رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لماذا لم يترافع النائب العام في محاكمة القرن؟!!

تعد قضية الرئيس السابق محمد حسني مبارك وأعوانه هي قضية جديدة علي القضاء المصري، حيث إنه ولأول مرة يمثل أمام القضاء رئيس الجمهورية ووزير داخليته ومساعدوه مع العلم بأن هناك قانونا لمحاكمة رئيس الجمهورية والوزراء منذ عام 1956 ولكنه لم يكن مفعلاً بأمر من النظام السابق، حيث كانت فكرة محاكمة الرئيس أو حتي الوزير وهو في سدة الحكم غير مستساغه.

وفي البداية دعونا نتفق أن النيابة العامة تتولي تحريك الدعوى الجنائية لغرض ثابت ومحدد وهو تطبيق القانون بصدد الواقعة المكونة للجريمة، وهي في هذا تتحرك مستهدية بغرض عام يتمثل في المصلحة العامة في عقاب المذنب، وهذا الهدف العام ينعكس علي وظيفتها في التحقيق الابتدائي بشكل يختلف عن وظيفتها في الاتهام ومباشرة الدعوي أمام القضاء، ففي التحقيق الابتدائي تنحصر وظيفة النيابة في الوصول إلي الحقيقة الخاصة بثبوت الواقعة ونسبتها إلي فاعلها. ونجد موقف النيابة العامة يتغير فتثبت لها صفة الخصم بالمعني الإجرائي، وهو الذي يطلب من القضاء إصدار حكم أو قرار يعبر عن إرادة القانون بصدد واقعة معينة، وهي بوصف كونها خصما لا تمثل السلطة التنفيذية، ولكنها تمثل المجتمع ككل أو الدولة بجميع مقوماتها، والمصلحة التي تدفعها في نشاطها هي مصلحة المجتمع في عقاب المذنب والتي تقابلها من الناحية الأخرى مصلحة المتهم في إثبات براءته.
ولقد نظم قانون السلطة القضائية جهاز النيابة العامة علي أن يتولى رئاسته الإدارية والقضائية – فيما عدا نيابة النقض – النائب العام ويعاونه عدد من محامي العموم ورؤساء النيابة ووكلائها ومساعديها.
وقد نصت المادة الثانية من قانون الإجراءات الجنائية علي أن "يقوم النائب العام بنفسه أو بواسطة أحد أعضاء النيابة العامة بمباشرة الدعوى الجنائية كما هو مقرر بالقانون"
وتشمل اختصاصات النائب العام كافة أنحاء الجمهورية، أما باقي أعضاء النيابة العامة فتحدد اختصاصاتهم المكانية بقرار من وزير العدل بناء على اقتراح من النائب العام.
وتباشر كافة اختصاصات النيابة العامة عن طريق أعضائها وعلي رأسهم النائب العام، والقاعدة العامة هي أن الدعوى العمومية يختص بمباشرتها النائب العام، ويجوز له أن يوكل هذا إلى أحد أعضاء النيابة العامة المعينين لذلك فيما عدا الأعضاء المنتدبين بنيابة النقض، وإذا كان النائب العام له الاختصاص الأصيل برفع الدعوى العمومية وتحريكها ومباشرتها فإنه يمارس هذا الاختصاص بحكم وظيفته وبالتالي فإن أعضاء النيابة المعينين قانونا وهم وكلاء النائب العام يمكنهم مباشرة هذه الاختصاصات دون حاجة إلي توكيل خاص بكل قضية أو دعوى، ومادام النائب العام هو

صاحب الحق في مباشرة الدعوى واستعمالها فله أن يصدر تعليماته الخاصة إلى أعضاء النيابة بمناسبة رفع الدعوى أو تحريكها أو مباشرتها، وبالاختصار فإن النائب العام هو صاحب الاختصاص الأصيل بكل ما يتعلق بالدعوى العمومية من تحريك ورفع ومباشرة.
وعلي ذلك فمن الممكن أن يترافع النائب العام بنفسه في القضايا أو يوكل الأمر إلي أحد أعضاء النيابة، حسبما يتراءى له وحسب أهمية القضية.
وإذا ما نظرنا إلي معيار أهمية أي قضية فنجد أن مرجعه ثلاثة أمور: أولهما هو أهمية ووضع شخص المتهم، وثانيهما هو أهمية وقوة الواقعة، وثالثهما هو أهمية المجني عليهم، وإذا طبقنا ذلك علي قضية الرئيس السابق وأعوانه المنظورة الآن أمام القضاء الجنائي الوطني لوجدنا توافر الأمور الثلاثة فبالنسبة للمتهم هو رئيس جمهورية مصر العربية السابق ووزير داخليته وأربعة من كبار مساعديه، وبالنسبة للواقعة فهي خطيرة بحق تمثلت في تحريض واتفاق ومساعدة علي قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد، وبالنسبة للمجني عليهم فحدث ولا حرج فهم أبناء الشعب المصري العزل ومستقبل هذه الأمة.
ونظرا لأهمية هذه القضية أطلق عليها الإعلام المصري لقب (محاكمة القرن)، لذا، لا أدري لماذا لم يترافع النائب العام بنفسه في هذه القضية التاريخية، وهذا ليس تشكيكا في المستشار مصطفي سليمان الذي ترافع فيها، ولكن نظرا لحجم وقيمة وأهمية هذه القضية، وكذا أهمية المرافعة الشفهية التي تكون عقيدة القاضي الجنائي، فكان يستلزم أن يوليها النائب العام الاهتمام المناسب لها بأن يترافع بنفسه فيها خاصة أنها المرة الأولى التي تحاكم فيها دولة عربية – وليست أي دولة عربية أنها مصر رائدة الشرق الأوسط - رئيسها ومسئوليها دون تدخل أجنبي.