رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

جمال عبدالحكيم عامر: قتلوا "المشير" بجرعة سُمّ تكفي لقتل 50 شخصًا

بوابة الوفد الإلكترونية

يا جمال إذا كنت تشك فى أكثر الأشخاص الأوفياء لك، فأنا على استعداد لإثبات براءتى أمام محكمة عسكرية!

لا.. هذا ليس ممكنا الآن.

رد المشير "عامر" على "جمال عبدالناصر" قائلاً: هل تأمرنى بالصمت إذن!

نعم.. ثم واصل عبدالناصر كلامه وفى صوته حدة، تصل للتهديد، قائلاً: محمد نجيب ظل صامتاً من 1955 حتى سكت للأبد.

رد المشير: مش أنا اللى أسكت وألتزم الصمت.

رد عبدالناصر بحدة أكثر قائلاً: فكر فى مستقبل أولادك، وأسرتك وأقاربك.. والخط  فصل!

كان هذا جزءاً من حوار دار بين الرئيس عبدالناصر والمشير عامر بعد أيام من هزيمة 67، ونشر هذا الكلام فى وصية المشير التى كتبها قبل أسبوع من موته أو قتله على وجه الدقة فى مجلة «ليف» الأمريكية، بعدما تم تهريب «الوصية» من منزل المشير المحاصر مع ابنه «جمال».

وما بين تهديد «جمال» الصديق.. صديق العمر.. وبين مساعدة «جمال» الابن.. الابن الأكبر، كان قد مر عليه تحت الإقامة الجبرية، فى فيلا المريوطية 7 أيام أخرى.. وفى اليوم الأخير منها الموافق 14 سبتمبر 1967 الساعة السادسة تماماً، مات المشير، ومن يرفض الموت صامتاً.. يموت مسموماً.. قاعدة ثابتة.. إما تقتل.. أو تُقتل.. السلطة كده!

<>

قوميتنا اللى بنحميها

اللى حياتنا شموع حواليها

جنة بتضحك للى يسالم

وجحيم ثاير على أعاديها

عاش.. وانتصر الشعب العربى

كلمات كتبها أحمد شفيق كامل وغنتها شادية فى أغنية «وطنى حبيبى الوطن الأكبر» عام 1960، ولكن قبل هذا التاريخ بسنوات، كان هناك طالب فى قرية أسطال بمحافظة المنيا يدرس فى المرحلة الثانوية، ويقود مظاهرات الطلبة هناك، ثم يعود إلى بيت «حضرة العمدة» أبيه ليتحدث فى المساء عن الاحتلال والكرامة والوطن الجريح، يفكر فى الانضمام للجيش عن طريق الالتحاق بالكلية الحربية، لكن المرض يحرمه، فيلتحق بكلية الزراعة، وفى السنة الأولى تفتح الكلية الحربية أبوابها لدفعات جديدة، فيتجه إليها، ليبدأ فى تحقيق حلمه، الحلم الذى أصبح حقيقة عام 1952 ثم تحول إلى كابوس عام 1967 وما بين الحلم والواقع والكابوس، عاش عبدالحكيم عامر 47 سنة و7 شهور و4 أيام فقط، بحساب الزمن مات «بدرى» أما بحساب السياسة مات بعدما شعره «شاب» و«شيبنا» معاه!

ألم يكن هو القائد العام للجيش، الذى كان يحكم قطاع غزة والسودان تحت راية الملكية، لتنفصل بعد ذلك السودان وتسقط غزة والجولان وشرق الأردن وسيناء، وتحتل الأرض العربية تحت راية الجمهورية العربية المتحدة، نعم كان هو، وكان من قبله ومن بعده جمال عبدالناصر.. وكان عبدالحليم حافظ ينشر لهما وللأمة العربية نعياً غنائياً حزيناً يقول فيه:

عدى النهار

والمغربية جاية تتخفى وراء ضل الشجر

وعلشان نتوه فى السكة

شالت من ليالينا القمر

وبلدنا ع الترعة بتغسل شعرها

جالها نهار.. مقدرش يدفع مهرها

وقتل المشير.. ومات الرئيس.. دنيا!

