رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

25 مليار جنيه حجم تجارة الأغذية الفاسدة

بوابة الوفد الإلكترونية

80٪ من السلع المتداولة تخرج من مصانع مخالفة

100 مليون جنيه خسائر الدولة سنويًا بسبب منتجات «بير السلم»

الأسواق تغرق.. وهيئة سلامة الغذاء تعانى «المخاض»

وافق مجلس النواب مؤخرًا على مشروع قانون إنشاء هيئة سلامة الغذاء، بعد تكدس الأسواق بأطنان من الأغذية الفاسدة والمنتجات الضارة التى غزت المتاجر والمحلات الشهيرة وأصبحت بمثابة سموم تدمر صحة المصريين لعدم التزام القائمين عليها بأبسط المعايير والاشتراطات الصحية، وتحولت الأسواق لمنفذ لبيع كل ما هو مميت وضار بالصحة، وعلى الرغم من كون القانون يهدف لإنشاء هيئة لسلامة الغذاء، لتولى الرقابة الكاملة على الأغذية، إلا أنه حتى الآن لم تخرج الهيئة للنور، فما بين الحين والآخر، لا نسمع سوى تصريحات عن إنشاء الهيئة، دون أن تكون هناك خطوات جادة للتنفيذ حتى تحولت الأسواق لمقلب قمامة للمنتجات منتهية الصلاحية!!

تشير الدراسات الى أن عدد مصانع المواد الغذائية غير المسجلة رسميًا، يضاعف عدد المصانع المسجلة والتى يقدر عددها بنحو 300 مصنع، ويبلغ حجم إنتاج المصانع المخالفة نحو 80٪ من الأغذية المطروحة فى الأسواق، فى حين تنتج المصانع المرخصة نحو 20٪ فقط، ويصل حجم خسائر الدولة من منتجات بير السلم للصناعات الغذائية وحدها بما يقدر بنحو 100 مليون جنيه سنويًا.

وتتسبب تلك الأغذية الفاسدة فى انتشار أمراض الالتهاب الكبدى الوبائى، والفشل الكلوى، ما يكلف وزارة الصحة ملايين الجنيهات لعلاج تلك الأمراض.

وقائع انتشار فوضى الأغذية فى الأسواق أصبحت ظاهرة متكررة يوميًا، فقد استغل التجار معدومو الضمير غياب الرقابة الجادة على الأسواق، والأوضاع الاقتصادية السيئة التى يمر بها المواطنون، وقاموا بترويج سلع وأغذية فاسدة ومنتهية الصلاحية، بأسعار رخيصة لجذب أنظار الزبائن، كما أصبحت المواسم والأعياد فرصة ذهبية بالنسبة للتجار للتخلص من المنتجات الفاسدة، والبضائع الراكدة، مستغلين حاجة المواطنين لتلك الأغذية، حيث يقوم البعض بتغيير تاريخ الصلاحية للمنتج الذى أوشكت صلاحيته على الانتهاء، ونظرًا لموجات الغلاء المتتالية التى تشهدها الأسواق، يجد المستهلك أن أسعار تلك السلع فى متناول يده، ويقبل على شرائها دون الانتباه إلى تاريخ صلاحيتها، ويتناولها دون أن يشعر بتغيير مذاقها، فكل ما يهم المستهلك عند الشراء هو أن تكون السلعة فى متناول يده، و«على قد فلوسه» دون الاهتمام بالجودة.

ومع الأسف انتعشت تجارة الأغذية الفاسدة فى مصر والتى قدرتها الدراسات بنحو 25 مليار جنيه سنويًا، وفى مايو الماضى كشف تقرير رسمى للهيئة العامة للخدمات البيطرية التابعة لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، أن حملات التفتيش والرقابة على أسواق ومحال بيع اللحوم والدواجن ومنتجاتها، ضبطت نحو 58 ألفًا و647 طنًا من اللحوم غير الصالحة للاستهلاك الآدمى بمختلف المحافظات، ومنذ أيام أعدمت وزارة الصحة والسكان 6 أطنان و540 كيلو جرام أغذية متنوعة و146 لتر عصائر ومشروبات لعدم صلاحيتها للاستخدام الآدمى، بمناطق متعددة فى القاهرة والجيزة، وفى أبريل الماضى أعلنت وزارة الصحة أنه تم إعدام ما يقرب من 421 طنًا و921 كيلو جرام أغذية فاسدة و76 ألفًا و496 لتر عصائر لتغيير خواصها الطبيعية وعدم صلاحيتها للاستهلاك، خلال حملة استمرت 3 أشهر.

