رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عبلة عادل خيرى: مات في عز الشباب.. كان حلمًا وراح

بوابة الوفد الإلكترونية

- قوم يا مصري

- شوف جدودك فى قبورهم ليل نهار

- من جمودك.. كل عظمة بتستجار

- فين آثارك.. ياللى دنست الآثار

- دول فاتوا لك مجد.. وأنت فوت عار

- قوم يا مصرى!

***

«إيه رأيك يا شيخ سيد فى هذه الكلمات»؟

هكذا سأل الشاعر والكاتب والمسرحى بديع خيرى، صديقه ورفيق دربه «الشيخ سيد درويش»؟ فرد قائلا «جميلة.. لكن الإنجليز أصدروا فرمانًا يحذرون فيه من الغناء باسم سعد باشا بعد نفيه هو ورفاقه إلى جزيرة سيشل» ومن يأتى بذكر اسمه، سيجلد أو يسجن!

- لكنا لن نغنى فى هذه الأغنية باسمه؟ ثم واصل بديع خيرى كلامه قائلا: إذن أنت تريد أغنية نغنى بها لـ «سعد باشا» ونتحايل بها على الفرمان الإنجليزي.. رد سيد درويش: بالضبط.. هذا ما أريده.. بل اننى أريد أغنية يرددها الشعب كله باسم سعد باشا ، رد بديع خيرى وهو ينادي على القهوجى.. إذن «حاسب» على المشاريب.. وسأذهب أنا إلى المنزل.. وبالليل نلتقى هنا، وفى المساء جاء بديع خيرى وجلس أمام سيد درويش وهو يردد:

«- يا بلح زغلول.. يا حليوة يا بلح

- عليك أنادى.. فى كل وادي

- قصدى ومرادى.. زغلول يا بلح

- سعدي وقال لى.. ربى نصرني

- وراجع لوطنى.. زغلول يا بلح»

«هو ده.. الله ينور عليك يا بديع يا خيرى.. ثم أخذ (الشيخ سيد) الكلمات ولحن الأغنية التي تغنت بها مطربة اسمها «نعيمة المصرية» لتصبح الأغنية وكأنها سلاح يساند به المصريون زعيمهم فى منفاه، فلا يخلو بيت ولا شارع فى الريف أو الحضر، إلا ويسمع منه صوتا يغنى   - أو ينادى - يا بلح زغلول.. يا زرع بلدى.. عليك يا ولدى.. يا بلح زغلول!

                                                        ***

بعد هذا اليوم بـ10 سنوات أصدر «بديع خيرى» صحيفة أطلق عليها اسم «النهاردة» كان هدفها الأساسى الجهاد ضد الاحتلال. وكتب أعلى الصفحة الأولى «الأمة مصدر السلطات» ثم بعد إصدار الصحيفة بعام آخر رزقه الله بابنه الذى كان يتوقع أن يكون امتداده . وأطلق عليه اسم «عادل»، لكن القدر لم يمهله فمات ابنه الفنان عادل خيرى وهو فى عنفوان شبابه عند 32 سنة مثلما مات رفيق دربه سيد درويش فى عز شبابه عند 30 سنة و10 شهور و17 يوماً.. مات الصديق.. ومات الابن.. ماتا « قبل الأوان ».. أعمار!

                                                             ***

«اسمع يا عادل.. تمثيل لا! الدراسة أولاً.. وتبحث لك على مهنة تعمل بها» هكذا نصح الأب «بديع خيرى» ابنه، لكن موهبة الابن تدفعه فى اتجاه الفن.. ويوما بعد يوم يتأكد للأب أن ابنه موهوباً، لكن لن يدخل الفن، إلا ولديه مهنة، وبالفعل التحق بكلية الحقوق وحصل على الشهادة، وقام بافتتاح مكتب للمحاماة. لكن هو كمحام أصبح مشكلة، فكلما حمل دوسيه قضية، وارتدى زى المحاماة، ودخل على السادة هيئة المستشارين، ووقف للمرافعة، ينفجر كل من فى القاعة ضحكًا على هذا المحامى الظريف، فقرر إغلاق المكتب والتفرغ للفن الذى صنع فيه مجده فى 7 سنوات فقط، قدم خلالها عشرات المسرحيات وعددا لا بأس به من أفلام السينما وكان أشهر أدواره أمام الفنانة مارى منيب فى مسرحية «إلا خمسة»!