<>

هذه الحلقة من سلسلة حوارات «أبى.. الذى لا يعرفه أحد» ذهبت فيها إلى «الرجل الثانى» الذى كان يحكم مصر مع عبدالناصر، المشير عبدالحكيم عامر، الرجل - الوحيد فى الوطن العربى - الذى تطارده الشائعات حتى وهو فى قبره، أثناء إعدادى للحوار، اتصل بى صديق صحفى فى مؤسسة «أخبار اليوم»، فقلت له: بعد إذنك، مضطر أغلق معك الخط، لأننى سأجرى اتصالاً بأحد أبناء المشير عامر، لإجراء حوار معه، فرد قائلاً: آه.. المشير عامر.. مش ده بتاع وردة.

يقصد المطربة الراحلة وردة.. ثم قال: طيب خلص وكلمنى.. أغلقت الهاتف وأنا فى حالة ذهول، فهذا صحفى بمؤسسة عريقة وخريج كلية إعلام جامعة القاهرة ولا يعرف شيئاً عن التاريخ، لا يعلم شيئاً عن أخطر قائد عسكرى لمصر فى العصر الحديث، لا يعرف أن المشير عامر لم ير فى حياته المطربة وردة إلا مرة واحدة بالصدفة، فى لقاء لم يستمر إلا دقائق، لكنه التاريخ عندما يتم تشويهه وتزويره، وتعديله على «مزاج» السلطة الحاكمة إن أرادت.

<>

اتصلت بالسيد عمرو عبدالحكيم، فأرسلنى إلى شقيقه الأكبر صلاح، الذى أرسلنى بدوره إلى أخوه الكبير - حسب قوله - جمال عبدالحكيم عامر، وعند الأخ الكبير كان اللقاء، قلت له: إلى متى سيظل التاريخ كاذباً؟.. رد: التاريخ لا يكذب، لا ينافق، لا يظلم، نحن - أو بيننا - من هو يكذب، وينافق ويظلم.. قلت: وهل ظُلم المشير عامر أم هو الذى ظلمنا؟.. اعتدل فى جلسته ونظر أمامه فى أوراق ووثائق وصور فوتوغرافية وقال: عندما يقتلونه ثم يقولون إنه انتحر، عندما يُسقى السم، ثم يقال إنه هو الذى تجرعه، عندما «يخدعه» عبدالناصر ويطلبه للعشاء فى منزله، ثم تهاجم القوات بيته بالجيزة، عندما يعلن الأطباء الشرعيون عن قتله بالسم، و«تدفن» القضية، وعندما يرحل بدون أن يترك لنا بيتاً «تمليك» وعندما يطلب سلفة على المعاش حتى يزوج ابنته، وعندما يزور عبدالناصر ومعه هيكل القادة فى قاعدة عسكرية قبل 5 يونية 67 بأيام ويقول للقادة: سنتلقى الضربة الأولى.. فيرفض أبى وقائد سلاح الطيران وقتها الفريق صدقى، إلا أن الرئيس عبدالناصر يصر عندما يتسبب عبدالناصر فى الهزيمة.. و«يشيل» المشير الهزيمة لوحده.. ألا تعتقد أنه بعد هذا كله.. ظلم؟! علامة الاستفهام له.. وعلامة التعجب لى.

<>

أرض المعركة فجر الاثنين 5 يونية 67، مصر لديها 180 طائرة على الأرض، والدبابات 3 أضعاف الدبابات الإسرائيلية، و45 دقيقة تفصل القوات الإسرائيلية عن القوات العربية بالطيران، وكالات الأنباء تنقل تصريح لوزير الدفاع الأمريكى «روبرت ماكنهارا» ينصح فيه الجانب الإسرائيلى قائلاً: «لا نريدكم أن تبدأوا بالضربة الأولى».. فى نفس الوقت يعود «مائير أميت» رئيس جهاز الموساد إلى تل أبيب من واشنطن قبل الحرب بساعات ناصحاً القادة العسكريين بالبدء بالضربة الأولى، الأهرام على صفحته الأولى ينشر بخط يد الأستاذ هيكل: «لن نبدأ بالضربة الأولى».. المشير عامر من مكتبه «يوبخ» هيكل عبر الهاتف ويقول له: أنت مجنون حد ينشر خطة الحرب فى الجرنال.