ولم تكن الأسواق وحدها هى المكان الوحيد الذى يتم استغلاله لترويج الغذاء الفاسد، بل امتد الأمر الى المطاعم الشهيرة، والفنادق أيضًا، فقد تمكنت مباحث التموين مؤخرًا من ضبط كميات من الدواجن، ومصنعات اللحوم غير المطابقة للمواصفات داخل أحد المحلات الشهيرة، كما أصيب منذ أيام ضابط وأمين شرطة و9 مجندين بنزلة معوية بعد تناولهم طعامًا فاسدًا خلال وجبة السحور، ولم تكن تلك الوقائع هى الوحيدة، بل هى مجرد نماذج تدل على حالة الفوضى الموجودة فى الأسواق الآن.

وافق مؤخرًا مجلس النواب على مشروع قانون إنشاء هيئة سلامة الغذاء المقدم من الحكومة والمكون من 20 مادة، والذى ينص على أن تتولى الهيئة القومية لسلامة الغذاء الاختصاصات المقررة للوزارات والهيئات والمصالح الحكومية ووحدات الإدارة المحلية فيما يخص الرقابة على الأغذية مع منح العاملين بالهيئة صفة مأمور الضبط القضائى من أجل إثبات الجرائم التى تقع بالمخالفة للقانون، وخلال الأشهر الماضية طالبت لجنة الصناعة مجلس النواب بسرعة إنشاء الهيئة القومية لسلامة الغذاء، نظرًا لعدم وجود إطار تشريعى موحد للرقابة على جودة وسلامة الغذاء، فضلاً عن تعدد أجهزة الرقابة على المنتجات الغذائية، وغياب التنسيق بينهما خلال السنوات الماضية لم تكن هناك خطوات جادة لإنشاء الهيئة واكتفت الحكومة بإطلاق التصريحات التى تؤكد ضرورة وجود هيئة للرقابة على الأغذية، إلا أن انتشار الأغذية الفاسدة فى الأسواق، وزيادة حالات تسمم المواطنين جعل هناك حاجة ملحة لوجود تلك الهيئة.

كما نصت مواد مشروع قانون الهيئة القومية لسلامة الغذاء على أن ينقل إلى الهيئة العاملين بالوزارات والهيئات العامة والمصالح الحكومية ووحدات الإدارة المحلية، وغيرها من الجهات المختصة بالرقابة على الغذاء، وتنظيم تداوله، الذين يتم اختيارهم بقرار من رئيس الوزراء، وذلك بعد التنسيق مع الوزراء المعنيين، كما نصت المادة الخامسة على أن يصدر رئيس الوزراء خلال 6 أشهر من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون اللائحة التنفيذية والقرارات اللازمة لتنفيذه، كما يختص بإصدار وتعديل اللوائح التنفيذية للتشريعات المتعلقة بسلامة الغذاء.

أما عن اختصاصات الجهاز فتضمنت وضع معايير لسلامة الغذاء، وفقًا لأسس علمية، والرقابة على الأغذية والتفتيش على أى مكان يتم تداول الأغذية من خلاله، والرقابة على المحلات والمخازن والثلاجات، ووقف أى تداول للأغذية أو إدخالها للبلاد، إذا كانت غير صالحة للاستهلاك الآدمى، هذا فضلاً عن الزام جميع منتجى ومصنعى الأغذية بتطبيق الاشتراطات التى تكفل سلامة الغذاء، مع وجود الرقابة المستمرة على كافة المنشآت الغذائية، هذا فضلاً عن التعامل مع المعامل الحكومية المعتمدة للقيام بالفحوصات اللازمة، لضمان سلامة الغذاء، وتنظيم استخدام المواد المضافة، والمواد المساعدة على معالجة الغذاء، وفقًا للضوابط المعمول بها فى الهيئات الدولية، هذا فضلاً عن إجراء الدراسات حول سلامة الأغذية والتعاون مع المنظمات والجهات الوطنية والدولية المعنية بسلامة الغذاء من أجل الوصول إلى غذاء آمن على حياة المصريين والقضاء على الصناعات العشوائية.

فى أوائل مايو الماضى أكد رئيس الوزراء ضرورة إنهاء كافة الإجراءات المطلوبة، والتى تمكن الهيئة من أداء دورها، والإشراف على سلامة الغذاء سواء كان محليًا أو مستوردًا، وعلى أن تتولى الهيئة تقنين أوضاع القطاع الغذائى غير الرسمى، وتوحيد عمل الأجهزة الرقابية المسئولة عن الغذاء فى مصر.

وعلى الرغم من ذلك مازلنا نعانى يوميًا من غياب الرقابة، وانتشار الأغذية والمنتجات الضارة بالصحة ولم يخرج الأمر عن إطار التصريحات من قبل المسئولين.

