رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ألغام تفجير الانتخابات

القبيحة تعشق من يغازلها رغم انها تعلم انه يكذب ويصفها بدلال وجمال ليس فيها.. هذا هو الوصف الذي يلائم ردود الافعال الرسمية حول اشادة الغرب  بما جري في المرحلة الاولي من الانتخابات البرلمانية فالمراقبون

الذين رصدوا زحام الطوابير ووسائل الاعلام التي ألقت الضوء علي ايجابيات المشاركة الشعبية غير المسبوقة تجاهلوا عمداً أو بدون قصد اللوغاريتمات التي أحاطت بالانتخابات منذ الاستعداد لها والمفارقات العجيبة التي خرجت من رحم المنافسة بين التيارات والقوي والاحزاب فهذه المفارقات كافية لان تزيح النقاب عن الوجه القبيح للانتهازية السياسية الذي كان مختبئاً خلف الشعارات والآراء البراقة بغرض استقطاب البسطاء والمقهورين في زمن «مبارك». فقد جرت الانتخابات مصحوبة بتحالفات الاضداد والفرقاء ومنافسة تصل في بعض الاحيان الي حد سحق العظام بين التيارات ذات المرجعيات والأيديولوجيات الواحدة وبعيداً عن التحالف والتنافر فهي جرت مصحوبة بمخالفات قانونية ربما تنسف العملية الانتخابية بأكملها وتعيد الامور الي نقطة البداية.. فهناك شروط لا يمكن تجاوزها أو القفز عليها مرتبطة بوصول الاحزاب الي البرلمان. منها ضرورة حصول الحزب علي نصف في المائة من اجمالي الاصوات الصحيحة للناخبين لكن الاسباب تبدو غير مفهومة باعتبارها لوغاريتما عصي علي الفهم جري قبول قوائم تضم تحالفات لاكثر من حزب سياسي. وفي هذه الحالة لا يمكن معرفة الاصوات التي ذهبت الي كل حزب علي حدة لان الناخبين أدلوا بأصواتهم لقائمة واحدة تضم بداخلها أحزابا متعددة وغير متجانسة سياسياً وأيديولوجياً وهو أمر لا يتسق بأي حال من الاحوال مع فكرة الانتخابات بالقائمة سواء النسبية أو المطلقة فضلاً عن مشاركة الاحزاب في المنافسة علي المقاعد الفردية التي جري تحديد نسبتها بثلث المقاعد للمستقلين مما يعكس عدم تكافؤ الفرص بين المرشحين وهو الامر الذي تحوم فيه شبهة عدم الدستورية التي تؤدي الي البطلان لان الاصل في الاستقلالية هو عدم القناعة بالبرامج الحزبية وتلك البرامج هي الاصل في التصويت للقوائم فما بالنا اذا كانت هذه القوائم تضم أكثر من حزب ولكل من هذه الاحزاب برامجه وأفكاره وسياساته لكن الامر الذي يثير الدهشة في الانتخابات التي جرت أن المنافسة لم تكن بين أفكار وبرامج لعلاج المشكلات المزمنة في المجتمع فهي تحولت الي معركة طائفية مغلفة في اطار سياسي وانتخابي لكن جوهرها يتضمن استغلالاً للمشاعر الدينية وانحيازاً للفرز علي الاساس العقائدي ويطرح خطاباً فيه احتكار للدين فقد كان لافتاً للنظر أن أنصار بعض التيارات نصبوا أنفسهم أوصياء علي الاسلام والعقيدة بمختلف الأطروحات وهذه هي الكارثة التي خرج الوجه القبيح لها علي سطح الانتخابات وعلي الهامش كانت الاتهامات توزع بشكل عشوائي متضمنة تكفير الليبرالية والديمقراطية. لانها تأخذ بارادة الاغلبية وليس ارادة الشريعة بحسب المزاعم في حين ان ذلك يتعارض مع الواقع فكافة القوي السياسية سواء الليبرالية أو غيرها لديها فهم للشرائع السماوية ومقاصدها فهذه القوي لم تحرم الحلال أو تحل الحرام فضلاً عن قناعاتها بالمبادئ الاساسية للحقوق والحريات والعدالة الاجتماعية والتكافل وغيرها من الامور المرتبطة بصورة وثيقة بمبادئ الشريعة ومقاصدها ولم يكن خافياً علي أحد أن نالاجواء برمتها كانت محاطة بتنافس طائفي دخلت فيه الكنيسة طرفاً مباشراً لمناصرة تكتل لعدد من الاحزاب ضد التيارات الاسلامية وهذا مكمن الخطر باعتبار ان الانتخابات جاءت علي خلفية ثورة يناير التي كان علي رأس أولوياتها تحقيق الحرية واقامة دولة مدنية علي أسس ديمقراطية تكون المنافسة فيها بين البرامج والافكار