عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

من سار على نهجها نجح

بوابة الوفد الإلكترونية

لَمَّا أَنْزَلَ رب العزة عَلَى مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- قَوْلَهُ: «قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ»، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ»، فَقَالَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ: «أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ»، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ»، فَأَنْزَلَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ قَوْلَهُ: «أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ»، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَذِهِ أَهْوَنُ - أَوْ: أَيْسَرُ».

وَلَوْ سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يَرْفَعَهَا لَرَفَعَهَا، إِلَّا أَنَّ النَّبِيَّ لَمْ يَسْأَلْ رَبَّهَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ مَنَعَهُ مِنْهُ سَلَفًا، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ.

فَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فِيمَا يَرْوِيهِ مُسْلِمٌ -رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ- فِي «صَحِيحِهِ»: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ مَسْجِدًا مِنْ مَسَاجِدِ الْأَنْصَارِ هُوَ مَسْجِدُ بَنِي مُعَاوِيَةَ، فَصَلَّى فِيهِ صَلَاةً طَوِيلَةً صَلَاةَ رَغَبٍ وَرَهَبٍ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَسَأَلَ رَبَّهُ ثَلَاثًا، فَأَعْطَاهُ ثِنْتَيْنِ وَمَنَعَهُ وَاحِدَةً؛ فَسَأَلَ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ أَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرِهِمْ مَنْ يَسْتَأْصِلُ شَأْفَتَهُمْ وَيَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ. قَالَ: فَأَعْطَانِيهَا -أَيْ: رَبِّي-. قَالَ: وَسَأَلْتُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ أَنْ لَا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِسَنَةٍ -أَيْ: بِمَجَاعَةٍ عَامَّةٍ-. قَالَ: فَأَعْطَانِيهَا. قَالَ: وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ. قَالَ: فَمَنَعَنِيهَا».

فَأَبَى رَبُّكَ إِلَّا أنْ يَكُونَ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ؛ حَتَّى يَقْتُلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، ويَسْبِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ الْأَكْرَمُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

كَمَا يَفْعَلُ الطَّبِيبُ الْحَاذِقُ فِي النَّظَرِ إِلَى مَرِيضِهِ الْمَطْرُوحِ بَيْنَ يَدَيْهِ الْمُنْطَرِحِ تَحْتَ عَيْنَيْهِ بِنَفَاذِ بَصَرٍ وَنُفُوذِ بَصِيرَةٍ؛ مِنْ أَجْلِ أَنْ يُشَخِّصَ الدَّاءَ عَلَى وَجْهِهِ، فَيَسْتَطِيعَ تَبَعًا أَنْ يَصِفَ الدَّوَاءَ صَحِيحًا.

فَلْنَنْظُرْ فِي كِتَابِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَسُنَّةِ النَّبِيِّ الْأَمِينِ، عَسَى أَنْ يَدُلَّنَا رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى سُنَّةٍ مِنْ سُنَنِهِ الْكَوْنِيَّةِ هِيَ عَامِلَةٌ فِي دُنْيَا النَّاسِ حَتَّى يَرِثَ اللهُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا، مَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهَا

أَنْجَحَ وَأَفْلَحَ، وَمَنْ لَمْ يَسِرْ عَلَى دَرْبِهَا وَتَنَكَّبَهَا مُسْتَدْبِرًا إِيَّاهَا، تَرَدَّى فِي نَتَائِجِهَا لَا مَحَالَةَ، وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ رَبِّكَ قَدَرًا مَقْدُورًا.

يَقُولُ رَبُّنَا جَلَّتْ قُدْرَتُهُ فِي وَصْفِ مَصَارِعِ الْغَابِرِينَ: «وَضَرَبَ اللهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ».

إِنَّ اللهَ -رَبَّ الْعَالَمِينَ- مَا خَلَقَ الْخَلْقَ إِلَّا لِيَعْبُدُوهُ، وَأَنْعَمَ اللهُ -رَبُّ الْعَالَمِينَ- فِي الْمَثَلِ الْمَضْرُوبِ لِمُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِيَضْرِبَهُ لِلْعَالَمِ كُلِّهِ، أَنْعَمَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ -عَلَى قَرْيَةٍ لَا يُهِمُّ بِحَالٍ أَنْ نَعْرِفَ اسْمَهَا وَلَا رَسْمَهَا؛ وَإِنَّمَا فَحْوَى الْخِطَابِ، وَإِنَّمَا دَلَالَةُ الْمَثَلِ الْمَضْرُوبِ؛ لِأَنَّهَا إِنَّمَا هِيَ سَارِيَةٌ فِي كَوْنِ اللهِ إِلَى أَنْ يَرِثَ اللهُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا، «قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً» بِالْأَمْنِ وَالْأَمَانِ وَالْعِزَّةِ وَالِاطْمِئْنَانِ، ثُمَّ يَأْتِيهَا الرِّزْقُ كَمَا وَصَفَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ الْحَالَ عِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ: «وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ».

انْظُرْ إِلَى قَوْلِ رَبِّكَ: «وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِم»، وَلَكِنَّهُمْ -وَا أَسَفَاهُ!!- أَعْرَضُوا عَنْ دِينِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ؛ فَأَخَذَهُمْ رَبُّكَ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ.