رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الاتجار بالبشر.. جريمة بلا عقاب!

د.عادل عامر
د.عادل عامر

ما زالت قضية الاتجار بالبشر، واحدة من أخطر القضايا التى تؤرق المجتمع المصرى.

فرغم قيام ثورتين طالبتا بالعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، إلا أن هذه الظاهرة ما زالت منتشرة فى كل أرجاء مصر سواء فى شكل عمالة الأطفال أو الاستغلال الجنسى للفتيات فى أعمال الدعارة، أو «الزواج الصيفى» وما إلى ذلك من مسميات للبغاء المقنّع.

ونتيجة لهذا طالب مركز قضايا المرأة المصرية بإضافة مادة لقانون مكافحة الاتجار بالبشر تنص على حماية النساء من جرائم الاستغلال الجنسى وزواج الصفقة.

وأعلن المركز إطلاق حملة اعلامية للتعريف بالقانون 64 لسنة 2010 الخاص بالاتجار بالبشر والتعريف بصوره القديمة ومنها استغلال النساء والأطفال فى التسول وأعمال الدعارة، أو صوره الحديثة كزواج الصفقة والزواج الصيفى وغيرهما، خصوصاً أن الخبراء أكدوا أن القانون الحالى لا يتطرق لهذه الأشكال الجديدة.

وجريمة الاتجار بالبشر جريمة عالمية إذ تؤكد إحصاءات الأمم المتحدة أنه لا يوجد مكان فى العالم بمأمن من هذه الجريمة وتداعياتها، إذ تنتشر جريمة الاتجار بالبشر فى 127 دولة.

وتعد مصر من أسوأ الدول فى هذا المجال وفقاً للتقرير السنوى لوزارة الخارجية الأمريكية عن حالة «الاتجار بالبشر» لعام 2015 والذى كشف عن تقدم عدد من الدول، من بينها المملكة العربية السعودية، فى جهودها لمحاربة الظاهرة العالمية، بينما تراجعت دول أخرى، من بينها مصر.

وذكر التقرير أن كلاً من كوبا وكينيا والسعودية قامت بجهود ملموسة فى مكافحة الظاهرة، فى حين وصف الجهود المبذولة لمحاربتها فى كل من مصر وغانا وبلغاريا بالأسوأ.

وأشار التقرير إلى أن الولايات المتحدة قد تفرض بعض العقوبات على دول القائمة الثالثة التى تتضمن مصر، لتقاعسها فى جهود محاربة الاتجار بالبشر، بموجب قرار يصدر من رئيس الولايات المتحدة.

وقد تتضمن تلك العقوبات فرض بعض القيود على «المساعدات غير الإنسانية» المقدمة لتلك الدول.

ورغم أن هذا لم يحدث إلا أن كافة التقارير تؤكد انتشار ظاهرة الاتجار بالبشر فى مصر، حيث ذكرت دراسة أجرتها وحدة الاتجار بالبشر التابعة للمجلس القومى للأمومة والطفولة، أن ظاهرة زواج الصفقة منتشرة فى الفيوم حيث تصل نسبتها إلى 33.9% من مجمل الزيجات، فى حين ترتفع نسبة زواج الأطفال بشكل عام فى مصر، ولكنها تزيد فى الأسر التى تعولها المرأة لتصل إلى 77.5% مقارنة بـ 58.5% للأسر التى يعولها رجال.

وأشارت الدراسة إلى أن حوالى 50% من الزيجات التى تتم بين مصريات وغير المصريين كانت لفتيات تقل أعمارهن عن 18 سنة، بينما يزيد عمر الزوج علي 45 عاماً وأكثر.

وأرجعت الدراسة انتشار هذه الزيجات للعوامل الاقتصادية والرغبة فى تحسين المستوى الاقتصادى لأسرة الفتاة، بالإضافة إلى العجز عن تحمل تكاليف الزواج والرغبة فى الحصول على زوج مقتدر مادياً.

