رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الثورة صنعتها "شوارب" وحصدتها "ذقون"

أظهرت النتائج الأولية للمرحلة الأولى من الانتخابات تقدماً ملحوظاً لتيار الإسلام السياسي والممثل فى حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، وأحزاب النور والأصالة والبناء والتنمية الأجنحة السياسية للتيار السلفى.

ولا يخفى على المتابع للمشهد السياسي في مصر أن هناك 4 تيارات تلعب بشكل أساسى فى الشارع السياسي (وليس فى شارع عبد الخالق ثروت فقط !!) وهى "الإسلاميين، والليبراليين، والقوميين" بالإضافة إلى اليساريين، إلا أن تيار الإسلام السياسي استطاع أن يحقق نتيجة ليست أقل من النجاح الذى توقعه قارئو الواقع السياسي والمحللين, وأتى بعده بمراحل أحزاب وائتلافات شباب الثورة.
وشهدت انتخابات 2011، تناقضاً شديداً بين من قاموا بالثورة وأصيبوا واستشهدوا وأشعلوا شرارتها الأولى ومن حرَّمها وحاربها ثم جني حصادها ومقاعدها البرلمانية ويسعى لتشكيل حكومتها.
فرسان البرلمان
والظاهر جليا أن كثيراً من فرسان البرلمان القادم ونواب سيد قراره، لم ينزلوا ميدان التحرير ولم يشاركوا فى الثورة أو أويدوها إلا بعد أن أظهرت المؤشرات نجاحها، ومع ذلك تخبط شباب الثورة فى حساباتهم الانتخابية وأغفلوا الفارق الكبير بين ممارسة العمل السياسي والمعرفة بقواعد المعركة الانتخابية وتقسيم الدوائر وبين ممارسة العمل النضالى والاحتجاجي على سلالم نقابة الصحفيين بشارع عبد الخالق ثروت وأمام دار القضاء العالى، كما لايغفل أيضاً أن التيارات الدينية سواء الإسلامية أو المسيحية ساهمت بشكل أو بآخر في حشد الناخبين وتوجيه أصواتهم لمرشحين بعينهم، ومن ثم عرفت الانتخابات مجددا ً مصطلح "الناخب الموجه" بعد التقنين المؤقت فى المرحلة الأولى، ومظاهر البلطجة وشراء الأصوات وحشد العمال بالمصانع للتصويت للنائب الوزير، والتى كانت تشهدها أي انتخابات مصرية فى السابق.
وكما ساهمت المساجد وساحات صلاتى العيد فى التوجيه الانتخابى، لعبت الكنيسة أيضاً دوراً هاماً وعلنياً فى حشد أصوات الأقباط لصالح مرشحى "الكتلة" والتى يعد أبرز أعضائها حزبى المصريين الأحرار والتجمع وتشكل اتجاها ليبراليا مدنيا فى مواجهة الإسلام السياسى، وقامت دور العبادة المسيحية بالتشديد على أبنائها بضرورة التصويت لقوائم مرشحى الكتلة فى سائر اللجان الانتخابية، الأمر الذى أدى إلى محاربتها من قبل أعضاء حزب "النور السلفى" واتهامها على صفحات موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" بأنها تدعو للفتنة الطائفية وفى المقابل تم مهاجمة المسلمين الذين صوتوا لصالحها !!

المعركة الانتخابية
وفى الوقت الذى خاض فيه ما يقرب من 12 شخصية مشهورة ومحسوبة على الثورة المرحلة الأولى من المعركة الانتخابية، لعل أبرزهم تيسير فهمى وجميلة إسماعيل وعمرو حمزاوى وياسر الهوارى ومصطفى النجار وعبد الرحمن فارس وخالد السيد وزياد العليمى ومحمد القصاص وجورج إسحق، إلا أن معظمهم أخفق فى حصد أي نتائج متقدمة فى المرحلة الأولى باستثناء عمرو حمزاوى فى دائرة مصر الجديدة، وزياد العليمى فى الدائرة الرابعة بالقاهرة.
