رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

60 ألف مريض كلى.. بين الحياة والموت

بوابة الوفد الإلكترونية

نقص حاد فى الأدوية.. و«البديلة» تقصف عمر المرضى

 

ما زال مسلسل نقص الأدوية فى السوق يواصل حلقاته المستمرة ليعكس مدى تقاعس الحكومة إدارياً وعجزها عن تحقيق خدمة أفضل للمرضى فى مخالفة لما يوصى به الرئيس عبدالفتاح السيسى فى خطاباته بضرورة توفير حياة كريمة للمواطنين، وآخر هذه الأزمات نقص أدوية المناعة والخاصة بمرضى الكُلى.

وتعد هذه الأدوية بمثابة «حياة أو موت» لمريض الكلى إذ لابد من إعطائها للمريض بعد كل عملية زرع كلى وإلا تتهدد بالفشل والانتكاسة مرة أخرى وتعرض حياته للخطر، الأمر الذى أثار غضب مرضى الكلى الذين يقدر عددهم بـ60 ألف مريض، بحسب آخر الإحصائيات، وجميعهم بحاجة إلى عمليات زرع كلى، إلا أنه نظراً لارتفاع تكلفة عمليات الزرع إضافة إلى صعوبة الحصول على متبرع لا يوجد أمام المريض إلا الاستمرار فى الغسيل الكلوى.

وطبقًا لآخر بيانات وزارة الصحة فإن عدد عمليات زرع الكلى سنوياً فى مستشفيات التأمين الصحى يبلغ ما يقرب من 600 عملية سنوياً، بينما تصدر قرارات علاج على نفقة الدولة لما يقرب من 500 مريض سنوياً لإجراء عمليات الزرع بجانب العمليات التى تجرى فى الأماكن الخاصة.

«سيلسيبت، السانديمون، برجراف».. أبرز الأدوية غير المتوافرة داخل الصيدليات واللازمة لمرضى الكلى، بحسب ما أشار إليه عدد من الصيدليين، وقالوا إن أزمة نقص الأدوية فى الأسواق بدأت منذ ارتفاع سعر الدولار، ما أدى إلى ارتفاع سعر المادة الخام المصنوع منها هذه الأدوية.

 

الأهالى: نشترى على حسابنا.. ولا نجد العقاقير

 

جسد نحيل، عيون غائرة، ملابس فقيرة، شعر اعتلاه المشيب، نتاج عذاب عشر سنوات يسعى لعلاج شقيقه المريض بالكلى، هكذا حال منتصر، الرجل الثلاثينى، الذى قال إن الأطباء كثيرًا ما يطلبون منه شراء «سيلسيبت، السانديمون، برجراف» الخاص بمرضى الكلى بعد العملية، ولكن الأصناف غير متواجدة فى الصيدليات بخلاف ارتفاع أسعارهم والتى تعد عبء على المرضى الفقراء.

حالة «منتصر» تعد واحدة من آلاف القصص المأسوية داخل المعاهد والمستشفيات، رصدتها «الوفد» خلال جولتها بمستشفى بولاق الدكرور.

حالات عديدة لمرضى الكلى وذويهم، المريض أكد أن الأدوية الثلاثة الخاصة بالمناعة غير موجودة بمعهد الكلى، وكثيراً من مرضى الكلى وذويهم يقومون بشرائه من الخارج بأسعار تفوق قدراتهم المالية، ولهذا قد يضيع على العديد من المرضى الجرعات».

وأشار مريض آخر إلى أن الأدوية الخاصة بالمناعة غير موجودة بمعهد الكلى، وكثير من مرضى الكلى وذويهم يقومون بشرائه من الخارج بأسعار تفوق قدراتهم المالية، ولهذا قد يضيع الجرعات على العديد من المرضى الجرعات.

وعن العلاج على نفقة الدولة، قال إبراهيم جمال، شقيق «مدبولى» الذى أجرى عملية زرع كلى، إن الدولة تمنح 7 آلاف و500 جنيه لمدة 6 أشهر، أى 1250 جنيهاً كل شهر أدوية لا تكفى للعلاج، مشيراً إلى أن الشهر الذى لا يصرف العلاج فيه من المعهد يضيع عليه قيمة قرار نفقة الدولة، ويصرفها المعهد وهو أمر يتكرر مع عدد من المعاهد سواء الكلى أو معهد ناصر.