                                                       ***

- انتى اشتغلى إيه؟

- سواق يا ست هانم

- خلاص عرفتوا.. عرفتوا

- ثم يأتيه صوت من الخلف للفنان «عدلى كاسب» ينهره قائلا «امشى اطلع بره»!

- فترد الفنانة مارى منيب قائلة: استنى هنا..

- انتى بتشتغللى إيه؟

- سواق يا ست هانم

- خلاص عرفتوا.. عرفتوا

- ثم يأتيه صوت من الخلف للفنان «عدلى كاسب» ينهره قائلا «امشى اطلع بره»!

- فترد الفنانة مارى منيب قائلا: استنى هنا.

- انتى بتشتغللى إيه ؟

- سواق يا ست هانم.. والله العظيم سواق.. فتنفجر القاعة بالضحك.. الجمهور يصفق.. يضحك. يهلل وعادل خيرى يواصل: سواق يا ست هانم.. مرة.. واتنين.. وتلاتة.. ليصبح هذا المشهد المسرحى أحد أهم مشاهد تراثنا المسرحى، ويدل على «خفة دمه» وموهبته، التى لم يمهلها القدر لتعيش معنا سنوات أخرى، لكن منذ متى عاش طويلًا من كان تظن أنهم يستحقون الحياة؟

                                                      ***

فى سلسلة حوارات «أبى.. الذى لا يعرفه أحد» عدت للتاريخ القديم بعض الشىء، لنفتش عن حالة من الإبداع، ورثها الابن عادل عن أبيه بديع خيرى.. الذى يُعد شاعر ثورة 1919 وأحد صُناع الرأى العام المساند لها، أما ابنه الذى رحل مبكراً، وبرحيله تأثر الأب كثيراً، حيث عاش بعده سنوات قليلة، فقد ذهبت إلى ابنته السيدة «عبلة عادل خيرى» التى عاشت قليلًا مع الأب وكثيرًا مع «الجد» وما بين إبداعهما عاشت وتربت وتعلمت. اتصلت بها. اتفقنا على اللقاء قالت: كنت طفلة صغيرة عندما مات أبى.. قلت : أعرف.. لكن المؤكد إذا كان مات بجسده، فالمؤكد أن «روحه» لم تغادرك، فكل ركن، وكل صورة وكل زاوية وكل كلمة كنت تسمعينها من «والدتك» كانت تفكرك وتذكرك به. قالت: هذا الذى تقوله صحيح، فنحن الثلاثة - بناته - عشنا مع ذكرياته على أنها واقع وليس ذكرى.. على انها حقيقة وليس سراب. وحددنا الموعد فى أحد أندية وسط القاهرة، كان الموعد الساعة السابعة مساء، يوم عطلة أسبوعية. وضعت ما معى من أشياء وأوراق أمامها فأغلقت هاتفها. وطلبت لى فنجان شاى وقهوة لها.. وبدأنا الحديث عن الأب          - الفنان - عادل خيرى، قلت لها فى بداية الكلام: انتى بتشتغللى إيه؟ قالت: وهى تضحك.. بابا بس اللى يقول كده..! هو يقول: ونحن نضحك. وعمومًا أعمل مديرة بأحد البنوك.

