عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

دموع في عيون وقحة

 

فوجئت الى درجة الغضب بالبيان الغريب الذي نشرته الفنانة إلهام شاهين مؤخرا تطالب فيه المصريين بعدم إهانة مبارك والصبر على محاكمته لأنها تشعر بأن هناك ضغوطا شعبية على الجيش والقضاء لمحاكمة الرئيس السابق ما قد يؤدي الى التسرع ومن ثم محاكمة غير عادلة.

مبعث غضبي ليس اصرار بعض الفنانين المصريين على السير ضد التيار الشعبي العام، أو فقدان هؤلاء للقدرة على رؤية المشهد السياسي والاجتماعي اللذين يسودا مصر في الوقت الحالي.. وانما استغرابي من الاستنتاجات التي وصلت اليها الفنانة التي لم نعرف لها خبرة بالسياسة او مشاركة في العمل العام او في قضايا المجتمع منذ ان بدأ نجمها في البزوغ قبل حوالي 35 عاما..!!

المثير أن ما قالته الهام شاهين في بيانها الذي لا أعرف مناسبته أو سببه سمعته قبل يومين تحديدا من باحث سياسي جمعتني به جلسة عامة حيث بدا مغموما مسود الوجه بسبب ما يحدث في مصر حاليا، وعندما استوضحته عما يحدث للدرجة التي تجعله في هذه الحالة المتردية قال بغضب.. الم تتابع ما حدث لمبارك.. هل يعقل ان يحاكم رئيس مصر لانه ادلى ببيان للتليفزيون؟! وهل يعقل ان تقرر المحكمة حل الحزب الوطني مكرسة مبدأ الاقصاء السياسي؟! ثم استرسل مجيبا دون ان ينتظر ردي ان الضغط الشعبي على الجيش والقضاء يجعل محاكمة مبارك عملا انتقاميا..!

لابد انكم لاحظتم طبعا التشابه الواضح في كلام الهام شاهين والباحث السياسي رغم ما بين الاثنين من اختلافات في الثقافة والمتابعة والاهتمام، ولن اكون تآمريا واقول إنهما تحدثا بما يحاول أعداء الثورة ترسيخه لكنني ساعيد ما قالاه الى رغبة الفنانة في الدفاع عن رئيس أعطاها وزملاءها من الفنانين ما لا يحلمون به في اي مجتمع منصف من شهرة ونفوذ ومال، والى نزوع الباحث الى الخروج برأي يخالف إجماع الناس حتى يحافظ على تميزه النخبوي في بلد "بتاعة شهادات" بحسب جملة عادل امام الشهيرة.

لكن المفارقة ان استنتاج الهام شاهين والباحث السياسي لا يوجد عليه دليل واحد، فالرئيس لم تبدأ محاكمته بعد حتى يمكن ان نصفها بالانتقامية او المتعسفة وانما كل ما حدث هو بدء التحقيق معه ومع نجليه بعد ان تجمعت أدلة ضدهم في عدة

قضايا، كما أن قرار الحبس الاحتياطي حسب علمي هو قرار وقائي يتخذ حين يكون هناك مخاوف من احتمال فرار المتهم، والمهم أن كل هذه الاجراءات روتينية في العمل القضائي تسري على كل المواطنين المصريين وحتى الاجانب المقيمين في مصر، فهل تحولت الى تعسفية لمجرد انها اتخذت ضد مبارك؟!

كذلك اتعجب من ازدواجية المعايير التي يحكم بها النخبة من مثقفين ونجوم على الاحداث، فمحاكمة مبارك عمل انتقامي مشين لمصر وللثورة بينما كانت محاكمة الرئيس الاسرائيلي موشيه كاتساف وحبسه 7 سنوات بتهمة التحرش وهي بالمناسبة ضرر فردي لا يعادل الفساد والتربح وقتل النفوس عملا يعكس عبقرية الديمقراطية في اسرائيل ومثلها كانت محاكمة كلينتون وهو في سدة الحكم على علاقته بمونيكا لونيسكي انجازا للمجتمع المدني الامريكي.

ولأن الشيء بالشيء يذكر أسجل استغرابي من الدموع التي يذرفها البعض على إهانة مبارك المفترضة بينما لم نر دمعة واحدة في عيونهم الوقحة على أرواح المئات من خيرة شباب مصر وآلاف المصابين الذين قدموا اروع التضحيات لكي يعيش ملايين المصريين في مجتمع حر وعادل يحترم حقوق الانسان، هذا الانفصال عن الناس وعدم تقدير مشاعرهم ورغباتهم يجب ان يقودنا الى مراجعة شاملة لنظرية القيمة في مجتمعنا بحيث تعطى لمن يستحق لا لمن يساهم في تعمية الشعب وإلهائه خصوصا في زمن شهد فيه الفن المصري تراجعا واضحا شكلا ومضمونا في إنجاز يمكن لإلهام شاهين ورفيقاتها ان ينافسن به إنجاز مبارك في تقزيم مصر عربيا وإقليميا.