة ونصف الساعة.

وقالت «رباب» موظفة بالقطاع الخاص: الميكروباصات فى موقف الاوتوستراد إلى الدائرى متعبة جدًا وزحمة فى الصباح ومتهالكة وأيضًا قلة عدد سيارات الخط حيث إن عشرات الركاب، الذين يقفون فى طوابير، يتزاحمون على أبواب الميكروباصات المتهالكة من أجل اللحاق والرجوع إلى المنزل بأسرع وقت، وأضافت أن السيدات يعانين بسبب ضيق المقاعد أيضًا مما يضطر بعضهم إلى حجز كرسيين خشية المضايقة من أحد الزبائن، كما أن السيارات مصممة على مستوى مرتفع عن الأرض مما يعرض البعض للسقوط أحيانًا بالإضافة إلى السرعة الجنونية بين سائقى الميكروباص لخطف الزبائن.

وقال يوسف 32 عامًا، سائق على خط الاوتوستراد- الدائرى: إن الزحام معظم فترات اليوم عدا الجمعة، ولكن تبلغ ساعات الذروة من 9 صباحًا حتى 1 ظهرًا، والركاب كلها تتسابق للركوب مما يؤدى للمشاحنات بين الركاب للحاق بالكرسى وأحاول تنظيم الركوب لكن لا أستطيع من كثرة الزحام لأن الكل يريد الذهاب ليقضى مصلحته، وتابع بأن سيارات الخط لا تكفى للعدد الكبير وهو السبب الرئيسى للأزمة.

 

قانون المرور الجديد

وأكد مصدر مسئول بالإدارة العامة للمرور أن قانون المرور الجديد تعرض بشكل خاص لتنظيم سير ومتابعة المواصلات خاصة داخل القاهرة الكبرى وبصفة خاصة لـ«الميكروباص» والتى تساهم بشكل مباشر فى تخفيف أزمة الاختناق المرورى بالعاصمة، وأبرزها تحميل ركاب زيادة عن العدد المقرر، ومخالفة خط السير للمركبات المحدد لها خط سير أو دائرة سير. عدم توافر شروط المتانة الأمان والصلاحية الفنية أثناء السير، تحميل ركاب من غير المواقف المخصصة أو الامتناع عن توصيل الركاب بدون مبرر أو تجزئة خطر السير للمركبات المقرر لها ذلك، والتوقف على الكبارى أو عند مطالعها أو منازلها أو فى الأنفاق أو عند مداخلها أو مخارجها، وتجاوز ساعات التشغيل المقررة لقيادة مركبات نقل البضائع والركاب بالأجرة.

وتابع المصدر أنه فى الفترة الحالية تحاول إدارة المرور مراعاة أيضًا البعد

الاجتماعى لبعض السائقين فى تطبيق بند السيارات المتهالكة والتى مر عليها أكثر من 20 عامًا وهو ما تم إقراره مع إصدار قانون المرور الجديد لعام 2017، ويتم منحهم رخص مؤقتة لمدة عامين أو ثلاث للسير مع ضرورة صيانة السيارة، خاصة أن معظم السائقين يعملون باليومية ومع ارتفاع ثمن السيارات أصبح هناك صعوبة لدى البعض شراء سيارة حديثة.

وأوضح أن طاقة مشروع «السرفيس» فى محافظة الجيزة تصل إلى 6550 سيارة سرفيس، إلى جانب 1670 سيارة تعمل بمواقف الأقاليم التى تنقل المواطنين إلى المحافظات المجاورة، ويبلغ عدد سيارات السرفيس داخل القاهرة نحو 9680 سيارة، موزعة على 280 خطًا، بالإضافة إلى تطوير شكبة الطرق وحافلات هيئة النقل العام والمينى باص الخاص ومترو الأنفاق الذى يخفف الضغط كثيرًا على المركبات.

