رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«نداهة» برج مغيزل

مراكب الصيد بالقرية
مراكب الصيد بالقرية

هجرة 40٪ من شباب القرية.. و25٪ منهم ابتلعهم البحر

أسعار التهريب: 30 ألف جنيه للطفل و35 ألفاً للشاب و40 ألفاً للأفارقة

الأهالى يرفعون شعار: «ياكلنى الحوت.. ولا ياكلنى الدود»

البنات وراء تشجيع الشباب على السفر.. و400 ألف جنيه تكلفة جهاز العروس

الصيد متوقف منذ يوليو الماضى بسبب أسعار السولار.. والمقاهى كاملة العدد

 

دخلتها والتفاؤل يلازمنى، والأمل يصاحبنى والفرح يقفز فوق كتفى.. وما إن بدأت خطواتى فى القرية التى قطعت 300 كيلو متر لأصل إليها، حتى بدأ التفاؤل يتبخر، والأمل يتبدد، والفرح يتبدل.

بضع ساعات قضيتها فى «برج مغيزل» (القرية التى اشتهرت على مدى سنوات طويلة بأنها بوابة الهروب غير الشرعى إلى أوروبا)، فوجدتها تعيش تجسيداً واقعياً لما كتبه قبل عقود طويلة الشاعر الكبير عبدالرحيم منصور، وشدت به صاحبة الصوت الملائكى عفاف راضى «محدش ف البر خالى.. حتى قلوع المراكب».

ووجدت كل بيت فى القرية يحلم بعودة غائب ذهب إلى البحر ولم يعد، ولسان حال الجميع يقول «يا رايح والسكة بعيدة.. سلملى على عيونه السودا.. تجرحنى وبعدين تداوينى.. يا رايح ماتقول لغزالى.. فى البعد بيخطر على بالى.. على عينى وبعده على عينى».

وجدت الشكوى تعشش فى كل أرجاء القرية، ووجدت حضورا كبيرا للأحزان، وانتشارا واضحا لـ«تكافل وكرامة»، ودورا ما تلعبه اليونسيف (منظمة الأمم المتحدة للطفولة).

ووجدت أطفالاً كالرجال.. وبنات مقبلات على الحياة، وشبابًا لديهم حلم واحد، وشيوخًا غاضبين، أما أخطر ما وجدته، فهى نداهة الهجرة التى لاتزال تسكن برج مغيزل، القرية التى ينطق أهلها القاف بشكل يختلف عن كل المصريين، فلا هم ينطقونها ألفاً كعادة أهل الدلتا ولا ينطقونها جيمًا كعادة اهل الصعيد، ولكنهم ينطقونها «قافًا» خالصة مخلصة كما التوانسة تماماً.

القرى كأطباق الطعام لكل منها لون وطعم ورائحة.. بعضها يكون فى مرارة العلقم ولون الحزن.. وبعضها خفيف على المعدة مثير للسعادة.. وبعضها يصيب من يشم رائحته بمغص معوى.. فإلى أى نوع تنتمى قرية برج مغيزل التابعة لمركز مطوبس بكفر الشيخ؟.. السؤال كان أول ما تبادر على ذهنى، وأنا أتوجه إلى القرية نهاية الأسبوع الماضى.

 ومن رحم ذات السؤال خرج سؤال آخر: هل سأجدها قرية صاخبة كـ«الطبلة»، أم حزينة مثل «ناى»، أم حالمة مثل «عود» يترنم بأغانى العاشقين فى أحضان البحر المتوسط؟

أكثر من 300 كيلومتر قطعتها من القاهرة إلى برج مغيزل، والأسئلة تطاردنى طوال الطريق، عن القرية وأهلها وأحوالها، وكان هدفى الاساسى هو البحث فى جنبات القرية عن إجابة لسؤالين رئيسيين: هل لايزال أهل البرج يفكرون فى الهجرة؟.. وهل لاتزال قوافل الحالمين بالهجرة غير الشرعية يتسللون إليها؟

وطوال طريقى كنت أتمنى أن تكون إجابة السؤالين بالنفى، وعندما وصلت لمحافظة كفر الشيخ التى تتبعها برج مغيزل، زاد أملى بأن الأمور ستكون كما تمنيت.. والسبب شعار ضخم على بوابة المحافظة يقول «كفر الشيخ.. المستقبل والأمل»، وهو ما اعتبرته فألًا حسناً.