«اللى يعتمد على الحكومة هيموت بالبطىء».. بغضب شديد يستكمل «جمال» حديثة، وقال إن المستشفيات الحكومية تفتقد عدداً كبيراً من الخدمات البسيطة، وتحولت لمرتع الإهمال والتسيب، مشيراً إلى ضعف الإمكانات داخل المستشفيات يتعرض حياة المرض للخطر خاصة من طبقة الفقراء الذين يعجزون عن شراء الأدوية من الخارج.

 

صيادلة: نقص فى الدواء.. والبدائل خطر

الدكتورة كريمة صلاح عبدالعال، صيدلانية، أكدت لـ«الوفد» أن الأدوية الثلاثة التى تعد «مثبطات» لجهاز المناعة تعطى فى حالة زراعة الأعضاء سواء كلى أو كبد أو قلب، حيث تعمل هذه الأدوية على تثبيط أو إخماد جهاز المناعة لمنع رفض الجسم للعضو الجديد المزروع ومن ثم نجاح العملية وتكيف الجسم مع العضو الجديد.

وأشارت «كريمة» إلى أن سعر عبوة «سيلسبت» 700 جنيه، وبديله «موفيتيل» سعره 420 جنيهاً، أما «سانداميون» 100مجم سعره 700 جنيه، وبديله «ابراميون» بـ410 جنيهات، و«بروجراف» بـ2170 جنيهاً.

وأكدت الصيدلانية أن أزمة نقص الدواء بدأت تزامنًا مع ارتفاع سعر الدولار، ومنها رفعت الشركات المصنعة سعر المادة الخام ومنها ارتفع سعر الدواء، ومع الوقت اختفت أنواع كثيرة منها فى الأسواق.

وناشدت د. «كريمة» وزارة الصحة ونقابتى الأطباء والصيادلة وكافة الجهات المسئولة بالتدخل للحد من هذه الأزمة حفاظًا على أرواح المرضى.

من جانبه قال أحمد صلاح، صيدلى، إن أنواع الأدوية الثلاثة الخاصة بالمناعة بدأت تختفى من الأسواق منذ 9 أشهر، وبالتحديد مع اشتعال سعر الدولار، مشيراً إلى أن البدائل لهذه الأدوية ليس لها جدوى بل قد تعرض حياة المرض للخطر بعد العملية.

وأشار إلى أن كثيرًا من الحالات تعرض عليه تكون ما بين الحياة والموت ونعجز عن مساعدتهم لعدم توافر الدواء المطلوب، مؤكدًا أن البديلة ليس لها جدوى وقد تعرض حياة المريض للخطر، إلا أنها غير متوافرة أيضًا.

 

رحلة بحث شاقة عن «السيناكتين»

 

فجّر الدكتور محمد فؤاد، عضو مجلس النواب، أزمة نقص الأدوية فى السوق، خاصة حقنة «السيناكتين» دون ظهور السبب الحقيقى، مستنكرًا صمت وزارة الصحة وعدم ردها.

وتقدم «فؤاد» بسؤال للدكتور على عبدالعال، رئيس مجلس النواب، موجّه للمهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، والدكتور أحمد عماد الدين، وزير الصحة والسكان بخصوص اختفاء الحقنة، وذلك بناء على شكاوى المواطنين له لاختفاء الحقنة، والذى أثار استياءهم بشكل كبير خشية منهم على سلامتهم، وعلى حالتهم الصحية.

وطالب عضو مجلس النواب وزير الصحة بالخروج ببيان واضح يكشف أسباب اختفاء تلك الحقنة؟، والخطة الزمنية المتخذة لحل تلك الأزمة؟ وسبل تلافى تلك الأزمة مستقبلاً؟

كريمة صلاح عبدالعال، طبيبة صيدلانية، قالت إن حُقنة «السيناكتين» بدأت فى الاختفاء منذ 7 أشهر، سعرها 30 جنيهًا، وليس لها بديل دوائى، التى تستخدم لتحفيز الغدة «الكظرية» لإفراز هرمونات الكورتيزون الطبيعية التى تستخدم كبديل لعلاج الكرتيزون المتواصل كحالات الصدفية والتهاب المفاصل الروماتيزمى والتهاب القولون التقرحى.

وأشارت الطبيبة خلال حديثها لـ«الوفد» إلى أن هذه الهرمونات المُستخرجة من الحقنة تساعد تنظيم وظائف الكُلى، وحال عدم توفرها يُجبر المريض على اللجوء لاستخدام الكورتيزون الخارجى كعلاج مؤقت.

