رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الحكومة ترسب فى اختبار المصانع المتعثرة

بوابة الوفد الإلكترونية

خبراء: المشروع «وهم» وتطالب بخطط حقيقية للمصانع المتعثرة

طلب إحاطة حول شركة «رأسمال المخاطر».. والصناعات لم تقدم جديداً

مبادرات وصناديق ومحاولات كلامية لإعادة الروح للمصانع المتعثرة التى يؤكد بعض التقديرات أنها تصل إلى حوالى 7 آلاف مصنع، إلا أنها جميعاً لم تأت بجديد، فما زالت المشكلة قائمة رغم تعاقب الحكومات وتغيير المسئولين مرات عديدة منذ الثورة حتى الآن، وتعد مشكلة المصانع المتعثرة واحدة من أكثر المشكلات التى قهرت كل الحكومات السابقة والحالية، والجميع عالجها بنفس الطريقة، مبادرات وتصريحات إعلامية لم تجد لها مخرجاً على أرض الواقع، والنتيجة استمرار الحال على ما هو عليه، استثمارات بالمليارات مجمدة حتى إشعار آخر، وعمال فى انتظار فرج لا يأتى، واقتصاد وطنى يحاول النهوض من كبوة لا تنتهى، وحكومة لا تقدم الجديد.

منذ أيام قليلة أعلن المهندس طارق قابيل وزير التجارة والصناعة أنه سيتم إطلاق شركة «مصر لرأس المال المخاطر»، والتي تستهدف تمويل المصانع المتعثرة لإعادة تشغيلها مرة أخرى، ويساهم فيها مركز تحديث الصناعة وشركة «أيادى» وبنك الاستثمار القومى وصندوق «تحيا مصر» وتصل قيمة رأس مال الشركة 150 مليون جنيه.

وأكد الوزير أن إنشاء الشركة يسهم فى مواجهة تبعات مرحلة التباطؤ التي مر بها الاقتصاد القومي في أعقاب ثورة يناير 2011، مشيراً إلى أن الشركة ستساهم بصورة مباشرة في استعادة عدد كبير من الشركات المتعثرة لأنشطتها الصناعية من خلال توفير آليات تمويلية قصيرة المدى وتفعيل قنوات التواصل بين الشركات المتعثرة ومركز تحديث الصناعة للحصول على الدعم الفنى.

ويعد «رأس المال المخاطر» أحد الأدوات التمويلية، التي تختلف عن الائتمان أو القروض، إذ يحصل المستثمر في هذه الحالة على حصة من المشروع الذى يقوم بتمويله، ويحصل على عوائده عندما يخرج المشروع من عثرته، ويتسم هذا النوع من التمويل بالمخاطرة الشديدة، وهذا هو الفرق بينه وبين القروض التى يحصل المانح على حقه بالفوائد سواء تم إنقاذ المشروع من عثرته أم لا.

إلا أن هذا المبلغ المحدود الذى تم رصده للمشروع (150 مليون جنيه) أدى إلى تشكيك الكثيرين فى جدوى المشروع الجديد، معتبرين أنه مجرد فرقعة إعلامية مثل غيره من المبادرات السابقة التى لم تقدم شيئاً فى هذا الملف المتعثر منذ سنوات، وهو ما أكده الخبير الاقتصادى محسن الخضيرى، مشيراً إلى أن مبلغ الـ150 مليون لا يقيم أود مصنع واحد من المصانع المتعثرة، وأضاف أن الوزارة لم تحدد الغرض من إنشاء هذه الشركة، وهل هى لإنقاذ المصانع الصغيرة أم الكبيرة؟ وما هو دورها بالتحديد؟ هل هو سداد أقساط الديون؟ أم تهيئة المصانع المتعثرة للعمل من جديد؟ فالأهم من الكلام المطلق هو تحديد الاتجاه العام للشركة ودورها وكيفية توظيف رأسمالها.

وطالب «الخضيرى» بضرورة تدخل الدولة بشكل فعَّال من خلال مؤسساتها وقواعدها الارتكازية ووزاراتها المختلفة وسياستها الاقتصادية لإنقاذ هذه المصانع من عثرتها، خاصة أن جزءاً كبيراً من مشكلة هذه المصانع المتعثرة كان بسبب الدولة وسياستها المتخبطة وفشلها فى مساعدتها على النهوض، وعدم استخدام سياسة الأيدى الخفية معها، وذلك بمساعدتها عن طريق شراء المنتجات بدلاً من تركها عرضة للخسائر والانهيار وبالتالى تأثرت هذه المصانع والعاملون فيها.

وطالب «الخضيرى» بضرورة وجود وزير اقتصاد مصرى وطنى قادر على وضع خطط فورية لتنفيذ سياسات استراتيجية تأخذ فى اعتبارها معطيات الحاضر للوصول لخطة إنقاذ هذه المصانع فى المستقبل.

 

تضارب

وتعد مشكلة تضارب الأرقام هى السمة الأساسية لأزمة المصانع المتعثرة، فمنذ سنوات ما قبل ثورة 25 يناير والمشكلة قائمة، إلا أنه لا يوجد تحديد لعدد المصانع المتعثرة، وزادت المشكلة بعد قيام الثورة وتفاقمت فى السنوات التى تلتها نظراً للظروف السياسية التى انعكست على الاقتصاد المصرى، لتخرج بعد ذلك أرقام متضاربة حول المشكلة التى انعكست آثارها على المجتمع كله، ففى الوقت الذى أكدت فيه دراسة لاتحاد الصناعات أن عدد المصانع المتعثرة يصل إلى 7 آلاف مصنع، يعمل بها ما يقرب من مليونى عامل، إلا أن أرقام وزارة الصناعة أكدت أنها تقدر بـ871 مصنعاً فقط، فحينما أعلن مركز تحديث الصناعة التابع للوزارة عن مبادرته السابقة لإنقاذ المصنع المتعثرة لم يتقدم لها سوى هذا العدد فقط، وبالفعل تم تشغيل 33 مصنعاً منها.

