رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

30 ألف دار أيتام تتلقى تبرعات بالملايين.. والوزارة تكتفى بالرقابة الإسمية

بوابة الوفد الإلكترونية

بعيدًا عن الاحتفالات بيوم اليتيم والسعادة التى ترسمها الكاميرات على وجوه أطفال فقدوا ذويهم.. ترصد «الوفد» واقعاً آخر أكثر ألماً يدوم العام كله، باستمرار معاناة هؤلاء المحرومين من حنان الأب والأم داخل دور الرعاية التى يقدر عددها فى مصر بنحو 30 ألف دار أيتام، تغيب عنها رقابة حقيقية من قبل وزارة التضامن الاجتماعى المعنية بمراقبة هذه الجمعيات، والخطير أنه بعد ثورة 30 يونية زادت معاناة الأطفال والجمعيات بسبب نقص التبرعات، وشائعات الأخونة التى طالت عددًا كبيرًا من هذه الجمعيات ويصبح العيد الحقيقى لهؤلاء البؤساء هو يوم أن تنتهى كل هذه المعاناة.

رغم عدم وجود إحصائية رسمية دقيقة فى مصر عن الأطفال اليتامى، إلا أن التقديرات تشير إلى أن عددهم يتراوح ما بين 3٪ و5٪ من عدد السكان، أى يحصل عددهم إلى 4 ملايين يتيم، يعيش عدد منهم فى دور الرعاية التى يقدر عددها بـ 30 ألف دار، إضافة إلى نصف مليون طفل فى الشوارع لا يحظون بأى رعاية أو اهتمام.

ويثبت الواقع الأليم أن الذين يعيشون داخل دور الرعاية ليسوا أفضل حظاً من أولئك الذين يعيشون فى الشارع، فهؤلاء أيضاً يعانون الأمرين داخل الدور التى تحولت إلى «سبوبة»، ويكفى أن نذكر أن الدكتورة غادة والى وزيرة التضامن، سبق أن أكدت فى تصريحاتها أن 75٪ من دور رعاية الأيتام تستحق الإغلاق، ومعظمها تحول إلى مشروعات تجارية، فعدد كبير من هذه يعمل من خلال جمعيات تعتمد على التبرعات فى المقام الأول، بل إن هناك جمعيات أنشئت لهذا الغرض دون تقديم خدمة حقيقية، ونتيجة لغياب الرقابة الفعلية على هذه الدور، راحت هذه الجمعيات تعبث بمصير الأطفال وأجسادهم أيضاً، فبسبب الاعتداءات الجنسية على الأطفال تم إغلاق دار أيتام بالإسماعيلية بعد أن قام أحد المشرفين بالاعتداء على الأطفال وتصويرهم عرايا، كما كان الفيديو الشهير الذى تم تسريبه لمدير دار أيتام مكة المكرمة بالهرم أثناء تعذيبه للأطفال وراء حبس المدير وإغلاق الدار، كما تم إغلاق عدد آخر من دور الأيتام بسبب سوء معاملة الأطفال ووجود أطعمة فاسدة واستغلال الأطفال للعمل فى مزارع أو مصانع يمتلكها أصحاب الدور، وهو ما حدث فى دار أمانة المسلم بالنزهة، ودار أخرى بالتجمع الخامس بالقاهرة، ودار البسمة لرعاية الأيتام وأحباب الرحمن بالجيزة.

وسبل المعاناة التى يتعرض لها هؤلاء الأطفال كثيرة، تبدأ من التقاطهم من الشارع، حيث يقدر عدد الأطفال الذين يتم التقاطهم من الشارع بـ 43 ألف طفل سنوياً، يموت ثلثهم قبل أن يصل إلى دور الرعاية، ومن يصل منهم إليها، تبدأ معه رحلة العذاب، بدءاً من المتاجرة به لجمع التبرعات، ومروراً بمشكلة الأم البديلة التى تعيش معهم فى الدار، والتى يتم تغييرها كل فترة نتيجة للأجور الضعيفة التى تتقاضاها الأمهات فى الدور، أو نتيجة لإيجاد فرصة عمل أفضل، أو نتيجة لإغلاق الدار نفسها وتوزيع الأطفال على دور أخرى، هذا بالإضافة إلى سوء المعاملة داخل بعض الدور، حيث يتعرض الأطفال لاعتداءات وحشية من قبل المسئولين بالدور.

