رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نسرين أسامة أنور عكاشة: سقط القلم من يده.. فقال: الآن فقدت الحياة!

المؤلف الراحل أسامة
المؤلف الراحل أسامة أنور عكاشة

أهلك.. يا تهلك

دا أنت بالناس تكون

ويرفرف العمر الجميل الحنون

ويفر.. ويفرفر فى رفة قانون

.. أنا «أسامة أنور عكاشة.. «أنتم مين»؟

<>

أنا.. «الشهد والدموع»، و«الرايا البيضاء»، «وما زال النيل يجرى»، و«أرابيسك»، و«ضمير أبلة حكمت»، و«ليالى الحلمية»، و«زيزينيا» و«المصراوية» وغيرها من الأعمال الدرامية الرائعة التى شكلت وجدان أمة وساهمت فى صناعة زمن الدراما الجميل.

لو توقفنا أمام مشروع أسامة أنور عكاشة الفكرى، والإبداعى، سنجد أنه أوقف «الزمان» و«المكان» بحثاً مصر. ظل سنوات طويلة يفتش عنها ويرسم صورتها من عقلية طه حسين، والعقاد، ونجيب محفوظ، وأم كلثوم. وجلس ينتظرها أمام أسوار القلعة، ويحاورها أمام مقام السيدة زينب. ويفتخر بها بجوار السد العالى، ويعاتبها بعد انتصار أكتوبر. وكان بعد أى حوار معها.. يسأل على لسان «أبوالعلا البشرى»، و«فضة المعداوى»، و«سليم البدرى» و«العمدة سليمان باشا غانم».. نفس السؤال الذى طرحه «حسن النعمان» فى مسلسل «أرابيسك». «إحنا مين»؟ ثم يرد قائلاً: «ساعة ما نعرف إحنا مين هنعرف إحنا عايزين إيه»؟.. ونبدأ.

<>

عاش.. ومات أسامة أنور عكاشة محاولاً بإبداعه أن يجعلنا نعرف «إحنا مين» حتى نبدأ، فهل عرفنا أم.. يكفيه هو شرف «المحاولة».. ويكفينا نحن، ما نحن فيه.. حتى نبدأ!

<>

عرفناه روائياً، وسيناريست، وكاتباً مسرحياً، وسينمائياً، وكاتب مقال، عرفنا الجانب الإبداعى فيه، عرفنا قناعته بعبدالناصر، ومشروعه، وقناعة البسطاء به كزعيم، وعرفنا رفضه لزمن السادات بعد حرب أكتوبر، عرفنا قناعته بمصر التاريخ والجغرافيا، وأن زمن القومية العربية «بح» - حسبما قال ذلك- فى ندوة له، عرفنا تدينه البسيط، المستمد من الإسلام المصرى، وليس الإسلام «الوهابى»، عرفنا رفضه ورأيه فى سيدنا «عمرو بن العاص»، وكيف رآه «أفاقاً»؟ وأنه - كشخصية إسلامية- لا يستحق أن يمجد درامياً، عرفنا كل ذلك.. نعم، لكن لم نعرفه على المستوى الإنسانى، هذا المستوى الذى شكل وعيه، وتكوينه، وثقافته.. فكره، ومدرسته الإبداعية.

<>

حتى أعرفه على المستوى الإنسانى.. اتصلت بابنته «نسرين أسامة أنور عكاشة»، وهى زميلة إعلامية، تعمل فى الإذاعة. اتفقنا على اللقاء. الصوت يشبه صوت أبيها، الجمل الحوارية بيننا تؤكد أنها ارتوت من ثقافته.. سألتها فى سلسلة «أبى.. الذى لا يعرفه أحد».. ما الذى لا نعرفه عن أسامة أنور عكاشة؟ ردت بتنهيدة تكشف عن حزن فتاة غاب عنها «السند» فى الحياة. قالت: الناس لا تعرف عنه، العمق الإنسانى الذى كان عليه، هو إنسان بسيط، فرضت عليه الحياة أن يكافح، ويغامر،  عاش طفولة صعبة، فلقد رحلت «والدته» وهو فى عمر 6 سنوات، هذا الرحيل المبكر للأم، جعله انطوائياً، لا يقترب كثيراً من الناس، يخاف منهم، يبتعد أكثر وأكثر عنهم، الوالد تاجر يبيع ويشترى، وما بين الغربية وكفر الشيخ عاش طفولته وصباه فى هذا الجو المشحون أسرياً بالتوتر، وغياب «يد» الأم التى تأخذه فى حضنها، فتشعره بالدفء والحنان.