"الوفد" تطرح تساؤلا مفاده "لماذا نجح فى برلمان الثورة من لم يشاركوا فى الثورة ولم يؤيدوها؟ ولماذا رفض الشارع المصرى فرسان الثورة انتخابياً وفضل عليهم شيوخ السلفية والفضائيات"؟
يبرر القيادي اليساري عبد الغفار شكر نائب رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكى قلة المقاعد التى حصدتها قوى الثورة فى أول برلمان عقب الثورة بأن واقع المجتمع المصرى يختلف عن واقع الثورة وأبجدياتها التى قام بها قطاع متنوع من جموع الشعب المصرى الغضب، فيما تختلف قيم العملية الانتخابية وأجوائها ومصالحها عن حسابات الثورة .
التصويت للتيار الإسلامى
وأضاف أن هناك عوامل لعبت دورا لصالح حشد التصويت للتيار الإسلامى لأن المناخ المصرى تسيطر عليه الثقافة الدينية من الناحية الثقافية فقط، بالإضافة إلى أن التيارات الإسلامية منظمة حزبياً وكوادرهم على استعداد دائم لتنفيذ أوامر القيادة.
ولفت "شكر" إلي أن الإسلام السياسي فى مصر يمتلك أموالا هائلة يجيد توظيفها لخدمة مصالحه الانتخابية بعكس باقى الأحزاب المصرية ولا سيما أحزاب اليسار والأحزاب الاشتراكية.
وقال عبد الغفار شكر" إن كل هذه الأسباب أدت إلى أن من ليس لهم علاقة بالثورة نجحوا فى برلمان الثورة بعكس الشباب الذين كانوا فى الميدان أيام الثورة وبعدها وقرروا خوض الانتخابات البرلمانية ويعانون من ضعف الإمكانيات المادية وقلة خبرتهم الانتخابية وعملهم دون توجيه من أحد بالإضافة إلى تعليقهم لحملتهم الانتخابية بسبب الأحداث الأخيرة فى ميدان التحرير .
وأشارت الناشطة السياسية "كريمة الحفناوى" العضو المؤسس بحركة كفاية إلى أن ظروف الواقع الذى نعيشه من ترسيبات النظام السابق الذى ساهم فى تحجيم النشاطات الحزبية وفى المقابل غض الطرف عن التيارات الإسلامية وتركها تعمل بشكل خيرى على مدار 30 عاما وتقدم خدمات خيرية للمواطن لغياب دور الدولة فى تقديم هذه الخدمات, وأضاف "نظراً لطبيعة الشعب المصرى المتدين تأثر الناخبون واتجهوا للتصويت لصالح مرشحى التيارات الدينية وتصديق دعاية أن "مرشح السلفيين يأخذك إلى الجنة".
دغدغة مشاعر المصريين
واستنكرت "الحفناوى" استغلال تيارات الإسلام السياسى للدين ودغدغة مشاعر المصريين الدينية، مؤكدة أن البرامج السياسية مهمة الأحزاب السياسية

وليس علماء الدين .
وأيضاً اتفقت فى الرأى على أن ضعف التمويل المالى وقلة خبرة شباب الثورة أدى إلى إخفاقهم فى المعركة الانتخابية، وأشارت إلى خوض شباب الثورة للانتخابات دون أية مصالح حزبية أو سياسية وقالت "الشباب يرون أن البرلمان أحد الأدوات الهامة لتحقيق أهداف الثورة وقيم العدالة الاجتماعية والحرية والكرامة الإنسانية، بعكس الآخرين الذين يرون أن البرلمان نهاية المطاف".
وشددت على أن الشعب بخروجه إلى الانتخابات أياً كانت اتجاهات تصويته قد قرر أن يصنع مستقبله ويحدد مصيره بيده وله مطلق الحرية فى الخيار.