وظل التفاؤل يلازمنى طوال الطريق، رغم كثرة المطبات التى عبرتها، ورغم ارتفاعاتها الكبيرة، التى تقصف عمر كل سيارة تمر عليها، وتقسم ظهر كل راكبيها.

وعندما لاحت لى القرية على مدد الشوف زاد تفاؤلى أكثر وأكثر، خاصة أن البحر المتوسط كان يغمر القرية وكل من يقترب منها بنسمات ندية طرية تطفى لهيب حر أغسطس، وتبعث على النشاط والمرح والفرح.

 ومن بعيد تبدو «برج مغيزل»، كطفل حالم يرقد فى أحضان البحر المتوسط، ويجرى فى دمه شريان الحياة.. نهر النيل الذى يلامسه من الناحية الغربية.

أشجار النخيل الباسقات هى أول ما يستقبل عينيك عندما تنظر إليها، من بعيد، فتبعث للناظرين برسالة تقول إنك على أعتاب بلدة كريمة.

كل منازل القرية مشيدة بالطوب الأحمر والأسمنت، وأقصى ارتفاع لها هو 4 أدوار، والشوارع تميل إلى الضيق، وعلى بعض جدران المنازل مكتوب عبارات تأييد للرئيس السيسى، وللنادى الأهلى، وأخرى تشكو الفقر، وتقول «مفيش فلوس أدفع كهرباء وغاز».

هذا هو المشهد الأول الذى يستوقفك فى القرية ذات التاريخ العريق، التى ظلت لقرون طويلة مقرا لقاعدة حربية، تهدمت بفعل السنين والإهمال، ولكن التاريخ يسجل لأبناء برج مغيزل، دورهم الوطنى الكبير خلال حملة فريزر على مصر عام 1807، فوقتها، تطوع أحد أبناء القرية واسمه «مغيزل»، وبنى برجاً عالياً شمال القرية، لمراقبة تحركات الإنجليز، الرابضين أمام رشيد، وشن هجمات عليهم، وظل البرج شوكة فى جنب رجال الجيش الإنجليزى الذين هاجموا مصر وقتها، حتى فشلت الحملة وخرج الإنجليز من مصر عام 1809، وبقى البرج شامخا عاليا ومن هنا جاءت تسمية القرية بـ«برج مغيرل»، بعد أن كانت مجرد عزبة صغيرة تابعة لقرية الجزيرة الخضراء المجاورة لها.

وأكثر ما يستوقفك عندما تدخل القرية، هو أن كل العيون تراقبك، وترصد حركاتك وسكناتك.. وكنت أتصور أن هذا الترصد لكل غريب أمر طبيعى فى قرية يتسلل إليها الغرباء للهروب إلى الشاطئ الآخر من البحر المتوسط، ولكن «الأمير أحمد» أحد شباب البرج قدم لى تفسيرًا آخر لحالة الترصد تلك، فقال إن ترصد الغرباء سببه تعرض عدد من أبناء القرية للاختطاف خلال الفترة الأخيرة، كان آخرها اختطاف الشابة «دعاء أحمد محمد جاد» التى اختفت منذ أسابيع ولم يظهر لها أثر حتى الآن.

وإذا ما تجاوزت رصد عيون أبناء البرج، يصدمك مشهد يبدو غريبا وهو انتشار المقاهى فى كل شوارع القرية، فلا يكاد يفصل كل مقهى عن الآخر سوى بضع أمتار، والغريب أن المقاهى رغم كثرتها، تمتلئ دائما بالزبائن.. لماذا؟.. لأن القرية التى يسكنها أكثر من 60 ألف مصرى، ويعمل نحو 95% منهم فى مهنة الصيد، وهم متوقفون تماماً عن ركوب البحر، ويقضون يومهم على المقاهى!