                                                            ***

قلت تعملين فى أحد البنوك.. لماذا اتجهت إلى علم المحاسبة ولغة الأرقام ولم تتجهين إلى الفن وأنت ابنة وحفيدة لاثنىن من الفنانين الكبار، قالت:

- أظن لو كان أبى على قيد الحياة، كنت اتجهت للفن، أو حتى اقتربت منه، لكن بعد رحيله، قرر جدى ألا نتجه للتمثيل، ولماذا رفض فنان بموهبة بديع خيرى أن يتجه أحفاده للفن؟ الحقيقة جدى كان منذ البداية - حتى مع أبى - وهو رافض أن يعمل أولاده أو أحفاده بالتمثيل، وأعتقد سبب ذلك هو التعب والإرهاق والمشاكل التى كان يواجهها هو فى حياته الفنية، والذى لم يكن يريد لنا أن نراها.

                                                               ***

ولد الفنان عادل خيرى فى 25 ديسمبر 1931 ورحل فى 21 مارس 1963 حصل على ليسانس الحقوق، اشترك فى فرقة التمثيل في الجامعة، أول مسرحية شارك فيها كانت مع فرقة نجيب الريحانى «أحب حماتى»، تزوج من السيدة «إيناس حقى» وأنجب ثلاث بنات «عزة وعبلة وعطية»، أصيب بالسكر مبكراً، ثم حدث له تليف فى الكبد الذى أدى إلى وفاته، أبرز أعماله فى المسرح «30 يوما فى السجن»، «إلا خمسة» و«لو كنت حليوة» و«حسن ومرقص وكوهين» وفى السينما قدم «البنات والصيف» و«لقمة عيش».

ومن المسرح والسينما والماضى عدت مع الابنة «عبلة» إلى الحاضر، وقلت لها: مات الأب مبكراً، ثم مات «الجد» بعد 5 سنوات، سؤالى هنا.. كيف تحملت الزوجة المسئولية فى هذه الظروف؟ قالت: الظروف بالفعل كانت صعبة، لكن والدتى - رحمها الله - كانت امرأة قوية، فهى من أصول - تركية - لعائلة أرستقراطية، وزادت الصعوبة صعوبة عندما نعرف أنها تزوجت أبى على غير رغبة العائلة، فقلت لماذا؟ قالت: لأنه ببساطة «مشخصاتى» والعائلات الكبرى كانت ترفض مثل هذه الزيجات، قلت وكيف تعرف عليها؟ قالت: فى الجامعة.. أبى كان يقود فرق التمثيل، وأمى كانت تقود فرق الرياضة، فهى رياضية وسباّحة عبرت المانش، وأنا ورثت عنها هذه الهواية وعبرت المانش ايضا، لكن دعنا نعد للجامعة، وقصة الحب التى جمعت بينهما، قلت: اتفضلى! ردت : أمى كونت فريقًا لكرة السلة وبدأت تلعب بالفريق فى الجامعة وكان ذلك أمرًا غريبًا فى ذلك الزمان. وأبى ذات مرة شاهد مباراة لها.. فأعجب بشخصيتها القوية، وتعرف بها.. وأعجبت أمى بشخصيته المرحة الضاحكة وبقدرته وموهبته فى التمثيل فى الجامعة. واتفقا على الزواج، رفضت أسرتها، قاوما الرفض، حاول مرة واثنين، ثم وافقت الأسرة على مضض وحتى بعد رحيل أبى.. ظلت أسرتها على موقفها.. رافضة لتلك الزيجة . قلت: كيف لبنت الأكابر أن تتزوج من «مشخصاتى»؟ أليس كذلك. ردت: أظن أن سؤالك هذا كان سؤالهم أيضاً، ثم سكتت بعض الوقت وكأنها تعيد شريط الذكريات.. و قالت: بالمناسبة قالت لى أمى أنها فى مرحلة الحب بينها وبين أبى وقبل الارتباط بقليل، كانت تسأل نفسها.. كيف لها الزواج منه وهو «مسيحى»؟! وهى حرصًا على العلاقة بينهما ترفض أن تسأله عن حل لهذه المشكلة، لكن بعد فترة اكتشفت بالصدفة أنه مسلم.. وعندما سألته «أنت مسلم»؟ قال: نعم.. ثم قال ولماذا السؤال؟ قالت: لأننى أتعامل معك على أنك مسيحى.. فضحك أبى وقال لها «الدين لله.. والحب للجميع»!