وتبدأ الحرب والقائد العام ووزير الحربية شمس بدران، فى الجو، فتتوقف الصواريخ عن الإطلاق، فطائرة المشير فى الجو، والقادة العسكريون جميعاً مجتمعون فى مطار فايد بالإسماعيلية، الساعة الثامنة صباحاً، المطارات تضرب من طائرات العدو، وبذلك بدأت الحرب ضد مصر ولم يكن هناك قادة فى مواقعهم، أين المشير عامر؟.. هكذا سأل القادة بعدما انتهى الاجتماع قبل أن يبدأ.. الفريق سعد الشاذلى فى مذكراته يقول: تحرك القادة دون خطة أو تعليمات عائدين بسياراتهم إلى قواعدهم.. أما أنا فكنت وصلت من سيناء بطائرة هيلوكوبتر، وبالطبع لم أستطع تحريكها سنتميتراً من مكانها، أين المشير عامر؟.. ما زال السؤال موصولاً، هبط من الجو، إلى مركز القيادة لكن بعدما انتهى كل شىء.

<>

ولد المشير عامر سنة 1919، الأسرة غنية حيث كان والده الشيخ على عامر عمدة قرية «أسطال» مركز سمالوط بمحافظة المنيا، تخرج فى الكلية الحربية عام 1939، شارك فى حرب 1948 فى نفس وحدة جمال عبدالناصر، حصل على نوط الشجاعة فى حرب 48 وتمت ترقيته ترقية استثنائية، وفى عام 1953 تمت ترقيته من رتبة صاغ «رائد» إلى رتبة لواء، وهو لا يزال فى الـ 34 عاماً، متخطياً ثلاث رتب، وأصبح القائد العام للقوات المسلحة، منذ ذلك التاريخ حتى الهزيمة.

عدت إلى الابن جمال عبدالحكيم عامر وقلت: يرى البعض أن منصب القائد العام للجيش كان أكبر من قدرات المشير، فهو بـ «الكتير» عمدة فى قرية؟.. فرد والغضب يتطاير من عينيه، قائلاً: هذا كلام دجال السياسة الأول فى عهد عبدالناصر «هيكل» وتلك هى تخاريفه التى زور بها الحقائق، وقلب بها الموازين، وتسبب فى ظلم - ويمكن قتل - المشير، وإن كان الأمر كذلك، كيف تكون قيادة القوات المسلحة أكبر من قدرات أبى، ويكون عبدالناصر هو صاحب القدرة لقيادة وطن بالكامل مع أنهم تقريباً فى سن واحدة، لماذا هى حلال لناصر، وحرام لعامر؟.. كان الأستاذ هيكل قد قال: عبدالحكيم عامر ظلم فى 67، ولماذا ظلم؟.. قال: لأن الرجل بالوقت وبالسنين لم يكن صالحاً لقيادة المعركة فى عام 67، كان آخر واحد فى اعتقادى يقود معركة 67، انتهى كلام هيكل!، لا لم ينته.. هكذا رد علىّ ابن المشير الأكبر قائلاً: هو قال الكلام الذى يعجبه هو، الكلام الذى يبرر به خطأ صديقه ناصر، يبرر به دفعه لناصر ليغلق المضايق، قلت: وما دخل هيكل فهو ليس قائداً عسكرياً؟

هو كان يقول نفس الذى تقوله.. ساعة الجد يهرب ويقول أنا صحفى، لكن دعنا نسأل: من الذى جاء به ليحضر اجتماعاً مع القادة العسكريين قبل الحرب بأيام فى قاعدة جوية، وكان هو المدنى الوحيد بينهم، من الذى أحضره؟.. من الذى جاء به؟.. قلت من؟.. رد: عبدالناصر طبعاً.. ثم سكن السيد جمال عبدالحكيم عامر قليلاً وقال: بعد الهزيمة سافر عبدالناصر إلى روسيا وقبل بدء الاجتماع وقف الرئيس الروسى «برجنيف» وقال: أخرجوا هذا الشخص من الاجتماع، حاول ناصر يعترض، قال له الرئيس الروسى: لازم يخرج وإلا لن نكمل الاجتماع.

قلت: ومن كان هذا الشخص؟.. رد: هيكل طبعاً!

<>

إن أهدافنا كلها واحدة.

وزعامتنا كلها واحدة.

ونحن نسير فى طريق واحد.

جمال عبدالناصر أمامنا.