على أحد المقاهى المطلة على نهر النيل مباشرة التقيت «محمد فنحى»- ريس مركب صيد- كان يتبادل حديثًا هامسًا مع شاب يجلس بجواره، ولا يتوقفان عن الكلام إلا عندما يرفع أحدهما كوب الشاى إلى فمه ويرتشف منه بعضا من الشاى.. وظلا على هذا الحال فترة ليست قصيرة، قاطعت حديثهما، وسألته مندهشاً: كيف طاوعك قلبك أن تهجر البحر وتقضى يومك داخل مقهى على البر؟.. فقال بابتسامة ممزوجة بالحزن «لست وحدى.. كل صيادى برج مغيزل يقضون يومهم على المقاهى منذ بداية يوليو الماضى، وتحديدا بعدما تم رفع سعر السولار، فبعد هذه الزيادة لم يعد الصيد فى المياه المصرية يحقق أى دخل للصيادين».

وتابع حديثه مفسراً كلامه «مركب الصيد الكبير يحتاج لسولار بنحو 125 ألف جنيه لكى يقوم برحلة صيد واحدة، تستمر ما بين 20 و30 يوماً، وبعد كل هذه الأيام يعود كل صياد ونصيبه من حصيلة الصيد، لا تتعدى 300 جنيه على الأكثر.

البطالة فى برج مغيزل ليست واضحة فقط فى المقاهى كاملة العدد طوال اليوم، ولكنها تنسج خيوطها الحزينة على كل شيء فى البرج، فمراكب الصيد قابعة فى مراسيها، يداعبها الهواء فتكتفى بالتهدهد على صفحة الماء، وبعضها تسلل إليه الصدأ من طول وقوفه، وبعضها صار مأوى للكلاب تلتمس فيه النوم الهادئ بعيدًا عن ضحيج البر، وبعضها وصل اليأس باصحابها لدرجة أنهم كتبوا عليها لافتات ضخمة «للبيع».

ويبقى اللغز كيف يخسر صيادو السمك فى وقت تجاوز فيه سعر الكيلو الواحد ثلاثين جنيها؟.. والسبب حسب- نسيم حسن- أحد شباب الصيادين هو أن صيادى برج مغيزل يبيعون السمك بـ«الطاولة» (الطاولة تعادل 20 كيلوجراماً) والكيلو فى الطاولة لا يتجاوز 5 جنيهات، فى سمك الموزة الذى يباع للجمهور فى أسواق التجزئة بأكثر من 25 جنيهاً، أما سمك البريون الذى يباع الكيلو الواحد بـ300 جنيه، فيبيعه الصيادون جملة بـ50 جنيها، وهكذا لم يعد صيد السمك وبيعه فى برج مغيزل مفيدًا للصيادين ولم يعد يكفى حتى إطعامهم وتغطية نفقات الصيد من سولار وثلج لحفظ الأسماك وطعام للصيادين طوال رحلة الصيد.

ولهذا لم يعد أمام الصيادين سوى الفرار بمراكبهم من المياه المصرية والصيد أمام ليبيا وتونس لبيع الأسماك هناك، وحكى لى الشاب-على عرفة- أنهم يبيعون طن الأسماك فى ليبيا بمبالغ تتراوح بين 3 آلاف و4 آلاف دولار، أى ما يوازى، 53 ألفاً و62 ألف جنيه، فى حين أن سعره فى مصر لا يتجاوز غالباً 5 آلاف جنيه.

 ولكن مثل هذه الرحلات تكون دائماً محفوفة بالمخاطر، حيث تطاردهم حفر السواحل فى ليبيا وتونس ومن يتم القبض عليه، تتم مصادرة مركبه وحبسه شهورًا طويلة، قبل أن يتم إطلاق سراحه بعد سداد غرامة ضخمة.. «سلامة بهنسى» أحد الصيادين الذين تم القبض عليهم وهو يصطاد أمام السواحل التونسية، قبل نحو عام كامل، ولايزال مسجونا فى ميناء صفاقس التونسى حتى الآن.

ورغم تلك المخاطر لاتزال نداهة الهجرة تسيطر على كل شباب القرية وأطفالها الصغار.. وكل من قابلتهم من شباب برج مغيزل أكدوا لى أن حلمهم الوحيد هو الهجرة للخارج، ووصل ولعهم بالهجرة لدرجة تأليف أغنية صارت نشيدا رسميا لكل شباب البرج، على درويش- 20 سنة- جلس على مركبه الساكن على حافة الماء وراح يدندن بكلمات هذه الاغنية التى تبدأ بعبارة «أحلم بالهروب»..