 

نماذج مضيئة.. تعانى نقص التبرعات

والصورة ليست قاتمة تماماً داخل دور رعاية الأيتام، فكما توجد جمعيات تستغل الأطفال وتتاجر بهم، هناك جمعيات أخرى تعمل من أجلهم، وتبذل قصارى جهدها من أجل التخفيف من معاناتهم، ولكن المشكلة الحقيقية التى تواجه هذه الجمعيات هى مشكلة نقص التبرعات، خاصة بعد ثورة 30 يونية وشبهة الأخونة التى راحت تطول معظم الجمعيات، وبالتالى قل نصيبها من التبرعات التى تعتبر المصدر الأول للتمويل، وبدأت معاناة عدد كبير منها، خاصة

الدور التابعة للجمعية الشرعية، التى كانت ترعى حوالى 450 ألف طفل يتيم موزعين على 1300 دار فى 20 محافظة، وهناك جمعيات أخرى طالتها نفس الشبهة وزادت معاناتها بسبب نقص التمويل، ومع ذلك، فالجمعيات مازالت تعمل.

 

الرقابة الغائبة

وتعتبر مشكلة انعدام الرقابة هى أم المشكلات التى تجعل كل شىء مباح داخل هذه الجمعيات، فوزارة التضامن الاجتماعى رقابتها غير فاعلة على هذه الجمعيات والدور التابعة لها، إلا فى مراقبة الميزانية السنوية التى يتم تظبيطها قبل التوجه لمديرية الشئون الاجتماعية التى تتبعها الدار، وما عدا ذلك فالرقابة لا تزيد على كونها عدة اشتراطات تتضمنها اللائحة النموذجية المنظمة للعمل بالمؤسسات الإيوائية للأطفال المحرومين من الرعاية، والمعروفة بلائحة دور الأيتام التى أعدتها الوزارة، التى تضع اشتراطات لإنشاء الدار والقائمين عليها والمؤهلات الدراسية للحاصلين عليها، وتنص اللائحة التى تتضمن 41 مادة على إشراف إدارات الأسرة والطفولة بمديريات التضامن الاجتماعى بالمحافظات، وأجهزتها بالإدارات والوحدات الاجتماعية بالإشراف على هذه الدور لضمان ممارسة عملها بما يضمن القيام بالدور المنوط بها فى تقديم الرعاية للأطفال اليتامى والمحافظة عليهم، حيث يتضمن نظام العمل بهذه الدور رعاية الأطفال وتعليمهم حتى سن 18 عاماً للذكور، وحتى سن الزواج للفتيات، على أن تقوم الدار بتوفير أماكن لرعاية الفتيات اللائى تزيد أعمارهن على 18 عاماً، ولكن انعدام الرقابة الفعلية من قبل الوزارة والمؤسسات التابعة لها جعل معظم هذه الدور مرتعاً لذوى النفوس الضعيفة ليفعلوا بها ما يشاءون.

ولإزالة معاناة هؤلاء الأطفال اليتامى، يرى هانى هلال، رئيس الائتلاف المصرى لحقوق الطفل، أن مشكلة دور الرعاية فى مصر كلها تكمن فى انعدام سياسات وإجراءات حماية الطفل داخل هذه الدور، مشيراً إلى أن بعضها تحول إلى «سبوبة» وشكل من أشكال التربح - على حد قوله - مستنداً فى ذلك إلى أن دور رعاية الأيتام يأتى إليها حجم كبير من التبرعات تصل إلى مئات الملايين، بالإضافة إلى الهدايا العينية، وهو ما جعل عدداً كبيراً منها يدخل دائرة الفساد.

ويطالب «هلال» بإنشاء منظومة متكاملة لمراقبة هذه المؤسسات تحتوى على برامج لتقييم هذه الدور والأطفال المقيمين فيها سواء صحياً أو نفسياً، ومحاسبة ومحاكمة المسئولين عنها عند تقصيرهم، على أن تقوم لجان حماية الطفل الموجودة فى كل حي بجولات مستمرة على هذه الدور، ومراقبة أدائها دون إذن مسبق ودون إبلاغ مسبق بالزيارة.