عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

التوك توك.. إمبراطورية الفوضى

بوابة الوفد الإلكترونية

حوادث وخرق للقوانين.. وعنف ضد الجميع

تلاميذ البحيرة الذين غاصوا فى أعماق الترعة ودفعوا حياتهم ثمناً لـ«توصيلة توك توك» قطع الموت أحلامهم بسكين الإهمال البارد وحرمهم نعمة الدنيا وما فيها.. خرجوا جثثاً مكسوة بالطين بعد أن أمعنت أمهاتهم فى «توضيب مريلة المدرسة» على أجسادهم الضئيلة.

تلاميذ البحيرة حلقة دامية فى مسلسل «توصيلة الهلاك» التى فرضها واقع يقدم الأرواح قرباناً للفوضى.

ليصبح السؤال الذى يبحث عن إجابة: كيف تحافظ على حياتك وحياة أبنائك فى الطريق؟.. وكيف تصل إلى عملك مبكراً؟.. أو على الأقل قبل رفع التوقيع.. كيف تظل محتفظاً بحيويتك ونشاطك لتعمل بجد وتنتج؟.. ولا تنهر المواطنين الذين جاءوا لقضاء مصالحهم.. كيف تعود إلى بيتك فى نهاية اليوم دون أن تقضى فى طريق العودة ساعات مخنوقاً فى المواصلات، سواء كنت راكباً سيارتك أو ميكروباص «شعبى» أو حتى توك توك.. يتدلى منه نصف جسدك ثم ينقلب على وجه من فيه.. أو يسقط بهم فى ترعة، كما حدث مع تلاميذ مدارس البحيرة، الأطفال الذين راحوا ضحية فوضى التوصيلة حتى إن كنت تمتلك سيارة «نص عمر» دفعت ثمنها «دم قلبك» كما يقولون.. واستقطعت تكاليفها من «لقمة عيشك» فأنت فى دائرة الخطر.. نتيجة زحام لا ينتهى وأسلوب قيادة لا يحترم قواعد المرور.. بل تقع فى فخ من أمتلك الشارع حتى يسمح لك بـ «ركن سيارتك».

لا عجب إذن أن يحاصر العامل والموظف اتهامات بالتقصير فى عمله.. إلى الدرجة التى تؤكد فيها بعض الإحصاءات أن الموظف المصرى لا يعمل أكثر من 30 دقيقة يومياً، فى حين أنه مطالب قانوناً بأن يصل لساعات عمله إلى 8 ساعات يومياً.. ويعد عذاب الوصول إلى العمل عاملاً مهماً يتم وضعه فى الحسبان عند تقييم أداء الموظف أو العمل باعتبارها جزءاً من بيئة العمل.

«توك توك يا مدام.. توك توك يا أستاذ».. لم يكن أحد يتخيل أن هذه الجملة التى ينادى بها سائق «التوك توك» على زبائنه ستؤدى إلى فقدان حياتهم فى أى وقت من الأوقات، فى ظل بساطة تكوين وشكل هذه الوسيلة التى أصبحت لا غنى عنها فى نقل المواطنين حالياً.

لكن بالفعل حدث ما لم يكن يتخيله أحد، عندما لقى 7 تلاميذ فى سن البراءة مصرعهم دون ذنب نتيجة انقلاب «توك توك» فى ترعة المحمودية بمحافظة البحيرة السبت الماضى، كان يقلهم من المدرسة إلى المنزل كعادتهم كل يوم، لكن القدر شاء أن تنتهى حياتهم عند هذه اللحظة ليصبح ركوب التوك توك أشبه بـ«رحلة اللى يروح ما يرجعش».

بعد هذه الحادثة الأليمة انتقلنا إلى مناطق متعددة تنتشر فيها هذه الوسيلة بشكل كبير لرصد اتجاهات المواطنين حول ركوبهم «التوك توك» ومدى الخطورة التى قد يتسبب فيها على حياتهم لنأخذ العبرة من وفاة الأطفال، إلا أن المواطنين أكدوا أنهم لا يستطيعون التخلى عنه فى حياتهم بعدما أصبح جزءاً أساسياً من يومهم الطبيعى سواء فى التنقل من المنزل إلى مكان العمل أو الوصول إلى المترو أو محطة الأوتوبيسات أو الوصول للجامعة بسرعة فى حالة التأخير.

ولكن إذا أعطيت لنفسك فرصة الانتظار لمدة 10 دقائق فقط فى أى تجمع من أماكن تجمعات التوك توك المنتشرة حالياً، فإن المشاهد الصعبة تتعدد أمام عينيك، فقد تجد كثيراً من سائقى هذه الوسيلة من المدمنين أو أصحاب مهن أخرى غير قيادة السيارات يقودونها ويرتكبون حوادث كثيرة قد تودى بحياة الركاب، وقد تجد عدداً كبيراً منها تجمعوا أمام محطة مترو وتسببوا فى إرباك حركة المرور وتزاحم شديد بين المواطنين والسيارات أيضاً ما يؤدى إلى إحداث مشاكل ومشاجرات لا تنتهى طوال اليوم.