وتنتهى بعبارة أشد قسوة تقول «على الشباب يلا السلام.. اهرب يلا بسرعة أوام» (يمكنك الاستماع للأغنية كاملة على بوابة الوفد الإلكترونيةhttps://alwafd.news).

نفس الحلم يسيطر على أطفال برج مغيزل الذين يمتهنون الصيد فى سن العاشرة، وربما قبل ذلك لمساعدة أسرتهم، عبدالقادر إبراهيم- 14 عاما- يعمل صيادا مع والده منذ أكثر من عامين، ويقول كلنا نحلم بالهجرة إلى إيطاليا أو اليونان.. سألته: بتحب مصر أكتر ولا إيطاليا؟.. فقال ببراءة: بحب مصر أكتر.. عدت أسأله: طيب ليه عاوز تهاجر؟.. فقال والبراءة تلازمه: علشان أجيب فلوس من هناك، وأرجع أعيش فى مصر».. (يمكنك الاستماع للحوار كاملاً على بوابة الوفد الإلكترونية https://alwafd.or)

وما قاله الصغير «عبدالقادر» يجسد حلم كل شباب وأطفال برج مغيزل، وما يزيد تمسكهم بهذا الحلم هو نجاح بعض الذين هاجروا فى تخطى عتبات الفقر والقفز عاليا على قمة الثراء، ويشجعهم على المحاولة أنهم لا يدفعون مبالغ كبيرة فى الهجرة كغيرهم، فهم كما قال الشاب على إسماعيل يخاطرون بحياتهم فقط، بينما غيرهم يدفعون مبالغ تصل إلى 30 ألف جنيه للطفل، و35 ألف جنيه للشاب، و40 ألف جنيه للأفارقة الذين يقصدون برج مغيزل من أجل هجرة غير الشرعية إلى أوروبا.

ولا تجد فى برج مغيزل اتفاقًا على شىء أكثر من اتفاقهم على أن 40% من شباب القرية هاجروا للخارج، وأن 25% منهم ابتلعه البحر اثناء الهجرة، ومع ذلك لايزال حلم الهجرة يسيطر على عقول من بقى من الشباب فى برج مغيزل، حتى إن الجميع يردد مقولة صارت قولاً مأثوراً على كل لسان هناك «ياكلنى الحوت ولا ياكلنى الدود».

ورغم أن الكل يحلم بالهجرة إلى أنهم أكدوا فى ذات الوقت أن غرق مركب رشيد فى مارس الماضى، وموت كل من فيه خلق حالة خوف كبيرة، فى قلوب الحالمين بالهجرة، ففضلوا إرجاء تنفيذ حلمهم بعضا من الوقت.

وإذا كان الأطفال والشباب يحلمون بالهجرة فإن الشيوخ الذين فاتهم قطار الهجرة، بعدما وهن العظم منهم واشتعل الرأس شيبا، فلم يعدوا قادرين على ركوب البحر والمخاطرة بعمرهم، ولهذا لم يجدوا أمامهم سوى اللجوء إلى «تكافل وكرامة» على أمل الحصول على معاش شهرى يقيهم ذل السؤال، ولكن- حسب تأكيدات الأهالى- تم حرمان البعض رغم أنهم يستحقون هذا النوع من المعاش، فى حين تم صرفه لآخرين رغم أنهم مستورو الحال!

وحتى من حصلوا على معاش تكافل وكرامة يشكون.. فعبدالحى عبدالقوى- 52 عاماً- أب لأربعة أبناء جميعهم فى مراحل التعليم المختلفة، وبعد أن توقف عن الصيد منذ يوليو الماضى لم يعد له دخل سوى معاش تكافل وكرامة، البالغ 450 جنيهاً شهرياً.. بكلمات ممزوجة بدموع الحزن التى تملأ عينيه، قال «كيف أعيش واسرتى بـ450 جنيهاً؟.. هذا المبلغ لا يكفينى لشراء دواء للأمراض الكثيرة التى تنهش جسدى، ولهذا توقفت عن شراء الدواء على أمل أن أوفر الفلوس لكى يأكل أولادى، ورغم ذلك عجزت عن توفير طعام يسد جوعهم، ولا أدرى كيف سأدفع لهم مصروفات المدارس أو أشترى لهم ملابس المدرسة؟».. صمت الرجل وحاول إخفاء دمعة سقطت من عينية، فولى وجهه شطر البحر وتمتم قائلا «لو أن بى قوة لقطعت هذا البحر إلى أرض الله الواسعة من أجل إطعام أولادى.. وبعدها صمت بعد أن غلبته دموعه».