ولا تقتصر أشكال الاتجار بالبشر فى مصر على زواج الفتيات دون السن من غير المصريين، ولكن هناك أشكالا أخرى لهذا الاتجار تتمثل فى عمالة الأطفال وبيعهم لعصابات بيع الأعضاء، وهى الظاهرة التى وصفها الدكتور رامى القاضى الأستاذ بقسم القانون الجنائى بكلية الشرطة فى كتابه عن مكافحة الاتجار بالبشر بـ«العبودية المستحدثة»، مشيراً إلى أن أرقام منظمة العمل الدولية أكدت أن أكثر من 12 مليون شخص فى العالم يقعون كل عام ضحايا للسخرية والعبودية، كما يقدر عدد الأشخاص الذين يتم الاتجار بهم بحوالى 2.5 مليون شخص، بينهم 1.2 مليون طفل.

وتقدر أرباح استغلال النساء والأطفال فى هذه التجارة بـ 28 مليار دولار سنوياً.

والنساء هن الضحية الأولى لهذه التجارة، حيث تشير الإحصاءات إلى أن 98% من ضحايا الاستغلال الجنسى من النساء والفتيات.

وذكر تقرير لمنظمة «اليونيسيف» أن عدد الأطفال الذين يتم استغلالهم يقدر بحوالى مليون و200 ألف طفل وطفلة، يتم استغلالهم فى البغاء، أو استخدامهم كدروع بشرية فى مناطق الحروب، أو استخدامهم فى العمليات الإرهابية.

وهو ما ثبت حدوثه فى مصر طوال الأعوام الماضية، إذ استغلت جماعة الإخوان الإرهابية الأطفال المشردين وأطفال الشوارع كدروع بشرية فى «رابعة» و«النهضة».

كما تم استغلالهم فى الكثير من العمليات الإرهابية، ناهيك عن المخاطر التى أكدت الدراسات المختلفة أنهم يتعرضون لها يومياً فى سوق العمل سواء كانت مخاطر مرتبطة بطبية العمل نفسه أم مخاطر استغلالهم جسدياً من قبل العاملين معهم، وكارثة أطفال الشوارع وما يتعرضون له من انتهاكات يومية كفيلة بإثبات وقوع جريمة الاتجار بالبشر كل يوم داخل مصر، وقد فشلت كل الحكومات فى إيجاد حل لها.

من ناحية أخرى كشفت تقارير أن مصر تعد دولة منشأ ومعبرا ومقصدا لممارسة جميع أشكال الاتجار بالبشر فى ظل قانون قاصر فشل طوال السنوات الماضية فى الحد من هذه الظاهرة التى أصبحت تؤرق الجميع إلا الحكومة نفسها.

فخلال الأعوام الماضية طالبت عدة منظمات نسائية وحقوقية بتعديل القانون بما يضمن مكافحة الجرائم المستحدثة، فمثلا قانون العقوبات يعاقب على جريمة البغاء، ولكنه لا يعاقب الأب أو الأخ الذى يقوم بتزويج ابنته أو شقيقته دون السن لثرى عربى لمدة محددة فيما يعرف بزواج الصفقة أو الزواج الصيفى، رغم أن تكرار هذا الزواج يعد جريمة ترتكب فى حق الفتاة ومصر كلها، حيث تحولت هذه الظاهرة إلى نوع من البغاء المقنع، إلا أن أحداً لا يعاقب عليها إلا الفتاة فقط.

وقال الدكتور عادل عامر أستاذ القانون المدنى، مدير المركز المصرى للدراسات القانونية إن القانون رقم 64 لسنة 2010 المعروف بقانون منع الاتجار بالبشر يحتاج لتعديل خاصة أن السنوات الماضية أثبتت أن هناك جرائم لا يعاقب عليها القانون مثل استغلال الأطفال فى الأعمال الإرهابية

وتجارة المخدرات واستغلال أطفال الشوارع فى أعمال منافية للآداب، لذلك لا بد من تعديل القانون بحيث يشمل إعادة تعريف الاتجار بالبشر ليشمل كافة أشكال الاستغلال فى الأعمال المنافية للآداب أو العمليات الإرهابية، مع ضرورة النص على ان تكون الدولة هى المسئولة عن الأطفال مجهولى الهوية الذين لا يجدون من يدافع عنهم أو يحميهم.

