عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

اليوم بداية التغيير بالثورة الحقيقية

بوابة الوفد الإلكترونية

لقد أرادت القوات المسلحة المصرية التخلص من مبارك، الذى أراد توريث ابنه الشاب المدنى لسدة رئاسة مصر التى يحكُمها

العسكر منذ عام 1952 ، ومن هنا كان صمتها فى فبراير العام الماضى 2011 ، فرئيس مصر المخلوع أساء التقدير وارتكب أخطاء ، أقل وصف لها انها نوع من الغباء السياسى والاجتماعى ، فهو لم يفهم طبيعة العسكر على الرغم انه منهم ، ولم يفهم طبيعة الشعب المصرى لأنه إبتعد عنهم ، وأخذته مشاعر العظمة البشرية الزائفة ، وتملكه الغرور مُستسلماً لإبنه الأصغر – جمال - قليل الخبرة ، الذى دفعته امه – سوزان - فى اتجاه رياح عاتية لم تعرف هى عواقبها ، حيث غابت بصيرتها بفعل حُب استمرار السلطة وجمع مزيد من الأموال .
اتمنى الا يرتكب المجلس الأعلى لقواتنا المسلحة أخطاء فادحة ، قد تذهب بالأخضر واليابس على ارض مصر ، ومنهم الحُكماء أصحاب الخبرة ، لا نشك لحظة فى قدرتهم على الحفاظ على مسيرة السفينة المصرية دون غرق ، ولحظة ضمير منه – العسكرى – الذى يحكم مصر منذ عام 52 ، يرسم فيها خطة ذكية بإستراتيجية واعية ، ويسلم مقاليد الحكم لسلطة مدنية ، يدخل التاريخ من أوسع ابوابه ، وانا على يقين انه يعرف ذلك جيداً ، وأعرف أيضاً انه يريد فعل ذلك ، وأعرف ان لديه مخاوف " احسبها مشروعة " من وجهة نظره .
المشير "حسين طنطاوى" رئيس المجلس العسكرى دائم التفكير فى هذا الأمر ، ويسير فى الاتجاه الصحيح ، ولكن ببطئ وحذر ، وهذا ايضاً نفهمه ، لكن عليه الا يخشى من اقدام الاخوان المسلمين على الثأر ، ازاء ما فعلته بهم المحاكم العسكرية ابان حكم الرئيس المصرى الراحل " جمال عبد الناصر " ، فالرجل قد مات بما له وما عليه . . فكلنا بشر فى نهاية المطاف .
وبفعل حصول حزب الحرية والعدالة على الأغلبية فى انتخابات مجلس الشعب ، وبفرحهم بالفوز واقتراب المرحلة التاريخية بالنسبة لهم فى حكم مصر ، بعد آلام وانتظار استمر حوالى نصف قرن ، لا يوجد من بينهم من يريد الانتقام بسبب ما فعله اللواء " حمزة البسيونى " قائد السجن الحربى فى انصارهم وغيرهم .
اعتقد ان بداية الثورة " السياسية " المصرية الحقيقية كانت الجمعة الماضية 20 يناير الجارى ، واتوقع ان كثافة المصريين الذين سيخرجوا للشوارع يوم الأربعاء المقبل 25 يناير ستكون عالية جداً ، بما لا يقل عن 3 ملايين فى مختلف ربوع مصر ، وما كان يوم سقوط مبارك فى 11 فبراير العام الماضى الا انتصاراً معنوياً للشعب المصرى ، لكنه اليوم وبعد مرور عام شهد كثير من الأحداث أعتقد ان ارادة الشعب الآن هى transformation of the system تغيير النظام بالكامل .
فبعد مدة ثلاثين عاما من حالة سلبية وخوف ، ابان حكم فاسد على رأسه مبارك ، يبقى التحدي الحقيقي لتحويل كامل للنظام ، عالقاً فى الأذهان ، خاصة وان الشعب المصرى في الايام الاخيرة يكرر بان زمرة مبارك لا تزال راسخة وراكبة فوق السرج ، والكل يعبر بطريقته ، فرجل الشارع العادى " المصرى " المعروف بفطرته الذكية يقول بالحرف الواحد ، خاصة من متابعته للمسرحية الهزلية لما يسمى بمحاكم مبارك " مخفيش حاجة اتغيرت ، دول بيضحكوا علينا " .
بعد حالة التفاؤل العام الأولية ازاء دعم للجيش المصري للثورة ، خاصة خلال مرحلة الانتفاضة التى استمرت 18 يوما في أواخر يناير وأوائل فبراير ، والبهجة التى عمت نفوس كل المصرين بمشاهدة رفض الجيش المصرى اطلاق النار على المتظاهرين ، وهى المرحلة الفاصلة لسقوط حكم مبارك ، التى جعلت من ثقة الشعب فى قيادة جيشة ، أمر جعل اعتزاز الجميع بالجيش ، يتمثل فى حالة من الفرح الحقيقى ، لكن المزاج العام للشعب المصرى لم يستمر على حالته حيث بدأ يتغير ، بسبب مخاوف استمرار بقاء الجيش متمثلا فى حكم المجلس الأعلى للقوات المُسلحة ، حتى لو كانت هذه مخاوف وتوجسات وهمية ، فانها نابعة من خبرة حوالى 60 سنة بدأت فى عام 52 وحتى سقوط مبارك فى

2011 ، ليست كلها مرحلة فساد ، لكن الشعب يتشوق لحكم ونظام دولة مدنية لا يحكمها العسكر .
كانت اولى مؤشرات تغير المزاج الثورى المصرى قد ظهرت بميدان التحرير فى شهر يونيو العام الماضى ، حينما اندلعت " مظاهرات الصيف " ضد المشير حسين طنطاوى ، قائد المجلس الأعلى للقوات المسلحة والحاكم الحقيقى لمصر ، فى ظل حكومة مدنية برئاسة " عصام شرف " التى وصفت بانها لعبة فى يد الجيش ، يحرك وزراءها كيفما شاء ، وتم تعيين الدكتور " الجنزورى " العجوز صاحب الخبرة الاقتصادية والسياسية ، ويشهد له بطهارة اليد والاستقلالية ،  وتنبه المجلس العسكرى لبعض من أخطاءه ، فقام بمنح الجنزورى صلاحيات أكبر من سابقيه ( احمد شفيق – وعصام شرف ) ، وكان بالطبع من رابع المستحيلات ان يتخلى العسكرى عن الحكم ، والا كان حدوث فوضى دموية أمر لا يمكن تفاديه ، فى ظل حالة الغليان الشعبية والثورية .
تفاقمت حدة المظاهرات في التحرير ، ولم تتردد الأجهزة الأمنية فى ممارسة الضغوط محاولة منها لقمعها من وقت لآخر ، وتسببت أعمال العنف ضد المدنيين في الاشهر الاخيرة فى تراجع الثقة تدريجياً فى المجلس العسكرى الذى قطع على نفسه اكثر من مرة وعودا بحماية الثورة والثوار ،  ثم جاءت أحداث يوم 9 اكتوبر لتحدث حالة من اللغط وسوء الفهم ، وتضاربت التفسيرات بين فرق تتهم الجيش بقمع المتظاهرين بالقوة وقتل أقباط ، وجماعات أخرى تؤكد ان مرتكبى المخالفات كانوا أطرافاً خارجية ، وهم من البلطجية وليسوا من المتظاهرين ، ويؤكد الواقع ان المجلس الأعلى للقوات المساحة قد اخفق فى إظهار الحقائق ، فى الوقت الذى تناولت فيه  بعض من وسائل الأعلام الأجنبية الحدث ، وسجلته بالصور والفيديو ، وبعض من مشاهد الفيديو كانت لقناة تلفزيونية المانية ، حصل كاتب هذا التحليل على بعض من تسجيلاتها ، وموضح فيها واحدة من عمليات اعتداءات صارخة على بعض افراد القوات المسلحة العُزل داخل سيارة عسكرية .
لا يعرف أحد الحجم الحقيقى لميزانية الدفاع المصرية ، كما ان طرح أسئلة علنية حول إنفقات الجيش المصري تعتبر من المحظورات ، ومن يجرؤ على توجيه انتقادات للجيش كان فى حالات كثيرة يتم القبض عليه وايداعه السجن ، وهذه اشكالية لابد من ايجاد حل سريع لها.
فمن حيث المبدأ اذا كانت المصالح الوطنية العليا الأمنية لمصر تقتضى سرية ميزانية وزارة الدفاع ، فهذا امر مقبول لكن لابد من تقنينه عبر قنوات شرعية ، ولكى لا يكون هذا الملف المتخصص مفتوحاً للغط وسوء الفهم ، كما انه لابد من توافر جانب الوفاق الوطنى العام ، ولا ينتشر مزيد من شعور عام فى أوساط الشعب المصرى بان الجيش دولة مستقلة داخل دولة .