رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

المادة الثانية.. تكون او لا تكون

ما رأيكم ان نستغل حالة الوعي الرائعة التي انتجتها موجة الفتنة الطائفية المفتعلة لاعادة مناقشة موضوع المادة الثانية دون انفعال غير مبرر او حساسية لا لزوم لها. تلك المادة التي اقرت في تعديلات دستور 1971 ويقول نصها "الاسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسى للتشريع"

يعتقد الكثيرون ان تلك المادة بنصها الحالي حلت مكان المادة الثالثة في دستور 1923 الذي كان اول دستور متكامل في تاريخ مصر وان سبقه دستور 1882 لكنه كان يتضمن مبادئ عامة لا تفصيل فيها، وتقول المادة الثالثة من دستور 23 لمن لا يعرفها ان "المصريون لدى القانون سواء. وهم متساوون في التمتع بالحقوق المدنية والسياسية وفيما عليهم من الواجبات والتكاليف العامة لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الأصل أو اللغة أو الدين"، وقد بقيت هذه المادة بنصها في دستور 71 لكن بعد تعديل مكانها لتحمل رقم 40 في الباب الثالث الذي يحمل عنوان الحريات والحقوق العامة.

الجدال حول بقاء المادة الثانية او الغائها يستمد طاقة بقائه من اسباب غير موضوعية يعلمها قادة الجدل على الجانبين الذين يتجاهلون حقيقة ان الاقباط حصلوا في ظل وجود المادة الثانية على حقوق ومكتسبات لم يحصلوا عليه من قبل مثل التوسع في بناء الكنائس ولا نقل قداس الاحد والاعياد في التليفزيون الرسمي وغيرها، كما ان ما بقي من احتقانات قبطية مثل تعطيل الموافقات على بناء الكنائس ثبت ان امن الدولة هو من كان يقف خلفها للحفاظ على ورقة الفتنة الطائفية جاهزة للاستخدام متى احتاج النظام اليها.

كذلك لم تكن المادة الثانية ولا اي مادة اخرى في الدستور المصري مسؤولة عن منع المسيحيين من الوصول الى المناصب العليا في الدولة وانما كان ذلك جزء من ممارسة قمعية اعتاد النظام على تطبيقها ضد الاقباط والمسلمين على حد سواء الا من كان يملك النفوذ او المال، واظن ان بين الاقباط حالات تشهد على ذلك مثل السيد نجيب ساويرس او د. ميلاد حنا او نبيل لوقا بباوي وغيرهم ممن كانوا يملكون القدرة والفرصة للتواصل مع رؤوس النظام.

ولا ارى ان بقاء المادة الثانية ستمنع الاقباط ان يظلوا جزء اصيلا من نسيج المجتمع معترف بهم وبحقوقهم كمواطنين كاملين، او تمنح المسلمين حصانة خاصة لا يتمتع بها الاقباط ، مع التسليم بوجود بعض المغالاة تجاه الاقباط في اوساط اسلامية معينة الا ان مقابلها هناك مغالاة متكافئة في الجانب القبطي تعطي سحب سوء

الظن المتبادل اجواء مثالية للتلبد وتوفير الغطاء المناسب لمن يريدون الاصطياد في الماء العكر.

واذا رتبنا اولويات القضايا الوطنية حاليا فهل ستكون المادة الثانية وموقفها اسبق واهم من اقرار الحريات العامة والخاصة ورفع مستوى معيشة المصريين وخلق فرص عمل للعاطلين والبدء في اقامة المشاريع الانمائية التي تقضي على حالة الفقر، وهل هي اهم من تطوير التعليم وتطوير العلاج المجاني للمصريين؟! اجابتي الشخصية ان هذه القضايا لها الاولوية واذا نجحنا في تحقيق تلك الاهداف فهل سيبقى احد في مصر مسلم او مسيحي يفكر في المادة الثانية؟!!.

اخيرا.. هل طبقت باقي مواد الدستور كلها حتى نتفرغ للجدل حول المادة الثانية؟! هل طبق الرئيس مبارك المادة الرابعة التي تقول ان الأساس الاقتصادي لجمهورية مصر العربية هو النظام الاشتراكي الديمقراطي القائم على الكفاية والعدل، بما يحول دون الاستغلال ويؤدى إلى تقريب الفوارق بين الدخول، ويحمى الكسب المشروع؟! وهل التزم بالمادة الخامسة والعشرين التي تنص على ان لكل مواطن نصيب في الناتج القومي يحدده القانون بمراعاة عمله أو ملكيته غير المستغلة. وهل شعر احد بالمادة 208 التي تقول ان حرية الصحافة مكفولة والرقابة على الصحف او وقفها او الغائها محظور.. وهل كانت الصحافة تعبر عن اتجاهات الرأي العام وتمارس دورها كسلطة شعبية كما نصت المادتين 206 و207؟! وهل احترم مبارك المادة 166 التي تقول ان القضاة مستقلين؟!

اجزم ان الاجابة على كل الاسئلة السابقة ستكون بالنفي ما يعيدنا الى ان حقوق المواطنين ومكتسباتهم لا تؤخذ بمواد ولا قرارات وانما تكتسب عبر التفاعل الانساني الذي يحترم حقوق الاخر وينتظر منه ان يحترم حقوقي.. الا هل بلغت اللهم فاشهد..

[email protected]