عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

من شفيق لامن الدولة يا قلبي لا تحزن

كنت استعد لكتابة مقال جديد حول حالة الاستقطاب الغريبة في الشارع المصري في اعقاب الحلقة التليفزيونية التي جمعت الروائي علاء الاسواني بالفريق احمد شفيق معهما الاعلامي حمدي قنديل ورجل الاعمال نجيب ساويرس، لكنني قبل ان انتهي من الكتابة قرأت خبر اقتحام مبنى مباحث امن الدولة في الاسكندرية ووقوع اصابات بالغة في صفوف المقتحمين نتيجة استخدام الضباط والجنود المتواجدين في المبنى الرصاص الحي وقنابل المولوتوف ضدهم.

الحادث قد يبرره كل طرف وفق رؤيته الخاصة.. وبما انني احسب نفسي من المتفهمين المتحمسين للثورة فانني اعرف واتفهم منطق المتظاهرين الذين يريدون التخلص من "باستيل" مصر، وفي المقابل سيبرر رجال امن الدولة ما فعلوه بأن المتظاهرين حاولوا اقتحام المبنى ما اضطرهم الى اطلاق الرصاص الحي وقنابل المولوتوف لحماية انفسهم وحياتهم التي هددها هؤلاء.

واذا كنت اتحفظ على تصرف المتظاهرين انطلاقا من اننا لا يمكن ان نغير كل شيء بايدينا خصوصا في وقت تعيش فيه مصر لحظات تاريخية شديدة التعقيد يحاول البعض فيها خلط الحابل بالنابل لخلق الفوضى وشق الاحتضان الشعبي للثورة ومطالبها، ولدى هؤلاء ادواتهم من بلطجية ينفذون ومثيري فتنة يشوشون وبسطاء يصدقون.. فأنني في المقابل ارفض منطق ضباط امن الدولة تماما لان ما فعلوه لم يكن مناسبا للتعامل مع المتظاهرين وانما هو امتداد لثقافة الاستهتار بحياة المصريين وكرامتهم التي باتت مرادفة لعمل هذا الجهاز، أو قد يكون وسيلة لالهاء المتظاهرين لفترة من الوقت تسمح للضباط داخل المبنى باكمال فرم المستندات التي تدين - في الاغلب- عمل الجهاز والمسؤولين عنه .

ما حدث كان يمكن تفهمه واحتوائه من خلال التحقيق في الامر ومحاسبة المسؤولين عن تفاقم الوضع سواء من المتظاهرين او رجال امن الدولة مع تحويل المسؤولين عن استخدام الرصاص الحي والمولوتوف الى النيابة والتحقيق مع في واقعة فرم المستندات، لكن تدخلا معتادا من وزارة الداخلية ادى الى تحويل الموضوع الى قضية رأي عام وزاد من حالة الاحتقان الشعبي ضد الشرطة، فقد نقلت صحيفة المصري اليوم عمن وصفته بمصدر امني في الداخلية نفيه لـ "قيام العاملين بمقر جهاز مباحث أمن الدولة بالإسكندرية بإطلاق أعيرة نارية على المواطنين وحدوث إصابات بينهم» مضيفا أن "حقيقة الأمر تتلخص في تجمع أعداد كبيرة من المواطنين حول مقر جهاز مباحث أمن الدولة وقيام بعض العناصر باقتحام المقر والاستيلاء على السلاح من الحراسات المتواجدة، واحتجازهم بداخله"، مناشدا المواطنين "عدم الإنصات للشائعات"..؟!!

تصريحات يفوح منها غياب المصداقية واحترام ذكاء الناس وتعكس اصرار مسؤولي الداخلية على اتباع مبدأ الكذب على الشعب وقلب الحقائق الذي كان سائدا ايام حكم مبارك دون ادراك ان ما كان يمر من اكاذيب في العصر البائد لم يعد مسموحا له بالمرور الان، والدليل خبر أخر في نفس العدد جاء فيه ان " «المصري اليوم» رصدت إطلاق رصاص قادم من مكاتب بالمبنى، تجاه المتظاهرين، كما حصلت على أسماء 3 من المواطنين أصيبوا بأعيرة نارية في الكتف والبطن". ما يعني وجود مصابين

حقيقيين وانهم اصيبوا بطلقات نارية من ادلخ المبنى.. ومع افتراض ان هؤلاء لم يطلقوا النار على انفسهم او قام بعض منهم بالصعود الى المبنى حاملين اسلحة ليطلوا من نوافذه ويصيبوا زملائهم فان الافتراض الوحيد المتبقي ان مصدر وزارة الداخلية كذاب...

اعود للفريق شفيق الذي خرجت صفحات على الفيس بوك تؤيد ترشيحه للرئاسة وتسب علاء الاسواني بكل ما يمكن تصوره من شتائم، بما يعكس حالة مخيفة لشكل التحاور بين المصريين في قادم الايام، فما حدث كشف اننا لا نزال اسرى لثقافة التفكير العاطفي التي لا تعترف بمنطق ولا تعتد بدلائل.. فمع الاحترام الكامل للفريق شفيق لا يمكن تصور ترشيحه هو او غيره للرئاسة لمجرد انه تعرض للتطاول عليه في برنامج تليفزيوني، ناهيك عن ان معنى التطاول يحتاج بدوره الى تعريف نتفق عليه.. فهل الاختلاف مع مسؤول في الرأي "قلة ادب" وهل الاحتداد الذي قد ينشأ خلال النقاش "تطاول"  ولماذا تجاهلنا اصرار الاسواني على ان يخاطب رئيس الوزراء السابق بكلمة "سيادتك" ونسينا دفاع ساويرس عنه في مواجهة اتهام شفيق له بالتعجل الدائم في الحكم على الامور؟!

في مقابل تلك الدوافع العاطفية ارى ان الفريق شفيق لم يقدم خلال رئاسته للوزراء ما يكسبه ثقة الناس او يدعمه كمرشح مناسب للرئاسة.. فهو اصر على اعادة توزير العديد من الفاسدين والمكروهين في تحد واضح لارادة الشعب، وماطل طويلا في كشف حقائق كثيرة كان الناس ينتظرون ان تكشف فضلا عن تباهيه طوال الوقت بأنه التلميذ النجيب للرئيس مبارك.

ارفض ترشيح الفريق شفيق للرئاسة وهذا لا يمنع انني اشفق عليه مثلما اشفق على كل من يتولى منصبا عاما او يعلن ترشحه للرئاسة في هذا الوقت الذي يحمل من اشارات التخوين اكثر بكثير مما يحمل من بشائر الامل.. لكن لو كان الامر بيدي لرشحت ذلك الخباز المثقف للرئاسة بعدما قدم الدليل على ان الشعب المصري لا يزال بخير رغم كل ما تعرض له في سنوات الظلام..!

[email protected]