رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الضغط يولد عدة انفجارات

انتهت الأيام السعيدة التي كان فيها الضغط يولد انفجارا واحدا. فالضغط هذه المرة استمر ثلاثون عاما, فكيف يتصور البعض أن يولد هذا الضغط انفجارا واحدا فقط ؟!

 

المتدبر في بيان المجلس الأعلى للقوات المسلحة ثم المؤتمر الصحفي الأخير, سيرى أن الثورة المصرية انتهت تماما بالنسبة لأعضاءه. فضغط ثلاثون عاما ولد انفجارا استمر أقل من عشرين يوما .. فقط .. وبتلك العقلية فاعتصامات الميادين العامة ومحاولات العصيان المدني والمسيرات والمليونيات كلها تصرفات من "قلة" لا تلتزم بالقوانين و"تضر" بمصالح الشعب ! وكيف كانت الثورة في بدايتها إذن ؟! ألم تقم على تلك الاعتصامات والمليونيات وعدم الالتزام بقوانين وضعها نظام بوليسي نفعي وبلا ضمير !!

هل تحول الأمر إلى صراع ثورتين ؟

ثورة يوليو 1952 العسكرية وثورة 25 يناير الشعبية ؟

اللهجة العنيفة في خطاب مساعد السيد وزير الدفاع يجعلنا نحاول القراءة بين السطور كي نفهم العقلية العسكرية التي تحكم فترتنا "الإنتقالية", والتي يرى كل متدبر انها ليست "إنتقالية" بل هي "ممتدة" منذ اندلاع إنقلاب يوليو 1952.  أقول أن القراءة بين السطور يجعلنا نصل إلى شبه حقائق ذكرنا منها أن الثورة انتهت تماما بالنسبة للمجلس العسكري, ثم تتوالى مجموعة أخرى من الحقائق أهمها أن فترة حكم الشارع انتهت أيضا, ربما انتهت مع إستفتاء 19 مارس الذي لم يضيف شيئا بالمرة للثورة المصرية ولا المستقبل المصري, فعهد الضغط الشعبي انتهى بالنسبة للعسكر, يكفي الإطاحة بالرئيس المخلوع وبعض رموز نظامه, أما الباقي فليس من شأن المواطن المصري الذي بدأ ذلك كله.

حقيقة أخرى لا تقل أهمية, وهي أن المجلس لن يظل للأبد "حكيما" و"هادئا" و"لينا", بل إن له وجها آخر لا يريد ان يبينه. وهي ليست بالحقيقة الصادمة, فممارسات الشرطة العسكرية "المحدودة" أعطت علامات عن ما ستؤول له الأمور في حالة أصرت تلك الفئة على تحقيق أحلام وطموحات الشعب.

نستطيع بضمير مستريح أن نتأكد أن حتى هذه اللحظة لم تنتهي الثورة المصرية, بل لم تشارف حتى على الإنتهاء. فالمجتمع المصري ينفجر على صعيدين, أولهما صعيد الشباب الذي حرم من المشاركة في كافة المجالات طوال العقدين الماضيين, وعندما بدأ ينفجر, أطاح بنظام حكم كامل. ولنا أن نتوقع أنه لن يهدأ حتى يرى مصر كما تخيلها دائما.

الشباب إذن لديهم الدافع والمحرك, وهو الكبت الذي عاش فيه طويلا تحت مظلة حكم شمولي بوليسي لم يرحم ولم يتح فرصة المشاركة لأحد, كما الإندفاع العاطفي والوطنية تعطيه طابع الثائر الذي ليس لديه ما يبكي

عليه والذي وهب حياته بالكامل لنصرة قضيته.

أما الصعيد الثاني فهو الأعرض, وهو صعيد الفئات العمرية الأخرى, والتي ذاقت الأمرين في رحلة البحث عن رغيف الخبز طوال ثلاثة عقود كاملة. تلك الفئة لديها الدافع, لكن معظمها ينقصه المحرك, والذي ربما توقف أو تلف تحت وطأة الحياة الشاقة سواء في البحث عن الرزق أو المكانة. أو ربما لإعتقاد البعض -وربما المعظم- أن الوضع سيعود كما كان بسبب حالة اليأس الشديدة المتوارثة من خلال تجربته أثناء فترة حكم نظام الرئيس المخلوع, الذي نجح تماما في قتل فكرة الحلم والطموح في النفوس.

ما يحدث في الميادين الأن من اعتصام مفتوح أو دعوات تصعيد هو ببساطة انفجار آخر في سلسلة انفجارات ربما تأتي في المستقبل, والتي ستنتهي حتما عندما يقول المواطن المصري العادي جملته الذهبية .. "ثورتي انتهت بنجاح" .. وهذا لن يحدث إلا عندما يستعيد المصري كرامته, يشعر بها في بحثه عن رغيف الخبز أو الوظيفة أو المكانة, يشعر بها في أقسام الشرطة ويراها في أعين رجال الداخلية, يرى مصر عادلة ونظيفة, يشعر بالامتنان للجيش وحكماءه.

ويبقى القول الفصل ..

مكتسبات ثورة 25 يناير لم تتحقق كلها بعد, وثورة 1952 نادت بما تنادي به ثورة الشعب الأن, لكن بما يليق ويتماشى مع القرن الحادي والعشرين. ومحاولة المجلس العسكري الحفاظ على أهم مكتسب حققه من ثورة يوليو وهو أن الحكم للعسكر بالطريق المباشر أو الغير مباشر, لن توصل مصر لبر الأمان. فالواقع هو أن مصر ستكون مدنية مئة بالمئة. والتطور الوحيد المقبول هو إعادة هيكلة علاقة الدولة بالجيش بما يتناسب والشرعية الجديدة التي سيحدد ملامحها الشعب والشعب وحده.