نادية مطاوع

 

 

 

بوكس

تجارة مربحة     

لأن جريمة الاتجار بالبشر تعد واحدة من أكثر الجرائم المربحة فى العالم حيث تحتل المركز الثالث بعد السلاح والمخدرات من حيث الأرباح، فقد ظهرت عصابات متخصصة فيها منها ما تم إلقاء القبض عليه مؤخراً أثناء قيامهم بخطف الأطفال من المولات التجارية والأندية الرياضية لبيع أعضائهم، كذلك تم القبض على عصابة للاتجار فى أطفال البغاء من قبل وبيعهم للأسر التى حرمت من الإنجاب، إلا أن هذا لم ينجح فى القضاء على الظاهرة التى ما زالت منتشرة وتتجدد أشكالها كل يوم.

فبعد أن كان خطف الأطفال قاصراً على استغلالهم فى أعمال التسول من قبل، انتشرت ظاهرة الخطف الآن لبيع الأعضاء، أو الاستغلال الجنسى، وطالما أن القانون قاصر، فهذا لن يقضى على الظاهرة إلا أن هانى هلال رئيس اتحاد حماية حقوق الطفل يرى أن الحل ليس فى تعديل القانون وإنما فى تنفيذه، وأشار إلى أن المشكلة الحقيقية تكمن فى عدم تطبيق القانون الحالى، فرغم أنه يقضى بالسجن لمدة تتراوح بين 6 أشهر وحتى 5 سنوات فى حالة استغلال الأطفال بأى شكل من أشكال الاستغلال سواء فى العمل أو التسول وما إلى ذلك من أوجه الاستغلال، وتطبق هذه العقوبة على كل طفل يتم استغلاله، ولكن القانون لا ينفذ بحذافيره، فحتى لو تم القاء القبض على أى شخص بتهمة استغلال الأطفال لا يتم التطبيق بهذا الشكل، وإنما تصدر أحكام غير رادعة لذلك نجد الجريمة تتكرر باستمرار، وأضاف مؤكداً أن تطبيق القانون أفضل من تعديله لأن كثرة التعديلات على أى تشريع تفقده هيبته.

وأكد هلال أن مشكلة الاتجار بالبشر بها إشكالية كبيرة وهى الأسباب التى تؤدى إليها، فمثلاً فيما يتعلق بالأطفال، فالأسباب التى تؤدى للظاهرة منها التفكك الأسرى مما يؤدى إلى خروج الأطفال فى الشوارع وتعرضهم لانتهاكات شديدة، بالإضافة إلى الفقر والظروف الاقتصادية التى تؤدى إلى عمالة الأطفال، وبالتالى تعرضهم للمخاطر، هذا بالإضافة إلى الظاهرة الجديدة وهى خطف الأطفال من المولات والأماكن العامة، وهذه لا بد من توعية الأسر لتوخى الحذر منها حتى لا يتعرض الاطفال لظاهرة الاتجار، وأشار إلى عدم وجود مرصد حقيقى يعطينا مؤشرات عن حجم ظاهرة اختفاء الأطفال، فكل ما يوجد مجرد إحصاءات غير دقيقة عن الظاهرة.

وأشار ياسر رزق المحامى إلى أن الاتجار بالبشر يعد جريمة بلا عقاب نتيجة لانخفاض العقوبة المقررة فى القانون رقم 64 لسنة 2010، فيما توجد جرائم أخرى لا يتم العقاب عليها مثل الهجرة غير الشرعية للأطفال وتعريض حياتهم للخطر، كذلك لا يعاقب القانون الأسر التى تزوج بناتها فى سن الطفولة، وهذه كلها جرائم يجب أن يتم تعديل القانون لتفادى وقوعها، خاصة أن هناك ظاهرة منتشرة فى الريف وهى الزواج العرفى للفتيات دون سن الـ18 سنة، وهذا يعرضهن لمخاطر صحية وقانونية، وهذه تعتبر جريمة ولكن القانون لا يعاقب عليها لأن أحداً لا يعلم عنها شيئاً، ولذلك يرى رزق ضرورة تعديل القانون ليشمل الجرائم المستحدثة التى ظهرت مؤخراً كالهجرة غير الشرعية وزواج الفتيات دون السن، فهذه الظاهرة أصبحت منتشرة ولا تقتصر على زواجهن من العرب فقط، ولكنها تمتد الآن أيضاً إلى المصريين، وهى ظاهرة منتشرة فى الريف ولا يعاقب عليها القانون.