رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إسلامية .. إسلامية

 
تعالت هتافات النصف مليون سلفي في جمعة لم الشمل منادية بدولة إسلامية, بينما وقف الإخوان المسلمون يشاهدون حال باقي المتظاهرين, بل حال باقي المصريين.
فماذا حدث ؟ أو بالأحرى ماذا يحدث ؟
يمكن بشيء من الدقة أن نقسم التيار الإسلامي في مصر إلى نوعين من وجهة نظري, النوع الحكيم, والنوع العاطفي. الإخوان المسلمون أثبتوا بما لا يدع مجالا للشك أنهم من النوع الأول, التيار الحكيم, الذي يدفعه النوع الثاني المتمثل في الحركة السلفية والجماعة الإسلامية دفعا إلى النطق بلسان تيار الوسط المعتدل. فجماعة الإخوان تأخذ شكل الجماعة السياسية المنتظمة يوما بعد يوم, والمداعبة المتبادلة بينهم وبين المجلس العسكري تؤكد نيتهم المستحقة في الوصول للحكم. أقول مستحقة لأنهم الأقرب بلا منازع في الوصول للحكم من خلال البرلمان أو حتى الرئاسة. كما أن لديهم رصيد غير هين في الشارع المصري, وليس من خلال الموقف الدعوي المعتاد, بل من خلال خدمات احترف الإخوانيون في تقديمها لمستحقيها من الطبقات الفقيرة.
إن التاريخ يشهد على الإخوان منذ لحظة اندلاع الثورة المصرية, وأصبحت الجماعة تمثل نقطة فارقة حقيقية في مستقبل البلاد. فتأييدهم للثورة موقف طبيعي, وغلقهم كل نقاط الإتصال مع التيار الإسلامي الإقليمي أثناء أحداث الثورة لهو موقف مشرف يشير إلى أن الإخوان مصريون بالدرجة الأولى. وحين حانت لحظة المنافسة الحقيقية, أوضحت الجماعة أنها الأقوى والأقرب. ولنا هنا سؤال, هم الأقوى والأقرب, فهل هم الأصح ؟
سؤال يتردد في عقول حكماء القوم, ويظل بلا إجابة شافية أو حقيقية, فكلها إجابات نظرية قحة. فالجواب الحقيقي سيكون عند جموع الشعب الذي ربما سيختار الجماعة لتحكمه وهو سيناريو ليس ببعيد أبدا.
فهل نراهن عليهم إذا ؟
قبل أن نحلل الإجابة, يجب أن نحلل الواقع, فالتيارات المصرية يتم اختزالها في التيار الإسلامي والقومي والليبرالي والعسكري. التيار الليبرالي ليس بالقوة الكافية ورصيده الأضعف شعبيا, والعسكر ربما يقرروا الزج برئيس محتمل قريبا, وربما لا, حتى هذه اللحظة فالمنافسة الحقيقية بين الإسلاميون والقوميون. منافسة ربما تأخذ طابعا حميميا في المستقبل. أما الأن فالتيار الإسلامي هو الأقرب والأكثر جاهزية.
يبقى أن نحلل النوع الثاني من الإسلاميين حتى نحكم بموضوعية على الإخوان المسلمين, وهو النوع العاطفي المتمثل في جحافل الحركة السلفية والجماعة الإسلامية. السلفيون يتحركون من منطلق ديني عاطفي بحت, وهم بذلك لا يملكون المقومات المعقولة للوصول لسدة الحكم, كما أتصور ان الشعب المصري لن يستطيع المراهنة عليهم في ظل وجود تيار إسلامي معتدل له شعبية أكبر. ربما يكون مرشحهم الرئاسي الأستاذ حازم أبو إسماعيل من الشخصيات المحترمة والتي أثق بها شخصيا, لكن
وصوله للحكم من أرضية سلفية عاطفية أمر مشكوك في حدوثه تماما.
أما الجماعة الإسلامية -وربما حركة الجهاد كذلك- فتواجه مشكلتان, الأولى متمثلة في البعد التاريخي العنيف الذي تبنته والذي لا يمكن نسيانه أو الإطمئنان لفكرة زواله بسهولة, والثانية متمثلة في الخبرة المعدومة في العمل السياسي المتكشف والواضح. والمشكلتان تلتقيان عندما نقارن الجماعة الإسلامية بالإخوان, فالأخيرة لها من الخبرة السياسية ما تؤهل كوادرها للوصول للحكم بسهولة.
لقد أدت الحركة السلفية خدمة تاريخية حين انكشفت أيديولوجيتها في جمعة لم الشمل والتي يمكن تلخيصها في دولة إسلامية وإتهام المنشق عن ذلك بالعمالة أو باعتناق العلمانية, وهو رفض واضح وصريح للمعارضة, فلسان حالهم هو أن لا ولن تكون هناك معارضة, فلن نقبلها. تلك اللحظة أتصور أن جماغة الإخوان قررت أن تمارس اللعبة من منطلق مختلف, وأن تتبنى موقفا وسطيا وديموقراطيا حقيقيا لتكسب مزيدا من الأرض. وفكرة إنتخاب ثلاث مقاعد في مكتب الإرشاد لهي خطوة ضخمة توضح بما لا يدع مجالا للشك أن الجماعة تتطور بالسرعة المطلوبة الأن في مصر.
مما سبق يمكننا أن نجيب السؤال ..
هل يمكن للشعب المصري أن يراهن عليهم ؟
أتصور أن المصريين يمكن أن يفعلوا, هذا بشرط أن المؤسسة العسكرية لن تلقي بمرشح رئاسي, وهي لحظة تاريخية أخرى للجماعة, ربما تكون الأهم. فعندها سيكون المطلوب من الجماعة ببساطة هو أن تتطور التطور الأخير, أن تصل للحكم ولديها برنامجا حقيقيا, أن تضع لبنات المجتمع المدني الأول وحجر أساس في التجربة المصرية.
وبما أن هذه المساحة مخصصة للرأي, فأقول أنني أراهن على وطنية جماعة الإخوان المسلمين وقدرتهم على حكم البلاد الفترة القادمة, فمنذ إندلاع الثورة المصرية وهم يتطورون بسرعة من يريد ومن يستطيع حكم مصر.