وليس بين الاديان لان الناخب يذهب الي لجنة الاقتراع لاختيار برلمان للدولة وليس مقعداً في الجنة لكن انتصر الخطاب الديني وتاهت الاحزاب السياسية في تلك الاجواء التي التزم الجميع أمامها الصمت وهذا لوغاريتم جديد يضاف الي سابقيه من اللوغاريتمات المرتبطة بالانتخابات لعل آخرها الصمت من كافة الجهات المسئولة في الدولة علي القاء أوراق الانتخابات سواء بطاقات الاقتراع أو كشوف الناخبين التي تتضمن التوقيع بالاكوام في الشوارع ونقلها علي الفضائيات والصحف دون أن يصدر بيان بشأنها وتم تجاوزها رغم الإخلال بالعملية الانتخابية وقيام الاشخاص المنتمين لاحد التيارات بالفرز بدلاً من الموظفين المنتدبين وتضليل الناخبين الذين زحفوا خشية دفع الغرامة المالية وتوجهوا الي اللجان دون معرفة بالقوائم والاحزاب أو المرشحين علي المقاعد الفردية فجري استقطابهم فهرولوا الي دخول الجنة الموعودة.. كل هذه الامور كانت دافعة لتقديم المئات من الطعون في العملية الانتخابية كاجراءات أو طلب اعادة الفرز وهنا لابد من طرح تساؤل نري انه موضوعي ماذا يحدث لو قبلت طعون اعادة الفرز والبطاقات بمئات الآلاف في الشوارع ملقاة وخاصة ان هناك ضرورة للإبقاء عليها من الناحية القانونية حتي ولو كانت باطلة.. لكن خرجت النتائج وتحققت الغلبة للخطاب الديني من الجولة الاولي.. وخرج من عباءة القوائم الخاصة بالتيارات الدينية أحزاب أخري كانت ضمن التحالفات سواء التي تخص الاسلاميين أو التي ساندتها الكنيسة مثل الكتلة المصرية وأصبح لتلك الاحزاب مقاعد برلمانية فكيف سيتم احتساب النسبة المقررة لدخولها البرلمان وهي النصف في المائة؟ وخاصة ان ما حدث هو نوع من الارتجال والعشوائية التي ترتبت عليها اضطرابات شديدة علي حد تعبير المستشار فتحي رجب الفقيه القانوني والذي أشار الي وجود خلل في البناء التشريعي فمن المفروض أن نبدأ بالدستور وهذا لم يحدث فانقلب الهرم لعدة أسباب منها ضغط القوي الثورية في الميدان علي المجلس العسكري الذي انحاز للشارع والثورة وأدي ذلك الي رحيل مبارك فنحن لدينا كثير من النفاق والرياء والقفز علي الحقائق وما حدث أن المجلس العسكري استعان بمستشارين قليلي الخبرة في تقديم النصيحة ولم يطلبوا أصحاب الخبرة من صنايعية القوانين خشية هجوم الثوار ومن وضع تشريعات الانتخابات عليه أن يجد الحل بالنسبة للاحزاب التي دخلت في

قوائم وأنا أتوقع أن كل العملية الانتخابية سيتم إبطالها وأن النواحي القانونية ستكون سبباً مباشراً في الازمات السياسية لانه لا يجوز ترشيح المنتمين للاحزاب السياسية علي المقاعد الفردية. كما انه لا يوجد نص قانوني يمكن عليه احتساب أصوات كل حزب علي حدة داخل القائمة وكل ذلك سيبطل الانتخابات فضلاً عن وجود عيوب في الصياغة للقوانين التي صدرت وما حدث فيه ظلم للمجلس العسكري لان الوقت قصير، والمطلوب إنجازه كثير جداً، وهذا لم يمكنهم من الاستعانة بخبراء في صياغة القوانين.. أما الدكتور حمدي عمر أستاذ القانون  بجامعة الزقازيق، فيقول إن التحالفات الانتخابية، هي التزام حزبي، ولا يوجد نص دستوري أو قانوني بشأنها، فهي معادلات أو مواءمات سياسية ترتضيها أطراف التحالف،والعملية السياسية في الأصل، تقوم علي القانون من ناحية، والمواءمات من ناحية أخري، والأخيرة تتم خارج نطاق القانون لأن الصفقات الحزبية تتم تحت الترابيزة، ولا تمثل مخالفة للقانون لكنها مخالفة أخلاقية، ولا توجد أي ضمانة قانونية لاحتساب أصوات الأحزاب الصغيرة، التي لجأت الي التحالفات، لأن الانتخابات المعمول بها في مصر هي قوائم نسبية، وفي هذه الحالة يتم احتساب الأصوات وتوزيع المقاعد حسب النسب علي القوائم، والأحزاب التي دخلت في التحالفات ترتضي فيما بينها توزيع  وترتيب المرشحين علي القوائم.