وعن وظائف الغدة الكظرية، أوضحت «كريمة» أنها مجموعة من الهرمونات تساعد فى عملية النمو والتطور وتحكم فى الإجهاد، وتتكون الغدة الكظرية من قِسمين: القشرة الكظرية ولب الغدة الكظرية.

 

خبراء: غياب الرؤية.. وراء تفاقم الأزمة

 

تواصلت «الوفد» مع مدير المركز المصرى للحق فى الدواء، محمد فؤاد، أكد أن هناك أزمة كبيرة فى توافر الأنواع الثلاثة «برجراف، مايفورتك، سليسبت، ساندميون»، ونوه بأن الأزمة تصاعدت حينما أعلنت وحدة زراعة الكلى فى مستشفيات جامعة المنصورة توقفها عن إجراء عمليات الزرع لعدم وجود أدوية المناعة اللازمة للمريض، ومنها تعالت أصوات المرضى صراخًا.

وأضاف مدير المركز المصرى للحق فى الدواء، أن معهد الكلى التابع لهيئة المعاهد التعليمية أعلنت أيضًا نقص هذه الأدوية برغم أهميتها وخطورتها على حياة آلاف من المرضى، مؤكدًا أنه بدون هذه الجرعات الثلاث تفشل عمليات الزرع لضرورة حصول المريض على أدوية مثبطة للمناعة.

وعن أسباب اشتعال الأزمة، نوه «فؤاد» إلى سببين، الأول يرجع لقرار الحكومة بتحرير أسعار الصرف، ما دفع الشركات الأحجام عن الاستيراد من الخارج والتوريد للمستشفيات، والثانى لغياب وجود رؤية من قبل وزارة الصحة لحل الأزمة ما أدى إلى تفاقم المشكلة التى تضاف إلى أعباء مرضى الكلى فى مصر الذين تحملوا مشقة نقص المحاليل الطبية أكثر من عام كامل.

وتابع: «الأدوية المثبطة للمناعة ناقصة فى السوق منها عقار براجراف ويبلغ سعره 1600 جنيه، وأدوية ساندميون 50 مجم 700 جنيه وميفورتك 360 مجم 2580 جنيهاً، وميفورتك بــ1380 جنيهاً».

وقال استشارى أمراض الكلى داخل أحد المستشفيات الحكومية رفض ذكر اسمه، إن مرضى زرع الكلى يواجهون الموت مع كل دقيقة لعدم توافر هذه الأدوية سواء فى المعاهد الخاصة بزرع الأعضاء أو المستشفيات أو الصيدليات، وأهمها الدواء الذى يعتمد عليه كفاءة الكلى المزروعة، مشيرًا إلى أن الأنواع المذكورة جميعها مستوردة، منها الأمريكى والألمانى وهى الأدوية الأصلية ومنها البدائل المستوردة صناعة صينية بمادة خام أقل فى الكفاءة وهى أقل فى السعر من الأمريكى.

وعن جودة الأدوية البديلة أكد «الاستشارى» أنها تطيل عمر الكلى المزروعة إلى 3 سنوات فقط، بينما الأدوية أمريكية الصنع يمكن أن تطيل عمر الكلى المزروعة إلى 10 سنوات وأكثر، مشيرًا إلى أن مريض زرع الكلى الذى تفشل عملية الزرع له يضطر إلى إجراء عملية غسيل كلوى من جديد، ويكلف الحكومة قرارات نفقة الدولة أو علاجاً بالتأمين الصحى، ويضطر لإعادة الزرع من جديد والبحث عن متبرع جديد ويضيع على المتبرع الأول له كليته.

أما بشأن التأمين الصحى، قال إنها توفر هذه الجرعات بنسبة 60% للأدوية المستوردة البديلة و40% أدوية أصلية، كما نوه بأن تكلفة قرار نفقة الدولة التى تصدر للمرضى فى مرحلة ما بعد الزرع 15 ألف جنيه لا تناسب قيمة الأدوية التى يحتاج إليها المريض.

وأردف: «عمليات زرع الكلى حاليًا أصبحت مكلفة للغاية تصل إلى 90 ألف جنيه كتكلفة مستلزمات وأجرة مستشفى وفريق طبى فى حالة إذا كان المتبرع قريب المريض فى الأماكن الخاصة، بينما فى حالة شراء الكلية وهو أمر مخالف للقانون فى أماكن خاصة تصل التكلفة إلى 200 ألف جنيه للعملية».