 

تطوير منظومة النقل الجماعى

أكد عادل الكاشف رئيس جمعية سلامة المرور أن مشكلة الاختناق المرورى هى أكثر الأزمات صعوبة ومع زيادة عدد السكان بالقاهرة الكبرى ومن المتوقع وصوله إلى 21 مليون نسمة عام 2022، وتعتبر القاهرة بذلك من أكثر العواصم كثافة بالسكان حيث يصبح لكل ألف شخص مساحة كيلو متر مربع واحد، حيث تصل هذه المساحة فى عواصم عالمية أخرى إلى عشر أضعاف نصيب الفرد فى مصر، ويدخل العاصمة يوميا 1٫6 مليون مركبة، من ستة عشر منفذًا للمدينة، إضافة إلى وجود مليون سيارة أخرى للنقل العام والخاص، ويتطلب خط سير الموظفين الذين يتوجهون لمكاتبهم يوميًا توفير أسطول نقل من أتوبيسات مصالح ومؤسسات حكومية، تعمل فى اليوم 8 ساعات، ويصل حجمها حاليًا إلى ضعف حجم أسطول النقل العام، أما الميكروباص فيحتكر نقل 6 ملايين مواطن يوميًا أى عدد ركاب مترو الأنفاق (3 ملايين نسمة) وركاب هيئة النقل العام (3 ملايين نسمة)، مجتمعين.

وأضاف «الكاشف» أن المشكلة تتفاقم أيضًا مع الزيادة المطردة فى عدد سيارات العاصمة، نحو 70 ألف سيارة جديدة سنويًا، تتناحر بدورها داخل الشارع المصرى، وإذا كانت هذه المركبات تقوم بنحو 41. 5 مليون رحلة يوميًا، فإن الشارع لا يتسع فعليًا إلا لـ12% من حجم هذه الحركة، و75% من شبكة الطرق تم إنشاؤها قبل نصف قرن وأصبحت لا تتوافر بها الاشتراطات والمواصفات المطلوبة لحركة المرور فى الزمن الحالى، فالقاهرة وحدها تضم 48% من جملة عدد سيارات الجمهورية، ويبلغ متوسط سرعة المركبات داخل القاهرة 18 كم فى الساعة، ومن المتوقع بأن الوضع المرورى فى العاصمة سيصل متوسط سرعة المركبات عام 2020 إلى 13 كيلومترًا فى الساعة.

وطالب الخبير المرورى بتطوير منظومة النقل الجماعى رغم أنها تعانى بعض الأزمات يمكن حلها باتباع عدة إجراءات سريعة، منها تحديث أسطول النقل العام والعمل على إيجاد وسيلة نقل حضارية للركاب تكون عامل جذب للمواطن، وتحقيق هذا الهدف يقضى على نسبة كبيرة من تكدس السيارات بلجوء مالكيها الذين لا يتجاوزون %20 من سكان القاهرة إلى تركها واستقلال المواصلات العامة، وخير مثال لذلك تحديث أسطول النقل العام بالمشروع المصرى الإماراتى فى القاهرة الكبرى والأتوبيس «المكيف VIP».

يذكر أن البنك الدولى نشر دراسة فى عام 2014 عن خسائر الازدحام المرورى فى القاهرة، وقدرت الخسائر والتكاليف السنوية للتكدس المرورى فى القاهرة بما يصل إلى 50 مليار جنيه أى ما يعادل 3 مليارات دولار، ويشكل هذا ما يصل إلى أربعة فى المائة من إجمالى الناتج المحلى لمصر أو أربعة أمثال التقدير المعتاد بواقع واحد فى المائة من إجمالى الناتج المحلى لتكلفة التكدس فى المدن الكبرى المماثلة على المستوى العالمى.

وتشتمل التكاليف المباشرة على نقص الإنتاجية بسبب قضاء أوقات طويلة فى المرور والانتقال بدلاً من العمل، وزيادة استهلاك الوقود من جراء طول فترات السفر والآثار البيئية الناجمة عن زيادة الانبعاثات من المركبات، وهناك أيضًا تكاليف غير مباشرة مثل آثار التدهور البيئى على الصحة العامة.