                                                           ***

فى عام 1940 رحلت والدة الفنان بديع خيرى

«جدة» الفنان «عادل»، العزاء مقام بالقرب من بيت العائلة بوسط القاهرة. القارئ الذى يرتل القرآن تأخر عن موعده قليلاً، وصادف أن جاء الشيخ محمد رفعت - حيث كان صديقًا للأسرة - بعد دقائق صعد على كرسى مرتفع قليلاً، ثم بدأ يقرأ القرآن. وعندما فرغ من آيات الذكر الحكيم. أخذ طريقه للخروج.. وفى نفس اللحظة جاء الصديق الآخر نجيب الريحانى فى طريقه للعزاء.. سلم عليه الشيخ رفعت وقال له: بديع خيرى مسلم يا أستاذ.. فاندهش نجيب الريحانى وودع الشيخ ودلف إلى داخل العزاء مسرعاً، حتى جلس بجوار «بديع خيرى» وقال له : «لماذا لم تخبرنى أنك مسلم» فرد عليه قائلا: «لم تسألنى من قبل عن ذلك حتى أخبرك». هكذا كان المصرى زمان.. كما وصفه بديع خيرى فى أغنية (قوم يا مصرى) عندما قال:

- حب جارك قبل ما تحب الوجود

- من نصارى ومسلمين لازم نسود

- دى العبارة.. نسل واحد من الجدود.

                                                ***

عدت من عند الجدود إلى الأحفاد، وقلت للابنة «عبلة» ماذا أخذت من أبيك، قالت: والله كان نفسى يعيش أكتر حتى أخذ منه الكثير من الطبع.. هو مات وأنا طفلة صحيح، لكن والدتى جعلته معا فى البيت يعلمنا ويربينا، وكنا نشعر أحيانًا أنه يعيش معنا فى البيت، قلت لها: هل تأثر - وهو بطبائع النفس البشرية يجب أن يتأثر - أبيه برحيله المبكر؟ تأثر جداً.. لقد عاش جدى حزينًا على فراق أبى، لأنه كان يعتبره امتداده فى الفن.

قلت لها: كيف يعتبره امتداده وهو الذى رفض دخوله الفن فى البداية؟ قالت: نعم.. أبيه رفض ذلك لأنه كان ضد أن يعمل أى إنسان بالفن، دون أن يكون موهوباً، وأبى لم يعمل مع جدى، الا بعدما عمل مع الفنان نجيب الريحانى، الذى قال لـ «جدى» إن عادل موهوب.

ثم تسكت الابنة عبلة وتعيد شريط الذكريات معى لتقول: بمناسبة الموهبة.. دعنا نتوقف هنا بعض الوقت لنسأل كيف يرى نجيب الريحانى موهبة عادل خيرى.. ولا يراها فؤاد المهندس؟ قلت: وهل لم يراها الفنان الراحل فؤاد المهندس ؟ قالت وفى نبرة صوتها حزن واضح: نعم.. ذات يوم خرج علينا الفنان فؤاد المهندس ليقول إن موهبة عادل خيرى كانت محدودة وأن اباه - يقصد جدى - فرضه على الوسط الفنى.

قلت ولماذا قال هذا الكلام؟ قالت: لا أدرى، ولكن هذا الكلام لا يليق قوله على أبى، خاصة والرجل كان فى رحاب الله.

قلت: هل قال ذلك ردًا على من قال إن رحيله أعطى الفرصة لفؤاد المهندس؟ ردت: ربما.. لكن فى كل الأحوال - حتى لو قيل هذا الكلام - ما كان يجب أن يقال من الأساس.

