رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

سيلفاكير ومكافأة فورية من إسرائيل وأمريكا

ما إن وصل رئيس جنوب السودان سليفاكير ميادريت إلى إسرائيل ، إلا وتلقى مكافأة  فورية تمثلت في اغتيال أبرز معارضيه الجنرال جورج أطور.

وكانت حكومة جنوب السودان أعلنت في 20 ديسمبر مقتل الجنرال جورج أطور بعد قرابة عامين من بدء تمرده المسلح عليها.
وقال نائب رئيس جنوب السودان رياك مشار في مؤتمر صحفي إن أطور قتل في منطقة موربو الواقعة بولاية بحر الجبل التي تعد العاصمة جوبا إحدى أهم مدنها.
وتابع مشار أن دورية تابعة لجيش جنوب السودان استطاعت أن تقضي على أطور في منطقة موربو الحدودية القريبة من أوغندا والكونغو، قائلا :" إن مقتله يبعث بالسلام إلى كل الذين تضرروا من هجمات قواته في أعالي النيل وجونقلي وإن الوقت قد حان لتلك المناطق لتنعم بالاستقرار".
وكان أطور بدأ تمرده على حكومة جوبا عقب نهاية الانتخابات العامة في جنوب السودان في إبريل 2010 بعد أن أعلنت اللجنة المنظمة للانتخابات خسارته لمنصب حاكم ولاية جونقلي، وهو ما رفضه، معتبرا "الانتخابات مزورة".
وجاء الإعلان عن مقتله بعد أيام قليلة من فشل مفاوضات سرية بينه وبين جوبا بمبادرة من كينيا التي استضافت الوفدين ، لكن أطور تمسك بإعادة إجراء الانتخابات وبمنحه عدة حقائب وزارية وباستيعاب ضباطه في رتب كبيرة في الجيش، وهو الأمر الذي رفضته جوبا.
وأعلن أطور في تصريحات صحفية عقب انهيار المفاوضات أن تحقيق السلام لن يتم إلا بموت الكثير من الناس، وقامت قواته بشن هجمات متفرقة في عدة قرى بولاية جونقلي.
ورغم تأكيد مشار مقتل أطور في اشتباكات بجنوب السودان ، إلا أن ما يجمع عليه كثيرون أنه تمت تصفيته في عملية اغتيال على يد إسرائيل وأمريكا للإسراع بالاستفادة من نفط جنوب السودان من جهة وتهديد مصر والسودان أكثر وأكثر من جهة أخرى .
ويبدو أن ردود الأفعال على مقتله ترجح صحة ما سبق، حيث نقلت قناة "الجزيرة " عن رئيس تحرير صحيفة "المصير" الناطقة بالعربية في جنوب السودان أتيم سايمون القول إن مقتل جورج أطور رسالة صارمة إلى كل من يحاول أن يحارب الدولة، مشيرا إلى أن مقتله قد وضع حدا لجزء كبير من النزاعات المسلحة التي اندلعت في الدولة الوليدة.
وأضاف أن هذا الأمر سيدفع نحو تخفيف التوتر السياسي وسيشكل دفعة كبيرة للحكومة لتبسط الأمن في مناطق أعالي النيل وجونقلي والوحدة الغنية بالنفط والتي ظلت تشهد حراكا عسكريا ضد الحكومة، مؤكدا أن بوسع حكومة جنوب السودان التصرف لاحتواء كل خصومها طالما رفضوا خيار الحوار السلمي.
واختتم قائلا إن مقتل أطور سيضعف المجموعات المسلحة التي تحارب حكومة جوبا وسيسهل على جيش جنوب السودان إخضاعهم أو القضاء عليهم بصفة نهائية.
وفي المقابل، اتهم عدد من متمردي جنوب السودان في بيان لهم فرقة خاصة من قوات المارينز الأمريكية بالضلوع في اغتيال قائد "الثوار" ضد حكومة جوبا جورج أطور مع اثنين من أكبر قياداته الميدانية وخمسة من حراسه في 20 ديسمبر.
وتوعد البيان الذي نشرته صحيفة "الانتباهة" الصادرة بالخرطوم حكومة الجنوب وحلفاءها في عملية الاغتيال "أمريكا وإسرائيل" برد عنيف خلال أيام ، مشيرا إلى أن كل قيادات حكومة الجنوب وقيادات المخابرات الأمريكية والموساد أهداف للمتمردين في جنوب السودان.
وأكد اللواء شول أحد قيادات أطور في البيان أنه تم استدراجه عبر شخصية جنوبية معارضة أوهمت الأخير بأن قوة خاصة تنتظره بمنطقة موربو وبرفقتها أسلحة كبيرة مقدمة من معارضي الحركة الشعبية ، وعندما ذهب أطور للمنطقة لمقابلة القوة والتباحث معها ، تم اغتياله.
بل وذكرت قيادات جنوبية معارضة أخرى أن عملية الاغتيال تمت داخل دولة إفريقية مجاورة ومن ثم تم نقل الجثة للجنوب، وكشف قائد قوات تحرير جنوب السودان الموحد اللواء توبي مادوت أن الاغتيال لم يتم في اشتباك داخل أراضي الجنوب كما تحاول حكومة الرئيس سيلفاكير أن توهم الإعلام ، مشيرا إلى أنه وقع في دولة إفريقية مجاورة وتم عن طريق الاستدراج .
وتابع مادوت أن التنسيق للعملية تم بواسطة مدير الأمن الخارجي في الجنوب ، وأشار إلى أن هناك مخططا آخر يستهدف كل قيادات المتمردين في الجنوب، متوعدا بأن تكون كل قيادات حكومة الجنوب أهدافا مشروعة لهم .
وفي السياق ذاته ، أكد القائد العام لقوات ثوار الجنوب الفريق جيمس قاي صحة معلومة تصفية الفريق أطور على يد