التقت «الوفد» مجموعة من المواطنين فى منطقتى فيصل وبولاق الدكرور والتى أصبح «التوك توك» فى كل واحدة منهما وسيلة المواصلات الأهم والأقرب إلى الناس وتنقلهم حتى أبواب منازلهم، حيث أكد المواطنون أنهم تعودوا على وجود التوك توك فى منطقتهم ولا يمكن الاستغناء عنه، خاصة لكبار السن والسيدات الذين لا يستطيعون السير على أقدامهم لفترة طويلة.

كان من الواضح أن راكبى التوك توك يعتبرونه وسيلة اضطرارية ولو أنهم يتمنون اختفاءها من الشوارع، وقد أكد لنا أحد المواطنين أن بعض سائقى التوك توك صبية يقودونه بشكل مجنون وعكس الطريق، وأنه ذات مرة انقلب به وأصابه إصابات بالغة.. وقال مواطن آخر: إنه يرى الصبية من سائقى التوك توك يتعاطون البانجو بل ويقودون تحت تأثيره.. وأن الفتيات يلجأن إليه بحذر شديد نظراً لتكرار

حوادث خطف الفتيات عن طريق التوك توك.

وقال الشاب إسلام عبدالله: إنه رغم حادثة انقلاب التوك توك فى ترعة بمحافظة البحيرة إلا أنه لا يخاف أو يقلق من ركوبه كل يوم عند ذهابه أو عودته إلى المنزل، لأنه تعوّد على ذلك منذ سنوات.

وأضاف عبدالله، أن التوك توك أصبح شيئاً طبيعياً فى حياته اليومية ولا يشغل باله بالحوادث التى تقع بسببه، قائلاً: «طالما التوك توك ماشى على 3 عجلات أنا هخاف من إيه.. مفيش حاجة تقلقنى.. بقالى سنين بركب التوك توك واتعودت على كده خلاص».

إيمان محمود، طالبة فى جامعة القاهرة وتسكن فى منطقة بولاق الدكرور، قالت: إنها تستيقظ من النوم متأخرة فى بعض الأحيان فلا تجد وسيلة أسرع من التوك توك لكى تصل بها إلى محطة المترو ثم تركب المترو وتصل إلى الجامعة فى ميعاد المحاضرات.

وأضافت إيمان أنها تضطر إلى ركوب التوك توك حتى لا تصل الجامعة متأخرة، قائلة: «فى بعض الأوقات بأصحى من النوم متأخرة وبيكون عليا محاضرات بدرى وبضطر أركب توك توك علشان ألحق أوصل للمترو بسرعة».

أما الحاجة أم أحمد، التى تجاوزت الستين عاماً، قالت: إنها لا تستطيع السير على قدميها من المرض والتعب وأصبح التوك توك بالنسبة لها الوسيلة الأقرب والأسهل للوصول إلى المكان الذى تريده.

وأوضحت أم أحمد، أنه رغم ارتفاع أجرة التوك توك التى تتراوح ما بين 5 و10 جنيهات، فإنها تضطر إلى ركوبه بسبب مرضها، قائلة: «الأجرة بقت بـ 5 جنيه ولو المكان بعيد بتبقى بـ 10 جنيه وعلشان مبقتش قادرة أمشى زى الأول بضطر أركب التوك توك».

فيما قال خالد عبدالسلام، ويسكن بمنطقة فيصل: إن خوفه من الوصول إلى عمله متأخراً هو السبب الرئيسى فى ركوبه التوك توك رغم ارتفاع الأجرة.

وأشار عبدالسلام إلى أن التوك التوك بالنسبة له ليس وسيلة المواصلات الأساسية وإنما يعتبر وسيلة مساعدة للوصول إلى محطة الأوتوبيسات أو أقرب محطة مترو يستطيع من خلالها الوصول إلى عمله، ولذلك يعتبر التوك توك عبء إضافى عليه ولكنه مضطر لذلك حتى لا يتأخر عن عمله.

وكان 7 تلاميذ لقوا مصرعهم بمدرسة مجمعة زاوية غزال الابتدائية بالبحيرة، مساء السبت الماضى، إثر حادث انقلاب «توك توك» بترعة المحمودية أمام عزبة شعبان التابعة لمركز دمنهور.

وأسفر الحادث عن مصرع كل من ملك يسرى حسن، حبيبة إبراهيم محمود، أميرة إبراهيم محمود، ملك المرشدى، يارا عماد جمعة، يوسف حمادة جمعة، ملك فتحى السعدى، تلاميذ بمدرسة مجمعة زاوية غزال الابتدائية وجميعهم من قرية مرسى بلبع التابعة لمركز دمنهور وتم نقل الجثث لمشرحة مستشفى دمنهور العام.

كما تمكنت الأجهزة الأمنية، من القبض على سائق التوك توك المتسبب فى الحادث، وانتقل فريق من النيابة العامة بمركز دمنهور برئاسة المستشار معتز حجاج رئيس نيابة مركز دمنهور، لمعاينة الموقع.

وقررت المهندسة نادية عبده محافظ البحيرة، صرف 5 آلاف جنيه، إعانة عاجلة لكل أسرة تلميذ متوفى، ووجهت بسرعة استخراج تصاريح الدفن للضحايا.