هل أثر هذا الغياب المبكر للأم فى تكوينه النفسى؟

كان هذا سؤالى.. وكانت إجابة نسرين: طبعًا. فقدان الحنان المبكر، جعله يزداد حنان معنا، ومع كل من حوله، جعله يثقف نفسه مبكراً، وكأنه أراد من الثقافة أن تحميه من قسوة الأيام، جعله حالة كاملة ومكتملة من الإحساس، وهذا بدوره انعكس على تصرفاته سواء الأسرية أو المهنية.

قلت تزوج مبكراً.. أليس كذلك؟ قالت: نعم.. تزوج وعمره 21 سنة، وأمى كان عمرها 17 سنة.. قلت هل فعل ذلك بحثاً عن شاطئ حنان يعوض من خلال ما فقده فى صباه؟ قالت نسرين: ربما!

<>

أسامة أنور عكاشة، ولد فى 27 يوليو 1941 فى مدينة طنطا بمحافظة الغربية، وحصل على ليسانس آداب قسم الدراسات النفسية والاجتماعية فى جامعة عين شمس عام 1962، عمل مدرساً بالتربية والتعليم من 1963 وحتى 1964، ثم انتقل للعمل فى العلاقات العامة بديوان عام محافظة كفر الشيخ من 1964 وحتى 1966 ثم إخصائى اجتماعى بجامعة الأزهر من 1966 وحتى 1982، بعد ذلك استقال من الوظيفة الحكومية وتفرغ للإبداع، كان له من الأبناء أربعة، مات منهم بعد رحيله هو الابن هشام، وكأن القدر أراد أن يكون به رحيماً، ليموت هو قبل موت ابنه هشام.

<>

طبعاً.. كان يحبنا جميعاً.. لكن - بطبيعة الحال- كان هشام بالنسبة له «فرحة» العمر. ابنه وولده الوحيد الذى يحمل اسمه، هذا ما قالته «نسرين»: وأضافت: أنت تعلم مهما يكون الإنسان مثقفاً، ومتديناً، يبقى دائماً خاصة فى مجتمعاتنا الشرقية، يبقى «الولد» حالة خاصة، نحن الحقيقة - كبنات- لم يشعرنى أن هناك فرقاً بيننا وبين أخونا، نفس المعاملة، ويمكن أكثر ونفس الاهتمام، إنما دائماً «الولد» كما يقال «سند»! رحم الله.. أبى.. وأخى، فالحياة بدونهما، تعجز الكلمات عن وصفها، قلت: الأم فيما يبدو لعبت دوراً أساسياً فى النشأة والتكوين لديكم، ردت: عملت كل شىء، أنت تعلم أن أبى «زهق» من العمل الحكومى، وأخذ قراراً، صعب على أى زوجة لديها أطفال أن توافقه عليه، قلت وما هو؟ قالت: الاستقالة! استقال وأمى لم تعترض، ولم تقل له: «طيب هتجيب منين؟ ثم سافر بعدها إلى الخليج وبعد أسابيع - رغم الدخل المرتفع- رفض الابتعاد عن مصر، وترك العمل وعاد للقاهرة.. وأمى أيضاً.. لأنها كانت تعرف أنها أمام «مبدع». والإبداع إذا ارتبط بـ«أكل العيش».. مات، فعقدت بينها وبين نفسها اتفاقاً.. قالت فيه: سأتركه لإبداعه، وأنا أتولى تدبير حالى وحال الأولاد، والحمد لله نجح هو فى مشواره.. ونجحت هى فى مشوارها.

