عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تخاريف ابو سويلم

 

على غير عادتي وجدت نفسي مرغما على التوقف طويلا عند تصريحات اللواء السابق حسام سويلم خلال مداخلة على الهواء مع برنامج تليفزيوني قال فيها ان الثورة المصرية تمت بتمويل امريكي وان استمرار المظاهرات التي تهدف للضغط على المجلس الاعلى للقوات المسلحة سوف يهدم مصر مفيدا – افاده الله- ان ما يفعله الشباب سيؤدي الى تفتيت الدولة المصرية الى دويلات مسيحية ونوبية مثلما حدث في العراق والسودان وغيرها.

كلام قد يراه كثيرون –وانا منهم في الاحوال الطبيعية- لا يستحق الرد عليه خصوصا انه يحمل تناقضاته في داخله اذ يقارن اللواء سويلم وهو الخبير الاستراتيجي بين حالة مصر التي قامت فيها ثورة شعبية وطنية بامتياز نجحت في ازاحة نظام حكم افسد السياسة والحياة ككل طوال ثلاثين عاما بحالتي العراق والسودان رغم غياب عناصر الشبه.. فتقسيم العراق بدأ مع اجتياح القوات الامريكية لاراضيه، ثم التشجيع على "فدرلة" العراق بحصول الاكراد على حكم ذاتي في الشمال تمهيدا لاكمال مشروع التقسيم بتفكيك الدولة الى ثلاث دويلات للشيعة في الجنوب والسنة في الوسط والاكراد في الشمال، كذلك تم تقسيم السودان دون ثورة شعبية وانما بالضغط على الرئيس البشير بوسائل عديدة اخرها تقديمه الى المحكمة الجنائية الدولية.

مفارقة طريفة استوقفتني في كلام الخبير الاستراتيجي الذي تجاهل حقيقة جوهرية يفتقدها اي مشروع للتقسيم في مصر وهي غياب الكتلة الطائفية المتجمعة في مكان واحد مثلما هو حال الاكراد والشيعة في العراق والجنوبيين في السودان ان نفس الفكرة كتبها احد قراء بوابة الوفد المجهولين مئات المرات في تعليقه على مقالات واخبار البوابة، وداوم على تكرار نفس الكلام منذ ما يقرب من ثلاثة شهور ما يثير تساؤل مشروع عمن سرق الفكرة الجهنمية من الاخر.. القارئ المجهول الذي يلح على فكرته منذ شهور ام الخبير الاستراتيجي الذي فاجأنا بها قبل يومين؟!!

نأتي الى اتهامه لشباب الثورة بالعمالة وانهم تلقوا تدريبات مكثفة في امريكا تكلفت 270 مليون دولار لتدريبهم على تنظيم المظاهرات واستخدام شبكات التواصل الاجتماعي في حشد المؤيدين فهو نفس ما سبق نشره في امريكا قبل فترة ضمن المحاولات الامريكية للبحث عن دور في ثورة عظيمة فاجأت ادارة اوباما واجهزة مخابراتها العتيدة مثلما فاجأت الحكومة الاسرائيلية وموسادها بدليل ان بيانات وتصريحات المسؤولين في البلدين خلال الايام الاولى للثورة عكست رغبة واضحة في الابقاء على مبارك باعتباره احد اهم حلفاء البلدين في المنطقة.. ولو ان امريكا دبرت ثورة مصر كما يزعم اللواء حسام سويلم فلماذا لم تستطع انجاح باقي الثورات العربية؟! ولماذا لم تجهز سيناريوهات بديلة للحكم في مصر تضمن قدوم نظام موالي يحافظ على التحالف الاستراتيجي الذي كرسه مبارك مع امريكا واسرائيل؟! ناهيك عن ان الخبير لم يفسر لنا لماذا تدبر امريكا ثورة على نظام حليف –ولا نريد ان نقول عميلا- لتترك مصر في خضم فوضى قد تأتي باعدائها

ممثلين في الاسلاميين الى السلطة مع كل ما يحمله هذا من تهديد لامن اسرائيل القومي ومصالح امريكا في المنطقة؟!!

أما مطالبة اللواء سويلم للثوار بعدم النظر الى الوراء حتى نتفرغ لبناء البلد فالرد عليه ان محاكمة مبارك ورموز الفساد في عهده ستكون اولى بشائر المستقبل المزهر الذي نتمناه لمصر ليس تشفيا فيهم –وان كانوا يستحقون التشفي- وانما ليكونوا عبرة لمن سياتوا بعدهم ان السجن وحتى الاعدام ليس بعيدا عمن يخون الامانة..

في النهاية يجب الاعتراف بانني لم استغرب كلام اللواء حسام سويلم الذي دأب على مهاجمة الثورة منذ بدايتها وجعل عودة الثائرين الى بيوتهم احد اهم اولوياته حيث طالب قبل ساعات من اجبار مبارك على التنحي في مداخلة مع قناة اخبارية عربية عقب خطاب الرئيس السابق الهزيل مساء الخميس العاشر من فبراير الثوار باخلاء ميدان التحرير بعدما "ضمن الجيش تنفيذ كافة التعهدات التى قطعها الرئيس مبارك ونائبه المفوض بصلاحيات الرئيس عمر سليمان وبالتالى فقد تم تلبية كافة مطالب المتظاهرين من الانتقال إلى دولة مدنية ديمقراطية وهو ما نريده جميعا" ولم ينس سويلم ان يحذر من إمكانية تدخل عسكرى أمريكى - إسرئيلى فى مصر بحجة حماية قناة السويس فى حال حدوث فوضى فى مصر .. مشيرا فى هذا الصدد إلى أن الولايات المتحدة بدأت بالفعل فى تحريك بعض بوارجها إلى قرب السواحل المصرية.

كما تحدث نفس الرجل لصحيفة كويتية عما سماه مخطط الاخوان للاستيلاء على الحكم مستشهدا بوثيقة عميقة الدلالة على المؤامرة الاخوانية يقول فيها الاخوان انهم لن يرشحاو رئيسا للجمهورية ولكنهم قد يؤيدون احد المرشحين..!!!!!

لكن ما لم يفهمه الخبير هو ولا غيره من المحسوبين على النخب ممن يكسبون عيشهم من الخروج عن المألوف والبقاء خارج الصف ان الكلمة الاخيرة في الانتخابات المقبلة وفي قادم الايام ستكون للشعب فقط.. الشعب الذي يعرف مصلحته ولا يحتاج خبراء استراتيجيين يحددوا له وجهته.