 

خطط كلامية

وكانت الفترة التى تلت تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى مقاليد الحكم قد شهدت الحديث عن إعادة الحياة للمصانع المتعثرة خاصة أن الرئيس أولى هذا الملف أهمية خاصة فى أحاديثه، ومن ثم بدأت المبادرات الحكومية لإنقاذ المصانع من عثرتها، ولكن كانت مجرد مبادرات كلامية لم تدخل حيز التنفيذ، منها تخصيص 500 مليون جنيه للمصانع المتعثرة من خلال الصندوق الاجتماعى للتنمية بفائدة تساوى فوائد البنوك وبضمان من صندوق طوارئ اتحاد العمال، إلا أن هذا المشروع لم يخرج للنور بسبب تحفظات بعض البنوك عليه، ورفض البنك المركزى التدخل فى هذا الملف.

بعدها بفترة أعلن البنك المركزى عن مبادرة أخرى لإقراض المصانع المتعثرة

مبلغ 200 مليون جنيه بفائدة قدرها 5% لمدة 4 سنوات، وهى المبادرة التى عوَّل عليها الكثير الآمال لإنقاذ المصانع من عثرتها، إلا أنها لم تخرج للنور مثل سابقتها، وكثر الحديث بعد تولى المهندس طارق قابيل مسئولية وزارة الصناعة حول مشكلة المصانع المغلقة ووضع حلول لها، منها مبادرة إنشاء صندوق لتمويل المصانع المتعثرة فى شهر مارس الماضى بالتعاون بين بنك الاستثمار القومى وشركة أيادى وشركة يونيون كابيتال، لحل مشكلات هذه المصانع المتعثرة تدريجياً، وأكد المسئولون وقتها أن المشروع سيبدأ فى ممارسة أنشطته التمويلية لإنقاذ المصانع بعد وضع معايير لتحديد المصانع الأولى بالتمويل، ولم تعلن الوزارة أى شىء عن هذا المشروع لنفاجأ منذ أيام قليلة بالحديث عن مشروع جديد بإنشاء شركة رأسمال المخاطر لإنقاذ المصانع من عثرتها، برأسمال 150 مليون جنيه، وهو ما دفع الدكتور صلاح الدسوقى أستاذ الاقتصاد ورئيس المركز العربى للدراسات إلى التشكيك فى هذا المشروع، وأن مصيره سيكون مثل مصير سابقيه، خاصة أن الوزارة لم تحدد الهدف من الشركة الجديدة وطبيعتها ودورها، سواء كان دورها دراسة أوضاع هذه الشركات ووضع حلول لها، أم سيكون دورها تمويلياً للقضاء على مشكلة التمويل التى يواجهها معظم هذه المصانع، وهل الشركة ستكون شركة حكومية خالصة أم سيكون هناك مشاركة من القطاع الخاص فيها، وهل عملها سيكون إنقاذ شركات القطاع العام، وفى هذه الحالة فماذا سيجدى هذا المبلغ فيها خاصة أن خسائرها كبيرة ومشكلاتها عظيمة؟

 

وأضاف «الدسوقى» أن مشكلة المصانع المتعثرة تعد من المشكلات المصيرية التى لابد أن تبحث الحكومة لها عن حلول لإنقاذ الاقتصاد المصرى، خاصة الصناعات الكبرى كالحديد والصلب والغزل والنسيج والسيارات والكوك، وهى الصناعات التى دمرتها الحكومات لتنفيذ برنامج الخصخصة، ولذلك امتنعت عن إحلال وتجديد هذه المصانع وعدم توفير الخامات اللازمة لها وتجريفها من العناصر الإدارية الجيدة بها، وإذا كانت الحكومة تسعى لإنقاذ الاقتصاد فعليها العمل على إنقاذ هذه الشركات والمصانع أولا، أما مصانع القطاع الخاص فانقاذها مسئولية القطاع الخاص نفسه وليس مسئولية الحكومة، فالأولوية الأولى للحكومة الآن لابد أن تكون مصانع القطاع العام التى تم إهمالها على مدار السنوات الماضية وتدميرها، وأما القطاع الخاص فيمكنه اللجوء للبنوك والاقتراض منها لحل مشكلاته.

 

طلب إحاطة

وفى الوقت الذى تشكك فيه الخبراء فى جدوى المبادرة الجديدة للحكومة تقدم النائب علاء عبد العال رئيس لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان بطلب إحاطة لوزير الصناعة والتجارة المهندس طارق قابيل، ووزير قطاع الأعمال المهندس أشرف الشرقاوى ووزيرة الاستثمار والتعاون الدولى سحر نصر، حول الإجراءات التى سيتم اتخاذها لتنفيذ مشروع شركة مصر لرأسمال المخاطر والتى تهدف لتمويل المصانع والشركات المتعثرة.

و تساءل النائب فى طلبه عن كيفية إنشاء هذه الشركة، وعما إذا كان إنشاؤها سيتم بقرار وزاري أم بمشروع قانون ينظم عملها، مطالبًا بوضع الشروط والضوابط التي سيتم على أساسها تمويل الشركات والمصانع المتعثرة بكل شفافية، معربًا عن أمله في أن تنجح الحكومة في هذا المشروع، بعد سنوات طويلة من تعثر الآلاف من الشركات والمصانع المتعثرة، وألا تكون هذه الشركة قصة جديدة من الحكومة فى هذا الملف الذي سمعنا مرات متعددة عن اقتحام الحكومة له، ولم يتحقق أي شيء على أرض الواقع.