<>

ذات يوم ذهبت إليه فى منزله بالهرم، كان اللقاء تليفزيونياً وليس صحفياً، على سلم الأسانسير أمام شقته وجدت المخرجة تقف منزعجة، ورافضة استكمال التصوير، قلت ماذا حدث؟ قالت: الأستاذ أسامة «شخط» لأننى «عطست» فى مكتبه. ابتسمت وقلت لها، انتظرنى قليلاً. دخلت إليه، وجدته جالساً على مكتبه والزملاء المصورون فى انتظار كلمة (1-2-3) بنصور يا أساتذة.. اتفضل يا أستاذ. قال لى قبل أى شىء.. هات المخرجة من بره.. معلهش أنتم عارفين إننى مريض، وجهاز المناعة فيه مشكلة.. مع الكلى والقلب والضغط، وعدوى البرد تخلق لى أزمة صحية، ثم قال بتواضع إنسانى شديد معلهش أنا بعتذر لها ولكم.. هاتها اعتذر لها، قبل أن نبدأ التصوير، وبالفعل اعتذر لدرجة أن المخرجة ابتسمت له وقالت: «لو كنت أعرف كده يا أستاذ.. كنت «عطست» 20 مرة.. فضحك وقال: «دا انت عايزة تموتينى بقى، فصحكنا جميعاً.. ودارت الكاميرا!

<>

قلت للابنة نسرين: هل كان يخاف من المرض؟

قالت: لا.. بالعكس ظل قوياً، وصامداً لمدة ثلاث سنوات، عندما بدأ المرض يكشر عن أنيابه، أذكر يوم أن غادر المنزل وهو ذاهب لإجراء عملية «أولى» لنزع الكلية من جسده، بعدما طالها المرض الخبيث، يومها وقف أمامنا وكأنه يريد أن يقول « أنا عارف أننى رايح و ممكن ما أرجعش.. لكن يجب ألا أستسلم للمرض، وبعدها استمر المرض يطارده وهو يطارد المرض، وكلما زادت قسوة المرض زادت قوته على تحمل آلامه، أيام طويلة كان يشعر بالألم، والألم كان عنيفاً، لكنه أمامنا نراه أسداً يجابه الألم وقسوته، ظل هكذا ثلاث سنوات متواصلة حتى دخوله فى غيبوبة الرحيل ثم الوفاة يوم الجمعة 28 مايو 2010، ثم خيم الصمت قليلاً، ولم تتكلم الابنة «نسرين» وكأنها أرادت أن تتذكر شيئاً، وعندما تذكرته قالت: فى الأيام الأخيرة قبل الرحيل.. كان الفنان القدير نبيل الحلفاوى يتواصل معه عبر الهاتف، وفى آخر مكالمة بينهما - وكنت أنا بجواره- سمعته يقول له: يا نبيل بتسألنى عامل إيه؟ «دعنى أقول لك.. من يوم ما سقط القلم من على الورق.. أنا كده فقدت الحياة»! ثم وضع الهاتف بجواره، وما فهمته أن الأستاذ نبيل لم يستطع تحمل هذه الحالة التى كان أبى عليها من شدة حبه له، وكان هذا آخر اتصال له مع الحياة.. ليذهب بعده إلى الموت، الذى بدأ بغيبوبة أفقدته الوعى.

ثم سكتت «نسرين» مثلما سكت نبيل الحلفاوى.. فأمام الموت تغلب الدموع الكلمات، والابنة غالبتها دموعها.. وبكت! كانت هذه كلماتها ودموعها.. أما كلماته هو عن الكلمات والقلم والموت فكان يقول فيها دائماً (أتمنى أن أكتب حتى آخر لحظة فى حياتى.. ولا أشعر فى أى وقت بأنى عاجز عن إمساك القلم».. ولما عجز.. مات!