أبى كان محبًا للناس، وللحياة، ولم يكن بداخله أى ضغائن لأحد، ونحن نسمع القصص والحكايات عن تواضعه، وحبه للناس، وكل الزملاء، ووالدتى كانت تحكى لنا أنه كان يخرج من المسرح بعد انتهاء العرض، فيجد الفقراء والمحتاجين فى انتظاره خارج صالة العرض، فيقوم بمنحهم ما معه من نقود، ولا يبقى له إلا ما يحتاجه البيت فقط، لم يكن حريصًا على جمع المال.. وكانت سعادته فى سعادة الآخرين، سواء كان ذلك بالفن أو بالمال. قلت لها : كان متنوعًا فى مواهبه أليس كذلك؟ قالت: نعم.. كان يغنى وصوته حلوا.. وكان يقرأ القرآن وصوته جميلاً، وما زالت لدينا «أشرطة» عليها صوته وهو «يرتل» القرآن ترتيلاً.

                                                    ***

نعد إلى أيامه الأخيرة ورحلة مرضه.. سألتها عن ذلك.. قالت: اشتد عليه مرض السكر وتليف الكبد، وفى أيامه الأخيرة ابتعد عن العمل نهائياً، واحتجز فى المستشفى لفترات طويلة، كان فيها - كما كانت تحكى لنا والدتى - حزينا ومهمومًا بسبب الألم وبسبب الابتعاد عن التمثيل، صحيح كان يزوره الجميع، وناس كثيرة من جمهوره.. لكن  كان عشقه وحبه هوالمسرح.. والجمهور وضحكات الناس..و هذا هو الذى يهدف اليه. لكن المرض لم يتركه، والعمر لم يمتد به. فى هذه الفترة كان الفنان الراحل محمد عوض يقوم بأداء أدواره على المسرح فى أوقات دخوله المستشفى، فالفنان محمد عوض كان يعد أقرب صديق له فى الوسط الفنى، قلت لها: هل زار المسرح قبل رحيله؟ قالت: نعم.. قبل الوفاة بأيام «زهق» من وجوده فى المستشفى لفترة طويلة، فقرر أن يتركه ويذهب إلى المسرح.. وبالفعل فعل ذلك، وفشلت والدتى فى إقناعه بعدم جدوى ذلك، حرصًا على صحته، ووصل للمسرح ووقف خلف الكواليس وبعد انتهاء العرض، بدأ يتجه إلى الجمهور واستقبله كافة صناع العمل بفرحة وترقب وحذر خوفًا على صحته.. لكنه كان قد حدد هدفه، وعرف نهاية المشوار، وأحب أن يختم حياته ومشواره بالوقوف أمام الجمهور. وقد تحقق له ما أراد ووقف أمام الجمهور، فضجت القاعة بالتصفيق طويلاً، وخلفه يقف فريق عمل المسرحية يقدمون أيضًا له التحية وبينهم من يحبس دموعه فى عينيه. وبينهم من خذلته دموعه، فسقطت بين يديه تأثرًا بالموقف، أما هو فبدأ يبكى.. البكاء هنا سببه شيئان: الأول سعادته بحفاوة الجمهور به، والثاني: إحساسه بأن هذه آخر مرة يصعد فيها خشبة المسرح.. ثم سكت قليلا. فأكملت أنا الكلام نيابة عنها، بعدما شعرت بأنها بدأت تتأثر بشدة وهى تتحدث عن آخر مشهد في حياة أبيها: قلت لها.. يبدو أنه أحس أن هناك فرقًا شاسعًا بين «خشبة» تنقلك للحياة وبين خشبة تبعدك عنها. وتنقلك إلى العالم الآخر.. إلى الموت حيث لا حياة. قالت: وهى ترتشف آخر ما تبقى فى فنجان قهوتها الثانية لها منذ التقينا.. ربما.

                                              ***

.. ورحل الفنان والانسان عادل خيرى بعدما ودع جمهوره بتحية ، ونظرة ، ودمعة ، ألقى بها عليهم خاصة وهو يرى الموت ولا يرى الحياة. ثم نزلت ستارة المسرح ومعها طائر الموت الحزين ..وبعدها بأيام مات.