فيما يرى الدكتور "حسام عيسى" الناشط السياسى وأستاذ الحقوق بجامعة عين شمس، أن تحويل أى معركة سياسية إلى دينية ينذر بخسارة التيار المدنى، مشيراً إلى أن شباب الثورة بمبادئهم رفضوا المتاجرة بالشعارات الدينية احتراماً لمواقفهم النضالية .
وقال إن التيارت الدينية تعمل منذ 40 عاما فى المساجد مما أثر على تواجدها فى الشارع بالإيجاب وأجادت استخدام السلاح الدينى، لافتاً إلى أن عدم امتلاكه رؤية أو برنامج لحل مشاكل مصر وتركيزه على منع الاختلاط بين الرجال والنساء وإجبار البنات على ارتداء الحجاب، لم يؤثر على نجاحه فى كسب الناخبين وحشد أصواتهم لصالحه.
معارضة واهية
وتطرق "عيسى" إلى شباب الثورة ومرشحي الأحزاب السياسية, مرجعاً إخفاقهم أمام التيارات الدينية، لتحويل النظام السابق الأحزاب إلى معارضة واهية داخل مقاراتها، وقال"شباب الثورة غير معروفين كشخصيات سياسية بينما تعامل الناخب مع الشخصية الدينية باعتباره المنقذ والمخلص" .
وأوضح "عيسى" أن المعركة أصبحت بين تيارين أحدهما تبنى صكوك الغفران والطريق إلى الجنة وابتعد تماماً عن مشاكل البلاد الحقيقية وخطط النهوض بمصر أو وضع برنامج زمنى لعمل مشاريع اقتصادية أو تنموية لتقليل البطالة وزيادة الإنتاج واكتفوا فقط بإصدار التصريحات النارية حول علاقة الشباب بالبنات وأدب نجيب محفوظ وتغطية التماثيل العارية.
ورفض " عبد الرحيم على " مدير المركز العربى للدراسات والخبير فى الجماعات الإسلامية، الربط بين الانتخابات من جهة والثورة من جهة أخرى، وقال إن ممارسة الانتخابات تتطلب 3 عناصر مهمة وهى التمويل، والتنظيم، والخبرة، فيما يفتقد شباب الثورة للثلاثة عناصر بعكس التيارات الدينية .
وأشار "على" إلى أن عشرات الائتلافات الشبابية لو توحدت خلف راية حزبية واحدة خاضت من خلالها الانتخابات لاستطاعت أن تحقق نتائج طيبة فى المرحلة الأولى وفى الانتخابات برمتها.
وقال إن التيارات الدينية نجحت فى إقصاء من يمتلك تلك العناصر مثلهم وهم فلول الحزب الوطنى وشنت الهجمات عليهم باعتبارهم الوحيدين الذين يستطيعون مواجهتهم، مضيفاً أن الإخوان نجحوا أيضاً فى الظهور بمظهر حماة الثورة والمعارضين الوحيدين للنظام السابق رغم أنهم الوحيدون الذين عقدوا الصفقات على جسد الوطن واستفادوا منه.
المعارض الحقيقى
وشدد "عبد الرحيم على" على أن المعارض الحقيقى هو الذى يطرح برنامج جذرى لحل المشاكل وهذا يتمثل فقط فى الأحزاب السياسية وليس الجماعات الدينية.
وأوضح أن شباب الثورة وقعوا فيما يسمى بأمراض البرجوازية الصغيرة مثل البحث عن الزعامة والاختلاف والانقسام، مشيراً إلى أن الحل الأمثل كان يتمثل فى مقاطعة الانتخابات من قبل الأقباط وشباب الثورة والأحزاب اللييبرالية واليسارية، وعدم المجازفة بنزول المعركة الانتخابية قبل وضع دستور ينظم سير العملية فى البلاد عقب الثورة.