والدموع والشكوى ليست مقصورة على «عبدالحى» وحده فكل كهول وشيوخ برج مغيزل يشكون الفقر، وعدم قدرتهم على الوفاء بمتطلبات أسرهم، خاصة بعد زيادة أسعار السولار، ويرون الحل الوحيد لمعاناتهم هو أن تبيع لهم الحكومة السولار بسعر أقل من السيارات، مؤكدين أن دولا كثيرة تتعامل بهذا المبدأ مع صياديها.

الشكوى فى برج مغيزل حاضرة فى كل بيت بسبب الصرف الصحى المتهالك الذى يجبر الكثيرين على صرف مخلفات منازلهم إلى النيل مباشرة، أما الشكوى من مياه الشرب فقاسية، لأن مياه الشرب تصل القرية حاملة معها رائحة السمك المتعفن، ويضطر الأهالى لشربها لعدم وجود بديل، وبسبب القمامة التى لا يخلو منها شارع رغم أن كل منزل فى برج مغيزل يسدد 70 جنيهاً للمجلس المحلى كل 3 شهور مقابل جمع القمامة، ولكن مسئولى الحى يأخذون الفلوس ولا يرفعون القمامة!

والمفاجأة أن بنات برج مغيزل أنفسهن تحولن إلى قوة ضغط على الشباب إذ يدفعهن دفعاً إلى الهجرة.. وزواج البنت فى برج مغيزل ظاهرة تستحق أن نتوقف أمامها طويلاً– ففى البرج– لا يمكن أن تصل البنت إلى 16 عاماً إلا وهى متزوجة.. وكل بنات القرية– وحسب تأكيدات أم علاء– تتم خطبتهن بمجرد التحاقهن بمدارس المرحلة الإعدادية.. وتقول: «أتحدى أن توجد بنت فى القرية فى المرحلة الإعدادية ولم تتم خطبتها أو زواجها».

وتضيف: «رغم أن نحو 20% فقط من أهالى القرية ميسورو الحال والباقى يعيشون على خط الفقر إلا أن تقاليد الزواج فى البرج تقسم ظهر الغلابة إذ يشترط أن يتم تقديم ذهب للعروسة بما لا يقل عن 150 جراماً (سعره يقارب 125 ألف جنيه) بخلاف مهر 100 ألف جنيه وتجهيز شقة بما لا يقل عن 200 ألف جنيه، وهو ما يعنى أن أقل زواج فى برج مغيزل يتكلف 400 ألف جنيه.. وتدبير أى شاب لهذا المبلغ يكاد يكون مستحيلا، اللهم إلا إذا هاجر للخارج!

ولما سألت حميد الشوكى-أحد شيوخ برج مغيزل- عن سر الزواج المبكر لبنات برج مغيزل، فأجاب بما لم أكن أتوقعه.. قال «بنستر بناتنا، خوفا من أن نغرق فى البحر فنتركهن بلا عائل».

 بقى أن نشير إلى أن مشكلة الهجرة فى برج مغيزل، لم تعد قضية محلية، فلقد وصل صداها إلى اليونيسيف، ومشاركة منها فى مواجهة هذه الهجرة بدأت تنفذ فى القرية برنامج دعم نفسى واجتماعى لأطفال القرية، من أجل محاربة فكرة الهجرة فى عقول الصغار.

 

 

 

 

 

شاهد الفيديو :

 

 

 

إقرا ايضا

 

الوحدة الصحية فضيحة.. ومحرر «الوفد» يكشف على الأهالى بدلاً من الطبيب!

 

محمد الشوكى ابن برج مغيزل المهاجر:نصيحتى لأهل بلدى «لا تلقوا بأولادكم فى البحر»