<>

التاريخ هو 4 أكتوبر 2004، الشاشة فضائية «الأوربيت» المذيع عمرو أديب، الوقت الآن الحادية عشرة مساء ليلة الاثنين، يسأل «عمرو أديب» يا أستاذ أسامة.. هل صحيح ما نشر على لسانك من هجوم على الصحابى «عمرو بن العاص»؟ قال: نعم.. أنا لا أعرف لماذا كل هذه الضجة مع أن عمرو بن العاص ليس من المبشرين بالجنة، تدخل الشيخ خالد الجندى وقال: يعنى حضرتك لا تحترم إلا المبشرين بالجنة؟ رد

عكاشة: وهل أنا الذى حددت العشرة أم الرسول؟ رد الجندى: الرسول قال: «أسلم الناس وآمن عمرو»؟ رد عكاشة: ماذا تقصد؟ هل تقصد أننى أخالف ما قاله الرسول؟ هذا سوء نية واضح منك يا شيخ خالد! واستمر الحوار حتى دخل على الخط المحامى منتصر الزيات الذى هاجم بعنف عكاشة، فرد عليه قائلاً: أنت محامى الإرهابيين فلا تتكلم.. ثم أغلق الخط فى وجه الجميع، كانت هذه معركة خاضها أسامة دفاعاً عن قناعة لديه، كان يرى فيها شخصية الصحابى عمرو بن العاص، على غير ما يراه الكثيرون غيره، وقتها تعرض لهجوم كاسح من التيارات الدينية، مثلما تعرض من قبل لهجوم أشد ضراوة من تيار الرئيس السادات فى الصحافة - بالتحديد الأستاذ إبراهيم سعدة فى مؤسسة أخبار اليوم بكل إصداراتها- والتى خصصت صفحات للهجوم عليه بسبب الإعلان عن تحضيره لكتابة عمل درامي عن حرب أكتوبر. ولماذا الهجوم قبل لأنه لا يحب السادات ويحب عبدالناصر.

عدت من أمام شاشة «أوربيت» التى شهدت «الخناقة» بسبب الصحابى عمرو بن العاص، ومن على صفحات «أخبار اليوم» التى شنت الهجوم عليه بسبب السادات.. وسألت الابنة نسرين: كيف استقبل هذا وذاك؟ قالت: أنت تعلم أن الإنسان الناجح، أمامه.. وبجواره  وخلفه من يحاول عرقلة نجاحه. وأبى كان يعلم ذلك جيداً. أولاً أذكر أيام الهجوم عليه بسبب كتابته أو التحضير لكتابة عمل إبداعى عن أكتوبر.. كان يقول: دعهم يهاجمون.. المهم أن نصنع شيئاً للأجيال الجديدة، تعرف من خلاله عظمة وعبقرية الجندية المصرية، وبالفعل جلس أكثر من مرة جلسات تحضيرية فى الشئون المعنوية للقوات المسلحة للتجهيز للعمل، لكن فى نفس الوقت الهجوم اشتد ضده، فقرر بعد فترة ترك العمل، ورفض استكمال مشوار الكتابة. ولم يفعل ذلك خوفاً، فهو - بقيمته الإبداعية وأخلاقه الإنسانية- لم يكن يخاف إلا من الله، ولكنه كان لا يحب أن يعمل وسط هذا الضجيج المستمر، والسؤال هنا الذى يفرض نفسه: من الذى فاز ومن الذى خسر؟

عندما ترك عكاشة استكمال مشروع هذا العمل عن أكتوبر؟ قلت: هو كاتب ومبدع لم يخسر شيئاً. أما نحن ففقدنا عملاً كان من الممكن أن يكون إضافة قوية لإبراز بطولات الجيش المصرى وجنوده فى حرب أكتوبر.

