رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

عقارات الموت فى قفص الاتهام

بوابة الوفد الإلكترونية

ثغرات فى القانون 119 تتيح للمهندسين وموظفى الأحياء التهرب من المسئولية

خبير فى الإدارة المحلية: 92٪ من العاملين بالإدارات الهندسية حاصلون على مؤهلات متوسطة

 

فيومياً تنهار مبانٍ فوق رؤوس سكانها، ويخرج المحافظون ليعلنوا معاقبة المسئول عن الحادث وتنفيذ حملة لإزالة المبانى المخالفة، وسرعان ما تعود «ريما لعادتها القديمة».

لكن كثيرًا ما انشغل بال الكثيرين بكيفية نجاح المالك فى بناء مبنى مخالف غير مطابق للمواصفات دون تصدى أى جهة رقابية له، وعلى رأسها المحليات.. ورغم أن الحكومة حتى الآن عاجزة عن وقف تلك الفوضى، فإنها راحت تفكر فى إصدار قانون ينظم عملية التصالح مع أصحاب العقارات المخالفة مقابل سداد نصف قيمة المبنى.

الكارثة كبيرة وليست هينة، حينما نعلم أن حجم العقارات المقامة دون تراخيص يصل إلى نحو 317 ألفاً و948 عقاراً صادرة لها 356 ألفاً و507 قرارات إزالة.

أما عن المبانى التى تحمل رخصة بناء وغير مطابقة للمواصفات فلا حصر لها، والسبب ثغرات بالقوانين يستغلها المالك والمهندس المسئول عن استخراج الشهادات.

مبانٍ مخالفة

إذا كنت تفكر فى إنشاء مبنى مخالف دون أية مساءلة قانونية.. فالأمر بسيط وهذا طبقاً للقانون رقم 119 لسنة 2008 الذى أتاح الفرصة للجميع للتهرب من المسئولية.

الخطوة الأولى تبدأ بتقديم طلب إلى الجهاز أو الحى التابع له العقار لاستخراج رخصة بناء أولى اشتراطاتها شهادة إشراف، وتصدر عن طريق مهندس نقابى يحصل فيها على مقابل 300 جنيه، يعقبها تقرير مجسات للتربة، ويصدر بسعر 800 جنيه عن طرق المهندس نفسه دون أية معاينة على الطبيعة، ويكفى إعطاؤه الاسم وعنوان العقار.

هذه الشهادات طبقاً للوائح نقابة المهندسين من حق المهندس الحصول على 5 شهادات كل 60 يوماً، أو استخراج سجل هندسى لقيد المشروعات التى يقوم بتنفيذها، ويتهرب المهندس من السجل بإخفائه.. وهنا أول خيوط الجريمة، فالعقار المكون من 10 طوابق ينبغى حفر ما بين 9 و12 متراً لضمان استقرار المبنى، وهو ما لا يحدث فى معظم الأحيان، وحتى يخلى المهندس مسئوليته يقوم بكتابة ورقتين بإلغاء شهادة الإشراف بالقطعة التى سيتم البناء عليها تقدم نسخة لنقابة المهندسين ونسخة للحى التابع له العقار.

الخطوة التالية يقوم المهندس المسئول باستخراج شهادة إتمام أعمال للتهرب من المسئولية، حيث يقوم بمخاطبة الحى بأنه قد أدى عمله على أكمل وجه، وتم الانتهاء من الأعمال الخاصة بتقارير التربة وشهادة الإشراف، ويتم ذلك بمساعدة اللجنة الفنية الخاصة بالحى التابع لها الموقع، وهى غالبًا تكون اللجنة نفسها التى تعاون معها منذ البداية فى شهادة الإشراف التى لم تذهب من الأساس لإجراء المعاينة.

وتبدأ أعمال البناء دون معارضة أى جهة، إلى أن يتم الانتهاء من تشييد العقار، ويتم استخراج شهادة إتمام أعمال ويستخرجها المهندس المسئول عن تنفيذ الإجراءات منذ بدايتها.

وحتى يخلى مسئوليته عن الأعمال، فكل إجراء يقوم بتنفيذه المهندس المشرف على المشروع يلغى بعد مضى 48 ساعة.

تأتى مرحلة إدخال المرافق، إذ يتقدم مالك الحى بشكوى ضد المهندس المسئول عن تنفيذ العقار.. وهنا يطلب الحى الاطلاع على شهادة الإشراف فيجد أنها قد ألغيت وليس أمامه إلا سبيل واحد هو استخراج شهادة صلاحية للمبنى حتى يستكمل دخول المرافق كالكهرباء.. وألاعيب الملاك لا تنتهى.. فالمعاينة التى تتم قبل دخول المرافق تتم ظاهرياً، ويقر المهندس التابع للحى أو لجهاز المدينة فيها بأنه عاين المبنى معاينة ظاهرية ولم يتمكن من رؤية الأساسات.

هذا يتم فى حالة الرشوة ولإخلاء مسئوليته أيضاً.. أما إذا كان المسئول عنها أمهر المهندسين فلن يكتشف الغش الذى قام به المالك أو المقاول والسبب أن الأساسات قد ردمت ولكن يستطيع المهندس رؤيتها.

واللجوء إلى تلك الألاعيب يكلف المالك نحو 4 إلى 5 آلاف جنيه، أما حال التزامه بالتعليمات فيدفع طبقاً للقانون 3% من تكلفة المبنى لنقابة المهندسين.

هناك نوع آخر من المخالفات يتم عن طريق زيادة الطوابق المبنية.