وفق شعبية المرشح في الدائرة، ومن الناحية الدستورية نظام القوائم يؤدي الي تداول السلطة الذي يؤدي بالتبعية الي الديمقراطية والتعددية الحزبية أي أن الدولة الديمقراطية يبني نظامها عليأساس الأحزاب. والأحزاب تقوم علي برامج تنافسية وعليأساس البرامج تنشأ القوائم،لكن التحالفات تقوم علي برامج متعددة قد تكون متضاربة أو متنافرة ويواصل الدكتور حمدي عمر حديثه حول الأخطاء التي لازمت العملية الانتخابية قبل بدايتها، فيقول ان وضع النظام الفردي الي جوار القائمة فيه مزاحمة للمستقلين يؤدي إلي إخلال بمبدأ المساواة لأن الحزب ينافس في اتجاهين، ويحشد أنصاره للقائمة والمقاعد الفردية، وهذا  فيه شبهة عدم الدستورية.. أما الحديث عن الأحزاب الكبيرة التي لها شعبية، والأخري الصغيرة التي لا تمتلك الشعبية، ودخولها في قائمة واحدة فهي نوع من الالتزام الأدبي وغير قانوني، لكن الدولة أعطت لهذه التحالفات الدخول للانتخابات بهذه الكيفية، وهو أمر سيثير الكثير من الجدل القانوني سواء في احتساب النسبة أو غير ذلك لأن الأحزاب التي حصدت أعلي نسبة في المقاعد ما هي الضمانة التي تؤكد وجود أصوات للأحزاب الصغيرة، ذهبت الي قوائمها، وفي هذا الصدد يقول المستشار زكريا عبدالعزيز رئيس نادي القضاة السابق، ان التحالفات في القائمة الواحدة لابدمن وضع أسماء المرشحين وانتماءاتهم الحزبية في الملف الانتخابي، لكن كيفية احتساب النسب الخاصة بالأحزاب، تسأل فيه اللجنة العليا للانتخابات التي قبلت ترشيح القوائم متعددة الأحزاب السياسية، أما الضمانة في ذلك فهي الاشراف القضائي، وإذا حدث خلل قانوني، يطعن فيه أمام محكمة النقض.
لم يكن ما ذهب إليه خبراء القانون مجرد آراء، بقدر ما هو ترجمة لنصوص القانون الذي يفتقد لنص واضح وصريح حول تحديد نسبة النصف في المائة للأحزاب التي دخلت في قوائم كنوع من التحالف الانتخابي والسياسي جرت فيه أساليب تخالف المنافسة الانتخابية القانونية لما فيها من تقسيم للمقاعد البرلمانية عبر اتفاقات سياسية وهو أمر يطرح العديد من علامات الاستفهام، فاللجنة العليا للانتخابات قررت أن تكون نسبة الفردي ثلث المقاعد للمستقلين، وسرعان ما تراجعت بعد أن لوحت بعض القوي السياسية بالنزول الي الميدان فجرت الطرمخة علي الأمر وسمح للأحزاب في المنافسة رغم وجود شبهة عدم الدستورية التي ستطيح بالعملية الانتخابية وقبل الانتخابات خرجت التصريحات بعدم قبول قوائم متعددة الأحزاب «تحالفات».. لوجود شرط جوهري هو حصول أي حزب علي نسبة نصف في المائة من اجمالي الأصوات ومع ذلك تم قبول قوائم التحالفات.. الأمر الذي أثار الشكوك..؟ فإلي أين نحن ذاهبون؟.