ونحن من خلفه فى سبيل تحقيق الأهداف العليا، هذه كلمات من خطاب للمشير، وهو يخطب فى جنوده، وهى تدل على إخلاص المشير لعبدالناصر.. فلماذا أفترق الصديقان؟.. قال: جمال عبدالحكيم الهزيمة كان يجب لها من كبش فداء، فكانت الخطة هى التضحية بالمشير، مع تشويه تاريخه العسكرى، أولاً.. المشير هو فقط وصلاح سالم من

حصلا على ترقية استثنائية لبطولات عسكرية قاما بها فى حرب 48، ثم حرب 56 من الذى حولها من هزيمة إلى انتصار غير المشير؟.. وهل المشير هو الذى حرك قواتنا إلى الجزائر واليمن وسوريا أم عبدالناصر؟.. هل تعتقد أن هناك قائد جيش يستطيع أن يفعل هذا دون علم رئيسه وبأوامر صادرة منه، حتى فى نكسة 67، كان عبدالناصر هو الذى أتخذ وأصدر كل الأوامر، ولم يستمع للقادة، واستمع فقط إلى هيكل، والنتيجة كانت الهزيمة، ألم يبك عبدالناصر يوم 5 يونية 67 فى الهاتف، وهو يقول لأبى: سامحنى يا حكيم.. سامحنى يا حكيم!

كان يقول هذا الكلام، لأنه كان يعلم علم اليقين أنه هو السبب فى هزيمة 67، لكن موقفه بعد ذلك تغير بعدما نصحه هيكل وكتب له خطاب التنحى وتمثيلية خروج الجماهير.. تقول تمثيلية؟.. طبعاً.. أمال أنت فاكر إيه؟.. تمثيلية جروا فيها الجماهير حتى تخرج تهتف باسمه، فيهرب هو من المسئولية، ويحملها إلى المشير، وكلمة بعد كلمة.. وصفحة بعد صفحة.. حكاية بعد حكاية.. وكذبة بعد كذبة يتم تشويه صورة المشير.

<>

فى منزل المشير فى الجيزة بعد خطاب التنحى قيل إن المشير اجتمع بقيادات الجيش للإطاحة بعبدالناصر؟.. قبل أن أكمل كلامى قال: إطاحة إيه التى كان سيقوم بها المشير؟.. هذا كذب وتلفيق وتزوير للحقائق.. المشير هو الذى عرض على ناصر الاستقالة وسافر إلى قريتنا فى المنيا، وعاد بعد إلحاح من عبدالناصر، والضباط كانت تأتى له، لأنه كان شخصية محبوبة جداً فى الجيش، ولو طلب منهم ذلك لفعلوا، ونحن كنا نعيش فى المنزل - تركناه بعد وفاته للدولة - والضباط أمامنا، وكانوا معنا، موجودين لحبهم لقائدهم فقط، الذى يعرف المشير، يعرف أنه رجل أمين، وصادق، ولا يخون، وصاحب صاحبه، والمشير اندهش بشدة من عبدالناصر عندما غير ما اتفقا عليه معاً وهو أن يعلن استقالتهما معاً، بل أنه منع أبى من إعلان الاستقالة فى التليفزيون، إلا بعدما هدد أبى بالتوجه لماسبيرو بنفسه، فتمت إذاعتها على استحياء فى آخر نشرة أخبار بعدما نام المصريون.

قلت له: ألم يرشح المشير السيد شمس بدران لقيادة الجيش؟.. رد: بالعكس الذى رشحه هو عبدالناصر، الذى لا يعرفه الناس أن الذى جاء بشمس بدران ليكون «عين» على المشير هو ناصر، لكن شمس بدران أحب المشير، ورفض أن يكون «عين» عبدالناصر على المشير.

قلت: إلى هذا الحد كان عبدالناصر يخاف من الجميع؟

قال: دبة النملة فى البلد كان يعلمها عبدالناصر، وكان الكل يسجل للكل ويراقب البعض البعض الآخر.

<>

وإذا جاءنى الموت فسيكون الذى دبر قتلى هو جمال عبدالناصر، الذى لا يتورع الآن عن أى شىء.

هذه الكلمات - أو الدليل - مكتوبة بخط يد المشير عامر، واحتفظ بها السيد شمس بدران ونشرت فى مذكراته التى أعدها الكاتب والناشر محمد الصباغ، كتبها فى 10 سبتمبر عام 1967 أى قبل 4 أيام من وفاته، وعندما نذهب إلى عبدالناصر نجد كلمات له - هذه المرة بالصوت - يقول فيها: قبل أى شىء، وبعد أى شىء، الإنسان إنسان، فى هذه العملية فقدت أقرب الناس لى، وأقربهم على الإطلاق، ولكن حينما وصل الموضوع إلى الجيش وإلى القوات المسلحة، وأننا داخلون على حرب أهلية.. وهناك خطر انقسام.. كان لابد لى أن آخذ قراراً.