- قلت لها: هل فرض عليكم رأيه فى الدراسة أو تحديد نوعية العمل؟

- لا.. هو طول الوقت كان مشغولاً بأعماله، وكتاباته، وسفره وترحاله، وبالتالى كانت الأم هى المحرك، والمنظم لحياتنا من الدراسة الابتدائية وحتى الجامعة، وكان أبى يتدخل فى المواقف الحاسمة فقط، مثلاً نوعية الكلية التى تختارها.. كان يقول لنا رأيه، ويشرح وجهة نظره، وبعدما ينتهى من كلامه، كان يقول: فى النهاية أنتم أحرار فيما تختاره لأنفسكم، وكان رافضاً تماماً فكرة أن يتجه شقيقى الراحل هشام إلى الإخراج، وحاول هشام يقنعه حتى يوافق؟ إلا أنه رفض، وقال له: «خليك بعيد.. عن السكة دى».. لكن هشام ووقتها أصر، ولماذا حاول إقناعه بعدم الاتجاه للمجال الفنى.. وهو ابن أسامة أنور عكاشة وأظن أن هذا يكفيه؟ قالت: وهذا هو الذى كان يرفضه أبى، قال له: حتى وإن كنت موهوباً، ولديك القدرة والمقدرة على الإبداع.. فالمؤكد أن هذه الإمكانيات ستصطدم بمن يحاول إجهاض تجربتك.. لن يتركوك تنجح، كان هذا رأيه، وقال له: فى النهاية خوض التجربة كما تحب.

<>

بلال فضل يكتب عن هشام أسامة أنور عكاشة قائلاً: «تم استبعاد هشام عدة مرات من أعمال فنية، رغم قدراته الفنية العالية فى الإخراج، وحكى لبلال فى اتصال دار بينهما قبل رحيله أنه كان قد بدأ بالفعل التحضير لمسلسل من بطولة آسر ياسين، لكن تم استبداله فى اللحظة الأخيرة، لأن آسر ياسين قال: «أنا لا أستلطفه»! وبذلك رحل هشام أسامة أنور عكاشة بسبب الإحباط والتجاهل. عدت إلى نسرين وقلت لها: هل رأيته حزيناً يوماً ما من أشخاص وقف بجوارهم ثم تنكروا لمواقفه؟ قلت: بالفعل كان يحدث هذا معه، صحيح لم يكن يتكلم، أو يحكى عن هؤلاء البشر، ولكن كان يشعر بحزن داخله من أفعالهم.. لكن لأنه كان كبيراً وقوياً، فكانت تلك «الصغائر» لا تستوقفه، وكان يتجاوز عنها كثيراً.

<>

قلت لها: ماذا أخذت منه؟ قالت: القوة، والتماسك، أبى كان أسداً، يواجه ولا يهرب، يناقش ولا يصادر، يجهر بقوله ولا يخاف من رأيه، كان يؤمن أن المبدع قادر على أن يجعل المجتمع يستمع إلى رأيه وفكره وهدفه، ثم يكفينى أننى ابنة أسامة أنور عكاشة.. الرجل الذى أحب هذا البلد، وأحب البسطاء منه، وأحب ناسه الطيبين، وعاش ومات وهو يؤمن أن هذا الوطن يستحق أن نعمل ونعيش من أجله.

وقبل أن تختم كلامها قالت: كثيراً ما كان أبى، يقف أمامنا ويقول وهو يضحك.. عارفين يا ولاد أبوكم.. ولا مش عارفين؟ ونحن نضحك ونقول «آه.. عارفين»! فيرد: والله شكلكم مش عارفين، فمنذ متى كان زمار الحى يطرب! اليوم بعد رحيله، أقول له: يا أبى.. وأنت فى مرقدك.. نحن يطربنا اسمك وفنك وإبداعك وكفاحك وتاريخك المرضى والإبداعى.. يطربنا أنك أسامة أنور عكاشة.. وهل بعد هذا طرب.

<>

ومنين بيجى الشجن

من اختلاف الزمن

ومنين بيجى السواد من الدموع والعناد

ومنين بيجى الرضا.. من الإيمان بالقضا..

ليه يا زمن ما سبتناش أبرياء

وواخدنا ليه فى طريق ما منوش رجوع..

هكذا أبدع سيد حجاب وعمار الشريعى فى "ليالى الحلمة".. ومن قبلها أبدع أسامة أنور عكاشة لنا الليالى.. وبعدما أبدع، وضع ثقافة دراسية صعب تكرارها.. بعدما فعل ذلك.. ذهب فى طريق مامنوش رجوع.. ومات أسامة أنور عكاشة.. وترك لنا الطريق نمشى فيه كما قال سيد حجاب. و«أقسى همومنا يفجرك سخرية.. وأصغى ضحكة تتوه فى بحر الدموع.. هذا هو حالنا.. وهذا حال الفنان.. وحال الدنيا!