فالمبنى المكون من أربعة أدوار بإمكان المالك زيادة ارتفاعها بطوابق أخرى دون الرجوع إلى أحد، وفى هذه الحالة لا يستطيع أى شخص الاعتراض حتى سكان العقار أنفسهم! والسؤال كيف يتم وقف تلك الأعمال؟ الإجابة وببساطة أنه لن يستطيع أحد وقفها.. وبعد إتمام البناء، يتم التصالح مع الحى بعد دفع مبلغ!

فيتقدم أحد المواطنين بشكوى إلى الحى بقيام المالك ببناء طوابق مخالفة.

وفى هذه الحالة يكون هناك إجراءان: الأول قيام مهندسى الحى وبعض المعاونين بسحب الأدوات الخاصة بالمقاول.. ورغم ذلك فالبناء يتم دون معارضة أحد.

الإجراء الثانى هو تحرير محضر بقسم الشرطة التابع للعقار فيرسل المحضر إلى الحى ليقوم مهندس بمعاينة العقار. ونكون أمام إجراءين آخرين: الأول «أن الأدوار المخالفة لا يجوز إزالتها» لأنه فى

حال اتخاذ ذلك الإجراء ستكون هناك خطورة على العقار بأكمله.

أما الإجراء الثانى فهو هدم العقار ويرسل الحى المحضر بالتنفيذ وتتحول اللعبة فى يد قسم الشرطة، حيث يستمر ذلك الإجراء عدة سنوات والسبب «الدراسة الأمنية»، وتشير التحريات فى معظم الأحيان إلى استحالة تنفيذ الإزالة بسبب تجمهر أصحاب العقار أو لنقص فى أعداد القوات التابعة لقسم الشرطة.

وبحسب الدراسة التى أعدتها الهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان، فإن الفساد داخل المحليات كان السبب الرئيسى فى تفاقم الأزمة، كما أن معظم العقارات المنهارة حديثه وليست قديمة، والروتين والفساد أديا إلى صعوبة حصول المواطن على تراخيص البناء من خلال القنوات الشرعية، إلى جانب ضعف أجور مهندسى الأحياء والذى فتح الباب أمام الرشوة والمساومات وهجرة الكفاءات الهندسية من العمل فى المحليات هرباً من المسئولية الهندسية بالإضافة إلى تضارب القوانين والتشريعات الخاصة بالبناء وتعددها، ما يسهل اختراقها والالتفاف حولها واستغلال ثغراتها.

 

المجمعة العشرية

وتدخل المجمعة العشرية ضمن الجهات المسئولة عن مراقبة إنشاء العقارات، وتم إنشاؤها بغرض تأمين المسئولية المدنية عن إخطار أعمال البناء، فتقوم بمراجعة الرسومات الإنشائية للمشروعات، والمجمعة هى جهة استشارية تابعة لشركات التأمين، وتختص بالمبانى التى تزيد تكلفتها عن مليون جنيه.

ويهرب أصحاب العقارات من إجراءات المجمعة عن طريق استخراج رخصة لمبنى مكون من بدروم وأرضى بعد أن تتم إضافة أدوار أخرى.

أما فى حالة اللجوء للمجمعة فإنها تشترط مواصفات عالية فى البناء، وفى تلك الحالة يقوم المقاول بتخفيف مدخلات الحديد فى البناء معتمداً على أن أساسات المبنى تسمح بتلك الارتفاعات.

وقال مصدر داخل نقابة المهندسين لـ«الوفد»: إن التلاعب من جانب المهندسين موجود، مستغلين علاقتهم القوية بمهندسى الأحياء، إلى جانب أن النقابة ليست لديها صلاحية للتفتيش على المهندسين، والمسئول عن التفتيش هو جهاز التفتيش الفنى بوزارة الإسكان والمحليات. ودور النقابة ينحصر فى وقف المخالف عن مزاولة المهنة.

وغالباً ما يمر ذلك الإجراء بكثير من التحقيقات والتى تنتهى إلى عدم مسئولية المهندس عن انهيار العقار وتلقى بالمسئولية على المقاول، وأن عمليات الحفر غير سليمة.

حمدى عرفة خبير الإدارة المحلية أكد أن القانون ١١٩ لسنة ٢٠٠٨ هو المختص بإنشاء أى مبنى فى مصر، وطبقاً لهذا القانون فلابد أن يمر مالك المنشأة على ٧ جهات للحصول على الموافقة وهى «الإسكان» و«التنمية المحلية» و«الداخلية» ممثلة فى الدفاع المدنى والجهاز المركزى للتنظيم والإدارة وهيئة الرقابة الإدارية والاتصالات والطرق والكبارى، ونتيجة تعدد الجهات المختصة لتراخيص البناء يحدث التلاعب، كما أن هذا القانون يشوبه كثير من الأخطاء.

وأشار خبير التنمية إلى أن الإحصائيات تؤكد أن ٩٢٪ من العاملين بالإدارات الهندسية للتراخيص داخل المحليات حاصلون على مؤهلات متوسطة، وعاجزون عن تصميم الرسومات الهندسية.. لذلك تتم الاستعانة بالمهندسين من خارج المحليات لعمل بعض الرسومات الهندسية، ويوقع عليها موظفو الأحياء، تلك الألاعيب فى جميع المحافظات من خلال هذه الطرق، فضلًا عن أن القانون يؤكد حظر بناء أكثر من ٦ أدوار بالدور الأرضى، وأى مبنى فوق السادس يكون مخالفًا فى جميع أنحاء الجمهورية، حتى إن كان فى شوارع واسعة.