رجعت من عند تحذير عبدالحكيم عامر.. ومن عند قرار عبدالناصر حتى أسأل الابن جمال عبدالحكيم عامر.. تعتقد ما هو هذا القرار الذى قرر ناصر اتخاذه؟.. رد وعلى وجهه إجابة غير التى أسمعها قائلاً: أنا مثلك أسأل.. وعلى صُناع التاريخ أن يفتشوا ويبحثوا ويكشفوا عن الوجه الصحيح له، لكن الذى أعلمه - بالأوراق والمستندات والشهادات - أن المشير قتل بالسم بعدما أعطوا له جرعة فى الساعة السادسة مساء يوم 14 سبتمبر 67 مات بعدها بـ 5 دقائق، لأن الجرعة السامة التى تناولها طبقاً لآراء خبراء الطب الشرعى والمركز القومى للبحوث، كانت كفيلة لقتل 50 شخصاً فى دقائق.

قلت له: حدثنى عنه كأب وليس كرجل عسكرى؟

قال: كان طيب القلب.. لم يفرض علينا أى شىء.. ترك لنا حرية اختيار مشوار الحياة، نعم كان رجلاً عسكرياً، لكن عسكرية المشير عامر كانت قائمة فى الأساس على الحب والاحترام والتعاون، قبل أن تكون قائمة على إعطاء الأوامر، لذلك أحبه الجنود والضباط، وكل من عمل معه، ولم يكن يحب جمع المال وهو الذى كان يستطيع لدرجة أننا عشنا وتعلمنا براتبه فقط ومعاشه بعد ذلك، وحتى اليوم نلتقى مع ناس نكتشف أنه قام بعلاجهم أو زواج أولادهم من جيبه الخاص، ثم تنهد الابن الأكبر للمشير بعدما شعرت أنه أرهق من الكلام أو من اجترار الذكريات المؤلمة بالنسبة له.. وقال: «يا أخى ده كان بيبيع أرض أبوه العمدة.. ويعطى ثمنها للفقراء فى القرية»، أقرأوا التاريخ صح، كفانا كذباً وتضليلاً وتدليساً وظلماً للناس حتى وهم بين يدى الله، ارجعوا للتاريخ وأنتم تعرفون من الذى أسس سلاح الصاعقة المصرية غير المشير عامر.. ومن الذى أسس القوات المسلحة فى العصر الحديث بعد محمد على باشا غير المشير عامر.

 ومن؟.. ومن؟.. هنقول إيه ولا إيه؟.. ارجعوا إلى وثيقة تاريخية بخط يد الرئيس الأسبق محمد نجيب، التى يشيد فيها بقدرات وإمكانيات المشير عامر العسكرية، الذى يشيد هنا هو محمد نجيب وليس جمال عبدالناصر، حتى لا يقال صديق يشكر فى صديق أو يتحدث عنه.

قلت: فى كلمات قليلة.. إذا ما أردت أن ترسل للوالد المشير عامر رسالة.. ماذا تقول فيها.. قال، بعد فترة صمت قليلة: الرجولة لا تغيب، والإخلاص له ناسه، والكذب «مالوش رجلين»، وطيبة القلب عنوان مرسوم على مشوار حياتك، والتاريخ مهما زوروه أو غيروه أو حوروه، فإن الحقيقة دائماً عنوان الحياة، استرح حيث أنت.. فالحقيقة تظل حقيقة مهما حجبوا عنها ضوء النهار.

<>

كل الدروب واخدة بلدنا للنهار

وإحنا بلدنا ليل نهار

بتحب موال النهار

لما يعدى فى الدروب

ويغنى قدام كل دار

هكذا غنى عبدالحليم حافظ من كلمات عبدالرحمن الأبنودى وألحان بليغ حمدى لمصر بعد هزيمة 67، وطلع النهار فى أكتوبر 1973.

<>

و«قتل» المشير.. ولم ينتحر!، و«مات» عبدالناصر.. ولم ينتصر.. دون أن يرى أى منهما.. النهار!

أعمار!