هذا رغم وجود العديد من التشريعات التى تعاقب على جريمة الغش، وبيع السلع الضارة إلا أن تلك التشريعات مع الأسف أصبحت عقيمة، ولم تعد العقوبات رادعة، فقد نصت المادة العاشرة من قانون الغش التجارى رقم 48 لسنة 1941، على السجن لمدة لا تقل عن سنة، ولا تتجاوز خمس سنوات، وبغرامة مالية لا تقل عن 10 آلاف ولا تتجاوز 30 ألف جنيه، لكل من شرع في غش المنتجات أو طرح أغذية مغشوشة بالأسواق.

وكان الدكتور حسين منصور رئيس وحدة سلامة الغذاء، قد كشف مؤخرًا خلال تصريحاته أن هناك ما يقرب من 80٪ من الأغذية الموجودة فى الأسواق مجهولة المصدر الأمر الذى يتطلب - على حد قوله - الرقابة على الأغذية والمنتجات فى جميع مراحل تداولها، وتطبيق نظام يضمن سلامة الغذاء، لكون الوضع الحالى لقطاع الغذاء في مصر كارثيًا وتسبب فى انتشار العديد من الأمراض.

أكدت الدكتورة سعاد الديب، نائب رئيس الجمعية الإعلامية للتنمية وحماية المستهلك، أن انتشار الأغذية الفاسدة وترويجها فى المواسم المرتبطة بالأكل ما هو إلا انعدام ضمير من قبل التجار الذين يستغلون غياب الرقابة لتصريف بضائعهم المنتهية الصلاحية والتالفة، هذا فضلاً عن تغيير تواريخ الإنتاج وعرض السلع بأسعار رخيصة لسهولة التخلص منها، وتقول: «المنظومة الرقابية فى مصر مازالت مختلة فنحن لدينا ما يقرب من 17 جهة رقابية مسئولة عن مراقبة الأغذية، لكن الرقابة تعد ضعيفة، لأننا ليس لدنيا الإمكانيات الكافية، فعدد من يتولى الرقابة على تلك السلع فى الأسواق في الجمعيات لا يكفى للقيام بتلك المهام»، كما أن تعدد تلك الأجهزة الرقابية يجعل كلا منها يسير فى اتجاه مختلف عن الآخر، فقد سبق أن تم إعداد قانون لإنشاء هيئة لسلامة الغذاء منذ ما يقرب من 9 سنوات، وتمت مناقشته من قبل المختصين فى يناير الماضى خلال إحدى المؤتمرات، إلا أنه حتى الآن لا توجد تحركات جادة لإصدار القانون رغم كونه ذا أهمية كبيرة، حيث يساعد على تتبع الأغذية الفاسدة، ويمنع محاولات ترويجها، ومن شأنه أيضًا توحيد الرقابة على الأغذية، مما يضمن جودة وسلامة المنتجات الغذائية، كما أن وجود هيئة لسلامة الغذاء يساهم فى حماية حقوق المواطن، ورفع جودة السلع والمنتجات بعد أن يتم الإشراف عليها خلال عمليات التصنيع والتخزين، والتسويق، وترى أن سبب تأخر صدور هيئة سلامة الغذاء يرجع إلى كون الهيئة تضمن عدة جهات تتمثل فى وزارة الصحة والصناعة والزراعة والتموين، وكل جهة من تلك الجهات لا تريد التنازل عن اختصاصاتها، فضلاً عن عدم وجود توافق فيما بينها، فكل منها يعمل فى اتجاه، وتطالب الدكتورة سعاد الديب بضرورة الانتهاء من إصدار الهيئة، حتى نتمكن من سد العجز الموجود فى جمعيات حماية المستهلك، وحتى يشعر المواطن أن الغذاء الموجود فى الأسواق صحى وآمن على المستويين الدولى والمحلى.

ومن جانبه يرى الدكتور محمد حسن خليل، منسق لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة، أن الأغذية الفاسدة تكمن خطورتها فى انها تصيب الإنسان بتسمم غذائى حسب نوع التلوث، فنحن نعانى من عدم الالتزام بالاشتراطات الصحية فى كثير من الأغذية الموجودة فى الأسواق، ما يؤدى لإصابة المواطنين بالعديد من الأمراض، وكل هذا يحدث فى ظل غياب الرقابة.

ويضيف قائلاً: مع الأسف مازلنا نعانى من الإعلام الدعائى الذى يقوم بالترويج للمنتجات الرديئة، حتى أصبحنا نحتاج لرفع درجة وعى المواطنين، وتحذيرهم من مخاطر العديد من المنتجات والأغذية الضارة والتى تؤثر سلبًا على صحتهم.