قوة خاصة من المارينز في دولة إفريقية مجاورة ، وقال إن الثوار لن يسكتوا على هذه العملية التي وصفها باللاإنسانية ، كاشفا عن عدم رضا قيادات كبيرة بالجيش الشعبي أيضا عن العملية.
وأوضح أن تلك القيادات كانت تفضل الحوار مع الثوار بدلا عن الاغتيال والعراك ، وربط بين زيارة سيلفاكير لإسرائيل والاغتيال، ملمحا لضلوع الموساد في التخطيط للعملية.
ويبدو أن تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تدعم صحة الاتهامات السابقة، حيث أكد أن تل أبيب سترسل بعثة إلى دولة جنوب السودان لبحث سبل مساعدة الدولة الوليدة.
وتابع نتنياهو بعد لقائه سيلفاكير في تل أبيب في 20 ديسمبر أن وفدا إسرائيليا سيتوجه إلى جنوب السودان لبحث كيفية مساعدة الناس الذين مروا بمعاناة كبيرة في السنوات الأخيرة لتطوير دولتهم الجديدة .
ورغم أن صحيفة "جيروزاليم بوست" أشارت إلى أن مباحثات نتنياهو وسيلفاكير ركزت على قضية المهاجرين غير الشرعيين من جنوب السودان الذين يتسللون إلى إسرائيل، إلا أن تصريحات رئيس الحكومة الإسرائيلية حول العمل على إعادة عودة أكبر عدد من مواطني جنوب السودان إلى بلادهم بعد تأهيلهم يبدو أنها لاتخرج عن السيناريو المرسوم سلفا للتغلغل أكثر وأكثر في تلك الدولة الوليدة وبالتالي تهديد أمن السودان ومصر، حيث يعتقد أن يكون معظمهم من جواسيس الموساد.
بل وذكرت وكالة "أسوشيتد برس" أن زيارة سيلفاكير لتل أبيب ترتبط أساسا بشبكة التحالفات التي تبنيها إسرائيل مع دول حوض النيل والقرن الإفريقي لمواجهة صعود الإسلاميين في ثورات الربيع العربي.
وبالنظر إلى أن زيارة سيلفا كير لإسرائيل جاءت بعد أيام قليلة من استضافة واشنطن في منتصف ديسمبر مؤتمرا حول نفط جنوب السودان، فقد ظهرت تحليلات كثيرة ترجح صحة ما ذهب إليه متمردو جنوب السودان حول وجود تنسيق مسبق بين جوبا وواشنطن وتل أبيب بشأن اغتيال أطور.
وكانت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون قالت أمام المؤتمر:" على جنوب السودان أن يكون أكثر حكمة في التعامل مع ثروته النفطية"، محذرة من أن سوء الإدارة و"لعنة الموارد" يمكن أن يتسببا في استيلاء نخبة معدومة الضمير وقوى أجنبية على الأموال.
وخاطبت سيلفا كير قائلة :" نعلم أن الثروة النفطية إما ستساعد بلدكم على تمويل جهوده للخروج من الفقر أو أنكم ستقعون فريسة للعنة الموارد الطبيعية التي ستؤدي إلى ثراء نخبة صغيرة ومصالح وشركات ودول أجنبية وتترك شعبكم في حال ليس أفضل كثيرا مما كان عندما بدأتم."
والخلاصة أن اغتيال أطور كان بمثابة مكافأة فورية لرئيس جنوب السودان بعد زيارة واشنطن وتل أبيب وهدف للإسراع بإحلال الاستقرار في الدولة الوليدة وفتح الباب على مصراعيه أمام الشركات الأمريكية والإسرائيلية للاستثمار في نفط الجنوب وبالتالي التخفيف من حدة الأزمة الاقتصادية التي يواجهها كل من أوباما ونتنياهو، هذا بالإضافة للهدف الأهم وهو تعزيز التحالف بين جوبا وواشنطن وتل أبيب لتهديد أمن مصر والسودان .